انخفضت مساء أمس أسهم البنوك الكبيرة الإسرائيلية في البورصة 4.3 في المئة، بسبب تخوف من أن سيؤدي الانقلاب الذي يقوده رئيس الحكومة نتنياهو، إلى هرب المستثمرين وخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. في الأسبوع الماضي، نشرت عريضة لـ 270 اقتصادياً انضم إليهم لاحقاً عشرات الأشخاص، حذرت من التداعيات الاقتصادية الكامنة في الانقلاب: خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية، ونقل نشاطات شركات “هايتيك” إلى الخارج، وهرب الأدمغة، ومس بمسار النمو للاقتصاد وبمستوى الحياة لسكان الدولة.
الجمعة الماضي، عقد نتنياهو لقاء مع نحو 30 رجل أعمال، عرض فيه أفضليات الخطة لإضعاف جهاز القضاء، وقال بأن ذلك سيؤدي إلى زيادة 1 – 1.5 في المئة في الإنتاج. في اللقاء الذي شارك فيه رؤساء البنوك الثلاثة الكبيرة في إسرائيل، قال المدير العام لبنك “هبوعليم”، دوف كوتلر، إن هناك سحباً للودائع في الأيام الأخيرة بمبلغ غير كبير من قبل زبائن خاصين ليسوا من فرع الهايتيك.
أما مدير بنك “ديسكونت”، أوري لفين، فأشار إلى تطور آخر مقلق يتمثل في إضعاف سعر الشيكل مقابل الدولار، وإلى خلق فجوة بين عوائد سندات حكومة إسرائيل وعوائد سندات حكومة الولايات المتحدة. قال لفين لنتنياهو: “لا يمكن تجاهل جميع الاقتصاديين الذين يعبرون عن خوفهم الكبير من هذه الخطوة (إضعاف جهاز القضاء). لذلك، عليك أن تجري تغييرات بحذر وبموافقة واسعة. ربما نحن على خطأ وأنت على حق، لكن ثمن خطئك قد يكون مساً كبيراً بالديمقراطية والاقتصاد”.
لم يتأخر رد الأسواق؛ فقد انخفضت اليوم أسهم البنوك في التجارة في البورصة عقب تحذيرات الاقتصاديين واحتمالية سحب متزايد للودائع. هذا الخوف أدى برجال البنوك والاقتصاد في بيوت الاستثمار إلى تقليل الظهور وتقليل التصريحات لمنع اشتداد الوضع. يبدو أن رد الأسواق يقلق مديري البيوت ومديري بيوت الاستثمار، إلى درجة أنهم يحاولون عدم إشعال النار. وهم بدلاً من ذلك، يكتفون بتحذيرات تم إرسالها لنتنياهو، ويأملون أن تجعله ينفذ عملية مختلفة للمضي بالانقلاب القضائي: ببطء ومع إجراء حوار مع المعارضين.
تنبع هذه التحذيرات من خوف حقيقي من أن خطوة إضعاف جهاز القضاء ستمس بالاستثمارات الأجنبية والتصنيف الائتماني والأسواق المالية. ولكن للتحذيرات نفسها وزناً يتمثل بفقدان 4.3 في المئة من قيمة البنوك. هذا يحدث في الوقت الذي تحظى فيه البنوك بأرباح مرتفعة، وقوة مالية قوية. في هذه المرحلة، يعتبر الانقلاب القضائي هو التهديد الأكبر لها، خصوصاً إذا تحققت سيناريوهات خفض التصنيف وهرب المستثمرين الأجانب. ربما يكون الوضع القوي للبنوك هو الذي يمكنها من قول الحقيقة لنتنياهو حول سحب الودائع والخوف على الأسواق، لأنه ما دام هذا هو الوضع فسيسبب لهم أضراراً، لكن بقدر محتمل وبدون هزات خاصة.
يظهر الرد الفوري للأسواق على أحداث الأسبوع الماضي كإشارة إلى أن النتيجة قد تكون قاسية، سواء كانت سيناريوهات الخطر التي عرضتها البنوك ورجال الاقتصاد صحيحة أم مبالغاً فيها. على الأغلب، السقوط في رأس المال يبدأ بقطرة، لكن في مرحلة معينة، تزداد إلى درجة تدفق بائعين فقط، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض حاد في الأسواق. في نهاية المطاف، سجل سحب للودائع من البنوك هو جزء منها كخطوة احتجاجية وجزء آخر بدافع الخوف، لكن ليس معروفاً بأي حجم. البنوك غير معنية بتقديم بيانات عن حجم السحب من أجل عدم خلق ذعر يزيدها.
الأيام القريبة القادمة ستكون مهمة لتوضيح صورة الوضع في الأسواق المالية وسوق السندات والعملة الأجنبية والأسهم البنكية. يتردد الجهاز المالي حول تأطير التطورات المالية، لأن التطرق إلى تأثير الانقلاب القضائي يصنف كأقوال سياسية. ولكن هذا التردد زائد؛ ففي أي مسح اقتصادي جدي هناك تطرق لأحداث سياسية لها أهمية اقتصادية وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا التي أحدثت أزمة تضخم في كل العالم. الانقلاب القضائي في الحقيقة ليس حرباً، لكنه الاقتصاديين ومحافظي بنك إسرائيل السابقين يعتبرونه حدثاً قد تكون له تداعيات اقتصادية غير مسبوقة. هذا ليس حدثاً سياسياً، بل حدث في نظام الحكم. ولكونه كذلك، فهو عامل خطر اقتصادي مهم.
بقلم: سامي بيرتس
هآرتس/ ذي ماركر 30/1/2023