«الإطار» الشيعي يعمّق الانقسامات السنّية والكردية وولاية ثانية للسوداني تُشغل بال أطرافه

مشرق ريسان
حجم الخط
0

دعت الكتل المنضوية في «التحالف السنّي الثلاثي» إلى الإسراع في عقد جلسة انتخاب رئيس جديد للمجلس، معتبرة الجلسة المرتقبة خطوة ضرورية نحو تحقيق الاستقرار السياسي والمؤسساتي في العراق.

بغداد ـ «القدس العربي»: وسط التأثير البارز «للإطار» الشيعي في الأزمات السياسية الداخلية بين الأحزاب السنيّة والكردية، غير أنه هو الآخر يعاني من خلافات بين أقطابه، لاسيما في مسألتي؛ عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المحتملة للعملية السياسية من جديد، والموقف من ولاية ثانية مرجّحة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

المحلل السياسي العراقي، محمد علي الحكيم، يقول «للقدس العربي» إنه «بينما تتجه الأنظار هنا وهناك بعدما طال الحديث كثيراً في الأروقة السياسية عن التحالفات المقبلة لتشكيل الحكومة، إلا أن عودة التيار الصدري للعملية السياسية ستكون الحدث الأبرز، وقد تغير جميع المعادلات السياسية في العراق».
واعتبر أن «عودة التيار الصدري للعملية السياسية والتحالفات المقبلة للتيار مع بعض الأطراف السياسية مشروطة بعدة عوامل أحلاها مر بالنسبة لبعض القوى السياسية الذين يريدون التقارب مع التيار، وكذلك إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة أغلبية حصراً مع بعض الأطراف السنية والكردية».
وأشار إلى أن «غياب التيار الصدري عن المشهد السياسي العراقي، أضر بالحياة السياسية العراقية، وتوازن العملية السياسية برمتها، بالتحديد البيت الشيعي العراقي، إلا أن رجوعه سيكون مزلزلاً ومقلقاً للإطار التنسيقي، ما قد يتسبب بإنهاء التاريخ السياسي للكثير من السياسيين والزعماء الكبار المنضوين في الإطار التنسيقي، ناهيك عن أن الصدر كان يريد (مباركة) المرجع الأعلى (السيستاني) له للعودة إلى الحياة السياسية، لذلك ذهب لمقابلته للحصول على موافقة المرجع الأعلى لكي تكون ورقة يناور بها سياسياً وإعلامياً أمام خصوم التيار».
ووفق الحكيم فإنه «رغم الحديث عن تشكيل تحالف بعد الانتخابات البرلمانية بين التيار الصدري والسوداني، إلا أن التحالف مرهون ببقاء تقارب السوداني مع زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي» معتبراً أن ذلك التقارب «يمهد الطريق للصدر للتقارب مع المالكي وإبعاد السوداني، ناهيك عن الحراك السياسي المكوكي والخفي بين الطرفين على انفراد (السوداني والمالكي) مع الصدر للتقارب مع الأخير من أجل ضمان المناورة مع الشركاء بالمرحلة المقبلة، في ظل تيقن جميع الأطراف أن الصدر سيكون اللاعب الأساسي في العملية السياسية المقبلة».
ويؤكد أن «المالكي وبعض أطراف الإطار منزعجون لحدٍ ما من تطلعات السوداني في تأسيس حزب سياسي والخروج من عباءة الإطار التنسيقي، والحصول على ولاية ثانية لرئاسة الوزراء، وكانوا يعتقدون أن السوداني سيكون تابعاً، لذلك المالكي يعتقد أن مصالحة الصدر والتحالف معه ستمثل حائط صد أمام طموحات السوداني، حيث أن المالكي يريد مصالحة الصدر لكي ينجح في السيطرة على الطموحات السياسية للسوداني في المرحلة القادمة».
ودخل «الإطار التنسيقي» على خطّ الأزمة السياسية بين الأحزاب السنّية، عندما منحها أسبوعاً واحداً- ينتهي اليوم الأحد- للاتفاق على رئيس جديد للبرلمان يخلف الحلبوسي.
ورغم امتلاك حزب «تقدّم» بزعامة رئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، التمثيل السنّي الأكبر في البرلمان العراقي، غير إنه يخوض غمار المنافسة للإبقاء على المنصب التشريعي الأبرز في العراق من نصيبه، وحيداً، وذلك عندما قررت ثلاثة أحزاب سنّية (العزم، والحسم الوطني، والسيادة) تشكيل جبهة سياسية بهدف الظفر برئاسة مجلس النواب، المقرر للسنّة كعرف سياسي استمر منذ 2003.
ودعت الكتل المنضوية في «التحالف السنّي الثلاثي» الجديد، إلى الإسراع في عقد جلسة انتخاب رئيس جديد للمجلس، معتبرة الجلسة المرتقبة بأنها «خطوة حاسمة وضرورية وملحة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والمؤسساتي في العراق».
وعقب انسحاب النائب عن حزب «تقدم» شعلان الكريم، من سباق الترشح لمنصب رئيس البرلمان، بدت حظوظ سالمي العيساوي المدعوم من تحالف «العزم» القريب من «الإطار» الشيعي، أكثر وفّرة من منافسه الآخر محمود المشهداني الذي تربطه أيضاً علاقات جيدة مع السياسيين الشيعة.
كردياً، تعمّق الخلاف بين الحزبين الرئيسين (الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني برئاسة بافل طالباني) إثر خطوة الأخير التقرب من السلطة الاتحادية على حساب الإقليم الذي يرأسه ويدير حكومته غريمه «الديمقراطي».
«الاتحاد» يرى في سياسة «الديمقراطي» تفرّداً بقرار الأكراد ومصالح إقليم كردستان بشكل عامٍ، حسب تصريحات متعددة لمسؤوليه، وهو ما دفعه إلى التقرّب من العاصمة الاتحادية بغداد، خصوصاً فيما يتعلق بملف تمويل مرتبات الموظفين الأكراد وتأمين «حصّة عادلة» لمحافظة السليمانية- معقل الحزب- من الموازنات المالية الاتحادية.
في حين، يعتبر مسؤولو «الديمقراطي» خطوات «الاتحاد» بأنها تسهم في تفكيك الإقليم الكردي وتقليص صلاحياته المنصوص عليها دستورياً، الأمر الذي دفعهم للتفاوض مع المسؤولين في السلطة الاتحادية بشكلٍ منفرد، بعيداً عن «الاتحاد».
وما يعمّق الأزمة السياسية بين الحزبين الكرديين، هو التقارب بين حزب طالباني و«الإطار التنسيقي» الشيعي- الراعي الرسمي لحكومة السوداني، على حساب منافسه الأبرز «الديمقراطي».
وعادة ما يُظهر النواب الشيعة المنضوون في «الإطار» مواقف هجومية ضد حزب بارزاني وسياسته في إدارة إقليم كردستان العراق، خصوصاً في الملفات المتعلقة بالسياسة المالية والنفطية، فضلاً عن ملف وجود التحالف الدولي والعلاقة مع الغرب.
وبلغت العلاقة المتشنّجة بين «الديمقراطي» و«الاتحاد» ذروتها، بإعلان المحكمة الاتحادية العليا إلغاء مقاعد «كوتا» الأقليات في الانتخابات التشريعية في الإقليم المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فضلاً عن تعديل نظام الدوائر الانتخابية ومنح المفوضية الاتحادية «حصراً» صلاحية إتمام العملية الانتخابية، عندما رفض حزب بارزاني القرار الاتحادي وقرر عدم المشاركة في الانتخابات المزعومة، ملوّحاً بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد أيضاً.
ويرى «الاتحادي» إن غريمه «الديمقراطي» يسعى لتأجيل الانتخابات التشريعية في الإقليم، عندما ذكر المكتب السياسي للحزب في بيان صحافي مطلع أيار/مايو الجاري أن «محاولات تأجيل الانتخابات ضربة للاستحقاق الديمقراطي وليس لها أي مبرر سوى المصالح الضيقة لمن يتجنبون العملية الانتخابية ويبحثون عن طريقة غير عادلة لتزويدهم بأغلبية قسرية ومضمونة مسبقاً، ولذلك نقول إنه لن تكون أبداً جزءاً من هذه المؤامرة ونرفض أي اجتماع لتأجيل الانتخابات».
في حين ردّ حزب بارزاني على البيان حينها، مؤكداً أنه «مع إجراء الانتخابات دائماً، بشرط أن تحمي إرادة الشعب الكردستاني وبعيداً عن الصياغة المسبقة، وملاحظات الحزب الديمقراطي هي ملاحظات شعبنا والحزب الديمقراطي مع انتخابات شفافة وبعيدة عن التدخلات».
ووسط ذلك، زار رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني العاصمة الاتحادية بغداد، والتقى قادة القوى السياسية العراقية- بضمنها زعماء «الإطار» فضلاً عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وعلى إثر الزيارة، وجّه السوداني المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بضرورة إجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان «بمشاركة الجميع».
ويبدو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني نجح في تأجيل انتخابات برلمان الإقليم، عندما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، نهاية الأسبوع الماضي، إيقاف جميع أنشطتها المتعلقة بانتخابات برلمان إقليم كردستان، بعد إصدار المحكمة الاتحادية العليا أمرا ولائياً يقضي بإيقاف تنفيذ المصادقة على قوائم المرشحين نتيجة طعن مقدم من رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية