الأردن: إيجاد الامكانات الاقتصادية أولا والبحث عن «فريق وطني» لإدارة الأزمة

بسام البدارين
حجم الخط
3

بعض من تسبب بالمشكلات البيروقراطية وأعاق التخطيط الصحيح في الماضي عندما كان في الحكومة وجد نفسه اليوم تحت خيمة الديوان الملكي والمطلوب منه وضع حل وتصويب الأمر أو إصلاحه.

عمان ـ «القدس العربي»: المسافة مجددا قد لا تكون فاصلة حقا بين أجندة حوار مع مستثمري وأركان السوق لأغراض معالجة مشكلاتهم واحتياجاتهم وبين تشخيص وطني يخص الاقتصاد والاستثمار.
يشعر هنا كل من يراقب بعض تفاصيل ورشة العمل الاقتصادية والتي يستضيفها الديوان الملكي الأردني بأمل توفير فرصة للتحاور مع الذات وتحرير الامكانات بالمفارقة المتجددة، فالوزراء المشاركون في النقاش والحوار يتم تهميشهم وحائرون على الأرجح، وإدارة العصف الذهني تعتمد على شريحتين الأولى تمثل شركات وليس خبرات، والثانية وزراء سابقين وجدوا ان لديهم فرصة في إدارة نقاشات لإيجاد حلول لمشكلات كانوا سببا في إنتاجها وتراكمها أصلا.
الوصفات الاسترشادية المترجمة لم تفلح في تقديم وظيفتها بصورة منتجة. والحكومة وهي بانتظار ولادة وثيقة باسم تحديث المنظومة الاقتصادية للبلاد تترقب وتنتظر وتعلم مسبقا بان صفة الوثيقة باعتبارها عابرة للحكومات لا تعني في الاحتكام الدستوري والقانوني والواقع البيروقراطي إلا ان فلترة التوصيات وترسيم الإجراءات وظيفة تتطلب حكومة في الواقع.
ثمة فوضى في الأولويات خلال النقاشات تزحف كلما ظهرت مسافة فارقة بين جلسات عصف ذهني المطلوب منها التخطيط للمستقبل أو نقاشات يتضح للمراقبين لاحقا بانها تمثل رؤوس أموال أو شركات في السوق وتلك مجددا مفارقة كبيرة ستؤدي إذا لم يحصل استدراك فوري إلى تهميش وطني في التخطيط الاقتصادي لصالح الشخصي.
تحميل مؤسسة الديوان الملكي مسؤولية هذا العبء في ورشة العمل الشهيرة خطأ كبير برأي خبير اقتصادي مثل الدكتور أنور الخفش الذي يصر وعبر «القدس العربي» بان ورشة العمل تلك لا يجوز ان تبقى في مؤسسة القصر وينبغي ان تنتقل وفورا إلى الحكومة والسلطة التنفيذية.
يتحدث الخفش عن تفكيك الارتباط بين المشروع الذي تمثل الورشة مصالحه وبين المرجعيات التي تعتبر ثوابت الأردنيين، فيما يجدد الخبير الاقتصادي والبرلماني السابق الدكتور هيثم العبادي وأيضا عبر «القدس العربي» التأكيد على ان قطاعات المال والأعمال طرف ولاعب أساسي في الواقع لكن ينبغي التأسيس لمقاربة وطنية أفقية لا تقف عند التشخيص فقط بل تضع توصيات أفقية تمثل جميع الأردنيين.
لا يبدو عموما ان الحكومة مرتاحة لكيفية إدارة جلسات العصف الذهني، فبعض من تسبب بالمشكلات البيروقراطية وأعاق التخطيط الصحيح في الماضي عندما كان في الحكومة وجد نفسه اليوم تحت خيمة الديوان الملكي والمطلوب منه وضع حل وتصويب الأمر أو إصلاحه. وهو وضع مختل برأي وتقدير الدكتور الخفش الذي يحذر مجددا من كلفة البقاء مطولا في الانتظار ومنطقة التردد مطالبا بالعودة لعصف ذهني جماعي ووطني وعملية إصلاح هيكلية في الملف الاقتصادي من الواضح انها لن تبدأ قبل إقرار الخطوة الأجرأ والتي تتمثل في تشكيل «فريق وطني يدير الأزمة» ليس من حيث القدرة فقط على إدارتها لا بل من حيث توفير الامكانية لتحويل الأزمة إلى فرصة والمحنة إلى منحة.
يعترض الخفش وغيره على عدم واقعية وعلمية مفهوم تحرير الامكانات، ويعبر عن الخشية من توريط القرار بمصطلحات وعبارات خارج نطاق العصف الذهني العميق ويرى بانه لا توجد إمكانات أصلا بالمعنى الحرفي والحقيقي حتى يتم تحريرها والواجب هو التخطيط لوجود تلك الامكانات قبل أي شيء آخر وقبل التحدث عن تحريرها أو تحديث منظومتها لاحقا وذلك عبر قراءة الممكنات والميكانيزمات المتوفرة مع الإقرار بان تحالف الاوتوقراط مع رموز السلطة والمال لا يمكنه قراءة التفاصيل خارج مصالحه المباشرة وبالتالي ضمن رؤيا وطنية عميقة حقا.
المحظور الذي تبناه الخفش علنا يحصل في الواقع. هذا ما تشير إليه معطيات الاشتباك في عدة مفاصل ومحطات داخل اللجان القطاعية في ورشة العمل التي تقترب من صياغة ورقتها الأخيرة.
لاحظ الجميع ان من يمثل في الحوارات الذهنية قطاع تجارة السيارات مثلا يتحدث حصرا عن مصالح القطاع وبصفة تاجر سيارات وليس بصفة مخطط اقتصادي، ومن يدير نقاشات قطاع النقل والشحن البري يمثل واحدة من الشركات النافذة في السياق.
ولاحظ الجميع ان ممثلي البنوك في النقاشات يديرون بوضوح القرص إلى مساحات مصالحهم لا بل يدفع بعضهم باتجاه إعادة البلاد والعباد إلى مربع خفض الضريبة على البنوك مرة أخرى فيما لا يمكن توجيه اللوم لأبناء شركات أو مؤسسات تجارية أو لتجار في السوق أو لموظفي شركات كبيرة وبنوك جمعوا تحت ظل خيمة واحدة وطلب منهم تحرير امكانات الاقتصاد الوطني. فهندسة المسألة أصلا فيها عيوب لا أمل في تجاوزها إلا عبر الفلتر المركزي في رئاسة الوزراء والحكومة الذي يمكنه التقاط ما هو جوهري فقط في توصيات الورشة ووثيقتها وإعادة موضعتها وفقا للأصول الدستورية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Jordanian:

    يوجد عشرات الطرق نستطيع استنساخها اذا كانت هناك ارادة وضع الف خط تحت ارادة ، الطريقة الفيتنامية وتعتمد على التعليم اولا ثم اولا لتخريخ مهندسين وعمالة مهرة بالصناعه الحديثه وبعد ذلك ترخيص اسعر الطاقه لجذب رؤوس الاموال ثم الطريقه الفلبينيه وتعتمد على ايضا التعليم لانشاء موظفين للسوق العالمي مثل الممرضين المؤهلين بالعمل بكندا وامريكا واوربا وهذا يتطلب التعليم بمنهتج متوافق مع النظام العالمي ، او المليزي او الكوري ، وكل هذه تتطلب ارادة ، ارادة بالقضاء على حيتان الطاقه وحيتان الاستيراد وحيتان الفساد واعتقد ان هذا لن يتم حتى ولو بعد الف عام

  2. يقول خالد ابوصيام:

    احسنت وكل الايجاز كان في فقرتك الاخيره والتي يجب ان تؤخذ من قبل صناع القرار باعلي درجات الانتباه والمسؤلية خالص احترامي وتقديري لك الصحفي والكاتب الرائع.

  3. يقول خالد:

    المطلوب تكبير الكعكة الاقتصادية وليس مناقشة اعادة توزيعها لصالح الشركات

إشترك في قائمتنا البريدية