التعامل مع المؤسسات الإعلامية الغربية أمر فى غاية التعقيد والأهمية، خاصة إذا كانت هذه المؤسسات ذات قوة تأثير على الرأي العام المحلي والعالمي. التعامل معها يتطلب قدرا كبيرا من اللباقة والمعرفة. وأحياناً يستحسن امتلاك درجة عالية من النباهة والدهاء، خاصة إذا كان الحدث الذي يتم التعامل معه فى غاية الحساسية، أو أن من يقف على الجانب الآخر لا يدخر جهداً أو أسلوباً إلا واستعان به من أجل دعم رأيه أو حتى فرضه.
بين الحين والآخر بعض دول وشعوب العالم تعيش حالة صراع تدور رحاها في الجرائد والاستوديوهات، وتستخدم فيها الكلمات والصور كوسيلة قذف، تنكير وتشهير. هذه الصراعات هي امتداد لصراعات تستعمل فيها الأسلحة الخفيفة أو الثقيلة. أحياناً تكون وسائل الإعلام محايدة وأحياناً تقف مع طرف ضد الآخر. الموقف النهائي لهذه الوسائل يعتمد بشكل أساسي على ما يمارس عليها من ضغوطات وما لها من ارتباطات ومصالح عامة وخاصة. هذه الوسائل تعبر عما يراد بحنكة وذكاء من خلال الكلمة المباشرة المؤثرة والصورة الجاذبة.
بشكل دائم الخبر المتعلق بكل ما هو عربي – إسلامي يحتل صدارة الحدث، وهو بدون منافس الأكثر تداولاً في وسائل الإعلام الغربية المكتوبة، المسموعة والمرئية. فعلاً لا يعبر يوم من دون أن يكون لما هو عربي-إسلامي حيز شاسع داخل نطاق تغطية هذه الوسائل، بل وتحتل الأحداث المتعلقة بهما الجزء الأكبر من الوقت المخصص للقسم الدولي من الأخبار، لدرجة تبدو النشرات مقسمة لقسمين، قسم مخصص للأحداث المحلية وآخر للأحداث العربية – الإسلامية، ناهيك عن البرامج المخصصة أسبوعياً لتحليل مواضيع وقضايا متعلقة بكليهما. من يتابع الاخبار بوسائل الإعلام الغربية يلاحظ كما لو ان القائمين عليها ‘يدفشون’ بين الحين والآخر خبرا لا يتعلق بما هو عربي- إسلامي حتى لا يعتقد بأنهم متمادون في التعاطي معهم بشكل فاضح، أو حتى لا يمل المشاهد ويعتقد بأنه يعيش داخل بلد عربي- إسلامي لما تنقله بكثرة واستمرار وسائل الإعلام الوطنيه من أخبار متعلقة بهما. للأسف، غالبية هذه الأخبار تتعلق بأحداث مسيئة الى سمعة العرب والمسلمين. تفجيرات، اعتداءات، اختطافات، اغتيالات، اقتتال، نزاعات مذهبية وعرقية، تحرش جنسي، ملاحقات، عنصرية، بذخ زائد، فقر مدقع، عنف قبلي…الخ، تولد يومياً عند المشاهد الغربي استغرابا من مقدرة العربي-الإسلامي على انتاج هذا الكم الهائل من الأحداث المؤلمة والمؤسفة، في النهاية مثل ذلك الأمر لا يولد عند المشاهد الغربي سوى ردود افعال سلبية، بل وأحياناً رفض ونفور تجاه هذا العالم، بغض النظر عن خلفية وتبعية كل حدث في حد ذاته.
هذا القول ليس محاولة تبرئة للإعلام الغربي من الأذى الذي يحدثه في معظم الأحيان، تحت ذريعة حرية الرأي والصحافة. عربياً وإسلامياً هذا الأذى ملموس يومياً. كثير من الإعلاميين وجدوا في التشهير والتعامل بخفة مع الحدث الخاص مصدر رزق وشهرة لا يضاهي في ذلك التعامل مع أي حدث يتعلق بشعوب وثقافات أخرى، يتصرفون بهذا الشكل بدون اعطاء أدنى اهمية إذا كان ذلك مضرا بسمعة وبعلاقة الشعوب في ما بينها.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو، هل وسائل الإعلام الغربية تتجه لما هو عربي- إسلامي بحثاً عن الخبر؟ أم أن هنالك من يولد الحدث، بقصد أو بدون قصد، وبالتالي يلفت انتباه وسائل الإعلام لتقوم هي بالدور المناط بها من تحليل، تضخيم، قذف، استخفاف، استهزاء وتشهير. الكم الهائل من الأخبار السيئة التي تبث وتحدث عربياُ وإسلامياً تجعل الكثير يعتقدون بأن سلوك العنف والجهل هو ما يجذب وسائل الإعلام اتجاههما. تأكيداً على ذلك، عندما لا تكون هنالك أخبار مهمة متعلقة بالشرق الأوسط، تراها تتطرق لمواضيع محلية أو دولية أخرى. فعلاً، عندما يكون الوضع مستتب عربياً وإسلامياً ترى تنوعا في محتوى نشرات الأخبار الغربية. بمعنى أن الخبر العربي-الإسلامي المتكرر هو الذي يفرض نفسه على وسائل الإعلام الغربية. هذا لا يبدو غريبا إذ أخذنا بالاعتبار أن معظم وسائل الإعلام الغربية لها محطات ومراسلين دائمين بدول عربية وإسلامية، على اعتبار أن هذه الدول تقع في قلب الحدث أكثر من أي منطقة بالعالم. بطبيعتها هذه الوسائل وأخرى غيرها تركز دائماً على كل حدث يستحق التعامل معه ويجذب بشده اهتمام المشاهد، بغض النظر عمن هو خلفه أو من قام به.
رغم احتلال منطقتنا موضع الصدارة في وسائل الإعلام الغربية، فما زالت الاستراتيجية العربية – الإسلامية غائبة، وما هو موجود غير قادر على التخفيف من حده ثقل توالي الأحداث وطريقة تعامل وسائل الإعلام الغربية معه. رغم ما نسمع دوماً عن وجود نية لفعل شيء من هذا القبيل، المؤسف حقاً أنه في ظل غياب هذه الاستراتيجية تعمقت الصور والآراء النمطية التي يصدرها عالمنا وتصوغها بحنكة ودهاء هذه الوسائل وتصبها في ذهن المشاهد الأجنبي. بدل مواجهة ذلك والدفاع عن القيم العامة والخاصة، كثير ممن يعملون فى الشأن الصحافي تراهم يركزون جل اهتمامهم على إبراز الأخبار المتعلقة بجلالة الملك أو بسيادة الرئيس وسياستهم الحكيمة. والقليل مما يفعل في هذا الشأن يتم بدون خطة عمل محكمة وهادفة، بل بشكل عشوائي وحسب الأوامر القادمة من الجهات العليا. في نفس الوقت، نسبة لا بأس بها ممن يعملون بشكل غير رسمي في هذا المجال يظهرون أمام وسائل الإعلام بدون المام تام بكافة القضايا المتعلقة بالحدث المتداول، ناهيك عن معرفتهم السطحية بثقافة المشاهد وطريقه جذبه وإقناعه. والأدهى تراهم يتحدثون بخطاب لا يفهم ولا يفقه منه المشاهد الغربي شيئا. كيف يمكن أن يصل لوجدان وعقل هذا المشاهد خطاب إعلامي عربي – إسلامي يصعب فهمه وتفكيك مرجعياته؟ هذا أمر أشبه بالمستحيل. الوصول لهذا المشاهد مرتبط بمقدرة من يخاطبه على التعمق في فهم الفكر، الثقافة، الشعور، الذوق والمصلحة التي تدفعه، وليس فقط عن طريق القناعة الذاتية بحكمة قيم أو عدالة قضية خاصة.
لا شك ان هنالك وسائل إعلام عربية-إسلامية تعمل جاهدة من أجل التأثير وجذب المشاهد الغربي. وجود مثل هذه الوسائل وأهدافها في غاية الأهمية، لكن نجاحها مرتبط بتخلي القائمين عليها عن الانماط التقليدية الراكدة والمملة المستخدمة في وسائل الإعلام المحلية. إن لم يكن ذلك، فلا يمكن أن يكون الخطاب الإعلامي العربي- الإسلامي موفقا، خاصة في ظل وضع عام معقد وأمام جاذبية وقوة المقدرات التي تملكها وتعمل حسبها وسائل الإعلام الغربية. لا يمكن لهذا الخطاب أن يكون له تأثير في الشرق أو الغرب إذا لم يكن يقنع حتى صاحبه. ولا يمكن أن يأخذ مساره الطبيعي إن كان القائمون عليه غير مدركين بضرورة تحديثه وإخراجه من الأفاق الضيقة الى الآفاق الرحبة المتنوعة في المعرفة، اللغة والأساليب. كذلك لا يمكن لهذا الخطاب أن ينساب إن لم تكن هنالك مؤسسات ترعى وتحفز من يعبر عن فحواه بقوة وإخلاص.
فعلاً، نجاح الخطاب الإعلامي العربي- الإسلامي في مواجهة الخطاب الإعلامي الغربي مرتبط ارتباطاً عضوياً بتجريد الواقع ونقد الذات أولاً وتحرير وتحفيز الإعلامي المبدع ثانياً ليقوم بدوره في مواجهة الإعلام الغربي. عكس ذلك، يجعل الساحة فارغة، يصول ويجول فيها الإعلامي الغربي بدون أن يضع في الحسبان كرامة وثقافة الآخر.
في الجانب العربي- الإسلامي فعلاً هنالك مبدعون إعلاميون على مستوى يضاهي ويفوق زملاءهم بوسائل الإعلام الغربية. الاختلاف يكمن في أن الخطاب الإعلامي لهؤلاء تجاه ما هو عربي- إسلامي محمي ومحرر، في حين أن خطابهم هم ملاحق ومقيد بشكل دائم. لذا، ترى كما لو أن الإعلامي الغربي هو المعبر والمتحدث الطبيعي عن الحقيقة، في حين أن الإعلامي العربي – الإسلامي ليس سوى لاهث خلفها.
‘ كاتب فلسطيني- إسبانيا
ان اوافق معك على ان صورة العربي خصوصا والمسلم عموما في الاعلام الغربي هي سيئة منذ عقود وهذا شئ سئ جدا وجميعنا نعرف ان الصهيونية العالمية واتباعها في دول الغرب هم وراء ذالك ولكن يا اخي الاسوأ من ذالك ان الآعلام العربيفي غالبية الدول العربية يصف الجماعات الاسلامية كلها بكلاسوا التعابير انظر الى الاعلام المصري التونسي او اليبي متلا وكلهم يضعوت كل الجماعات الاسلامية في درجة واحدة وهنا يبدا السواد الاعظم للاعلام الرسمي العربي وكل ذالك لكسب ود الغرب لهذه الانظمة البائدة اين دور الجامعة العربية من التاثير في الاعلام الغربي اين السفارات العربية في دول الغرب اين لقاء الزعماء العرب حينما يزوروا الغرب وهناك اشياء كثيرة لا حصر لها لتحسين صورة العربي في الغرب لكن اقول لا حول ولا قوة للخذلان العربي