الإعلام الإسرائيلي: “الشيطان الديمغرافي”.. فزاعة عرفات على لسان اشتية

حجم الخط
1

عني الإعلام في إسرائيل مؤخراً بإعلان محمد اشتيه، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، عن وجود أغلبية عربية بين النهر والبحر. فقد ادعى اشتيه بأن الفارق بين عدد السكان اليهود والعرب يصل إلى 200 ألف – في صالح العرب. 6.8 مليون عربي مقابل 6.6 مليون يهودي، وحقيقة أن وسائل الإعلام المركزية عزت أهمية كبيرة جداً لهذه المعطيات الكاذبة، تشهد على أن الشيطان الديمغرافي يخرج مرة أخرى من القمقم.

يمكن أن نتعرف إلى قدر غلط تلك المعطيات من خلال ما كتبه دافيد ف. غولدمان في كتابه “حضارات آفلة – لماذا تختفي أوروبا والإسلام؟”: “يمكن لياسر عرفات أن ينال الاعتراف على التوقع الديمغرافي الأسوأ في القرن العشرين”. فقوله إن “رحم المرأة العربية هو سلاحي الأقوى” تبين مغلوطاً. ولكن في ضوء التناول الجدي في إسرائيل لتصريحات اشتيه، يمكن أن نسمى هذا “السلاح” الذي أرعب على مدى سنوات جيل المجتمع في إسرائيل “فزاعة عرفات”. هذه هي ذات الإداة الأسطورية من حرب التحرير، التي أثر ضجيجها وحده على سير الحرب ودفع العرب لأن يهربوا من مواقعهم في القدس، في صفد وأماكن أخرى.

لقد ادعى غولدمان بأن التنازلات الإسرائيلية في أوسلو وفي فك الارتباط “حركها الخوف من أن تجرف الخصوبة العربية السكان اليهود في إسرائيل. أما عملياً، فما حصل هو النقيض التام… ففارق الخصوبة بين اليهود العرب كاد ينتهي في العام 2009، وانخفض إلى فارق 0.7 ولادة للمرأة مقارنة بفائض 6 ولادات للمرأة العربية في العام 1969”.

من الصعب التصديق بأن المعطيات التي عرضها غولدمان غابت عن ناظر الملوحين بالشيطان الديمغرافي. يخيل أن هؤلاء يتجاهلون الإحصاءات بأنها تسحب البساط من تحت ادعاءاتهم المؤيدة لتقسيم البلاد. وهذا ليس جديداً بالمناسبة. في أثناء المفاوضات على اتفاق أوسلو مثلاً، حاول يئير هيرشفيلد من مهندسي الاتفاق “أن يجسد للفلسطينيين بأن (…) التطرف، والعنف على نحو خاص، هما وصفة للتدمير الذاتي من ناحية الفلسطينيين. وفي نهاية المطاف، كان فيهما ما يحدث التصعيد: ومسيرة متواصلة من الهجرة الفلسطينية”.

ولما كانت الأمور على هذا النحو، ينبغي محاولة فحص السبب الذي يجعل من الحجة الديمغرافية المهزوزة مبرراً للخوف من أقاليم البلاد التي تحررت في الأيام الستة للتخلي عن عرش ولادة الأمة. تفسير محتمل واحد هو أسطورة “الشيطان الديمغرافي” وإن كانت وهماً، لأنها بالفعل سلاح وعي ناجع، يخلق إحساساً من انعدام الوسيلة وانعدام البديل في مواجهة قوة طبيعية لا يمكن الانتصار عليها. ولكن عندما تصارع تلك القوى بكل قوتها في سبيل تسوية مكانة المتسللين مهاجري العمل غير القانونيين، وتتجند للصراع ضد تنفيذ قوانين الهجرة لدولة إسرائيل السيادية، من الصعب أن نولي مصداقية كبيرة لـ “الحرص” على حفظ الأغلبية اليهودية المتماسكة في الأرض التي بسيطرة إسرائيل.

المشكلة هي إذن ليست ديمقراطية، بل أقاليم البلاد، وتعبير جميل قدمه هرئيل فيش في “صهيونية صهيون”: “لحظة الحقيقة… جاءت مع حرب الأيام الستة… نتيجة الحرب… تحدت خطوط التقسيم لشعب إسرائيل من الداخل، الخطوط التي فصلت بين الماضي اليهودي والوجود الحالي في القرن العشرين”. ولا يتبقى إلا الأمل في أن كل تلك السيناريوهات المرعبة الوهمية التي يطلقها الساعون إلى إعادة الفصل “بين الماضي اليهودي والوجود الحالي”، لن تكون طلقة ناجحة أخرى من فزاعة عرفات.

بقلم: يهودا شليم، معد للدكتوراة في جامعة ارئيل وزميل بحث في معهد ارئيل للأمن والإعلام

إسرائيل اليوم 14/8/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Al NASHASHIBI:

    يجب أن نقتلع الاستعمار الصهيوامركانبيرطنفرنسيروسي المجرم بحقنا جميعا بالبندقيه وهي الطريق والوحيد لنيل الحريه والكرامة والعزة والاستقلال لنا جميعا فهل من مجيب ؟؟؟
    كفانا كفانا خيانه وحماقه وتطفل
    متعه التحرير الفعلي لا تتم بدون البندقية…

إشترك في قائمتنا البريدية