الأوروبيون يدخلون تعديلات مهمة على مشروع القرار الأمريكي لإدانة حماس

عبد الحميد صيام
حجم الخط
0

نيويورك (الأمم المتحدة) – “القدس العربي”: حصلت “القدس العربي” على نسخة من المذكرة الأصلية، التي وزعتها بعثة الولايات المتحدة لحض الدول الأعضاء على التصويت لصالح مشروع قرار يدين حركة حماس لإطلاقها صواريخ على المناطق المدنية في إسرائيل، ولكنها واجهت العديد من التحفظات من الاتحاد الأوروبي مما أدى إلى الدخول في مفاوضات  حديثة، ووفقا لما أكدته مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة ل” القدس العربي” فقد وافقت الولايات المتحدة من حيث المبدأ على تعديلات دول الاتحاد الأوربي، وعددها 28 دولة، المتعلقة بمشروع القرار الأميركي والذي كان معنوناً بـ “حماس” ليتم تغييره ويصبح: “ممارسات حماس ومجموعات مسلحة أخرى في غزة”. ودخلت الولايات المتحدة بعدها في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي الذي رفض الصيغة الأصلية التي وزعتها بعثة الولايات المتحدة.

مشروع القرار الأميركي، وإن أشار إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، إلا أنه يطلب أخذها بعين الاعتبار دون أن يكون واضحا معنى ذلك بالضبط، كما لا يذكر كلمة “فلسطين” أو “دولة فلسطينية” بل “فلسطينيين” وسلام بينهم وبين الإسرائيليين.

وجاء في المذكرة الأصلية: “في كل عام تقوم الجمعية العامة بالتصويت على عدد غير متناسب من القرارات التي تنتقد إسرائيل. إن هذه القرارات المعادية لإسرائيل تضر بمصداقية الأمم المتحدة، ولا تقربنا من الهدف الذي نشترك فيه جميعا في سلام شامل”.

وتتابع المذكرة: “في هذا العام، ولإعادة التوازن إلى الأمم المتحدة ، نقدم مشروع قرار يدين أنشطة حماس. من بين 20 قرارا تقريبًا تنتقد إسرائيل كل عام، لا يذكر أي منها حركة حماس. بل إن الحقيقة لم يكن هناك قرار من الجمعية العامة يذكر حماس في تاريخها أبدا”.

وتضمنت المذكرة نص مشروع القرار الذي يحتوي العناصر التالية:

– يعيد تأكيد دعم السلام العادل والدائم والشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛

– يدين حماس لإطلاقها صواريخ متكررة على إسرائيل والتحريض على العنف ، مما يعرض المدنيين للخطر:

– يطالب حماس بالكف عن جميع الأعمال الاستفزازية والأنشطة العنيفة، بما في ذلك استخدام الأجهزة الحارقة المحمولة جوا؛ً

– يدين تحويل الموارد في غزة إلى بنية تحتية عسكرية، بما في ذلك أنفاق للتسلل إلى إسرائيل ومعدات لإطلاق الصواريخ إلى المناطق المدنية، بينما يمكن استخدام هذه الموارد لتلبية الاحتياجات الملحة للسكان المدنيين؛

– يدعو إلى وقف جميع أشكال العنف والتخويف الموجه ضد العاملين في المجال الطبي والإنساني، ويؤكد على أهمية احترام حرمة مباني الأمم المتحدة وحيادها؛

– يرحب ويحث على المزيد من المشاركة من جانب الأمين العام ومنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط للمساعدة، بالتعاون مع الشركاء المعنيين في الجهود المبذولة لتهدئة الوضع ومعالجة الاحتياجات العاجلة من البنية التحتية والإنسانية والاقتصادية.

وتختتم المذكرة بمطالبة الدول دعم مشروع القرار هذا: “سنكون ممتنين لموقفكم في دعم مشروع القرار، والوقوف معنا في معارضة أي عمليات إجرائية من شأنها تعطيل عملية التصويت. ومن المؤكد أننا سنأخذ ذلك في الاعتبار فيما يتعلق بقرار ما إذا كان علينا أن نطرح تعديلات على تعديلاتنا”.

وقد علمت “القدس العربي” أن الأوروبيين لم يكونوا راضين عن هذه الصيغة وأصروا على توسيعه والإشارة إلى العديد من قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن التي تتحدث عن شروط إقامة السلام العادل القائم على حل الدولتين ونبذ الإرهاب والعنف والتحريض والاستخدام المفرط للقوة. وأن الصيغة الجديدة التي وافق عليها الأوروبيون تشمل الإشارة إلى ضرورة الالتزام بكافة القرارات الدولية الصادرة بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو الأمر الذي كانت قد رفضته ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، في السابق، ولكنها على ما يبدو اضطرت للقبول به بعد أن تبين بشكل واضح مساء الخميس، 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 أن المساعي الأميركية لا تحظى بتأييد حتى من حلفائها ، وتتجه نحو الفشل.
لكن التعديلات الجديدة التي طلبتها دول الاتحاد الأوروبي، بحسب مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة اطلعت على المشروع المعدل، تشير إلى قرارات الجمعية العامة الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين بشكل فضفاض ومبهم وتشمل الإضافة على مشروع القرار “تشير إلى دعم الجمعية العامة للأمم المتحدة لسلام دائم وشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين بحسب القانون الدولي مع الأخذ بعين الاعتبار قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”. واللافت في مشروع القرار الأميركي، وإن أشار إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، إلا أنه يطلب أخذها بعين الاعتبار دون أن يكون واضحا معنى ذلك بالضبط، كما لا يذكر كلمة “فلسطين” أو “دولة فلسطينية” بل “فلسطينيين” وسلام بينهم وبين الإسرائيليين. ناهيك عن عدم ذكر القرار لكلمة “احتلال” إضافة إلى غياب تام في الحديث عن حركة “حماس” الحصار المفروض على غزة والاحتلال وقتل الفلسطينيين،. كما غاب أي ذكر للاجئين. أما البند الإضافي الآخر فينص على “تشجيع القيام بخطوات ملموسة تجاه المصالحة الفلسطينية بما فيها دعم المساعي المصرية نحو خطوات محددة لتوحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية لضمان تسيير الأمور في قطاع غزة”. كما نصت النسخة المعدلة على إدانة حركة الجهاد الإسلامي إضافة إلى حركة حماس.

يجدر بالذكر أن الولايات المتحدة تحتاج إلى تصويت النصف زائد واحد في الجمعية العامة كي يتم اعتماد مشروع القرار، أي 97 دولة لصالح القرار كي يمر وهو أمر مستبعد. ولكن الولايات المتحدة تضغط على الدول المختلفة أن تتغيب عن التصويت أو الامتناع عن التصويت لرفع حظوظها في تمرير القرار بنصف الحضور زائد واحد كون أن الذي يصوتون بنعم أو لا تحسب أصواتهم، ولا تحسب أصوات الذين يمتنعون أو يغيبون عن التصويت.

وكانت بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة قد وزعت مذكرة على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي للرد على قيام سفيرة الولايات المتحدة لدى المنظمة الدولية، نيكي هايلي، بتوزيع مشروع القرار تحت عنوان ” حماس” يدين الحركة لإطلاقها الصواريخ بطريقة عشوائية في المناطق المأهولة بالسكان في إسرائيل ويطالب باعتبار حماس حركة إرهابية ترتكب جرائم حرب. وإعتبر السفير الفلسطيني أن خطوة الولايات المتحدة تقع في سياق سياسة الإدارة الأمريكية الحالية وقراراتها ضد الشعب الفلسطيني ابتداء من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2017، وما تبع ذلك من خطوات أخرى أدت إلى إلحاق الضرر بجهود السلام وأدت إلى تفاقم الأزمة السياسية والوصول إلى حالة من الجمود السياسي. ويرى أن الهدف ليس حماس بل هو الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف.

وقال منصور في تصريح لعدد من الصحافيين المعتمدين في الأمم المتحدة: “إن التصويت لصالح مشروع القرار هذا يعطي انطباعا للولايات المتحدة أن سياستها في إغفال جذور الصراع والتوافق الدولي حول شروط إحلال السلام بدأت تعطي مفعولا وتحظى بدعم دولي، ويعني كذلك أنه تأييد لمواقف الولايات المتحدة التي لا تعترف بأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي وتنتهك حقوق الشعب الفلسطيني بل ويعفي إسرائيل من مسؤولياتها كدولة قائمة على الاحتلال”. كما صرح السيد منصور أن التصويت على مشروع القرار الأمريكي المسنود من أوروبا حاليا قد تم جدولتها يتم يوم الخميس القادم وأكد أن مساعي بعثة فلسطين والمجموعة العربية لن تتوقف للوقوف في وجه مشروع القرار ورفض أن يفصح أكثر عن خطته لمواجهة جهود السفيرة الأمريكية في الحصول على غالبية لصالح القرار.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية