«الإدارة بالواتساب» آخر إبداعات وزارة الصحة… والمخاوف تتزايد من فيروس كورونا والعالم يواجهه بالاحتياطات اللازمة

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: كانت الموضوعات الرئيسية في الصحف الصادرة يومي السبت والأحد 25 و26 يناير/كانون الثاني، عن افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الاثنين، أعمال المؤتمر العالمي الذي يقيمه الأزهر الشريف، لمناقشة تجديد الفكر الإسلامي ومشاركة المئات من الشخصيات السياسية والدينية من ست وأربعين دولة. واحتفال الشرطة بعيدها الثامن والستين، وهي ذكرى الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال البريطاني في مدينة الإسماعلية في 25 يناير 1952 على مديرية الأمن وطالبت جنودها وضباطها بالخروج منها وتسليم أسلحتهم، بعد أن اتهمتهم بمساعدة الفدائيين في عملياتهم ضدها، ولما رفضت أطلقت عليهم قذائف دبابات سنتريون الثقيلة والمدفعية، وردت الشرطة بإطلاق الرصاص من بنادقها القديمة، وبعد أن نفدت ذخيرتها قبلت الخروج. وأمام شجاعتها سمح لها القائد البريطاني بالمرور بسلام وتحيتها. وانتشر ضباط وضابطات الشرطة وجنودها في جميع الميادين وقدموا الورود للناس وركاب السيارات. وأعلن وزير المالية، أنه تم تخصيص مبلغ إضافي قدره 2 مليار جنيه لرصف طرق في عدد من المحافظات، ومليار آخر لبرنامج «تكافل وكرامة»، وهو مساعدات مالية شهرية للأسر الأشد فقرا.

شيطنة ثورة يناير لترهيب المواطنين وتيئيسهم من مطالبهم المشروعة و«روز اليوسف» تتهم «المصري اليوم» بالإساءة للشرطة

ومن الأخبار الأخرى التي وردت في صحف السبت والأحد، إعلان الرئيس الأمريكي ترامب أنه سيكشف عن تفاصيل «صفقة القرن» لحل القضية الفلسطينية. وكانت المقالات والتعليقات عن عيد الشرطة وثورة يناير/كانون الثاني وتحقيقات موسعة عن نماذج من شهداء الشرطة في معاركهم ضد الإرهاب، ونتائج مؤتمر برلين لحل الأزمة في ليبيا، بينما كان الاهتمام الأكبر للناس والنظام هو الخوف من انتقال فيروس الكورونا إلى مصر. وإلى ما عندنا..

مصر آمنة من الوباء

ونبدأ بالأخطر بالنسبة للناس وللنظام وهو انتشار مرض كورونا في الصين وانتقاله إلى بعض الدول عن طريق مواطنيها الذين كانوا في الصين، والمخاوف التي بدأت تنتاب الأغلبية من خطر انتقاله إلى مصر، ولهذا سارعت السلطات إلى اتخاذ إجراءات حماية شديدة وطمأنت المواطنين إلى عدم تسلل المرض إلى مصر، وحتى إذا ظهرت بعض الحالات فإن الاستعدادات كافية لمواجهته. وقامت «الأهرام» بطمأنة المواطنين بالقول تحت عنوان «مصر أمنة من كورونا»: «ما يدعو للاطمئنان في هذا الملف، أن مصر تمرست على مواجهة الأوبئة، وفق منظومات عمل ثابتة ومسجلة، ولعل في الصحوة الكبرى في مجال الصحة بمختلف المبادرات التي طرحتها القيادة السياسية، ويتم تطبيقها بحرفية وشمولية، ما يدعونا للفخر بأن مصر من بين البلدان الخالية من الفيروسات الخطيرة، والأوبئة العامة ولعل الشهادة التي ستمنحها منظمة الصحة العالمية لمصر بخلوها من فيروس سي، أبلغ دليل. وقبل ذلك قضت مصر على فيروس شلل الأطفال، وكثير من الأمراض التي كانت مزمنة وأصبحت الآن من الذكريات».

كاريكاتير

ورغم الاستعدادات إلا أن الرسامة دعاء العدل في «المصري اليوم» إذ ذهبت للطبيب فوجدت عنده مريضا شديد البؤس ومصابا بأنيميا حادة والطبيب يطمأنه بقوله: «أنت عندك 132 فيروس مختلف متقلقش خالص من فيروس كورونا».

الوقاية خير من العلاج

سيطرت على العالم بأسره حالة من الفزع والرعب، مع تزايد الإصابات بفيروس كورونا، رغم أن منظمة الصحة العالمية، أكدت في بيان رسمي، أن الوضع الوبائي لا يرقى لحدث يثير الفزع والذعر في النفوس، ما يجعل حالة الفزع التي يشعر بها المواطنون، حسب رأي وليد عبد السلام في «اليوم السابع»: «وهما لا أساس له، ففيروسات كورونا فصيلة واسعة الانتشار، معروفة بأنها تسبب أمراضا تتراوح من نزلات البرد الشائعة، إلى التهاب رئوي وجميعها أمراض لها علاج، ويصاب بها الكثيرون في فصل الشتاء سنوياً ما يضرب فكرة الفزع الشديد الذي شاهدناه بين المواطنين في مصر، على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية. الجانب الآخر الذي يؤكد أن مصر آمنة، وليس هناك خطر على شعبها من مخاطر فيروس كورونا، هو سلسلة التدابير، التي اتخذتها وزارة الصحة والسكان، والتي تعد بمثابة حائط لصد العدوى، أو تسرب المرض للبلاد، منها رفع درجة الاستعداد القصوى في جميع أقسام الحجر الصحي، في منافذ الدخول المختلفة للبلاد، ومناظرة جميع المسافرين القادمين من المناطق التي ظهر فيها المرض، بالإضافة إلى العزل الفوري لأي حالة يشتبه في إصابتها بفيروس كورونا، وتعميم منشور على منشآت الصحة، للتعريف بالحالات والتعامل معها، وإجراءات الوقاية، فضلا عن رفع درجة الاستعداد وإجراءات المكافحة، وتجهيز أقسام العزل في المستشفيات، وتنشيط إجراءات لرصد أمراض الجهاز التنفسي الحادة، ورفع الوعي، ومتابعة الموقف الوبائي العالمي على مدار الساعة. وعملا بمبدأ الوقاية خير من العلاج فيمكن الحماية من مخاطر العدوى بالمداومة على غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون، خصوصًا بعد السعال أو العطاس، واستخدام دورات المياه، وقبل وبعد التعامل مع الأطعمة وإعدادها، بالإضافة إلى استخدام المنديل عند السعال أو العطاس وتغطية الفم والأنف به، ثم التخلص منه في سلة النفايات، وتجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد قد المستطاع. وتتطلب الوقاية من العدوى لبس الكمامات في أماكن التجمعات والازدحام مثل، الحج أو العمرة، مع الحرص على اتباع العادات الصحية الأخرى، كالتوازن الغذائي والنشاط البدني، وأخذ قسط كافٍ من النوم، وضرورة مراجعة الطبيب عند الضرورة، ومتابعة ما يستجد من معلومات حول المرض من قبل وزارة الصحة».

أين الحكومة المصرية؟

أما علاء عريبي في «الوفد» فيقول عن كورونا: «منذ إعلان خبر ظهور بعض الحالات المصابة بفيروس كورونا في الصين، وحكومات دول العالم تفكر في الحيلولة دون دخول هذا المرض إلى بلدانها، رفعوا حالة الطوارئ في المطارات والموانئ، وفرضوا رقابة شديدة على القادمين من الصين، وأخطروا المستشفيات والمراكز الطبية برفع حالة الاستعداد القصوى لاستقبال حالات، والتعامل مع الحالات المشكوك في إصابتها على محمل الجدية وعزلها في غرف منفصلة. الحكومة الصينية لم تكتف برفع حالة الطوارئ، بل إنها عزلت، أكثر من 11 مليون مواطن لوقف تفشي الفيروس، قامت فرق من الشرطة وقوات التدخل السريع بإغلاق محطة قطارات مدينة ووهان، حيث سمح للركاب الذين يحملون تذاكر سفر فقط بدخول المحطة. واصطف المواطنون في الطوابير لشراء الأقنعة من الصيدليات التي حددت حزمة واحدة لكل زبون، فيما ارتدى العاملون في المجال الطبي بدلات واقية خارج المستشفى، حيث يتم علاج بعض المرضى المصابين بمرض التهاب الجهاز التنفسى الفيروسي. ورفعت حالة الطوارئ في الولايات المتحدة الأمريكية، وتايلند، وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان. وأعلن مطار أبوظبي الدولي، البدء في إجراءات فحص المسافرين القادمين من الصين. ووضعت إدارة المطار إرشادات عامة للوقاية من الفيروس كورونا NcOv، ومنها تجنب الحيوانات (حية وميتة) وأسواق الحيوانات، والمنتجات التي تأتى من الحيوانات (مثل اللحوم غير المطهية). وتجنب الاختلاط بالمرضى المصابين بأعراض تنفسية، وغسل اليدين كثيرا بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل، وكذلك استخدام مطهر الأيدي، إذا لم يتوفر الصابون والماء، وتغطية الفم والأنف بمنديل عند السعال أو العطس، ونصحت إدارة المطار بعدم السفر أثناء وجود أعراض مرضية. أمام هذا المشهد المرعب ماذا فعلت الحكومة المصرية؟ هل سمعت وزارة الصحة عن كورونا»؟

الجهاز الأمني

وإلى أبرز ما نشر عن الشرطة وتزامنه مع ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني 2011، حين نشرت مجلة «الإذاعة والتلفزيون» تحقيقا لسمير العبد جاء فيه: «قال اللواء ممتاز فتحي مساعد أول وزير الداخلية للأمن الاجتماعي الأسبق، إنه لا يوجد جهاز أمني في العالم تحمّل ما تحملته الشرطة المصرية عقب الثورة، وأوضح مساعد أول وزير الداخلية الأسبق أن الرئيس السيسي استطاع تغيير عقيدة وزارة الداخلية، لتتوافق مع متطلبات الشارع المصري، في حصوله على حقوقه كاملة غير منقوصة، ومن خلال التعاون بين الشعب والشرطة، عادت الأمور لتسير في طريقها الصحيح، حتى أصبح الجهاز الأمني على قدر المسؤولية، وعازما على تقديم خدمة أمنية للجميع. كما تمكن الرئيس من القضاء على السلبيات التي لحقت بجهاز الشرطة في الفترات الطويلة قبل ثورة يناير/كانون الثاني. من جانب آخر قال اللواء محمد نور الخبير الأمني: رجال الشرطة حصلوا في عهد السيسي على دعم المواطنين، وتمكن الجهاز من ملاحقة كل الخارجين على القانون والبلطجية، وتنقية الشوارع المصرية، فقد أصبحت وزارة الداخلية تعمل بسياسة أمنية جديدة، وعقيدة مختلفة عن الماضي، بالإضافة إلى إصدار قانون حماية الشهود والمبلغين، وتعديل بعض مواد قانون العقوبات مثل المادة 60 و123 الخاصتين برد الاعتداء، ومواجهة الجريمة وعدم المساءلة العقابية للشرطة أثناء أداء واجب حماية الوطن، فاستطاعت الشرطة مواجهة كبار المجرمين وتكفل الدولة أداء الضباط لواجبه في ظل احترام حقوق الإنسان، وفي ظل توفير الحماية الكاملة لمأموري الضبط القضائي أثناء أداء واجبهم، بخلاف الإجراءات التي يقوم بها الجهاز الأمني للقضاء على العناصر المتطرفة وسعيها لمحاربة الإرهاب وفق استراتيجية متكاملة».

ليس الجميع سواء

وفي «أخبار اليوم» أكد حسين عبد القادر، على أنه رغم الانتقادات السابقة للشرطة، فإنها مليئة بالنماذج المخلصة، التي تؤدي عملها بأمانة لخدمة المواطنين والوطن وقال: «لا أندهش كثيرا عندما أجد تعجبا من البعض، عندما اكتب مدافعا أو متناولا جهدا إيجابيا لرجال الشرطة، ربما يكون تبريري لدهشة هؤلاء، أنهم اختزلوا فكرتهم عن الشرطة، في ما ساقه موقف تعرض فيه للتعامل مع نماذج في أماكن محددة غالبا يقع العاملين فيها، إما تحت ضغوط شديدة بسبب قسوة ظروف العمل، أو ربما يكون مع رجال الأقسام حيث التعامل مع نماذج بشرية تكون خارج القانون، وتحالفت مع الجريمة. اختلافي مع المنتقدين هو أنهم لم يعرفوا أن ليس كل رجال الشرطة هم هذه النماذج، الذين ساقهم حظهم للتعامل معهم، فهناك العديد من القطاعات والإدارات الأمنية المختلفة، التي بفضل مهنتي أتيح لي التعامل معهم والاختلاط المباشر بهم، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، شرائح جميلة ومحترمة وغاية في الإخلاص والوطنية في مباحث الأموال العامة، ومكافحة المخدرات، وأمن الموانئ، ورعاية الأحداث والجوازات والمطارات، والتموين وحقوق الإنسان ومباحث جرائم المعلومات».

المانشيت الركيك

وإلى جريدة «روز اليوسف» ورئيس تحريرها أحمد باشا، الذي يوقع باسم رشدي أباظة وكان هجومه موجها ضد جريدة «المصري اليوم» واتهمها بتعمد إهانة الشرطة لصياغتها خبرا عن عزف موسيقى الشرطة في معرض القاهرة الدولي للكتاب موسيقاها وربطه بخبر آخر عن تقديم فقرة للأراجوز وقال: «في المانشيت الجانبي كتبت «المصري اليوم» السبت الماضي الموافق 25 يناير/كانون الثاني عنوانًا يحمل تورية رخيصة تنطق بالسياسة التحريرية المراهقة التي لم تفتأ الصحيفة الابتعاد عنها، بعد أن كتبت تقول «موسيقى الشرطة والأراجوز تجذب جمهور معرض الكتاب». وفي التقييم المهني فإن المانشيت «ركيك» ولا يصلح مهنيًا تصديره في الصفحة الأولى. أما التقييم التحريري المبني على الخط السياسي للصحيفة، فأستطيع القول بأن روحًا صحافية خبيثة لا تزال تسيطر على «المصري اليوم»، تطل من حين لآخر تعرف ما الذي تريده تحاول من وقت لآخر التسلل لمساحات استباحة الدولة وجس نبضها. في عيد وزارة الداخلية تضع عنوانها متضمنًا اسم «الشرطة» مقرونًا ومعطوفًا على كلمة «الأراجوز» لتقول إنهما على قدم المساواة أمام الجمهور، ويقدمان فقرات «مسلية» للجمهور في غمز ولمز لتقول، إن الفقرات «فارغة المضمون» .لا تزال الصحيفة تتلاعب في الخفاء مثل غانية، كلما أعلنت التوبة جهرًا مارست البغاء سرًا. بيد أن «المانشيت» الركيك لغويًا ومهنيًا هو محاولة ممارسة بغاء علني ضد مؤسسة الشرطة، سبق أن مارسته ذات مرة قبل سنوات عندما كتبت تقريرًا مسيئًا حمل في طياته عنوانًا يقول «كلاب الشرطة». لا أذكر الواقعة والتفاصيل على وجه الدقة، لكن أداء الصحيفة وسيطرة عقل جمعي مناهض للدولة في الإدارة التحريرية يدفع للسؤال، لماذا تصر الصحيفة على التصعيد ضد مؤسسات الدولة؟».

معجزة السماء

وإلى ثورة يناير/كانون الثاني التي هاجمها في «الجمهورية» السيد البابلي قائلا: «لأن هذا البلد الطاهر بأوليائه الصالحين وبشعبه الطيب المسالم، يحميه رب العالمين، فإن معجزة من السماء هي التي عبرت بنا هذه الأوقات الصعبة الحالكة السواد، فلا يوجد ما نقوله إلا أنها معجزة إلهية، جنبت مصر انهيارا كان محتملا وفتنة بلا بداية أو نهاية. وعندما نسترجع هذه الذكريات فإننا نتعلم منها الدروس والعبر، ونؤمن ونشدد على أهمية المحافظة على هيبة الدولة على قوتها على جيشها، على رجال أمنها، من أجل أن يكون هناك دولة وشعب وإنجازات ومستقبل وأمن وأمان، يمنحنا القوة والحق في الحياة. واسلمي يا مصر يا أرض النعم يا أرض الكرامة والشعب الوفي».

لا تتعجلوا الثمار

وفي «المصري اليوم» اقترح رئيس تحريرها الأسبق محمد السيد صالح إطلاق سراح من قام بالثورة، وتعجب من استمرار حبس بعضهم، حتى الآن. وقال غامزا الكثير من المسؤولين: «ثورة يناير ما زالت في مهدها، لا تتعجلوا البحث عن ثمارها، فهي لم تنضج بعد. هناك دعايات ظالمة ومضللة ضدها، هي ثورة شعبية حقيقية انطلقت من الشارع وقودها شباب مؤمن ببلده، بعد ذلك وبفعل فاعل قاد المشهد مجموعة من المشوهين نفسيا وسياسيا، بعضهم يحتاج تقييما أو علاجا نفسيا عاجلا، ربما تم استغلالهم من جهات هنا وهناك، صدقوا أنفسهم بأنهم صانعو الثورة. ركب الإخوان المسلمون الثورة فحادوا بها عن الخط السليم، لم يعملوا إلا لأنفسهم فانحسرت شعبيتها، تراجع مستوى الرضى عن ثورة يناير/كانون الثاني بوصولهم لسدة الحكم، وبات الخروج عليهم مطلبا حاز شعبية معقولة. إن من ينتقدون الثورة بشكل مباشر أو غير مباشر حاليا، إنما يتناسون أمرين واضحين للعيان: الأول أن وقود الثورة الحقيقي من العقول الشابة الساعية للعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، خرجت من كل بيت مصري بشكل طبيعي مع نداء الميادين، هذه الوجوه بعضها صامت حاليا وهو يرى تجمد حلمه، والبعض الآخر في الحبس بدعاوى مختلفة. الأمر الثاني وهو عندي أهم: أن فضل يناير على الجميع عظيم، تخيلوا المكانة أو الوظيفة التي كانت ستشغلها رموزنا الحالية ابتداءً من أعلى منصب لو لم تنطلق ثورة يناير/كانون الثاني».
الأفكار لا تموت

وإلى «الشروق» ودفاع خالد سيد أحمد عن الثورة وتصدر أعدائها المشهد السياسي الآن وقال: «رغم حالة التغييب الكامل والتعتيم الإعلامي الواضح، إلا أن ثورة 25 يناير/كانون الثاني تبقى حاضرة بقوة في أذهان الكثيرين، وكأن وقائعها التي جرت قبل تسع سنوات، واختلط فيها الأمل بالألم والرصاص بالدم والصدق بالخيانة، حدثت كلها أمس وتأبى أن تغادر إلى متحف الذكريات، لتنضم إلى غيرها من الثورات، التي ساهمت في تشكيل وعي شعب اعتاد اللجوء إلى الميادين، كلما أراد تغيير مجرى التاريخ، ويكفي أن تقوم بجولة سريعة بين الشاشات أو على مواقع التواصل الاجتماعي، لتجد على الفور فريقين أحدهما يؤمن بأن 25 يناير/كانون الثاني هي ثورة الشعب، التي شارك فيها الملايين من المواطنين، من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وإقامة دولة العدل والمساواة والقانون، فيما يرى الفريق الآخر إنها مؤامرة على الدولة المصرية، قام بها «شمامو الكلة» وناشطو السبوبة والنكسجية والعملاء والخونة والكارهون لمؤسسات الدولة الوطنية، والساعون لهدمها. صحيح أن هذه الفكرة الحالمة لم يكتب لها النجاح، ولم تتحقق على أرض الواقع، واختفت تقريبا من التداول العام، إلا أن الأفكار لا يمكن أبدا أن تموت، ربما تتراجع إلى الخلف بعض الوقت، لكنها ما تلبث أن تعود مجددا وبقوة أكثر من السابق، حتى لو كانت القوى الحية للثورة التي آمنت بتلك الأفكار تعرضت لضربات موجعة ــ كما شاهدنا خلال السنوات الأخيرة ــ إلى الدرجة التي جعلت البعض منها يلوذ بالصمت أو العزلة الاختيارية، وربما الإجبارية في كثير من الأوقات. في المقابل نجد من قامت عليهم الثورة يتصدرون المشهد الإعلامي الآن، وينظرون إليها على أنها «مؤامرة» أو على أقل تقدير «ثورة الحيارى». ستظل 25 يناير/كانون الثاني ثورة حقيقية قام بها الشعب المصري بكل طوائفه وفئاته ولن تفلح محاولات «هواة الاستبداد» في تشويهها باتهاماتهم الباطلة لها، أو ادعاء فصيل أو جماعة بأنها صاحبة الحق الحصري لها، والمتحدث الرسمي باسمها، وستظل هذه الثورة مهما كره الكارهون معبرة عن إرادة أمة وطموح جيل من المصريين أراد الحصول على حقه الطبيعي في الحياة الكريمة، وإعلاء قيم المساواة والعدل والقانون واحترام حقوق الإنسان».

الدولة الديمقراطية

محمد سعد عبد الحفيظ في «الشروق»:»مع كل ذكرى لثورة 25 يناير/كانون الثاني، تُدبج مؤسسات الدولة المختلفة في خطاباتها الرسمية عبارات الثناء والمديح لـ«الثورة المجيدة وأهدافها النبيلة «، أما في الأحاديث المرتجلة فيتم قصف تلك الثورة وتقديمها باعتبارها «مؤامرة تسببت في خراب مؤسسات يلزم لترميمها عقود»، أو «فتنة سعت إلى إحداث وقيعة بين مكونات الدولة بهدف إسقاطها»، ويتم تحميلها مسؤولية أي فشل أو تعثر تعجز الحكومة عن تفسيره أو تحمل تبعاته، بدءا من انهيار الإعلام وصولا إلى ما يجري في ملف سد النهضة. عادة ما يعقب الحديث عن «المؤامرة» أو «الفتنة» التي جرت وتسعى السلطة إلى لملمة «آثارها المدمرة» ــ التحذير من تكرارها، وتخويف الناس من أي حراك، بدعوى الحفاظ على الدولة واستقرارها، وعلى الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الأخيرة. يظن هؤلاء أن شيطنة 25 يناير/كانون الثاني وترهيب المواطنين من مجرد تذكير السلطة بأهدافها، سيدفعهم إلى نسيان المطالب التي نزلوا من أجلها، والتي لخصها شعار «كرامة وحرية وعدالة اجتماعية»، يظنون أيضا أن الجرعة المصنوعة التي تقدمها وسائل الإعلام عن الإنشاءات والطرق والكباري والتوسعات العمرانية، قد تقنع المواطن بدفن حقوقه الأخرى، التي بح صوته في المطالبة بها قبل 9 سنوات. بالأرقام حقق نظام الرئيس «المخلوع» مبارك، توسعات عمرانية لم يسبقه إليها نظام آخر في تاريخ مصر الحديثة، فمعظم المدن الجديدة، بدءا من 6 أكتوبر وبرج العرب والقاهرة الجديدة والشيخ زايد، وصولا إلى بني سويف الجديدة وغيرها أنجزت في عهده، فضلا عن إنشاء شبكة من الطرق والكباري غطت مصر من أقصاها إلى أقصاها. أما عن المؤشرات الاقتصادية والمالية، فالأرقام تثبت أنها كانت في حالة تحسن، الناتج الإجمالي المحلي اقترب من 200 مليار دولار، ومعدل النمو تجاوز عامي (2006 و2007) نسبة الـ8٪، ثم تراجع على وقع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية إلى 5.1٪، وتراوحت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر ما بين 15 ــ 26٪. ظل إعلام «المخلوع» يصدر للناس أن تلك الإنجازات هي رصيد مبارك للاستمرار في السلطة، وأن عليهم الصبر حتى تتساقط عوائد النمو لتصل إلى الطبقات الأفقر. الواقع أن تلك الأرقام أو «الإنجازات» لم تشفع لمبارك، فصدور الناس ضاقت من تمسكه بالسلطة، وضاقت أكثر من محاولات تحويل الحكم في مصر إلى نظام عائلي وراثي. لم تكن ثورة يناير تمردا على الأوضاع الاقتصادية التي كانت بالقطع أفضل من الآن، لكنها كانت ثورة على تفشي الفساد والاستبداد واحتكار السلطة، وتأميم المجال العام، والإقصاء، وتعامل الشرطة مع الناس. الشعب الذي خرج في الشوارع لم يكن مدعوا إلى إسقاط شخص «المخلوع» مبارك والدائرة التي أحاطت به، أو الوريث في وقت لاحق، بقدر ما كان يبحث في الميادين عن الدولة التي أراد، فالثورة لم تكن تبحث عن ثأر من الديكتاتور وطغمته الحاكمة، بقدر بحثها عن بناء نظام جديد يتكفل بتحقيق أهدافها. أيقن الشعب بعد عقود من التسلط وتزوير الإرادة أنه لا سبيل للخروج من متاهة التخلف والفقر والمرض والتبعية، إلا بالشروع في بناء دولة مدنية عصرية، قاعدتها، اختيار الشعب للسلطة التنفيذية ولسلطة التشريع والرقابة، عبر انتخابات حرة نزيهة، وضمان استقلال السلطة القضائية ونزاهتها، ووجود إعلام مستقل ينقل له ما يدور في كواليس مؤسسات الدولة، وينقل إلى السلطة آلامه وأوجاعه، ويصبح عن جد السلطة الرابعة، التي تراقب للشعب سلطات الدولة الثلاث. لم تتوقف محاولات إحباط الناس أو تيئيسهم والتلاعب في عقولهم، وتصوير ما جري قبل 8 سنوات على أنه أُس الخراب الذي حلّ على المحروسة والسبب الرئيسي في متوالية الفشل التي لاحقتنا منذ ذلك الحين، مع ذلك ومع مرور كل ذكرى لـ25 يناير/كانون الثاني تجد الناس أكثر تمسكا بحلمها وأهدافها، وأكثر رفضا ومقاومة للواقع الذي يريد البعض فرضه علينا. إذا أردتم إقناع الناس بعدم تكرار ما جرى فعليكم تحاشي أسبابه أولا، والسعي لبناء دولة مستقرة تبقى وتستمر، بدون أن تتأثر بغياب أي حاكم أيا كان إنجازه، الضمانة الوحيدة لكم وللوطن هو الشروع في تأسيس دولة ديمقراطية مدنية حديثة، دولة يتحرك الناس فيها إذا قرروا تغيير النظام إلى صناديق الانتخابات وليس إلى ميادين الثورة».

الحقوق الوظيفية

«لسنا بحاجة لاستعادة تفاصيل حادث ميكروباص المنيا، الذي أودى بحيوات طبيبات وحطم أحلام أسر، ولكننا بحاجة إلى استقرائه، حسبما تقول ماجدة الجندي في «الوطن»، في ظل محاولة فهم كيف تتم إدارة الأمور والتعامل مع قاعدة العاملين في منظومة وزارة من وزارات الدولة، أول رد فعل للسيدة الوزيرة كان تعويض أسر الراحلات برحلة حج وعمرة (دعك من أنها لم تكلف نفسها انتزاع ولو ساعة تطل بنفسها على كارثية الحالات) لكنها أيضاً لم تكلف نفسها حتى قراءة الأسماء، لتكتشف أن واحدة من الشهيدات قبطية، يعني أن القرار روتيني، خال من أدنى درجات العناية الحقيقية، وكأنما المراد تسكين وضع وإسكات رأي عام. التعامل مع الطبيبات، اللائي هن جزء من قاعدة بناء المؤسسة الطبية، باعتبارهن مجرد عبيد، ليس أمامهن غير الإذعان لأوامر تأتي بالواتس آب، إما التنفيذ وإما الاستعداد للنقل والشحططة، دعك من محتوى أن الأمر لم يراع أي بعد لا وظيفي ولا إنساني، باعتبار أن الطبيبات «بشر» ولهن حيوات، ومن حقهن تدبير أمورهن لكن القرار «الواتسابي»، يضعنا أمام مفهوم جديد للإدارة، «الإدارة بالواتس آب»، الذي هو يختلف حتى عن فكرة إرسال إيميل، كما يحدث في بلاد العالم اليوم، الإيميل وثيقة ووسيلة احترافية، معترف بها ويتم الاعتماد عليها، الواتس آب أداة تواصل شخصي وشتان ما بين الوسيلتين.. نأتي إلى المحتوى الذي يأمر الطبيبات، كده على بعض، بتنفيذ أمر التدريب، دونما أي منطق، أولاً وزارة الصحة جاءت بطبيبات بني سويف ليتدربن في المنيا، وطلبت من طبيبات المنيا الحضور للقاهرة لتلقي التدريب، وهذا ما قالته واحدة من الطبيبات، ضحايا الإدارة بالواتس آب، وهي راقدة على ظهرها. طيب حد يفهمنا أي منطق يحتكمون إليه؟ ما دمتم أرسلتم بمدرب إلى المنيا ليدرب طبيبات بني سويف، ما المانع أن يذهب مدرب إلى بني سويف وآخر إلى المنيا؟ وصف زوج واحدة من الضحايا، أن التعامل مع الطبيبات كانت وراءه فكرة الإذعان.. أن تمتثل الطبيبات ويذعن، والحقيقة أنه بها ما هو أسوأ وما يستحق وصف «القهر» وليس مجرد الإذعان. عندما يقال إن جهة العمل لم تفكر في تدبير وسيلة مواصلات للطبيبات، في الحقيقة الأمر هنا ينبغي عدم التعامل معه باعتباره «منة» أو فضلاً، وهنا أتساءل عندما تسافر السيدة الوزيرة في مهمة داخل البلاد أو خارجها، ألا يتم تدبير أمر انتقالاتها؟ طيب إذا كان المسؤول الكبير يسافر خارج البلاد بدرجة رجال الأعمال مثلاً، ألا يكون من حق أفراد البنية الأساسية لمؤسسته، أن يتم تدبير تذاكر انتقال ولو بالدرجة الثانية في القطار، أو يستأجرون لهم أوتوبيساً مثلاً؟ هل فكرة «الحقوق الوظيفية» تقتصر فقط على رؤوس الهرم الوظيفي؟ لا أتصور منظومة عمل وبيئة عمل لا تقر بأي حقوق إلا لقمة هرمها الوظيفي، يمكن أن تتوقع منها أن تعطي وتخدم بإخلاص. رحت أتصور شكل «المسؤول» أو «المسؤولة»، الذي أمسك بتليفونه، وفتح الواتس آب، وكتب الفرمان ثم أرسله، وهو يؤكد لنفسه أنه كده عمل اللي عليه. هذه هي الإدارة بالواتس آب، إدارة الوهم لم أتطرق إلى المآخذ التي تحيط بالسيدة الوزيرة منذ بداية توليها، ولا تعرضت إلى ما يتعلق باستجواب مجلس الشعب لها، أنا فقط أحاول أن أستقرئ كيف تدار الأمور في واحدة من أهم مؤسساتنا، كيف يتم النظر «لقلب» هذه المؤسسة ومحركها، باعتباره كتلة غير إنسانية على بعض، لا يوجد نظام حقيقي، مبني على مدخلات فعلية تراعي لا الناس ولا الحقوق والواجبات وبالتالي لا مخرجات، كله تسديد خانات، هذا مقتل «الإدارة» المدنية».

المسح الجيولوجي

لم يكن سليمان جودة في «المصري اليوم» يعرف أن اللواء أبوبكر الجندي، الرئيس الأشهر لجهاز الإحصاء، ثم وزير التنمية المحلية، يملك تجربة مفيدة في ملف الثروة المعدنية، يقول الكاتب: «الرسالة التي جاءتني منه حول الملف، تقول إن عنده تجربة مباشرة في الموضوع، وإن علينا أن نأخذ معانيها في الاعتبار، ونحن نستعد لوضع هذه الثروة في موقعها الصحيح على خريطة الاقتصاد الوطني. ويواصل الكاتب قوله، وقد أشرت في هذا المكان، صباح الأربعاء، إلى أن المملكة السعودية على الجانب الآخر من البحر الأحمر، قد مسحت ثلث مساحتها مسحاً جيولوجياً شاملاً، وأنها خصصت 2 مليار ريال لهذا الغرض، وأننا ربما نكون مدعوين إلى إجراء مسح مماثل على أرضنا.. فالعائد الذي ننتظره من وراء مسح كهذا يساوى، ولكن لأن مساحتنا نصف مساحة السعودية تقريباً، فالمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، سيكون في حاجة إلى مليار جنيه تخصصها له الدولة، ليكون الهدف هو إجراء مسح جيولوجي شامل لثلث مساحة أرضنا، وفق جدول زمني يضعه الرجل بحكم مسؤوليته، ويعلنه، ويمشي عليه. الوزير الجندي يقول في رسالته إن شركة عالمية للتنقيب عن الذهب جاءت يوماً للعمل في مصر، وإنه كان على معرفة بأحد مسؤوليها، وإن هذا المسؤول جاءه ذات صباح يطلب المساعدة في أشياء كانت الشركة في حاجة شديدة إليها لمواصلة عملها.. كان ذلك في فترة ما بعد 25 يناير/كانون الثاني 2011، وكانت مطالب الشركة مشروعة جداً، وواضحة جداً، قياساً بانخفاض حاد في أسعار الذهب عالمياً وقتها، ولم يستجب أحد لمطالب الشركة، ولا حتى لمطلب واحد منها، رغم مشروعيتها ووضوحها، وعندما وصل الأمر إلى وزير البترول، ولم يكن الوزير الحالي طبعاً، فإنه عجز تماماً عن فعل شيء، ليس لأنه لم يكن يريد فعل شيء، ولكن لأن قواعد بالية كانت تحكمه، وكان غير قادر على تجاوزها أو القفز فوقها، ولا بد أن هذه الفقرة من الرسالة تطرح السؤال الآتي: هل لاتزال تلك القواعد البالية تقف في طريق المهندس الملا وتمنعه من الحركة في هذا الملف؟ ولا تذكر الرسالة بالطبع ماذا حدث بعدها من جانب الشركة، ولكن السياق يوحي بأنها لـمْلمت أوراقها وأدواتها وقررت الرحيل إلى بلد آخر. هذا عن الذهب، فماذا عن الفوسفات مثلاً؟ يدعو الوزير الجندي إلى الحرص على تصنيع ثروتنا المعدنية على أرضنا، وفي المقدمة منها الفوسفات، بدلاً من تصديرها في صورة مواد خام، فتصنيعها سوف يجعل منها قيمة مضافة إلى اقتصادنا الوطنى، فضلاً عما سوف يوفره من فرص عمل نحتاجها أشد الحاجة.. فرص عمل توفرها أي عملية تصنيعية بالضرورة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية