عمان: تشهد علاقات الأردن والنظام السوري عودة “خجولة”، بعد سنوات من الجفاء السياسي، وجهت دمشق خلالها اتهامات لعمان بدعمها للإرهاب على أراضيها.
عودة تراوح مكانها، تزامنت مع إعادة فتح المعبر الحدودي جابر- نصيب بين البلدين، منتصف أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
الأردن رفع تمثيله الدبلوماسي مع النظام في سوريا إلى درجة قائم بالأعمال بالإنابة كخطوة تثبت حسن نواياه، قابلها النظام السوري بإرسال رئيس برلمانه حمودة صباغ للمشاركة في المؤتمر البرلماني العربي بعمان مطلع الشهر الجاري.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن العلاقات بعودتها التدريجية ذات المظاهر السطحية، تشير أن كلا البلدين يتعاملان بحذر فيما بينهما، ويبدو ذلك واضحاً من خلال خلو علاقاتهما من زيارات رسمية.
عمان المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحليفها الأمريكي، يبدو من خطواتها المدروسة أنها غير منفتحة على علاقات واسعة مع نظام الأسد؛ باعتباره مجهول المصير والمستقبل، وخطواتها المنطلقة من ذلك تؤكد بأنها غير متحمسة لعودة كاملة.
الأردن غير متعجل
يقول خبير النزاعات الدولية حسن المومني، إنه “على المستوى الرسمي، العلاقة محدودة، ولا أعتقد أن الأردن الرسمي على عجلة من أمره في التفاعل مع نظام مجهول المستقبل على اعتبار أن العملية السياسية لم تنته بعد”.
ويضيف: “المجتمع الدولي خصوصاً حلفاء الأردن ليسوا على استعداد للتعاطي مع النظام السوري”.
ويرى أن الأردن الرسمي وفي السياق الاستراتيجي “لا يستطيع المراهنة على إعادة علاقة عالية المستوى”، مع نظام بشار الأسد.
ويعتبر أن التحرك الحالي يهدف إلى إدارة الواقع بما يتلاءم مع المصالح والتحالفات الأردنية الإقليمية والدولية.
ويتابع: “هنالك تحديات ناتجة عن الصراع في سوريا تتعلق بالمصالح الأردنية، تتطلب قدرًا من البراغماتية في التعاطي مع النظام ضمن سياقات محدودة”.
عمان لم تقدم شيئاً في ترتيب العلاقات
المحلل السياسي عامر السبايلة، اعتبر أن “الأردن في حاجة إلى سوريا – وهو منطق الطبيعة والجغرافيا والمستقبل – إذا أراد أن يخرج من أزمته الاقتصادية”.
الأردن في حاجة إلى سوريا – وهو منطق الطبيعة والجغرافيا والمستقبل – إذا أراد أن يخرج من أزمته الاقتصادية
وهنا دلل السبايلة: “إذا لم تستفد من إعادة إعمار سوريا وبأن يكون شمال الأردن محطة لذلك ستضيع فرص كثيرة”.
وزاد: “الأردن لم يستطع إلى اليوم تقديم شيء لترتيب علاقاته مع سوريا، وأعتقد أنه سيواجه خطراً من نوع جديد وهو أن كل شمال الأردن يرى مستقبله الاقتصادي مع سوريا”.
وأردف: “لم يكن هناك خطوات إجرائية من الأردن على الأرض، ولم يترك لنفسه هامشاً ومساحة مناورة في ظل ادعاء البعض بأن هناك ضغوطا أمريكية لم تمارس على دول أخرى حليفة لواشنطن”.
ولفت: “هناك واقع جغرافي على الأردن استثماره، وعلى الأردن أن يناور من أجله، لكن الواضح أنه ليس هناك رؤية استراتيجية مدعومة برغبة على إنجاز هذا الملف”.
انسجام مع دول الخليج
من جهته، اعتبر وصفي عقيل الشرعة، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك، أن حكومة عمان غير متشجعة لإعادة تمتين العلاقة مع الجانب السوري في الوقت الحالي.
وأرجع الشرعة ذلك، إلى “انسجام الموقف الأردني مع مواقف الدول الخليجية الداعمة له وعلى رأسها السعودية”.
كما ربط الشرعة موقف بلاده مع الموقف الدولي، مشيراً إلى أن “العملية السياسية التي تديرها روسيا لرسم خارطة نظام الحكم في سوريا لا زالت غير واضحة بسبب تعارض المواقف بين القوى العظمى والقوى الإقليمية حول عدة ملفات ساخنة”.
وتطرق الشرعة إلى ما وصفه بالأسباب الأمنية، حيث بين بأن “ضعف القبضة الأمنية للحكومة (النظام) السورية على الشريط الحدودي الممتد 370 كم، حيث لا زالت توجد هناك بؤر للمعارضة المسلحة التي بدأت تمارس التجارة غير المشروعة بالسلاح والمخدرات والبشر”.
وعلى الرغم من وجود غرف عمليات عسكرية واستخبارية لإدارة الأزمة في الجنوب السوري، إلا أن “التنسيق الأمني الأردني السوري لا زال متواضعا”، وفق ما أضافه الشرعة.
العلاقات الاقتصادية
الخبير الاقتصادي مازن مرجي، أوضح بأنه “رغم الاندفاع الكبير والحماس الواضح الذي رافق فتح الحدود الأردنية السورية من جديد واندفاع حركة التصدير والاستيراد، إلا أن العلاقات الرسمية لم تكن بذات الحماس ولأسباب كثيرة”.
ومن بين تلك الأسباب، التي أوضحها مرجي، أنه “ما زال هناك ملفات عالقة بين البلدين وخاصة بالأمور السياسية والأمنية وقضية اللاجئين إضافة إلى التدخل من قوى خارجية إقليمية ودولية ليست مرتاحة لعودة العلاقات لطبيعتها”.
واعتبر في السياق ذاته أن ذلك “انعكس سلباً على العلاقات الاقتصادية وخاصة مع قيام الجانب السوري باحتجاز عدد من الأردنيين حسب مصادر الحكومة الأردنية والذي تنفيه سوريا”.
ومضى: “إضافة إلى ذلك، المنطقة الحرة المشتركة لم يعد افتتاحها وقد كانت توفر آلاف فرص العمل لمواطني البلدين إضافة إلى عشرات المصانع المشتركة التي كانت تعمل في تلك المنطقة”.
ولخص مرجي حديثه بالقول: “العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الأردن وسوريا ما زالت تتحكم فيها مجموعة من العناصر والملفات السياسية والأمنية والاقتصادية والتداخلات الخارجية والضغوطات التي يخضع لها الأردن التي تكبح من الاندفاع نحو علاقات طبيعية بين البلدين وبقاء الخلافات الرسمية على حالها دون تطور بارز لتجاوزها”.
وهبطت قيمة الصادرات الأردنية، وفق بيانات رسمية، إلى 13.9 مليون دولار في 2016، بعد أن سجلت 255.5 مليون دولار في 2011.
أما الصادرات الأردنية لسوريا، فلم يختلف الحال بالنسبة لها أيضاً، فقد وصلت إلى 19.5 مليون دولار في 2016، مقارنة بـ 376 مليون دولار عام 2011.
ويرتبط الأردن مع جارته الشمالية سوريا بحدود طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر استقبالا للسوريين، بعدد بلغ 1.3 مليونا، نصفهم يحملون صفة لاجئ.
وشهدت علاقات البلدين، خلال فترة الأزمة “المستمرة” بسوريا، حالة من “الجفاء السياسي”، ظهرت معالمه واضحةً بعد طرد المملكة لسفير النظام لديها، في مايو/ أيار 2014.
واختار الأردن منذ بداية الأزمة في جارته الشمالية الحياد في مواقفه “المعلنة” إزاء ما يجري، مُطالباً في كل المحافل الدولية بحلّ سياسي يضمن أمن سوريا واستقرارها.
إلا نظام بشار الأسد تمسك بـ”نغمة التشكيك” الدائم والاتهامات المستمرة لعمان، بدعمها لـ”العصابات “الإرهابية” بسوريا، وهو ما نفاه الأردن جملةً وتفصيلاً.
(الأناضول)
للاسف ان الموقف الاردني من النظام السوري مرهون بالموقف الامريكي وليس هناك ما يثبت غير ذلك. كيف يمكن ان يطلب الامريكان من التجار الاردنيين عدم التعامل مع سوريا اليس هذا هو تدخل في الشان الداخلي وتقييد للموقف الاردني. هذا لا يعني اني مع رفع العزلة والانفتاح على طاغية دمشق دون الوصل الى حل لازمة السوري تكون المعارضة السورية والشعب السوري جزء من الحل.