مدريد- “القدس العربي”:
في مقال له نشرته المجلة الرقمية الفرنسية “أوريون 21” نهاية هذا الأسبوع، قال الأمير هشام العلوي، والأستاذ في جامعة بيرلكي في كاليفورنيا، إن “اتفاقيات أبراهام ما هي إلا تعبير عن تحالف ديني متعصب، وقد تلاشت الظروف الجيوسياسية التي جاء في سياقها منذ ثلاث سنوات بسبب عدوانية الصهاينة”.
وتنبّه “أوريون 21” أن هذا المقال قد كتبه هشام العلوي منذ ثلاثة أسابيع، ولكنه يتوافق في تكهناته مع ما يحصل، حيث يقول: “عندما تم توقيع اتفاقيات أبراهام في سبتمبر/ أيلول 2020، اعتبر معارضو هذه الخطوة بأنها مثال حيّ وصلِف للانتهازية الجيوساسية. يتعلّق الأمر برغبة الولايات المتحدة، تحت إدارة دونالد ترامب، في إعادة إحياء هيمنتها التي باتت في تراجع، وذلك من خلال التفاوض على اتفاقات سلام إسرائيلية عربية جديدة، تفضي إلى تعزيز الجبهة المعادية لإيران، وتحسين علاقاتها مع حلفائها العرب”.
ويؤكد استفادة جميع الفاعلين من هذه الاتفاقيات بشكل انتهازي مع “تهميش القضية الفلسطينية، التي عُزلت عن باقي أزمات الشرق الأوسط خلال ثورات الربيع العربي”. وهو ما جعل من اتفاقيات أبراهام مثالا حيّا على الواقعية السياسية الصلفة. ومع ذلك، فقد تبنّت دول عربية أخرى مواقف مختلفة على المستوى الجيوسياسي”، ويشير إلى قطر من ضمنها.
ويركز كثيرا على التطرف الديني كمظهر لاتفاقيات أبراهام، قائلا: “يشكّل التطرّف الديني عاملا للمساهمة في فهم اتفاقيات أبراهام. إذ تجمع هذه الأخيرة تحالفا غير متوقع من الدول التي تدّعي التحدث باسم عقيدتها من خلال صياغة محددة لمُثُل أصولية. حتى وإن مثّل – في البداية – استخدام اسم النبي إبراهيم في إشارة إلى هذه الاتفاقيات، تأكيداً على التسامح الجامع بين الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية”، إلا أنه يشير اليوم إلى “تحالف متطرف ضد الديمقراطية الليبرالية”.
وفي هذا الصدد، يؤكد أن الاتفاقيات تسمح لكل طرف من الأطراف الثلاثة “المسلمون والمسيحيون الإنجيليون واليهود المتطرفون” بالتعبير عن رؤيتهم الدينية، ويكتب: “بالنسبة للجماعات الثلاث، تمثل اتفاقيات أبراهام اتحادا مريحا يقوم على المصلحة. من الجانب الإسرائيلي، يمكن الشروع في ضمّ فلسطين، بينما يمكن للمسيحيين الإنجيليين الأمريكيين تعزيز دفاعهم المزعوم عن الحضارة الغربية، ويمكن أخيرا للأنظمة العربية تنمية قدراتها العسكرية وتكنولوجيا مراقبة السكان. في النهاية، نجد أنّ تحالف المتشدّدين الدينيّين هو الذي يقف أساسا وراء اتفاقات التطبيع”.
ويبرز كيف تتلاشى السياقات الجيوسياسية التي قادت الى اتفاقيات أبراهام بسبب ما يعتبره “عدوانية الصهاينة” اتجاه المسيحيين، ويضيف: “تمثل هجمات الصهاينة المتشددين المتكررة على المسجد الأقصى رمزا ليس لسلب فلسطين فحسب، ولكن أيضا لاعتداء روحي على إيمان المسلمين في العالم كله، وبالتالي على أي فكرة للتحالف بين الأديان. من هذا المنظور، فإن كامل الإطار الإقليمي الذي تم إنشاؤه من خلال اتفاقيات أبراهام مهدّد بالانهيار تحت وطأة تناقضاته الداخلية”.