الأردن… بلد آمن أم «ممسوك»؟

رفض بابا الفاتيكان عندما زار الاردن نهاية الاسبوع الماضي الركوب في سيارة مصفحة وانتقى سيارة عادية من نوع تويوتا.
عندما وصل الرجل المثير للجدل الى بوابة استاد عمان الدولي ركب على السيارة البيضاء المفتوحة الصغيرة مع مرافقين فقط ثم دار على الجمهور المحتشد في الملعب وتوقف لمصافحة وتحية الناس كل مئة متر تقريبا قبل اعتلاء المنصة الرئيسية وقيادة القداس الديني.
كان يمكن كما يبلغني صديق لي اصابة البابا بحجر عن قرب أو برصاصة خرطوش من بندقية صيد .
زيارة ضيف كبير بحجم البابا تطلبت فقط اغلاق شوارع فرعية جدا لعدة دقائق اثناء مرور موكب الضيف وليس أكثر.
بعض الزحام جازف به اهل عمان في بعض التقاطعات.
لكن بابا الفاتيكان في كل الاحوال تجول في مرافق العاصمة الاردنية بدون حراسات حقيقية ولم يتطلب الامر اجراءات خاصة جدا وهو وضع يقول خبراء انه غير ممكن حتى في عواصم اوروبا.
رسالة هذا الكلام واضحة فالاردن بلد آمن والذين رتبوا زيارة البابا وجولاته لم يتطلب منهم الامر الإغراق في التكهنات والسيناريوهات لان الاردن بلد آمن باختصار وبلد ممسوك جيدا وتوجد فيه اجهزة امنية خبيرة ترتكب احيانا بعض الاخطاء خصوصا في السياسة وفي الاقصاء ولكن هذه الاجهزة هي المسؤولة عن حالة الامان التي يعيشها كل طفل اردني يذهب للمدرسة او فتاة تتجول منتصف الليل او إمرأة غريبة او مواطنة اضطرت للخروج.
نعم يوجد أمن في الاردن .. نعم ذلك منجز مريح لنا كاردنيين .. ونعم هناك رجال صدقوا وهم يبذلون الجهد لتوفير الأمن لبلد فقير مثل الاردن اصبح بكل الاحوال جملة موسيقية في الامن والاستقرار وسط الحان مضطربة في الجوار قوامها الدم والعنف والتفجيرات.
لم يكن من الممكن ان يتسنى للبابا التجول بسيارة غير مصفحة او مكشوفة في كل عواصم المنطقة والشرق الاوسط وفي اكثر من ثلث عواصم العالم لكن تسنى له ذلك وسط الاردنيين وذلك منجز بكل الاحوال لا يمكن انكاره حتى عندما نختلف مع المؤسسة السياسية او الحكومية الاردنية.
وهو منجز له اسباب اهمها عقيدة التسامح التي تؤمن بها المؤسسة الاردنية وعدم وجود سجل او تراث من الايمان بالدم او الثأر وذلك ايضا منجز تستحق الدولة الاردنية الثناء عليه فضيف مثل البابا يتجول في عمان بدون سيارة مصفحة فيما تلتهم اطفال ونساء ابرياء في عواصم عربية مجاورة سيارات مفخخة.
عندما ننتقد الموقف الرسمي الاردني من اي قضية وفي اي موضوع لا نفعل ذلك انتقاصا من الحقائق والمنجزات والوقائع ولكن سعيا للتطوير والنماء والاصلاح وسعيا للافضل بكل الاحوال فالاردنيون شعب صبور ولديه كرامة ويؤمن بنظامه السياسي ولا يطرح اسئلة بعنوان الشرعية وهي حلقة من الامان لا يؤثر فيها سلبا ولا ينتهكها الا تصرفات لبعض اللصوص والفاسدين والحواة وسلوكيات فردية لبعض الموتورين وقرارات تتخذها نخب معنية بمصالحها فقط .. عندما يحصل ذلك يتآكل رصيد النظام في الاردن.
يمكن في بلد كالاردن يتميز فعلا بنعمة الامن والامان ان يرصد المراقب على وجوه الناس تلك الفكرة العقائدية حول الاختلاف مع الدولة وليس عليها .. مع الملك احيانا وليس عليه.. مع الحكومة والسياسيين في اغلب الاحوال وليس عليهم.
نفس هذه الفلسفة هي التي تدفع مواطنا مثلي للاستفاضة بالشرح عندما تسأل زميلة مغربية عن جدية عدم وجود او شيوع ظواهر الاغتصاب في المجتمع الاردني او عندما تستفسر عن السبب الذي يدفع امرأة او فتاة للتجول في منتصف الليل براحة وامان واطمئنان.
السفراء في الأردن يعرفون تمام المعرفة بان الأمان متوفر في البلد للمرأة وللطفل وان ما يسيء للأمن الإجتماعي في كل المنطقة سياسات حكوماتهم في دعم العدو الإسرائيلي وقمعه الدائم للشعب الفلسطيني وهي نفسها السياسات التي ترعى التطرف وتغذي الإرهاب والجنون.
يحدث أحد السفراء العرب زميلة لنا وله عن عدم شيوع حوادث التحرش والإعتداء وندرة حوادث الإغتصاب في الأردن وعن الإحترام الذي تحظى به المرأة إجتماعيا رغم كلاسيكية وتحفظ المجتمع.
تلك قيمة قد تحسد عليها المرأة الاردنية في غالبية المجتمعات العربية ليس فقط لان المؤسسات الامنية لها هيبة وتتكفل بتطبيق القانون ولكن ايضا لان العرف والعادة والقبيلة والعشيرة تتحول فورا الى مراكز امنية شرسة ضد الانحراف والجريمة والشذوذ.
النظام الاجتماعي في الاردن مكلف بالنسبة للمنحرف او المجرم او الشاذ والعائلة هي التي تنبذ المنحرف فيها وتتخلى عنه وفي كثير من الاحيان تعاقبه قبل المحكمة والشرطة والاجهزة الامنية.
الخصوصية محترمة في المجتمع الاردني .. كذلك كرامة الفرد وكرامة المرأة وكل نغمة تغرد خارج سرب هذا اللحن تبدو دائما مدانة ومستنكرة ولا مكان لها في حضن المجتمع.
حالة توافق على الامن والاستقرار عجيبة يتوافق عليها الجميع فكل مواطن اردني حتى ان كان معارضا او لديه وجهة نظر مستفيد من قيمة الامن والامان والاجهزة الامنية وصلت بصرف النظر عن اي ملاحظات على ادائها وخطابها السياسي او الديمقراطي إلى درجة مرضية من الإحتراف المهني الذي يكفل في غالبية الحالات تغطية قانونية تعاقب المخطئين.

٭ مدير مكتب «القدس العربي» في الاردن

بسام البدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غادة الشاويش:

    تهت عن بيت صديقي فسالت العابرين
    قيل لي امش يسارا سترىبعض المخبرين
    حد لدى اولهم سترى مخبرايعمل في نصب كمين
    ثم حد لدى المخبرالبادي مام المخبر الكامن
    واحسب سبعة
    سترى بيت صديقك عند المخبر الثامن في اقصى اليمين
    رحم الله امير المخبرين
    اتخم بالامن بلاد المسلمين

    ثم يا اخ بسام مع التحية نعم انت محق جدا في كل ما قلت ومقالك يعكس ايجابية وموضوعية، وواضح لدينا انك لا تريد دائماان تمارس النقد لاجل النقد والتجريحبليجب ايضا ان تثمن الاشياء الجيدة
    ولكن ….
    من قال ان الاردنيين غير مختلفين حول شخصية ( جلالته ؟)
    هذا من التقاليد العريقة ان ينتقد الناس كل شيء الا(شخص جلالته)
    وما الذي يدفع معارضا بارزا ومشاغبا صريحا وقويا ولا يعرف النفاق السياسي
    كالنائب ليث شبيلا ت الى المناداة بالملكية الدستورية
    اذن هو نوع من الرغبة في التخلص من (تسلط جلالته ) وتقليص صلاحياتهليصبح اول اليزابيث ، وهي رغبة دفينةلا تسمح جريمة ( اطالة اللسان ) على المقام السامي في الاردن بالتعبير عنها الا لدى النخب السياسية التي هي من نوع ابو ذر الغفاري( ليث شبيلات نموذجا )
    ثم صحيح ان الامن في الاردن امر رائع ومميز وينم عن قدرة مهنية تدعو الى الاحترام (رغم كل ما عليها ) ولكن الا تتذكر ان المعارضة دائما نادت بتقليص دور ( المخابراتوالاجهزة الامنية )
    وزارة المستضعفين عاصفة الثار ام ذر الغفارية

  2. يقول سامح // الامارات:

    أحيي الأخ الكاتب ( بسام ) على مقاله الجميل الذي شخص الحالة الأردنية
    بشكل دقيق وواقعي .
    * أشهد أنّ ( الأردن ) واحة أمن وأمان وأنّ القوى الأمنية بجميع فروعها
    تعمل ليلا ونهارا لبقاء الأردن ( آمن ) وسط محيط ملتهب ومتفجر
    وهذه لعمري نعمة عظيمة من الله على الأردن وشعبه الأبي الكريم .
    كل الشكر للنشامى الذين يسهرون ويحافظون على أمن الوطن والمواطن .
    * قلت ف السابق وأكرر : الأنظمة ( الملكية ) في الوطن العربي
    ( أرحم ) ألف مرة من الأنظمة الجمهورية التي جل إهتمامها مركز
    في الإمساك بيد من حديد في ( السلطة ) والعمل على توريثها للأبناء ؟؟؟!!!
    شكرا .

    1. يقول مواطن عربي + الاردن:

      LIKE

  3. يقول د. حازم / الامارات:

    زيارة البابا للاردنيين لا تعني شيئا و الشعب منهك متعب من الغلاءولا نقول الا حسبي الله ونعم الوكيل

  4. يقول ابو عرب:

    حفظ الله الاردن بلد النخوه والاصاله العربيه

  5. يقول ابو خالد / فلسطين:

    اللهم أدم نعمة الأمن والآمان في الاردن وفي جميع بلاد العرب والمسلمين ، الحمد لله على هذه النعمة الغالية .هذا كله بفضل من الله وثم القيادة الحكيمة حفظها الله وحفظ بلاد المسلمين وشعوبها .

  6. يقول مواطن عربي + الاردن:

    مقال رائع كعادتك ايها الكاتب
    الحمد الله على نعمة الامن و الامان

  7. يقول الكروي داود النرويج:

    اسمحلي ياأستاذ بسام ان أختلف معك في رؤيتك هذه المره
    وان أتضامن كليا مع رأي الأخت المناضله غاده الشاويش

    طبعا مع تمنياتي بالأمن الحقيقي الدائم والاستقرار للأردن

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول غادة الشاويش:

    الاخ سامح لماذا علينا ان نختار بين نظام جمهوري يبطش بيد من حديد ( بشارالاسد والقذافي ) او بين نظام يتعامل مع دولته على انها اقطاعية اقطعها اياه ابوه وكان علينا دائما ان نختار بين السيئ والاسوا هناك طريق ثالث يا اخ سامح اسمه
    انظمة تفرزها خيارات الشعوب ، هذا استخدام خبيث للانظمة الدكتاتورية والملكيات ليقولوا لكم احمدوا ربكم على الامن والامان ما صار فيكم متل السوريين شقتو قديش احنا ( اوادم )
    ثم لماذا انتم جميعا مصرون على استنتاج النتيجة الخطا يعني البطش الذي وقع في سوريا لم يثن يالشعب السوري عن مواصلة الثورة و لكنه خوفكم انتم من هكذا فعل بدلا من الهروب ودفن الراس في الرمال والعيش في تابيدة الرق السياسي هناك اختراع اسمه ثورة التغيير بكل اثمانها
    وزارة المستضعفين ، عاصفة الثار ، ام ذر الغفارية

    1. يقول ف. اللامي (كندا):

      سيدتي الكريمة، إن أقل مراجعة لتاريخ المئة سنة السابقه، ولمن بقي من أهلنا حياً ليحدثنا بما رأى، ليثبت وبالقطع، أن عرش بني هاشم على سوريا الكبرى الموحده، بفلسطينها غرباً، وحجازها جنوباً، وأهوازها شرقاً، والإسكندرون شمالاً، لهي أرض واحده، لشعب واحد، بايع فيصل بن الحسين بكل أطيافه وأعراقه ودياناته، لا إكراه في المؤتمر السوري العام 1920.
      إن دعاة القومية ممن إنقلبوا على الممالك، باعوا لشعوبهم شعارات بعد شعارات، فمنهم من تحزب ومنهم من تعسكر، وإنقلب العسكر على العسكر، وذبح الرفاق الرفاق، فما العبره هنا؟
      تقولين سيدتي، لا للمالك، أزرت سيدتي، مصر في الثلاثينيات؟ أو بغداد في الأربعينيات؟ أعرفت اليمن، أو السودان، أو ليبيا كيف كانت زمن ملوكها، وكيف غدت اليوم!

  9. يقول غادة الشاويش:

    مش عارفة شوقصدك يااخ بسام (يمكن نوع من الذكاء ان تكتب في الشرق والعنوان يدل على شيء اخر سؤال العنوان جوابه
    ممسوك

  10. يقول غريب:

    الموضوع أعقد بكثير مما صوره كاتب التقرير.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية