غزة– “القدس العربي”: أرجأت قيادة الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، والمتمثلة بلجنة الطوارئ الوطنية، الإضراب المقرر لأكثر من 1000 أسير حتى ليل الخميس، في وقت دار فيه حديث عن وجود مفاوضات مع إدارة السجون، لوقف الإجراءات العقابية الأخيرة التي فرضتها سلطات الاحتلال، تشارك فيها لجنة الطوارئ، وجهات فلسطينية من خارج السجون.
لكن لجنة الطوارئ، في بيان جديد أصدرته وحمل الرقم 5، لم تشر إلى تلك المفاوضات، وأكدت خوضها الإضراب المفتوح عن الطعام مساء الخميس بـ “وحدة وطنية”، وقد أعربت في ذات الوقت عن أملها بأن تمتد تلك الوحدة وتترسخ في كافة ساحات الوطن وساحات مواجهة الاحتلال الغاصب.
والمعروف أن لجنة الطوارئ شكلت حتى قبل حل الهيئات التنظيمية في السجون، من كافة الفصائل الفلسطينية وبها ممثلون عن فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية.
وجاء في بيان اللجنة “نرسل لكم رسالتنا الأخيرة قبل خوضنا للإضراب المفتوح عن الطعام، والذي سنبدأ به مساء (الخميس)، وذلك بعد تعنت الاحتلال وإصراره على إجراءاته التعسفية الانتقامية بحقنا، والتي يسعى من خلالها للانتقام منا ولهدم مؤسساتنا التنظيمية التي هي أساس استقرار حياتنا الاعتقالية”.
وأكدت أن الأسرى سيخوضون الإضراب بـ “عزيمة وإصرار لوقف هذه الهجمة وهذا التعدي الصارخ على حياة الأسرى وعلى منجزاتهم”.
وأطلقت قيادة الحركة الأسيرة شعار “موحدون في وجه السّجان” على الخطوات النضالية التي تخوضها رفضا لقوانين وإجراءات إدارة سجون الاحتلال ضدهم.
وقد أعلنت اللجنة عن تشكيل “لجنة قيادة الإضراب”، وقالت إنها ستكون المخولة بمتابعة التفاوض مع إدارة السجون وإدارة هذه المعركة، وذلك بالتشاور مع هيئاتها ومرجعياتها التنظيمية، وهي لجنة مشكلة من عمار مرضي، ممثلًا عن حركة فتح، وسلامة القطاوي. ممثلًا عن حركة حماس، وزيد بسيسي. ممثلًا عن حركة الجهاد الإسلامي، ووليد حناتشة. ممثلًا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحسين درباس. ممثلًا عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
وشددت على ضرورة أن تقوم الجماهير الفلسطينية بإطلاق “أكبر حملات الإسناد والتضامن” مع الأسرى في “معركة الأمعاء الخاوية”، وجاء في البيان “لتقول الجماهير كلمتها بالتزامن مع بدء الإضراب وباللغة التي يفهمها عدونا، وبكافة الوسائل والإمكانيات المتاحة”.
وأشارت إلى أن “بشائر الانتصار الكبير” لمعركة الأسرى بدأت من خلال النصر الذي حققه الأسير خليل عواودة على الاحتلال، وقالت إنه “أثبت بصبره وعِناده صلابة وصمود الأسير الفلسطيني في مواجهة سجانه”، وتعهدت اللجنة بالمضي في خطواتها حتى تحقيق مطالبها.
وفي السياق، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن قرار لجنة الطوارئ العليا لخوض الاضراب المفتوح عن الطعام، لا زال قائما وتعليقه مرهون بالاستجابة للمطالب التي قدمت الأربعاء لإدارة السجون واستخباراتها.
وأوضحت الهيئة أن الحديث عن تعليق أو تأجيل للإضراب غير صحيح، وأن لجنة الطوارئ العليا أعلنت أن خطواتها غير قابلة للتجزئة والمساومة، ومطالبها واضحة منذ اليوم الأول.
وأشارت الهيئة الى أن قرار البدء بالإضراب مساء الخميس، متفق عليه من قبل كافة أبناء الحركة الأسيرة، وأن لجنة الطوارئ العليا للإضراب عممت ذلك على جميع السجون والمعتقلات، بأن يكون دخول ألف معتقل دفعة واحدة في هذه المعركة مساء الخميس.
ودعت الهيئة “الكل الفلسطيني” الاستعداد لبدء هذه المعركة فور مباشرة الأسرى بالإضراب، ودعت كذلك وسائل الإعلام وكافة النشطاء والمهتمين والمتابعين لمجريات الأحداث توخي الدقة، “حتى لا نتحول لعبء على أسرانا ومعتقلينا”.
وحسب الترتيبات الحالية، ارتفع عدد الأسرى الذين ينوون خوض الإضراب في مرحلته الأولى من 1000 إلى 1200 أسير، بعد انضمام مزيد من أسرى فتح في “سجن رامون”.
وأكد نادي الأسير أن إدارة السّجون ما زالت على موقفها وترفض الاستجابة لمطالب الأسرى وأبرزها التراجع عن جملة الإجراءات التنكيلية التي تحاول فرضها على الأسرى، لفرض مزيد من عمليات السيطرة، والتي في جوهرها استهداف لمنجزات الحركة الأسيرة، والمسّ بحقوقهم على صعيد الحياة الاعتقالية.
ومن أبرز هذه الإجراءات العقابية التي تريد سلطات الاحتلال فرضها، تغيير نظام “الفورة” أي الخروج إلى ساحة السّجن، والتضييق على الأسرى من ذوي الأحكام العالية، وتحديدا المؤبدات، وفي مارس الماضي تراجعت إدارة السجون عن قراراتها التعسفية ضد الأسرى، قبل يوم من تنفيذ الإضراب عن الطعام، لكنها عادت مؤخرا وأعلنت استخدامها من جديد.
وتشمل خطوات الأسرى الحالية إلى جانب الإضراب عن الطعام، والذي سيشهد دخول دفعات جديدة خلال الأيام القادمة، حال لم تتراجع إدارة السجون عن موقفها، انتهاج خطط لـ “التمرد والعصيان” لأوامر وقوانين السجون، ومن أبرزها الامتناع عن الامتثال للعد والفحص الأمني.
هذا وقد تواصلت عمليات الانتقام من الأسرى، ضمن المحاولات الإسرائيلية الرامية لثنيهم عن الإضراب، حيث قامت من جديد الوحدات الخاصة التي استدعتها إدارة السجون لقمع الأسرى، باقتحام جديد لعدة أقسام في “سجن رامون”، واستهدفت غرف أسرى حركة الجهاد الإسلامي لليوم الثاني.
وقالت هيئة الأسرى إن تلك الوحدات الخاصة بعمليات القمع، نقلت الشقيقين عدنان ومحمد حسين أبو ساري، للزنازين، وأغلقت قسم رقم 7 بشكل كامل في “سجن رامون”.
وأكد مكتب إعلام الأسرى، أن حالة من التوتر سادت “سجن النقب” في أعقاب امتناع عدد من الأسرى الدخول للغرف بعد إجراء الفحص الأمني.
والجدير ذكره أن لجنة الطوارئ العليا، تضع في اعتبارها أن تضاعف سلطات السجون من هجماتها الأكثر عنفا ضد الأسرى خلال مرحلة الإضراب والتمرد، ولذلك فقد وضعت خططا من أجل التصدي لتلك الاعتداءات التي تستخدم فيها قوات الاحتلال الكلاب البوليسية والعصي والغاز المسيل للدموع والرصاص.
وكانت إدارة سجون الاحتلال، استدعت المزيد من أفراد الوحدات الخاصة للسجون، وقامت باستعانة غير مسبوقة بالكلاب البوليسية من حيث عددها وتواجدها الدائم بالقرب من مداخل أقسام السجون.
وفي السياق، نقلت إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، الأسير أحمد موسى (44 عاما)، المضرب عن الطعام منذ 25 يوما، رفضا لاعتقاله الإداري، من “عيادة سجن الرملة” إلى مستشفى “كابلان” بسبب سوء وضعه الصحي، وقال المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه، إن المعتقل موسى يعاني من أمراض في القلب والكلى.
والجدير ذكره أن شقيقه عدال (34 عاما) دخل بإضراب عن الطعام مع شقيقه منذ يوم اعتقالهما في السابع من أغسطس الماضي، رفضا لاعتقالهما الاداري، حيث يتواجد عدال في “سجن عوفر”، وكلاهما أسيران سابقان، وقد خاض أحمد إضرابًا عن الطعام عام 2019 ضد اعتقاله الإداريّ، واستمر لمدة 31 يومًا، تعرض خلاله لجلطة أثرت على قدمه ويده، كما خضع لعملية قلب مفتوح في وقت سابق.
وفي هذه الأثناء يواصل الأسير خليل عواودة مرحلة الاستشفاء من المرض وحالة الهزل التي أصابته جراء إضرابه الطويل عن الطعام والذي امتد لـ 172 يوما، وذلك بعد أن انتزع قرارا من سلطات الاحتلال يقضي بإطلاق سراحه بعد شهر، دون تجديد اعتقاله مرة أخرى، ويعتمد الأسير عواودة حاليا على تناول الشوربات الدافئة، وعلى بعض المدعمات، تمهيدا لبدء مرحلة تناول الطعام، والتي ستكون بعد أيام، خشية من تضرر أمعاءه التي لم تتناول الطعام على مدار الأشهر الماضي.
وأوضح نادي الأسير، في بيان صدر عنه، أن المعتقل عواودة علق إضرابه عن الطعام، الذي استمر نحو ستة شهور، بعد اتفاق يقضي بالإفراج عنه في الثاني من أكتوبر المقبل، أي موعد انتهاء الأمر الإداري الحالي، وهو الأمر الإداري الثاني الذي يصدر بحقه منذ اعتقاله في شهر كانون أول من العام الماضي، وأنه سيبقى في المستشفى الإسرائيلي للعلاج حتى الإفراج عنه.
وقد بعث السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، ثلاث رسائل متطابقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (الصين)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن المعتقلين الفلسطينيين، تطرق فيها إلى محنة آلاف الفلسطينيين المحتجزين بشكل تعسفي من قبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في ظل أبشع الظروف، حيث يتعرضون لسوء المعاملة النفسية والجسدية والعنف والإهمال الطبي والعقاب الجماعي والتعذيب، في انتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وطالب المجتمع الدولي بالتحرك وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، لمطالبة إسرائيل بوقف جميع هذه السياسات والممارسات اللاإنسانية، والإفراج عن جميع المعتقلين.
ويواصل الاحتلال اعتقال نحو 4500 أسير فلسطيني، منهم مئات المرضى، ومن بين العدد الإجمالي هناك نساء وأطفال وكبار في السن، ويشكو جميعهم من سوء المعاملة، ومن تعرضهم للإهانة والتعذيب، فيما هناك العديد منهم محرومون من زيارة الأهل، ويقبع آخرون في زنازين عزل انفرادي.
اللهم انصرهم واهزم عدوهم شر هزيمة يارب العالمين عاجلا غير آجل? ????