غزة – “القدس العربي”:
بعزيمة كبيرة يستمدها من عشرات الأسرى السابقين، الذين خاضوا المعركة، يواصل الأسير خليل عواودة (40 عاما) إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ 43 على التوالي، رفضا لاعتقاله الإداري، رغم تراجع وضعه الصحي، فيما يواصل باقي الأسرى الإداريين برنامجهم النضالي المستمر منذ 105 أيام، والقائم على مقاطعة المحاكم.
وفي هذه الأوقات يتواجد الأسير عواودة، في “عيادة سجن الرملة” التي نقل إليها بسبب خطورة وضعه الصحي، بعد أن كان يمضي فترة الإضراب السابقة في زنازين العزل الانفرادي في “سجن عوفر”، كعقاب له من أجل إرغامه على فك الإضراب.
ويعاني هذا الأسير حاليا بعد أن فقد الكثير من وزنه، من آلام في الرأس والمفاصل، وصداع وهزال وإنهاك شديد، يحول دون قدرته على الحركة بشكل طبيعي.
ولا تزال سلطات الاحتلال ترفض الاستجابة لمطالب هذا الأسير، والذي ينادي بإنهاء اعتقاله الإداري التعسفي، أو التعاطي معه، في ظل تراجع وضعه الصحي.
والأسير عواودة أب لأربع طفلات، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلته بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وحولته للاعتقال الإداري دون أن توجه له أي اتهام، وهو أسير سابق اعتقل عدة مرات لدى الاحتلال، وخلال فترة اعتقاله السابقة شارك في خوض إضراب جماعي مع الأسرى عام 2012.
وقد حمل نادي الأسير سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن الوضع الصحي للأسير عواودة، بعد نقله إلى عيادة “سجن الرملة”، نتيجة لتدهور حالته.
تصاعد حملات الاعتقال والأسرى يتعرضون لعمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة
وإسنادا لمعركة هذا الأسير شارك مئات المواطنين، ليل الخميس، في وقفة دعم نظمتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بالتعاون مع نادي الأسير، والقوى الوطنية وحركة فتح، وعائلة الأسير عواودة في منطقة الميدان وسط بلدة اذنا، حيث رفعوا صورا له، وهتفوا بشعارات تندد بالاحتلال.
وخلال الفعالية ألقيت عدة كلمات أكدت جميعها على ضرورة الاستمرار في مساندة الأسرى، كما طالبت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان بالوقوف عند مسؤولياتهم والتدخل الجدي والعاجل لإنقاذ حياة الأسرى، ووضع حد لسياسة الاحتلال الهادفة إلى تصفيتهم.
يشار إلى أن عشرات الأسرى خاضوا سابقا إضرابات فردية عن الطعام، وصل بعضها لأكثر من أربعة أشهر متتالية، ولم يفكوا إضراباتهم رغم خطورة أوضاعهم الصحية، إلا حين حصلوا على قرارات من الاحتلال بإطلاق سراحهم فورا، أو بقرارات أخرى بعدم تجديد الاعتقال عند انتهاء مدة المحكومية التي يقضونها.
وفي السياق، يخوض المعتقل خليل موسى مصباح من مخيم جنين، إضرابه عن الطعام لليوم الـ 11 على التوالي، رفضا لعزله المتواصل منذ 39 يوما، في زنازين معتقل “عسقلان”. وكان مصباح تعرض قبل نحو شهر إلى اعتداء وحشي من قبل السجانين في عزل “سجن عسقلان” بعد أن جرى نقله إليه من “سجن مجدو”، وكان قد واجه خلال الفترة القليلة الماضية عمليات نقل وعزل مستمرة.
وهذا الأسير محكوم بالسجن لمدة 20 عاما، ومعتقل منذ عام 2003، وهو من بين المعتقلين المرضى الذين يواجهون سياسة الإهمال الطبي، حيث يعاني من مشاكل صحية مزمنة في المعدة والأمعاء والأوعية الدموية.
في هذه الأثناء، يواصل نحو 500 معتقل إداري مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار “قرارنا حرية”، لليوم الـ 105على التوالي، في إطار مواجهتهم لهذا النوع من الاعتقال. وقد شرع الأسرى الإداريون، باتخاذ هذا القرار مطلع العام الجاري، والذي يتمثل بإعلان المقاطعة الشاملة والنهائية لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا).
والاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، حيث باتت إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة.
وتزعم سلطات الاحتلال وإدارات السجون بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقا، وفي أغلب الحالات تقوم إسرائيل بتمديد أمر الاعتقال الإداري، أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة المناضل علي الجمّال.
والجدير ذكره ان سلطات الاحتلال رفعت من وتيرة اعتقالاتها ضد الفلسطينيين منذ مطلع الشهر الجاري.
وكان نادي الأسير قال إن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 200 فلسطيني منذ بداية شهر أبريل/نيسان الجاري، موضحا أن حالات الاعتقال سُجلت في كافة محافظات الوطن منذ بداية الشهر، إلا أنها تركزت في محافظتي القدس وجنين، لافتا إلى أن من بين المعتقلين عددا من الجرحى، من بينهم (نور الدين جربوع، وأسيد حمايل، ونسيم شومان، ودانيال الجابر) حيث تحتجزهم سلطات الاحتلال في المستشفيات المدنية.
وأشار إلى أن غالبية المعتقلين تعرضوا لعمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة، وذلك منذ لحظة الاعتقال مرورا بالتحقيق، عدا عن عمليات التنكيل التي طالت عائلاتهم، بما فيها عمليات التخريب داخل المنازل، وسياسة العقاب الجماعي والتهديد.
وأكد النادي أن وتيرة الاعتقالات الحالية، هي بمستوى الوتيرة التي سُجلت خلال شهريّ أبريل/نيسان ومايو/أيار من العام الماضي، وهما الشهران اللذان شهدا أحداثا ميدانية غاضبة، رفضا لهجوم الاحتلال على مدينة القدس والمسجد الأقصى.