اسطنبول ـ «لقدس العربي»: تصدرت الأزمة السورية وملفات الطاقة والتبادل التجاري زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني إلى العاصمة التركية أنقرة، التي تعتبر أول زيارة رسمية لرئيس إيراني منذ 18 عاماً.
وتعتبر طهران الحليف الاستراتيجي الأول للنظام السوري وتقدم له الدعم العسكري والإقتصادي، في حين تتصدر تركيا الدول الداعمة للثورة السورية، وتستضيف على اراضيها قرابة مليون لاجئ سوري.
وعلى الرغم من الخلافات العميقة بين أنقرة وطهران بشأن سوريا والعديد من القضايا الإقليمية، شهدت العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين توسعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث تعتبر إيران التي تعاني من عقوبات اقتصادية ثاني أكبر مُورد للطاقة إلى تركيا التي تعاني نقصاً حاداً في النفط والغاز الطبيعي.
روحاني الذي وصل تركيا برفقة سبعة من كبار وزرائه قال في مؤتمر صحافي مع الرئيس التركي عبد الله غُل في أنقرة: «إيران وتركيا وهما دولتان مهمتان في المنطقة عقدتا العزم على محاربة التطرف والإرهاب».
وأضاف: «حالة عدم الاستقرار في المنطقة لا تفيد أياً من الدولتين الجارتين اللتين اتفقتا على العمل سوية»، مشدداً على أن بلاده ستجعل من «مواجهة التطرف والصراعات الطائفية والإرهاب هدفها الرئيسي» وأن زيارته هذه «ستمثل بلا أدنى شك نقطة تحول في علاقات البلدين».
وهنأ روحاني، بشار الأسد لإعادة انتخابه لولاية جديدة من سبع سنوات الأسبوع الماضي في انتخابات اعتبرتها المعارضة السورية والدول الغربية والعربية الداعمة لها «بمسرحية انتخابية هزيلة».
من جهته، أكد الرئيس التركي عبد الله غل أنه بحث مع نظيره الإيراني المسألة السورية، مشيداً بسياسات روحاني منذ توليه سدة الحكم في آب/أغسطس من العام الماضي، التي إعتبر أن من شأنها أن تساعد إيران على الانفتاح على العالم.
ولا يتوقع أن يتوصل أردوغان وروحاني لرؤية مشتركة لحل الأزمة السورية أو الاقتراب من خطوات ملموسة في هذا الاطار نظرا لضخامة الفجوة في مواقف الطرفين، في حين يرى مراقبون أن تركيا وإيران يتبعان سياسية «تحييد الخلافات» لتنمية العلاقات الاقتصادية بينهما وتجنب الصدام.
وزار اردوغان في كانون الثاني/يناير الماضي إيران، وأعلن نية البلدين في مضاعفة حجم مبادلاتهما التجارية خلال العام الجاري من 5.13 مليون دولار (عشرة ملايين يورو) الى ثلاثين مليون دولار (22 مليون يورو).
ودافع في تصريحات صحافية، الأحد، عن مساعي بلاده لتطوير علاقاتها التجارية والاقتصادية مع طهران التي تعاني من عقوبات اقتصادية دولية بسبب برنامجها النووي.
وقال اردوغان خلال كلمة له في افتتاح الهيئة العامة لمجلس المصدرين الأتراك: «الولايات المتحدة والدول المتقدمة؛ تبيع منتجاتها إلى إيران التي تواجه عقوبات اقتصادية بطريقة أو أخرى؛ في الوقت الذي يجري فيه العمل على إعاقة بيع المنتجات التركية إلى هذا البلد الذي يشكل سوقاً هاماً بالنسبة لتركيا».
وأضاف: «فليعلم الجميع أن الحكومة التركية لن ترضخ أمام من تمتد يده بسوء إلى الاستثمارات الوطنية وعلى المستوى العالمي، وستقف في وجه لوبيات الفوضى والأزمات التي تسعى لإعاقة مشاريع مثل قطار مرمراي أو جسر اسطنبول الثالث أو مطارها الثالث».
يذكر أن تركيا واجهت اتهامات دولية كبيرة بمساعدة طهران في تجاوز العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولي، والمساهمة في تحويل اموال الى طهران من خلال البنوك التركية، وبرز اسم رجل الاعمال الايرانيـ التركي رضا زراب في هذا المجال.
وتتزامن زيارة روحاني لأنقرة مع عَقد ممثلين أمريكيين وإيرانيين في جنيف أول لقاءات ثنائية رسمية بين الطرفين في بادرة تهدف إلى بحث البرنامج النووي الإيراني، بعدما كانت تجري اللقاءات السابقة مع مجموعة 5+1 التي تضم كلاً من (الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا).
وأعلنت الخارجية الأمريكية، امس الاول الإثنين، أن المحادثات في جنيف بين الامريكيين والإيرانيين بشأن برنامج إيران النووي ضرورية بسبب «عدم إحراز تقدم كاف» خلال اللقاءات الماضية، بينما اعتبر كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، أن الحوار بين الوفدين كان «بناء».
واستضافت تركيا العديد من جلسات المفاوضات بين ايران ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون التي تقود المفاوضات باسم الدول الست الكبرى، في محاولة للوصول لاتفاق نهائي حول الملف النووي الايراني.
ويتبع الرئيس الايراني الجديد سياسية دبلوماسية أكثر انفتاحاً على دول المنطقة والعالم من سلفه الرئيس أحمدي نجاد، حيث تمكن من توقيع اتفاق مبدئي مع القوى العالمية حول الملف النووي الايراني تضمن رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية على بلاده.
وزار أمير الكويت صباح الأحمد الصباح طهران بداية الشهر الجاري في زيارة وصفت بـ»التاريخية» لزعيم خليجي لإيران، بحثت الملفات الاقليمية والدولية، في حين رأى محللون ان الزيارة تهدف الى التوسط بين طهران ودول مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية.
يشار إلى أن آخر زيارة إيرانية على مستوى رئيس جمهورية إلى العاصمة التركية أنقرة، جرت عام 1996، حيث زار الرئيس الإيراني الرابع «علي أكبر هاشمي رفسنجاني» العاصمة التركية أنقرة، بدعوة من الرئيس التاسع للجمهورية التركية «سليمان دميريل». في حين زار الرئيس التركي «عبد الله غل» طهران عامي 2009 و2011.
إسماعيل جمال