الأردن.. ماذا وراء انتقاد “العمل الإسلامي” لتشكيلة حكومة حسان؟ 

حجم الخط
0

عمان- ليث الجنيدي:
أثار انتقاد حزب جبهة العمل الإسلامي لتشكيلة حكومة الأردن الجديدة برئاسة جعفر حسان، جملة من التساؤلات فيما إذا كان استعجالا بالحكم أم محاولة لفرض دور، لا سيما مع حصول الحزب على أعلى المقاعد في برلمانيات 2024، بواقع 31 من أصل 138.
فبعد أن صدر المرسوم الملكي بالموافقة على تشكيلة حسان، واحتفاظه بـ14 وزيرا من حكومة سابقه بشر الخصاونة، ومجيئه بـ8 وزراء سابقين، اعتبر الحزب أن ذلك أقرب ما يكون إلى “تعديل وزاري”.
ولفت في بيان له أن ذلك “يكرس استمرار نهج تشكيل الحكومات السابقة وبما لا يتوافق مع الحديث عن التحديث السياسي ولا يتلاءم مع المزاج العام الشعبي الذي كان يتطلع لمرحلة جديدة من تشكيل الحكومات على أساس الكفاءة والقدرة على معالجة ما تسببت به الحكومات السابقة من أزمات في مختلف القطاعات”.
وأشار إلى أنه “كان من المأمول أن تصل الرسالة التي عبر عنها الشارع الأردني من خلال نتائج الانتخابات النيابية بضرورة تغيير النهج القائم في إدارة مؤسسات الدولة والتأسيس الحقيقي لمرحلة التحديث السياسي عبر إجراء مشاورات نيابية حول شخص رئيس الوزراء ابتداءً ووصولاً للتشكيلة الحكومية وأن لا تكون المشاورات التي قام بها رئيس الوزراء المكلف شكلية”.
وانتقد الحزب “توزير” حسان عدداً من المسؤولين السابقين من منتسبي أحزاب بعينها “لرسم صورة غير حقيقية عن مشاركة حزبية في الحكومة دون الاستناد لما أفرزته إرادة الشعب الأردني في هذه الانتخابات من نتائج”.
ووصف الحزب تشكيلة حسان الوزارية بأنها “جاءت مخيبة للآمال ولم تحقق الطموحات ولم تعزز نتائج الانتخابات أو البناء على رؤى التحديث السياسي، وأنها تكرس ذات النهج السابق الذي أوصل البلاد لما تمر به من تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية”.
ويرى مراقبون أن انتقاد الحزب لتشكيلة الحكومة الجديدة يدلل على “استعجال” المواجهة، ومؤشر على خلافات قادمة، وتحديدا تجاه القضايا التي يعتبرها الإسلاميون مساسا بالأمن الوطني من قبيل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ومطالباتهم المستمرة بإلغائها، وبخاصة اتفاقتي السلام عام 1994، والغاز عام 2016.
ولم تدم مشاورات رئيس الوزراء الأردني الجديد للإعلان عن تشكيل حكومته وقتا طويلا، فبعد أن كلفه الملك عبد الله الثاني بذلك الأحد، صدر الأربعاء مرسوم ملكي بأدائه وأعضاء حكومته اليمين الدستورية.
وكلف الملك عبد الله، حسان برئاسة الحكومة خلفا لبشر الخصاونة، الذي استقال في أعقاب إجراء انتخابات مجلس النواب.

بيئة تتوافق ودور المعارضة

الخبير في الشؤون البرلمانية، هايل ودعان الدعجة، قال إن “الاعتراض على تشكيلة الحكومة لم يقتصر على نواب حزب جبهة العمل الاسلامي في مجلس النواب العشرين وكما هو متوقع، إنما شمل مختلف مكونات المجتمع الأردني، بما في ذلك بعض نواب الأحزاب الأخرى في المجلس”.
وأشار إلى أن ذلك “ترافق مع قرار حكومة بشر الخصاونة السابقة قبل رحيلها بأيام، برفع الضريبة على السيارات الكهربائية بنسب تصاعدية ورفع أسعار السجائر”.
واستدرك: “مضافاً إلى ذلك، الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الأردن، كارتفاع نسب الفقر والبطالة والمديونية وتراجع نسبة النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار ومستوى معيشة المواطن”.
واعتبر الدعجة أن كل المعطيات السابقة “تشكل بيئة تتوافق ودور المعارضة الذي اعتادت الجبهة (العمل الإسلامي) على ممارسته حتى خارج البرلمان، بما يمثل فرصة مناسبة بالنسبة لنوابها لمخاطبة قواعدها الشعبية بتماهيها مع توجهاتهم التي انتخبوا على أساسها، والتي تعكس حالة من عدم الرضا عن السياسات والقرارات الرسمية والحكومية كما هي العادة”.
وأوضح أن ذلك “يأتي ذلك مع اقتراب موعد انعقاد الدورة العادية الأولى للمجلس الجديد، التي دائما ما يغلف مواقف النواب الجدد فيها وكلماتهم الخطابات والشعارات الحماسية ذات النبرة العالية، كوسيلة للتعريف بأنفسهم ومخاطبتهم لقواعدهم الانتخابية بأنهم أهلاً لثقتهم، الأمر الذي يمكن أن يستغله نواب جبهة العمل الإسلامي أكثر من غيرهم من النواب في هذا المجال”.
ومضى بالقول: “أعتقد أن مثل هذه الأجواء الحكومة ستكون بصورتها، مما يقتضي منها التحضير والاستعداد لمواجهتها والتعاطي معها، وربما هذا ما يفسر احتمالية إرجاء انعقاد دورة المجلس العادية الأولى عن موعدها الدستوري”.
وتابع: “رغم هذه الأجواء التي تتوافق وخطاب المعارضة الذي اعتاد عليه نواب العمل الإسلامي، ورغم النتائج اللافتة التي حققها في الانتخابات الأخيرة إلا أن هذا لا يعني أن تأثيرهم سيصل إلى المستوى الذي يجعلهم قادرين على تعطيل سياسات الحكومة وقراراتها والقوانين والتشريعات التي تسعى لتمريرها “.
وأرجع ذلك إلى أن “غالبية الأحزاب الأخرى التي فازت بمقاعد نيابية بعدد لافت أيضا، تنتمي إلى تيار الوسط وتوجد بينها الكثير من الأفكار والتوجهات والقواسم المشتركة التي غالبا ما تصب أو تميل لصالح الحكومات، التي تعتمد عليها في تمرير برامجها وسياساتها، بما فيها الحكومة الحالية، بطريقة ستضعف من تأثير جبهة العمل الإسلامي تحت قبة البرلمان” .

تكتيك سياسي

مدير مركز “راصد” غير الحكومي المعني بالرقابة على الانتخابات وأداء الحكومة والبرلمان، عامر بني عامر، اعتبر أن انتقاد حزب جبهة العمل الإسلامي لتشكيلة جعفر “فرضا للأدوار وتكتيكا سياسي”.
أما عن دوافع ذلك، قال بني عامر: “باعتقادي أن الحركة الإسلامية تريد إرسال رسالة أنها لم تكن جزءاً من التحضير لهذه الحكومة أو الإعداد لها، وأنها ليست مسؤولة عن مخرجاتها”.
كما اعتبر بأنها “رسالة مبكرة للشارع وللقواعد الشعبية التي حصلت على أصواتها خلال البرلمانيات، بأنها لن تمنح ثقة وتؤيد وتعطي شيئا بالمجان”.
وزاد بأن “الحركة الإسلامية تريد أيضا أن تظهر بالصوت المعارض؛ لأنها وصلت إلى البرلمان على هذا الأساس”.
وأضاف: “العلاقة بين الحكومة والحركة الإسلامية ستشهد شكل المعارضة؛ لأن الأخيرة ترغب أن تظهر بهذه الصورة”.
وأردف: “الحكومة لن تكون قادرة على إرضاء الجميع، ويتضح ذلك من خلال شكل التشكيلة الوزارية التي اختارت من خلالها إمكانية تحقيق تحالفات في البرلمان تحقق لها ثقة مريحة”.
ويحتاج رئيس الوزراء الجديد جعفر حسان عند انعقاد دورة البرلمان القادمة، والمتوقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني، إلى تقديم برنامج عمل حكومته؛ لتبدأ مناقشاتها داخل مجلس النواب (الغرفة الأولى)، ومن ثم التصويت عليه من قبل الأعضاء بمنح الثقة أو حجبها.
وقال بني عامر: “إن الحكومة أمام محطتين وهما برنامج عملها، وأيضا مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة، وقد اختارت بتشكيلتها أن تمر منهما بسلام، وأن تتعدى بدايات المرحلة البرلمانية بأريحية”.
وتوقع أن “تظهر أصوات معارضة أخرى إلى جانب الحركة الإسلامية في البرلمان”.
وعن إمكانية المواجهة بين الحكومة والإسلاميين فيما يتعلق باتفاقيات بلادهم مع إسرائيل، رجح أن “تمر مناقشاتها مرورا عاديا، ولن تكون أولوية للإسلاميين؛ لأنهم يعلمون أن بدائل الأردن محدودة”.
ولكنه بين أن “هناك قضايا أخرى سيتمترسون وراءها، ويعملون بجهد كبير عليها، كملف التربية والتعليم؛ لأنهم يعتقدون أن الضغط فيه مساحات”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية