لندن – «القدس العربي»: صدر عن دار المدى العراقية كتاب«الأرض اليباب وتناصها مع التراث الإنساني» للشاعر العراقي فاضل السلطاني. وتضمن الكتاب دراسة عن مصادر القصيدة الأسطورية والدينية، والشعرية والنثرية، في كل التراث الإنساني وليس الغربي فقط، وتحليلاً لأقسام القصيدة الخمسة، بالإضافة إلى ترجمة جديدة، ودراسة مقارنة لترجمات عربية للقصيدة صدرت منذ الستينيات.
يقول خلدون الشمعة في مقدمة الكتاب: «لا شك عندي أن سجال فاضل السلطاني مع التناص وإلماعات الأرض اليباب، سجال مثير للإعجاب. كما أنه يدل من حيث اكتماله على سيطرة معرفية متميزة على جل ما يتصل بإليوت ونظريته في التراث. فهو يناقش بدءاً من مرجعية النص الإليوتي ست ترجمات عربية للأرض اليباب: لويس عوض وأدونيس ويوسف الخال وعبد الواحد لؤلؤة وماهر شفيق فريد ويوسف اليوسف وتوفيق صايغ».
وهذا السجال الذي تنطلق فيه الترجمة الجديدة يبدأ بمناقشة مستهل الأرض اليباب: «نيسان أقسى الشهور» مثيراً بذلك مشكلة التناص والإلماعة اللذين تنهض عليهما القصيدة. يقول: «يفتتح إليوت هذا القسم بمقطع عن جدب عالمنا المعاصر من خلال تصوير نيسان شهراً قاسياً، ليس لأنه شهر صلب المسيح كما يعتقد د. عبدالواحد لؤلؤة بل لأنه قاس بالنسبة لأولئك العاجزين روحياً. فهو بداية الربيع الذي تتفتح فيه الطبيعة وينبثق الجمال بينما هم غير قادرين على التمتع بخيراته…».
الاعتراض على تفسير عبدالواحد لؤلؤة يمكن أن يبدو مقبولاً إذا كانت الإلماعة هنا تقتصر على الإشارة إلى صلب المسيح، وليس مقبولاً إذا اقتصر على ذلك ولم ينظر إلى الإلماعة باعتبارها تحيل بدورها إلى إلماعات أخرى لشهر نيسان. وأحدها وليس كلها إشارة السلطاني إلى قصيدة تشوسر القائلة: «عندما تتساقط في ابريل زخات المطر الطيبة الرائحة». هنا تكمن مشكلة إحالات التناص في شعر إليوت. فهي تتجاوز المحمول المعرفي لإحالة واحدة».
وعن الترجمة الجديدة، يقول المؤلف: «لقد قرأنا في أوقات مختلفة منذ الستينات عدة ترجمات عربية لهذه القصيدة، ووجدنا للأسف أنها تحتوي على أخطاء كثيرة في فهم النص الأصلي وفي مواضع مهمة إلى الدرجة التي تعكس المعنى إلى نقيضه، كما سنبين في الدارسة المرفقة.
وهذا الكلام ليس المقصود منه التقليل من شأن هذه الترجمات، ولا من الجهد الكبير الذي بذله المترجمون الذين نناقش ترجماتهم هنا، وهم يوسف الخال وأدونيس1 ولويس عوض2 ود.عبد الواحد لؤلؤة3 ، ويوسف اليوسف4 و د.ماهر شفيق فريد5 وتوفيق صايغ. 6 لقد قدم هؤلاء جميعاً خدمة كبيرة للثقافة العربية، وللشعر تحديداً، حين ترجموا منذ وقت مبكر « الأرض اليباب» مساهمين بذلك في إغناء تجربة الشعر الحديث، التي شكلت هذه القصيدة بشكل خاص، عنصرا ً أساسياً في تشكله وتطوره اللاحقين، كما حصل مع التجارب الشعرية الجديدة في أجزاء كثيرة من العالم.
لكن هذا لا يبرر، في الترجمات الني نناقشها هنا، اقتراف أخطاء عكست، وحرفت المعنى في مواضع كثيرة أشرنا إليها، وكان من الممكن تجنبها. لقد تتبعنا ما نراه أخطاء، أو تفسيرات خاطئة، وثبتنا النص الأصلي وما يقابله من الترجمات الست، ومواطن الخلل فيها، ليأخذ القارئ فكرة كاملة عن طبيعة عملنا ودوافعه، وهو فهم القصيدة بصورة أفضل وأقرب للنص الأصلي ومعناه، كما قدمنا مقارنة لكل ترجمة مع الترجمات الأخرى، مشيرين للخلل فيها، مثبتين ما نراه دقيقاً، أو أقرب للدقة مع تقديم التفسيرات والشروحات، إضافة للنص الأصلي، التي تدعم ما ندعي أنه خطأ أو صواب».
وضم الكتاب أيضاً، مقتطفات وافية من آخر كتاب صدر عن إليوت بعنوان» قصائد تي.أس. إليوت» لكريستوفر ريكس وجيم ماكيو. 7 وهو سفر ضخم صدر بمجلدين عام 2015 في أكثر من 2000 صفحة. وفيه لم يبق المحرران ريكس وماكيو سطراً من القصيدة، إلا وأحالاه إلى مصادره الأسطورية والدينية ، والشعرية والنثرية، في كل التراث الإنساني وليس الغربي فقط».