عمان- القدس العربي: هل صعدت الجهات الرسمية الأردنية إلى شجرة ضخمة.
يثير مسار الأحداث الأخيرة المرتبطة بمؤامرة وفتنة حجماً هائلاً من التساؤلات والحساسيات في الواقع الأردني. وتثير كيفية تصرف الجناح النافذ في الحكومة بالمستوى السياسي والبيروقراطي مع صدمة الفتنة ودلالاتها أسئلة حرجة وحساسة أيضاً تخص مرحلة ما بعد الصدمة.
عملياً وواقعياً، لم يفهم الرأي العام بعد لماذا وعلى أي أساس وبأي كيفية انتقل الجدل حول ملف الأمير حمزة بن الحسين تحديداً من مسار «طلب منه» بأدبيات المؤسسة العسكرية ومسار «الشأن العائلي» بلسان النص الملكي، إلى مستوى رواية حكومية بدأت بالتحدث عن «أوهام وطموحات» وانتهت بالتحدث عن «انخراط» بمخطط لزعزعة الأمن والاستقرار. تلك حيثية لم يفككها أحد بعد، فالمزاج المرجعي والسيادي تقاطع بوضوح مع مزاج الشارع المصدوم عند المنطقة التي تريد الفصل بين فتنة لها بعد أمني وسياسي وتورط فيها أشخاص بصرف النظر عن هويتهم مع جهات خارجية، وبين مؤامرة محورها الأمير.
تلك واحدة من المحطات غير المفهومة بعد، لدرجة أنها دفعت الكثير من المعلقين والمتابعين وبالتأكيد غالبية المهتمين إلى طرح سؤال جديد بعنوان: أيهما صعد إلى الشجرة وأيهما يرغب بالنزول عنها.. الحكومة أم الدولة؟
ينتج مثل هذا السؤال عن عملية تشويش، فالمزاج البنيوي للمجتمع الأردني بكل مكوناته احتفل بالاستراتيجية التي حدد ملامحها الملك بشأن كيفية التعامل مع الفتنة التي ولدت عبر عزل ملف الأمير عن سياق فتنة صدمت الجميع.
لكن المزاج والبيان التنفيذي ليس سراً اليوم وبعيداً عن هوية التحقيقات والمسار القانوني والقضائي للمسألة يفصح ويعمل في الاتجاه المعاكس، الأمر الذي يؤسس لحالة فصام في الإفصاح الرسمي قد تكون ناتجة عن حجم الصدمة أو ارتباكات اللحظة الراهنة، لكنها قد تكون أيضاً محصلة لعدم التوافق بين مستويات ومؤسسات القرار بعدُ على استراتيجية عمل موحدة.
الحساسيات التي تثيرها عملية بدأت أمنية وباحتراف بصرف النظر عن الخلفيات والدوافع، وانتهت إشكالية وسياسية وإقليمية ودولية، هي حساسيات وصلت إلى حجم غير مسبوق قد يفيض عما تقدمت به السلطات من معلومات حتى اللحظة، لكن هذا الحجم من الطبيعي القول إنه مؤهل للنمو والزيادة ولإنتاج المزيد من التساؤلات ما لم تتقدم السلطة برواية أصلب لا تتعلق فقط بما حصل، لأنه معروف للجميع الآن ولكن بما سيحصل لاحقاً.
سياسياً، يمكن القول بأن ما سيحصل لاحقاً من الطبيعي أن يرتبط بنتائج التحقيقيات وبما يقره القضاء في النهاية. وإلى أن يصل الأردنيون، بعد الطمأنينة التي بثتها قيادتهم في أوصالهم وبعد انتهاء مراسم الاحتفال بتفكيك المؤامرة والفتنة، إلى تلك المحطة، ينتج عن كل جواب سؤال جديد، له علاقة بكلفة المسار والبوصلة، وله علاقة بإعادة قراءة مسار الأحداث وبصعوبة التسليم، كما يؤكد الخبير الدكتور محمد الحلايقة بأن المصلحة الوطنية تتطلب فقط الوقوف على النتائج؛ لأن الحاجة ملحة للغرق في الأسباب أيضاً وتأملها، والحاجة أكثر إلحاحاً -حسب الحلايقة نفسه- إلى تحويل الصدمة وما تعنيه من أزمة إلى فرصة سانحة تغتنم فيها اللحظة لاستكمال مسيرة الإصلاح السياسي العميق، ويعاد فيها إنتاج مؤسسات تسند الملك والعرش والدولة، وتسهم في امتصاص الصدمات تجنباً لهزات ارتدادية قوية.
كل ذلك – في رأي الحلايقة، كما سمعته «القدس العربي»- لأن «ما حصل كان صادماً وغريباً». بالتالي، يصبح السؤال مفتوحاً على ما يثيره تشخيص الحلايقة وغيره من أوجاع وطنية نتجت عن الصدمة، فالمؤسسات التي تسند – عملياً وفعلياً- العرش والدولة في حاجة ملحة إلى تغيير جذري في المنظومة، على حد تعبير المفكر والبروفيسور الدكتور عبد الرزاق بني هاني، الذي يقدر أن المسألة لا تتعلق بأشخاص بعد الآن بقدر ما تتعلق بمنظومة متكاملة تضم الكثير من الشخصيات العامة، بحيث طبقة تحولت إلى عائق أمام الإصلاح الحقيقي طوال الألفية الثالثة وحتى اللحظة، وحيث حكومات تحولت إلى عابرات سبيل بلا هدف، وحيث تغيب الرؤية السياسية الحصيفة العميقة.
بني هاني يعود إلى الواجهة الأساسية وهو يتحدث عن فرصة مواتية لانتشال الوطن الآن عبر رؤية إصلاحية شاملة، تبدأ من الإدارة العامة وتمر عبر الاقتصاد والتعليم، وتنتهي بترتيبات المجتمع وبالعودة إلى مربع دولة مدنية حقيقية. هنا تحديداً لا حاجة للغرق مجدداً في التشخيص عندما يتعلق الأمر بالمشكلات والتحديات، لكن صدمة الفتنة الأخيرة كما وصفت أحياناً والألم الذي عبر عنه الملك شخصياً علناً، هي عناصر في المشهد الوطني اليوم يفترض أن تبدل وتغير في كثير من المعطيات، مع أن الحساسية لا تزال تنمو وتتمدد بعد وقوف المستوى التنفيذي على الشجرة عبر لفت نظر الحكومة إلى ضرورة توحيد الرواية على الأقل حتى ينزل الجميع عن تلك الشجرة.
نقــــول مـــن واشـــنطن المــوضــــوع بســيـط إذا حســنــت النــوايــا !؟ فـكمـا أن المـــلــك عبـــد الـلـــه الثــانــى إبــن المـــلــك حســيـن فـأيضــا الأميــر حمــــزة إبــن المــلــك حســيـن !؟ ومــا طـلبــه الأميــر حمـــــزة مــن أن يعيــن رئيســا لـلمخــابـــرات فـى الأردن فيعتبــر مــن حــــق الأميــر حمــــزة أيضــا وليــس هنــاك غـــــرابــــة فــى ذلــك !؟ فـــلا تطــلقــوا كـلمــات ليســت فـى محــلهــا كمــؤامـــرة أو فتنــــة !؟ وفــى إعتقــادنــا أن هـــذه مهمـــة الأميــر الحســــن عــــــم الأخــويــن لتعـــود الميــاه إلـى مجـاريهــا بســــلام أو أن تنهـــار الأســــرة الهــاشــميـة لا قـــدر الـلــــه !؟ ويجـــب الإفـــراج فـــورا عــن بـاســـم عـــــوض الـلـــه ورفــاقــه لأنهــا ليســت مــؤامـــرة !؟
دكتور أسـامــــة الشـربـاصي
رئيــس منظمــــة الســـلام العــــالمــى فـى الــولايــات المتحــــدة
http://www.internationalpeaceusa.org