الأردن: ضمانات ورسائل ‘عسكرية’ هذه المرة لدمشق ومنظومة ردع دفاعية ضخمة وقرار سياسي بعدم التورط وتفهم عربي ودولي
1 - سبتمبر - 2013
حجم الخط
0
عمان ـ ‘القدس العربي’ من بسام البدارين: يتعامل أركان القرار والحكم في الأردن مع الإحتمالات التي تتحدث عن توجيه ضربات محتملة للأردن من قبل النظام السوري في حال إنفلات الأمور والتصعيد العسكري بالمنطقة مع قاعدة فيزيائية بسيطة تفترض بأن نظام دمشق مهما كانت نواياه تجاه الأردن يدرك تمام الإدراك بأن المعادلة برمتها ستختلف لو حصل أي ‘إعتداء’ على الأردن. رئيس الوزراء عبدلله النسور تحدث مباشرة بهذه الروحية عندما إلتقته القدس العربي وتوسع في التأكيد على أن الأردن ليس طرفا ولن يكون في العمل العسكري ضد السوريين مشيرا لان التجهيزات العسكرية والأمنية على الحدود هي دوما لحماية الأردنيين واللاجئين وليس أكثر من ذلك. وزير الإتصال محمد مومني أعاد مساء الأحد التأكيد على هذا المضمون بعدما قررت المؤسسة الرسمية الإعلامية التحدث عن الوقائع والحقائق كما هي الأن في شفافية ومصارحة توضيحية شملت حتى المؤسسة العسكرية. وجهة نظر المؤسسة الرسمية الأردنية أن نظام دمشق يعرف أكثر من غيره حقيقة الموقف السياسي والميداني الأردني تجاه أزمة سورية من أكثر من عامين ونصف. ولو كانت عمان قد قبلت مغادرة موقفها الرافض أولا للحل العسكري والمعارض ثانيا لتورط الأردنيين أنفسهم لتغيرت المعطيات كثيرا في الواقع والميدان. لذلك يعتبر النسور كل ما تتناقله تقارير الإعلام عن عمليات تدريب في الأردن لمعارضين سوريين ينطوي على مبالغات لان شاشات التلفزيون الرسمي السوري لم تظهر يوما ولو عسكريا واحدا يقول علنا بأنه تدرب في عمان. على هذا الأساس لا يترك الأردنيون فرصة وإلا يؤكدون بأنهم ليسوا طرفا في أي عملية عسكرية محتملة ضد النظام السوري لكنهم لأسباب دبلوماسية مفهومة قد لا يستطيعون إستعمال صيغة ‘ضد العمل العسكري المحتمل’ بصورة متكررة ويستبدلونها بصيغة الدعوة للحل السياسي وهو الموقف الثابت لعمان منذ إندلعت أزمة سورية المحاورة. في إجتماعات القمم العربية التي قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام دمشق في توقيت مبكر أظهر حتى صقور العرب المعارضون لدمشق تفهما لموقف الأردن الذي إحتفظ بعلاقاته الدبلوماسية. اليوم وفي ظل قرع طبول الحرب والحديث عن الضربة العسكرية يظهر الأصدقاء والأشقاء تفهما مماثلا حسب المومني لموقف الأردن مما يقود إلى الإستنتاج بأن الأردن يدير الزاوية التي تخصه في الأزمة السورية الحالية بهدوء ونعومة وهو في حالة إسترخاء وإرتياح. هذا الإسترخاء له مبرراته عمليا فالإستراتيجية الأردنية المعقدة تستند إلى فكرة تتوافق عليها النخب المؤثرة في المملكة بعنوان يقول بان نظام الأسد نفسه لا يحتاج لإستفزاز الأردن بأي إعتداء أو تهديد ولا ينقصه توريط الأردن أو فرض معادلة جديدة عليه عبر السعي لتصدير الأزمة عبر الحدود. لذلك يلاحظ المحلل السياسي الإستراتيجي عامر سبايله مثلا بأن قائمة تصنيفات نشرتها مؤخرا مواقع موالية لنظام دمشق وضعت الأردن في خانة ‘دول ضد الضربة العسكرية’. يعني ذلك إذا كان مؤشرا حيويا بأن رئيس الوزراء عبد الله النسور يبدو دقيقا وهو يشير الى ان بلاده لن تكون طرفا وتؤيد المعالجة السياسية وعلى دمشق أن لا تتصرف في مبادرات ميدانية تجبر الأردنيين على التصرف بإتجاهات معاكسة تبدل أو تغير في هذه الإستراتيجية. لكن سيناريو إنفلات الأمور مستقر أيضا في عمق غرفة القرار الأردنية وكذلك سيناريو إحتمالات التأثر والإعتداء. وعلى هذا الأساس حصريا يخرج نائب قائد حرس الحدود الأردني العميد غالب حمايده ليعلن في رسالة إعلامية مبرمجة عبر صحيفة عمون الإلكترونية بأن الجيش العربي لم يسبق له ان تدخل في دولة شقيقة متمنيا أن لا تفكر أي جهة وفي أي وقت بإختبار القوات المسلحة الأردنية . الرسالة المشار إليها صدرت بشفافية عن القوات المسلحة وعكست ثقة كبيرة بالنفس وساهمت في طمأنة الرأي العام المحلي وأكملت في الوقت نفسه حلقة العمق الإستراتيجي للمؤسسة الأردنية وهي ترفع شعار { لن نشارك في الحفلة ضد نظام سوريا لكن نحذر هذا النظام من أي إعتداء على الأردن} . الفكرة هنا سياسيا واضحة المعالم والرسالة للشعب الأردني أولا ولما تبقى من الدولة السورية ثانيا وقوامها : لن نتحرك ضد دمشق ونتوقع منها أن لا تختبرنا وتجبرنا على التدخل . السؤال الأن: متى تعتبر عمان سياسيا أن دمشق خذلتها في التعاطي مع هذه الإستراتيجية ؟. الأجوبة مفتوحة ومكشوفة على لسان كل المسؤولين الأردنيين في كل المستويات والإشارة دوما في السياق إلى أي محاولة من نظام دمشق للأعتداء على الحدود الأردنية. أو اي محاولة لتهجير الكتلة الفلسطينية الديمغرافية الضخمة من سوريا بإتجاه الجنوب أو أي محاولة لضرب سلاح كيماوي في نطاق جغرافي يؤثر على القرى الأردنية الحدودية وكذلك أي محاولة لإستعمال ورقة {الإرهاب} داخل الأردن. القدس العربي سألت مسؤولا حكوميا عن خلفيات هذا الخطاب الإستراتيجي الذي برمجته المؤسسة العسكرية هذه المرة فجاء الجواب على شكل تأكيد بأن الأردن يواجه تطورات الظروف بمهنية وحرص وبدقة ويراقب كل الإحتمالات ويستعد لها. وبهذا المعنى لا تهتم عمان بإسقاط أو بقاء النظام السوري وكل ما يهمها هو حصريا وجود نظام متماسك في دمشق يملك ميزتين الأن ومستقبلا تتمثلان في عدم وجود رغبة في إيذاء الأردن او تصدير الأزمات له وتوفر القدرة الفعلية لدى هذا النظام على إحتواء المشكلات الداخلية وتطبيق الرغبة المشار إليها . لذلك يهتم وزير الخارجية ناصر جوده فيما يبدو بالبقاء على إتصال مع المعارضة السورية ويعبر ضمنيا عن الأمل بجلوس بلاده مع الجالسين عندما يصل الأقوياء لمعادلة {جنيف 2}. ولكن أيضا من باب التجهيزات ومنظومة الدفاع الإستراتيجي التي تشمل بطاريات باتريوت وطائرات إف 16 مع كامل تجيزاتها الرادارية والقتالية مع مفاجآت دفاعية وقتالية وهجومية محتملة في حال حصول أي إعتداء .