الأردن: هيئة الانتخاب… هل توسع صدرها؟

كان حوارا أقرب إلى صيغة للنقاش الذي ينطوي على تلغيز بين الزملاء في الإطار المهني.
ثمة انطباع وسط الصحافيين والكتاب والمثقفين المسيسين على الأقل بأن الزملاء والرفاق في إدارة الهيئة المستقلة في إدارة الانتخابات يديرون شؤونهم حتى الآن بكفاءة وبالحد الذي تسمح به الظروف العامة من المهنية، لكن أحيانا مع الكثير من العصبية والحدة مع أن الهيئة المستقلة منجز إصلاحي ودستوري، واجتهد مركز القرار طوال سنوات بأن يدار في ظل استقلالية تامة وبالحد الأدنى من التدخلات من قبل شخصيات أقرب إلى فهم نبض الناس والشارع، فالناخب في اللعبة الديمقراطية هو الأساس.
يبدو لي وليس بعد ما سمعت عن تسرع إداري في تحويل زميل كاتب ومعروف إلى القضاء سجل ملاحظة أو انتقد أو طرح سؤالا أن صدر الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات ينبغي أن يتسع أكثر خصوصا لأصحاب الرأي والملاحظة الذين تقول سيرتهم الذاتية بأنهم آخر من يتصيدون في المياه العكرة أو بأنهم آخر شريحة في طوابير العبثيين والانتهازيين.
لا توجد عبارة أو مفردة أكثر من عبارات مثل التزوير والعبث والتدخل استخدمت في ثقافة سلوكية في عمق المجتمع لا تقف عند حدود النقد السلبي والعبثي فقط بل تتجاوز نحو الإقرار مسبقا بأن سلسلة طويلة من الممارسات العابثة قبل ولادة الهيئة تمأسست في أذهان الأردنيين وإحدى أخطر وأعمق مهام الهيئة الوطنية برأينا المتواضع إعادة انتاج هذه الثقافة بالاتجاه الإيجابي.
ليس سرا هنا أن رموز الهيئة نفسها تحدثت للرأي العام علنا عن عمليات عبث وتدخل في انتخابات حصلت في الماضي.
وليس سرا أن من يعارضون وجود الهيئة أصلا ومن الأساس هم في داخل أعماق الأجهزة الرسمية والدولة وليس في الشارع ولا حتى في نخب الإعلام حيث الشرائح التي اكتوت دوما بنار الخذلان الانتخابي وبمسرحيات التدجيل والتمثيل الديمقراطي كما كان يحصل في الماضي.

المطلوب باختصار شديد الهدوء أكثر وتجنب التعسف واتساع الصدر للملاحظة والنقد حتى نتمكن معا من نبذ التشكيك والإساءات

مع الإعلام والصحافة أو على الأقل مع الجزء الراشد منهما ثمة حدية لا بل أحيانا اتهام متسرع وتسلط في الحكم والاستنتاج والاتجاه يخالف المضمون الذي نفهمه عن الدور العميق لهذه الهيئة في التأسيس لمستقبل الأردنيين.
حدثني شخصيا ومبكرا أول رئيس لهيئة الانتخابات المستقلة وهو الدبلوماسي المخضرم عبد الإله الخطيب عن حجم العداء البيروقراطي الطبيعي الذي تزامن مع ولادة الهيئة كجسم ديمقراطي ودستوري جديد.
تلك مسألة ثقافة واتجاهات مستقرة في السياق البيروقراطي لا علاقة لها بالناخب المشكك ولا باستقرار مصاعب استقرار مصداقية الانتخابات وحتى لا علاقة لها بالإعلاميين والصحافيين ودورهم وبالنتيجة لا علاقة لها بالهيئة نفسها.
لا يمكن الموافقة ولا بحال من الأحوال على تحويل أي صاحب رأي إلى المحكمة لأنه قال أو لاحظ على الهيئة أو حتى على غيرها من أي من المؤسسات الرسمية وإن كان أي تشكيك من قبل أي زميل ينبغي أن لا يحترم إطلاقا إذا لم يقترن بالأدلة والبراهين.
ولا يمكنني الموافقة أيضا على الطريقة العصبية أو الخطاب الفوقي عندما يتعلق الأمر بواجب موظفين في تلك الهيئة المحترمة يقتضي الرد والتوضيح والشرح والتفصيل فمن يعمل بالهيئة ليس منزها ولا مقدسا وقوانين العمل ناظمة لحقوق جميع المعنيين والرد بالاتهام والتجريح المهني حجة الضعيف والعاجز ومن ناقش رأيا لمسؤول أو موظف في الهيئة أو اعترض عليه أو على أي إجراء إداري أو طرح سؤالا استفهاميا لا علاقة له بتهمة جديدة لا يحتاجها الوطن ولا الدولة اسمها الإساءة للهيئة.
لكن الإساءة عندما تحصل لا بد للقانون أن يأخذ مجراه دوما والتقاضي سلوك حضاري، أما سعة صدر الهيئة والرد على الشائعة بالحجة والتوضيح والإفاضة فهو واجب الهيئة وكادرها.
تلامست شخصيا بعد تقرير منشور لي مع الردود العصبية والتي يمكن أن تشتم فيها رائحة التسلطية وتحاورت مع أحد الزملاء المعنيين بصدر رحب لأن المواطن والصحافي ينبغي أن يبحثا عن قواسم مشتركة مع هذه الهيئة المهمة والوطنية بصرف النظر عن من يديرها أو كيف أو متى.
كانت تلك ملامسة لم تعجبني في بعض تفصيلاتها لأن قراءة نص التقرير تضمنت الحديث عن مقال ولأن اغفال وقائع مهنية لها علاقة بمصادر واضحة وعلنية في التقرير كان بحد ذاته نمطا من الاصطياد غير المبرر، ولأن الرد والتوضيح والرد والشرح، وهو حق مهني وأخلاقي، مال إلى استخدام عبارات كان يمكن أيضا الاستغناء عنها مثل التشكيك بالأغراض أو بالمصداقية أو بالكاتب بدون مبرر.
نلاحظ وببساطة ارتفاعا ملموسا في النبرة العصبية في خطاب بعض المسؤولين في الهيئة أو المتحدثين باسمها بعد عقود من تراثيات التدخل والعبث التي أقرت بعضها الهيئة علنا والمطلوب باختصار شديد الهدوء أكثر وتجنب التعسف واتساع الصدر للملاحظة والنقد حتى نتمكن معا من نبذ التشكيك والإساءات.

إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الأردن:

    *كل التقدير والاحترام لهيئة الانتخابات.
    المشكلة في الحكومة وفرضها (حظر شامل)
    أشبه بالسجن وارتفاع جنوني بالأسعار.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين والمفسدين.
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  2. يقول جمال الجمال:

    معظم الشعب الاردني لم يعد يثق بالانتخابات النيابية واكبر دليل على ذلك ان نسبة التصويت لم تصل الى 30% من عدد المقترعين .

  3. يقول مواطن من الاردن:

    مبروك فوز المخضرم

إشترك في قائمتنا البريدية