انتظام عملية الاحتكام التنافسي الى صناديق الاقتراع هو في أساس التطور الديمقراطي في أي بلد. في المقابل، «الإدمان على الانتخابات»، أي اختزال كل هدفية ومسعى للقوى السياسية بها، هو إشكال حقيقي يصيب المجتمعات التي توطد فيها النظام الدستوري التعددي. المفارقة بالنسبة الى هذه المجتمعات هي تداعيات زيادة مناسبات الاحتكام التنافسي الى صناديق الاقتراع، مثلا الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية والمحلية والمناطقية والاوروبية والاستفتاءات في بلد مثل فرنسا، وهي زيادة يشكل زيادة المنحى «التجسيدي» لسيادة الشعب مسوّغاً لها، بشكل أو بآخر. نتيجة هذه الزيادة في مناسبات الاحتكام الى صناديق الاقتراع كانت ايضا استفحال «الإدمان على الانتخابات»، وهو ادمان لا تشذ عنه التيارات القصوية، كاليمين المتطرف او اليسار المتطرف، عن احزاب الوسط. كل القوى المتخاصمة أصبحت مستلبة بأرقام مئوية تهبط حيناً وتصعد حيناً اخر. أرقام هي في جزء اساسي منها مؤشرات عن تحولات في الرأي، في المزاج، بل مؤشرات عن تحولات في التركيبة الاجتماعية والديموغرافيا الانتخابية، لكن في مطرح آخر هذه الأرقام زبدٌ، لسبب أساسي وهو أنه يمكن الاستناد اليها لفهم المثابرات والتبدلات عند الناخبين، لكنها قلما تنفع للتأسيس عليها، واكثر من ذلك، كلما ركب هذه القوة او تلك وهم التأسيس على «سكور» انتخابي كلما كانت تصاب بالإدمان على الانتخابات، بما يتناقض اكثر فاكثر مع تأسيس الممارسات السياسية على حيويات وتطلعات فعلية، اي لها امتداد في الزمان والمكان، وتعكس مآلات شرائح وجماعات في مقابل اخرى. طبعا، لا يمكن الذهاب بعيدا باشكالية الإدمان على الانتخابات في البلدان التي توطدت فيها الديمقراطية بمساواة في الحقوق السياسي وصيانة الحريات العامة والخاصة وتداول السلطة والفصل بين السلطات. الا انها مشكلة قائمة، وهي اكثر ما تحرج القوى الراديكالية كما الشعبوية على حد سواء، تلك التي ترفع شعارات انتي استبلشمنتية، سواء كان توخيا لنموذج بديل او من دون اي نموذج. هذه القوى تكتشف شيئا فشيئا أن راديكاليتها او شعبويتها اسيرة الإدمان على السكور الانتخابي، وما يعلق به من وهم البناء على زبد البحر.
الإدمان على الانتخابات له وجهان. من جهة، يطرح سؤالا جديا يتعلق بكيفية عدم وقوع الحيوية السياسية اسيرة للصناديق والأرقام، وعدم توهم البناء على جداول الأرقام وحدها. لكن من جهة ثانية، هذا الإدمان الانتخابي نفسه يساهم في تخفيض خطورة الظواهر السياسية الميالة للتطرف
المفارقة تظهر بشكل اكثر كاريكاتورية بالنسبة الى الإدمان على «متابعة» الانتخابات عند الغير، عند الذين عندهم انتخابات تنافسية. «ادمان متابعة الانتخابات» هذا، كثيرا ما يبعث عند هذا القوم مشاعر الاحباط، بأنهم محرومون من نفس نوع الانتخابات، من حيوية التنافس في مجتمع مفتوح ترعاه الحقوق والحريات واستقلالية القضاء والفصل بين السلطات. لكن الاحباط هذا هو مشكلة طفيفة قياسا على ربط كل النظرة لما يحدث في العالم بملاحقة انتخابات هنا واخرى هناك. هنا الطامة الكبرى في هذا المجال. ان تتحول الى مدمن متابعة انتخابية عبر العالم. حين يأتيك خبر فوز اليمين القصوي في البرازيل تنقبض وتظهر امامك نهاية العالم، وحين يفوز اليسار في اسبانيا تنفرج اساريرك.
العلاقة «الإدمانية» بالانتخابات تعكس في جزء منها اختلاط وهمين. الوهم الاول هو ان الديمقراطية انتخابات فقط — ليست كذلك مع ان اجراء عمليات انتخابية تنافسية غير معلّبة هو المحك الاساسي للتفرقة بين الديمقراطيات والديكتاتوريات. الوهم الآخر هو ان الانتخابات يتقابل فيها احباب الديمقراطية واعداء الديمقراطية. ليست كذلك في البلدان وطيدة الديمقراطية حتى لو خاضتها تيارات متطرفة. صحيح ان بعض هذه التيارات يعبر بشكل او بآخر عن بعض تراث احتقاني ضد فكرة الديمقراطية نفسها، او اقله ضد الديمقراطية الليبرالية، لكن كل هذه التيارات «سجنتها» الديمقراطية بمعنى من المعاني، وغدت اسيرة انتخابات، مدمنة انتخابات.
فالإدمان على الانتخابات له وجهان حيث وجدت الاخيرة. من جهة، يطرح سؤالا جديا يتعلق بكيفية عدم وقوع الحيوية السياسية اسيرة للصناديق والأرقام، وعدم توهم البناء على جداول الأرقام وحدها. لكن من جهة ثانية، هذا الإدمان الانتخابي نفسه يساهم في تخفيض خطورة الظواهر السياسية الميالة للتطرف.
المشكلة هي في هذا الإدمان حيث الانتخابات معطلة، وحيث التثبيت على الانتخابات هنا وهناك عبر العالم. وعلى هذا الإدمان تبنى التحليلات الخزعبلية. لماذا ربح اليمين في البرازيل؟ سيأتيك الجواب بأنه بسبب من فشل سياسات اليسار. ولماذا ربح اليسار باسبانيا؟ بسبب من فشل سياسات اليمين. لا يدخل في بال اصحاب هذا النوع من «التحاليل» المفرطة في البداهة ان هناك عاملا أساسيا هو الضجر من طاقم والاتيان بخصمه. هذه المكابرة على الضجر هي جزء من المكابرة على الإدمان الانتخابي نفسه.
كاتب لبناني
السياسيون يرددون ليلا نهارا ؛ ليس في لبنان فقط بل حيث ثمة انتخابات؛ البلاد على وشك الإفلاس والبلاد مرهتنة لأجيال إلى المؤسسات المالية العالمية. وهم في الحقيقة يقتسمون الثروة تحت طاولة الحكم.
تتمة:
حيث ثمة إنتخابات ترى المرشح لبق كريم كرم الذئاب وسخي سخاء الثعالب دمث إلى حين ولما يعتلي كرسي الحكم يغرق في عرق كل ما يجلب له المال دون عناء ثم يعطل مصالح ويطمس مطالب كل من انتخبه ومن لم ينتخبه.
تتمة:
الثروة يتقاسمها كل من له صلة بالحكم لدورة انتخابية ثم بعدها يفرخ الفساد المالي والسياسي ويستمر غباء الناخبين الذين يبيعون ذمتهم لتستمر معناتهم.
لماذا لا تكون ضمن حملة انتخابية تقسيم الثروة عبر البريد لكل مواطن فالكل له هوية وحسب رقم الهوية يسحب شهريا نصيبه من الثروة
ولكن حيتان الحكم قد تجعل المواطنين بدون هوية. إنها الأنانية؟
عنوان د وسام سعادة (الإدمان على الانتخابات) وما ورد أسفله ذكرني بما نشره في نفس جريدة القدس العربي مالك التريكي تحت عنوان (السيسي يفوز على ديغول!) في المقارنة، أو التعليقات التي تفتخر بالسيسي تحت المقال، هم أحرار بها،
ولكن أنا أختلف مع الجميع تماما،
فعقلية من يضحك على من، أو من هو أخبث مِن مَن، في لعبة الثلاث ورقات (فهلوة الفوضى الخلاقة أو الإدمان الإنتخابات والاستفتاءات)،
ويقبل أن يشترك بها، بحجة أن التجارة هي عملية نقل طواقي وأخذ عمولة من الجميع،
وفي هذا المجال أذكر، تم تكريم رئيس وزراء الهند (مودي) في قمة الحكومات العالمية عام 2018 في دبي- دولة الإمارات العربية المتحدة، لأنه نجح في زيادة الإيرادات،
من خلال طبع عملة جديدة، لا يتم إبدال توزيعها مع العملة القديمة، بدون تسجيل كل المبالغ في حساب الرقم الوطني، المصرفي/البنكي الربوي،
لزيادة مدخول/إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم والجمارك، دون أي تحسين في الخدمات،
وتم قتل 100 ألف إنسان بسبب بيروقراطية النظام في عملية تبديل العملة؟! فأين القانون والعدالة في ذلك؟!
فموضوع نشر ثقافة التعاملات المصرفية (الربوية والتأمين عليها لرفع المسؤولية عن الموظف تجاه أي تقصير أو فساد)، إن كان في السودان أو الجزائر أو فرنسا أو مصر أو الهند، الهدف منه، هو العمل على زيادة الإيرادات/مدخول الدولة،
كما هو حال موضوع تطوير العملية التعليمية في مصر بواسطة التابلت المعلن عنها،
في حين هدفه الإقتصادي، تقليل مصاريف طباعة المناهج التعليمية،
وهذا بالتأكيد على حساب الخدمة التعليمية، التي ليس لها مكان من الإعراب إقتصاديا، لا في مصر ولا السودان ولا الجزائر ولا حتى فرنسا السترات الصفراء،
لدى عقلية الموظف/العالة غير المُنتج، لأي منتج ذو عائد اقتصادي، مربح للإنسان والأسرة والشركة المنتجة وبالتالي الدولة.
مثل الأجهزة العسكرية والأمنية والقضائية والإعلامية، فمن يضحك على من، أو من هو أخبث مِن مَن،
والإشكالية العمل على إفلاس الجميع في هدر الموارد الاقتصادية، سيكون لحساب من، الموظف أم المسؤول أم الجهل الإقتصادي؟!??
??????