عمان ـ ‘القدس العربي’ لا مبرر منطقي أو سياسي للمبالغة في احتفال الحكومة الأردنية بحصولها على ثقة ثانية مجانية وثالثة’عمليا’ من مجلس النواب الأسبوع الماضي ما دام الدستور يحكم آليات وصلاحيات التغيير الوزاري.
تداعيات متعددة لتجديد الثقة بوزارة الرئيس عبدلله النسور في جلسة شهيرة لا زالت تفرض بصمتها على الواقع السياسي الأردني لكن أهم هذه التداعيات الإستذكار ‘النخبوي’ العاصف والمتداول للثقة الأكثر شهرة في تاريح البرلمان الأردني التي حصلت عليها الحكومة الثانية للرئيس سمير الرفاعي قبل أكثر من ثلاث سنوات.
آنذاك حصلت وزارة الرفاعي على ثقة بأغلبية ‘111’ صوتا من أصل 120 لكنها وبعد أقل من 40 يوما رحلت بقرار ملكي ضمن سياقات محلية وإقليمية.
دلالة الأمر سياسيا مباشرة وواضحة وتتمثل في أن ثقة البرلمان لا تشكل حصانة أبدية للبقاء والصمود.
إسترخاء الرئيس النسور وإشادته العلنية بطاقمه الوزاري مباشرة بعد الثقة الثانية المجانية وإعلانه بأنه لا مبرر لتعديل وزاري على أساس أن حكومته حصلت للتو على ثقة الشعب، كان بين عوامل حذرت الرجل من الإستناد الصلب على الوقائع البرلمانية في إنتاج انطباعات القوة.
عمليا حصلت وزارة النسور على الثقة الثانية على خلفية قضية الشهيد رائد زعيتر وفي الوقت الذي كان فيه مجلس النواب يتبع مسلسلا تصعيديا في الخطاب ضد إسرائيل أثار انزعاج وقلق المؤسسات المرجعية.
وعمليا أيضا لم يكن من الممكن حسب خبراء مطلعين للدولة وأجهزة القرار ومؤسسة القصر الملكي أن يسمح للمجلس النيابي بتركيبته الحالية وبعد الإستعراضات التي تزاود على النظام في المسألة الإسرائيلية بالإطاحة بالحكومة ورئيسها مما دفع ‘قوى الظل’ لإسناد الحكومة في مواجهة البرلمان في معركة ملف زعيتر رغم شبهات المخالفة الدستورية التي أديرت بموجبها مذكرات طرح الثقة أصلا.
سياسيا كان الخيار الأبرز عدم وجود ‘بديل’ جاهز عن النسور في تلك اللحظات وعدم وجود قابلية لأن يسقط النواب حكومة لأسباب لها علاقة بملف العلاقة مع إسرائيل.
وثالثا عدم القبول مركزيا بفكرة استعادة مجلس النواب الحالي لهيبته وسط أجواء الإستعراض المايكروفوني إلى الدرجة التي تبدل في الأولويات وتوحي بأن مؤسسة البرلمان خصوصا بشكلها الحالي قادرة على تجاوز حدودها مستقبلا والإطاحة بأي رئيس حكومة.
أغلب التقدير أن غرفة القرار قررت أن سقوط وزارة النسور بالشكل المبرمج نيابيا في قضية زعيتر كان سيضعف أي رئيس وزراء قادم خصوصا في مرحلة مغرقة في الحساسية والتعقيد.
لذلك حظيت الحكومة بالإسناد من وراء الكواليس وبشكل ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول تمثل في تمكين الفريق الوزاري من ثقة ثانية يكمل على أساسها البرنامج اليومي.
والعصفور الثاني تمثل في إنزال الطرفين الحكومة والبرلمان معا عن الشجرة التي علقا عليها في قضية التصعيد ضد إسرائيل بعد قتلها القاضي زعيتر وتركهما في مواجهة ‘الشارع’ معا وهو العنصر الذي يعتقد خبراء سياسيون أن الحكومة بسببه ينبغي أن لا تبالغ في الإحتفال بما حصل معها لأن مواجهة الشارع والحصول على ثقة ثانية من برلمان مطعون أصلا بشعبيته، سلاح ذو حدين.
من هنا يظهر البرلماني المخضرم خليل عطية إنفتاحا على أفكار من بينها حل مجلس النواب بعدما حصل ومقترحات من بينها عدم إطمئنان الحكومة للتداعيات والبقاء الطويل.
وإنطلاقا من الموقع نفسه التحليلي يمكن تفهم التسريبات التي تتصور أن السقف الزمني لبقاء الحكومة بعد الثقة الثالثة ‘أقصر’ الآن من أي وقت مضى أو التي ترجح احتمالات التغيير الوزاري التي ستطال حكومة سيرحب الشارع بغيابها وكذلك النواب بما في ذلك الذين منحوها الثقة في لحظة إنفعالية وعاطفية مشحونة قبل استعادة مؤشرات الندم السياسي لاحقا.
لا يمكن لمثل هذا النمط من قواعد الإشتباك أن تعبر دون التفكير بها أو التخطيط لها على بيروقراطي وسياسي محنك وخبير من وزن النسور.
وأغلب التقديرات هي أنه سيبادر لتكتيك مواجهة يعيد بموجبه إنتاج ثقة القصر الملكي ويحافظ في الوقت نفسه على ‘مشاعر’ النواب التي يمكنها الإنفلات الآن ويبرر منطقيا وسياسيا وإقليميا إقامة أطول في مؤسسة الحكم تعفي حكومته من الخيارات البديلة خصوصا وأن عمان تنتظر تحولات وتطورات الإقليم.
تعليق بسيط
النسور حصل على ثقة النواب وليس على ثقة الشعب
وهنا المنطق مفقود
فلا احد يدعي ان النواب يمثلون الشعب
انهم لا يمثلون انفسه اصلا
معقول كل الناس مش فاهمين اللعبة في الاردن : اقسم انه لا يوجد اردنيا قراره بيده مهما كان نوعه دينه اصله فصله كيانه وهذا وضع طبيعي عندما يكون الوطن مركب تركيب ومجمع تجميع والله من وراء القصد