أربعة أسابيع مرت منذ اليوم الذي أطلقت فيه حماس الصواريخ تجاه القدس، ويخيل وكأننا على شفا تصعيد متجدد في قطاع غزة. المتفجرات كلها متناثرة وظاهرة للعيان. بخلاف الجولة السابقة، لا يجتهد أحد لإخفائها. في غزة يهدد يحيى السنوار علناً بإشعال الجبهة إذا لم يتلق حقائب الدولارات من قطر هذا الأسبوع. وبالتوازي، حذر بالعودة للدفاع عن “الأقصى”، تلميحاً برد محتمل على “مسيرة الأعلام” المخطط لها الخميس في العاصمة.
بضغط من رئيس الأركان ورئيس “الشاباك”، تغير في حينه مسار مسيرة الأعلام، كي لا يمر في شارع باب العامود، ولكنه انطلق على الدرب وتوقف بسبب الصواريخ. واليوم أيضاً يعتقد الرجلان (ومعهما وزير الدفاع) بأن إقرار المسيرة في هذا الوقت خطأ جسيم. للأسف، سيوصون بعدم السماح للسائرين أن يمروا في الأحياء الإسلامية في البلدة القديمة، لتقليص الاحتكاك والعنف المحتمل.
يجب إجراء بحث في جوهر السيادة الإسرائيلية في القدس، إذ ما معنى هذه السيادة إذا كان محظوراً السير في شوارع المدينة بحرية والاحتفال بتوحيدها؟ ولكن يجب أيضاً إجراء بحث في الشكل المناسب، بما في ذلك في سياق الموعد وفي سياق التوقيت أيضاً. يعتقد رؤساء جهاز الأمن بأن مسيرة في هذا الوقت ستشعل ناراً كبيرة وزائدة يصعب على إسرائيل أن تشرحها في العالم. سطحياً، يفترض بحماس أن تخشى هذه النار. ففي المعركة الأخيرة تلقت ضربات قاسية في منظومتها العسكرية، يفترض أن تجلسها هادئة لفترة طويلة. وكان هذا أيضاً أحد أهداف الحملة، إلى جانب تطلع إسرائيل للقطع بين المنظمة والقدس.
يبدو أن الهدف الثاني قد فشل، وعلى الأول علامة استفهام كبيرة. والأسوأ من ذلك، لا يبدو أن حماس تلقت الردع. فالعكس هو الصحيح: خرج يحيى السنوار معززاً، ويشعر كمن انتصر في 0المعركة. فقد امتلأت خطاباته الأخيرة بالحماسة، وفي شعبة الاستخبارات من يدعي بأن السنوار يشعر ويتصرف وكأنه صلاح الدين.
ليس لإسرائيل مصلحة للعودة إلى القتال في غزة، ليس بسبب الثمن بل لأجل الهدف؛ ففي غياب قرار دخول غزة وإلحاق هزيمة بحماس، فإن استمرار المعركة بذات الطرق سيكون مزيداً من الأمر ذاته. صحيح أن رئيس الأركان وجه تعليماته لقيادة المنطقة الجنوبية لأن تكون جاهزة “لعدة أيام قتالية أخرى”، ولكن مشكوك بأن يحققوا ما لم يتحقق في حملة “حارس الأسوار”. إذا أرادت إسرائيل أن تغير المعادلة، فعليها أن تتصرف مثلما في فيلم “حملة الجدة”: أن تبدأ بأقوى ما عندها، وبعدها تزيد، وأن تجد فرصة لتصفية القيادة العسكرية – السياسية لحماس (وبالأساس السنوار والضيف)، ومن هناك تواصل المعركة. وكبديل، عليها أن تسرع المحادثات التي تجرى بوساطة مصرية، للوصول إلى تفاهمات تضمن هدوءاً طويل المدى، بكل ما يعنيه هذا من معنى إيجاباً وسلباً. أما استمرار الوضع القائم، حيث يعتمد الطرفان على وقف نار هش وعديم الشروط والتوافقات، فهو خطير ومتقلب. تطلب حماس المال وتوافقات في القدس، أما إسرائيل فغير معنية لإعطائها الأمرين (أما بخصوص المال فهي مستعدة لنقله عبر السلطة الفلسطينية، ومقابل التقدم في موضوع الأسرى والمفقودين)، ولكنها أيضاً غير معنية بالعودة إلى تنقيط الصواريخ الذي سيؤدي إلى استئناف القتال.
هذا يلزم إسرائيل بالتصرف برباطة جأش؛ بأن تحدد أهدافاً ومرامي، وتقرر ما هو الحرج (الربط بين المال والتوافقات)، وما هو الأقل (مسيرة الأعلام). وإذا امتنعت عن عمل ذلك، فستعلق في دوامة خطيرة. ولمن يحتاج إلى التذكير، فليست غزة وحدها على جدول الأعمال: الجولة السابقة أشعلت النار في الضفة والحدود الشمالية ومدن إسرائيل، وهو السيناريو الذي يجب الاستعداد له الآن أيضاً.
بقلم: يوآف ليمور
إسرائيل اليوم 7/6/2021
*لولا الخوف من المقاومة الفلسطينية البطلة
لما تراجع الكيان الصهيوني المجرم.
اللهم انصر شعب فلسطين الصامد الأبي على الصهاينة المجرمين القتلة (قاتلهم الله).