نواكشوط- ‘القدس العربي’:مع أن الحكومة الموريتانية أكدت أكثر من مرة أن قرار قطع العلاقات الموريتانية الإسرائيلية، الذي اتخذ في آذار/مارس 2010، قرار لا رجعة فيه أثارت أخبار تحدثت أمس عن زيارات منتظمة يقوم بها سفير إسرائيل في داكار علي بن طورا، للجنوب الموريتاني، تساؤلات عن احتمال تنشيط لهذه العلاقات أو استمرارها بطرق خاصة.
وكان موقع ديلول الإخباري الموريتاني المستقل واسع الاطلاع قد نقل أمس عن مصادر مطلعة تأكيدها ‘أن سفير دولة اسرائيل في داكار الدكتور علي بن طورا عبر الأسبوع الماضي، نقطة سد دياما الحدودية بين موريتانيا والسنغال، في سيارتين بدون لوحات وتوجه إلى حظيرة جاولينغ وهي حظيرة لحماية الطيور في المناطق الرطبة، قبل أن يعود نفس اليوم إلى السنغال.
وأكدت مصادر ديلول ‘أن السفير الإسرائيلي كان قد شوهد قبل شهر في قرى موريتانية واقعة على الطريق الرابط بين قرية جدر المحقن ومدينة بوغى جنوب موريتانيا، وأن هذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها السفير بن طورا هذه المناطق’. ونقلت عن مصادر وصفتها بـ العليمة ‘أن السفير الإسرائيلي في داكار يقوم منذ فترة بزيارات ميدانية منتظمة للجنوب الموريتاني ويعقد اجتماعات ببعض سكان القرى الواقعة على ضفة نهر السنغال في الأراضي الموريتانية’، دون أن تذكر المصادر طبيعة هذه الاجتماعات ولا الغرض منها.
ومع أن أهداف زيارة السفير الإسرائيلي في السنغال للجنوب الموريتاني لم تتضح، فقد أكد مصدر موريتاني مطلع أن هدفها هو تفقد ‘مشروعات سبق لإسرائيل أن ساهمت في تمويلها، وتسعى لاستئناف تنفيذها أبرزها مشروع تطوير زراعة البطاطس على النهر، الذي تقدر كلفته بـ 26 مليون دولار’. وتقوي هذه الزيارات إذا ما تأكدت معلومات سبق أن جرى تداولها بخصوص استمرار قطع علاقات موريتانيا وإسرائيل ظاهريا والإبقاء عليها نشطة بقنوات خاصة كما كانت قبل قرار القطع.
وكانت صحيفة الأخبار الموريتانية المستقلة ذات الصلة بالإخوان قد تحدثت في تحقيق سابق لها عن ‘نقل أنشطة السفارة الإسرائيلية التي كانت موجودة في نواكشوط إلى داكار بعد قطع العلاقات عام 2010’.
وتحدث الدكتور الشيخ ولد حرمة، وهو أحد كبار الوزراء السابقين في النظام الحاكم حاليا، في مقابلة أخيرة مع (القدس العربي) عن ‘إشاعات وإرهاصات يؤولها البعض بكونها بوادر لاسترجاع هذه العلاقة’.
وأثار تعيين أحمد ولد تكدي السفير الموريتاني السابق في إسرائيل، وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون في أيلول/سبتمبر الماضي، مضافا لتعيين مختار ملل المحاسب السابق لسنوات طويلة بالسفارة الموريتانية في تل أبيب، وزيرا أمينا عاما لرئاسة الجمهورية، تساؤلات وشبهات حول احتمال تنشيط العلاقات بين موريتانيا وإسرائيل.
ونقل موقع ديلول يوم صدور هذه التعيينات عن البعض تفسيره لها بأنها ‘خطوات متسارعة لولد عبد العزيز للتقرب من إسرائيل من خلال تعيين الموظفين الذين عاشوا من حياتهم المهنية في إسرائيل أكثر مما عاشوا خارجها، في أهم الوظائف الحساسة في الدولة (الخارجية والرئاسة)’، حسب ما نقله الموقع.
يذكر أن قطع العلاقات الموريتانية الإسرائيلية مر بمرحلتين أولاهما قرار تجميد هذه العلاقات الذي اتخذته موريتانيا في قمة الدوحة الطارئة (قمة غزة) يوم 16 كانون الثاني/ يناير 2009، والثاني قطع موريتانيا لعلاقاتها الديبلوماسية مع إسرائيل يوم في 22/3/2010.
وبدأ التمهيد لتطبيع العلاقات الموريتانية الإسرائيلية في عقد التسعينيات من القرن العشرين، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد أحمد الطايع، الذي يعد مهندس هذه العلاقة، وقد استكمل هذا التطبيع عبر سلسلة من الاتصالات السرية ما بين موريتانيا وإسرائيل، على مستوى عال، وفي ظروف خاصة، وسرية تامة. وتوصل الطرفان لاتفاق رسمي لفتح مكاتب لرعاية المصالح في كلتا العاصمتين (تل أبيب ونواكشوط) في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 1995، قبل أن يعلن في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999 في نيويورك، عن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة ترقى إلى مستوى السفراء في كلا البلدين. وكان الانقلاب العسكري الذي وقع في موريتانيا في 3 آب/ أغسطس 2005 قد أثار رعب الشركات الإسرائيلية بشأن استثماراتها في موريتانيا، وتلقت إسرائيل تطمينات من المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية قبل أن تحدث تطورات متلاحقة أدت لقطع العلاقات في آذار/مارس 2010.
عبد الله مولود