القاهرة ـ «القدس العربي»:على مدار اليومين الماضيين لم يتذوق المصريون النوم إلا قليلا، إثر إقرار البرلمان المصري مشروع قانون، يتيح إنشاء صندوق سيادي لإدارة أصول قناة السويس، إذ وحّد الخوف على “الدجاجة التي تبيض ذهبا” بين الأغلبية والنخبة على حد سواء. في المقاهي والمنازل ومختلف التجمعات فرض السؤال نفسه: هل تبيع الحكومة القناة؟ بدورها نجحت قوى المعارضة بمساعدة العديد من الذين يلتزمون الحياد، وبعض ممن يقفون على يمين قوى الحكم في تسديد هدف مؤثر في مرمى السلطة أمس الأربعاء 21 ديسمبر/كانون الأول بعد نجاحهم في تأليب الرأي العام ضد الحكومة، إثر الجدل الذي نشب بسبب موافقة البرلمان على مشروع القانون المثير للجدل. ومن أبرز التقارير التي ليست بعيدة عن القضية، حسب رأي كثيرين: أعلنت شركة الجرافات البحرية الإماراتية، أنها تتولى مشروع أعمال جرف في قناة السويس. وأوضحت أن قيمة العقد بلغت مليار دولار، ومن المقرر الانتهاء من العمل خلال 2023. وأشارات إلى انه ليس هذا هو التعاون الأول في الصناعة، أو التكنولوجيا بين مصر والإمارات، وكشف الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، عن تفاصيل الاتفاقية التي تم التوصل إليها بين مصر والإمارات في مجال طاقة الرياح”. وأضاف: قائلا: “إن مشروع طاقة الرياح البرية بقدرة 10 جيجاوات يعد واحدا من أكبر المشاريع في هذا المجال على مستوى العالم”.
ونتيجة للأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، توقع الدكتور هشام حتاتة أستاذ الطب النفسي، زيادة حالات الانتحار خلال العامين المقبلين، لـ3 أضعاف المعدل الحالي، خاصة بين فئات المراهقين والشباب الذكور، الذين يصعب عليه الزواج. وأوضح حتاتة أن 80% من المترددين على العيادات النفسية سيدات لأنهن مظلومات، مشيرا، إلى أنه خلال الـ20 سنة الماضية، حدث خلل في علاقة الرجل بالمرأة، لأن الأهالي لم يغيروا طريقة تربيتهم للأولاد، والإعلام لم يغير تعريفه لدور المرأة.. وواصلت صحف أمس الأربعاء الاهتمام بحصد ثمار المونديال وطرح كتّاب تساؤلات حول الفترة التي يحتاجها المواطن للتعافي من سحر المونديال وبريقه، قبل أن يمتلك القدرة على استئناف متابعة الدوري المحلي بسوآته التي تبدد متعة المشاهدة بالنسبة للكثيرين.. ومن التصريحات الوزارية: أكدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، عمق العلاقات المصرية الأمريكية التاريخية المشتركة، التي تتجلى في العديد من أطر التعاون المشترك على المستوى الاقتصادي في ضوء الأولويات المشتركة والتفاهمات للبلدين، مما كان له أثر إيجابي على جهود التنمية في العديد من المجالات مثل، التعليم والصحة والشركات الصغيرة والمتوسطة والسياحة وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية.
ومن أخبار المعدن النفيس: ارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلي خلال تعاملات أمس الأربعاء، على الرغم من التراجع الطفيف لسعر تداول الأوقية في البورصة العالمية، بعد تعافي الدولار واستعادته بعضا من قوته.
بعد المونديال
يرى عماد الدين حسين في “الشروق”، أن أي متابع لكرة القدم سيمر في الأيام المقبلة بفترة صعبة من عدم التكيف الناتجة عن متابعة نوع معين من كرة القدم الحقيقية والفعلية والممتعة، إلى نوع آخر يشكك البعض أنه ينتمي إلى كرة القدم. معظم من أعرفهم من زملائي وأصدقائي المتابعين لكرة القدم، لديهم مشكلة عميقة في هذا الموضوع، فالانتقال الفجائي من مشاهدة مباراة فرنسا والأرجنتين، وبقية المباريات المثيرة في المونديال، إلى مشاهدة المحلة وفيوتشر أو إنبي والإسماعيلي، أو أي مباريات مشابهة في الدوريات العربية قد يصيب المتابع بصدمة نفسية حضارية ــ بصرية مفاجئة قد تنقلب إلى ما لا يحمد عقباه. أعذر الكثير من المتابعين الذين يقولون إن ما نشاهده في معظم مبارياتنا المحلية لا ينتمي للكرة التي نشاهدها في كأس العالم، أو الدوريات الكبرى مثل الإنكليزي والإسباني والإيطالي والفرنسي والألماني، وإن المسافة شاسعة بين هذين النوعين من الكرة. ما شاهدناه في معظم مباريات مونديال قطر شيء مختلف. احتراف على أصوله. ومنظومات كروية صحيحة. بالطبع لا يوجد شيء مثالي، لكن نحن نتحدث عن فرجة مختلفة جعلت الناس يتسمرون أمام شاشات التلفزيون يوم الأحد الماضي لأكثر من ثلاث ساعات، وهم يشاهدون النهائي الممتع والمجنون بين فرنسا والأرجنتين، ومشاهد تسلم كأس العالم لميسي ورفاقه في منتخب الأرجنتين. في المونديال الأخير كانت هناك أخطاء تحكيمية، لكنها لم تصل إلى المستوى الفج الذي نشاهده في بعض الدوريات العربية ويصل إلى حد تمديد بعض المباريات حتى يفوز فريق بعينه، أو إعطاءه ضربات جزاء «عمال على بطال» أو «تكتيف المباريات»، حتى يفوز فريق دون غيره.
تأثيره سيبقى
في مونديال كأس العالم كانت هناك صراعات ومحاولات لتصدير مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن الاتحاد الدولي، على حد رأي عماد الدين حسين كان حاسما في قراراته وتوجهاته حتى لو كان ذلك ضد رغبات بعض المنتخبات الكبرى كرويا مثل ألمانيا وإنكلترا وفرنسا. في مونديال كأس العالم لم يجرؤ أي رئيس اتحاد كروي على الطعن في المنظومة العالمية بصورة فجة، رغم اعتراضهم على بعض قراراتها، ولم نجد أحدا من هؤلاء يخرج ليسب الجميع ويشتمهم، أو يشكك في القرارات ويتحداها، كما يحدث في العديد من بلدان العالم الثالث، بحيث يصل الأمر إلى اشتباكات بين جماهير بعض الفرق تؤدي لسقوط قتلى ومصابين، كما شاهدنا في العديد من الحوادث في بعض الدول الافريقية. في المونديال الأخير تأكدنا من أهمية الاحتراف الحقيقي الذي يجعل دولا نامية مثل المغرب أو السنغال، تستطيع تكوين فرق وطنية على أعلى مستوى نتيجة السياسات الصحيحة كرويا، وتشجيع الاحتراف من سن عشر سنوات. وثبت يقينا أن الفهلوة والهمبكة والمجاملات، لن تقود إلا إلى الغياب عن مثل هذه المناسبات الكروية الكبرى، وحتى إذا تأهل أحد هذه الفرق يكون أداؤه كارثيا على كل الأصعدة. لا يعرف الشيء إلا بنقيضه، أو كما يقولون «بالأضداد تعرف الأشياء»، وهكذا أدرك الكثير من المتابعين العرب، أن ما يشاهدونه من مباريات في الدوريات المحلية، ليس من الكرة في شيء إلا وجود نجيل أخضر، وحتى النجيل ثبت أنه مختلف، والجماهير مختلفة، ولا يمكن تخيل كرة جميلة وممتعة ومثيرة من دون جماهير تلتزم التشجيع بالروح الرياضية، ولا تخلط التشجيع بأي شيء آخر.
فازت الأرجنتين وقطر
نبقى مع تأثير الحدث المهم بصحبة عمرو الشوبكي في “المصري اليوم”: طوت النسخة 22 من كأس العالم صفحتها الأخيرة يوم الأحد الماضي في قطر، وفازت فيها الأرجنتين فوزا مستحقا، وهي النسخة التي أثارت جدلا كبيرا على المستويين العربي والعالمي، وجعل هناك نقاشا موازيا وغير مسبوق حول جملة من القضايا المتعلقة بالهوية واحترام التنوع الحضاري والثقافي إلى جانب القضايا الفنية والكروية. والحقيقة أن هناك ملامح ثلاثة للنقاش «غير الكروي» في النسخة الأخيرة من كأس العالم.. بدأت أولا مع انتقائية تعامل الإعلام الغربي مع قطر، فقد سكتت على مدار سنوات أغلب المنصات الإعلامية الكبرى عن أي أخطاء في تعامل الحكومة القطرية مع العمالة الوافدة أدت إلى وفاة البعض، ثم تذكرتها قبل البطولة بأسابيع محدودة، وشنت حملة إعلامية منحازة بعد أن قررت قطر منع شارات المثلية الجنسية على أرضها، بما يعني أنها كانت حملة سياسية دعائية، لأنها تعلم أن العالم لن يعيد حساباته بخصوص زمان ومكان إقامة كأس العالم. أما الجانب الثاني فيتعلق بمسألة التمسك بالهوية العربية والتأكيد على ضرورة احترام التنوع الحضاري في العالم.. وهنا كان رد الفعل تجاه هذه المسألة متباينا، فهناك مَن قدّرها واعتبر أن على الغرب أن يحترم التنوع الثقافي والحضاري في العالم، وهناك من اعتبر أن قطر انتهكت حقوق الإنسان تحت اسم “احترام التنوع”.
الدوحة وحدتنا
لماذا نُصِر نحن العرب على أن نغلف أي نشاط كروي ورياضي بغلاف سياسي أو حضاري، في حين أن “كأس العالم” حين أقيمت في أوروبا لم يكن هناك إصرار على تعريف العالم بحضارة البلد وثقافته، إنما تركوهم يكتشفونها في الشوارع والمقاهي والمتاحف بشكل تلقائي ودون توجيه؟ والمؤكد أن التساؤل الأخير من وجهة نظر عمرو الشوبكي مشروع وواقعي، وتفسيره يرجع إلى أن البلاد الأوروبية هي جزء من الحضارات المهيمنة في العالم، وهو ليس الحال بالنسبة لخبرات حضارية أخرى مثل الحضارة العربية، ومفهوم أن تعمل على تقديم نفسها بشكل عصري لأنها في بعض الأحيان متهمة بالتطرف والعنف ومعاداة التقدم، وبالتالي حريصة على أن تظهر العكس. وهذا ما فعلته قطر بشكل ناعم وتعريفي حين استخدمت وسائل تعريفية حديثة واختيارية (باركود) في الفنادق تحت عنوان «حضارتنا» لمن يريد أن يتعرف على الحضارة العربية الإسلامية، وجلبت أجمل الأصوات لرفع الأذان، وغيرها. أما الجانب الثالث فيتعلق باعتراض البعض أو القلة حول صور التضامن العربي تجاه الفرق العربية، التي فاضت من البيوت إلى الشوارع والمقاهي.. وهناك من قال إننا لا نجد هذه الصورة في أوروبا، أو بين دول أمريكا الجنوبية، وقد يكون ذلك صحيحا، إلا أن المركزية الأوروبية تظهر في صور أخرى غير التشجيع الكروي، وإن المطلوب هو التمسك بهذا الانتماء العربي وعدم اقتصاره على المجال الكروي والرياضي، إنما يجب أن يمتد إلى مجالات السياسة والاقتصاد.
ورطة الحكومة
هناك فارق كبير بين أن تفاجئ الدولة عدوا أو أن تفاجئ مواطنيها.. مفاجأة العدو غالبا يراها عبد القادر شهيب في “فيتو” مفيدة ونحن سبق أن جربناها في حرب أكتوبر/تشرين الأول وكانت أحد أسباب نجاح عبور قواتنا أهم مانع مائي وهو قناة السويس.. أما مفاجأة المواطنين إذا لم تكن سارة وبوضوح فهي ضارة، وسبق أيضا أن جربناها عام 1977 في قرارات خفض الدعم إلى النصف وزيادة أسعار قائمة من السلع الأساسية الغذائية في مقدمتها الخبز وكانت سببا في اندلاع انتفاضة جماهيرية واسعة غمرت مصر كلها من أسوان للإسكندرية، لم تتوقف إلا بعد إلغاء قرارات رفع الأسعار. ومع ذلك فإننا لم نقلع بعد عن مفاجأة المواطنين بالقرارات والتصرفات والإجراءات والقوانين، دون تمهيد أو شرح أو تقديم المبررات والتفسيرات والتعليلات، ولذلك يضطر ممثلو الحكومة عادة إلى الشرح والتفسير بأثر رجعي، في ظل جو ملبد بالشكوك في ما يقولون، أو على الأقل عدم التقبل بسهولة، لأن الصدمة تكون قد أحدثت فعلها في نفوس الناس.. وهذه عادة حكومية للأسف ما زالت مستمرة، رغم أضرارها البينة الواضحة والمكلفة لممثليها، في الجهد المضاعف من قبلهم لإقناع المواطنين بما يفعلون ويتخذون من قرارات، لكن للأسف هذا يباعد بين الحكومة والنَاس ولا يقرب بينهم، رغم إنها في أشد الحاجة للتقارب مع المواطنين في ظل أزمة اقتصادية تعيشها البلاد وتسعى لتجاوزها، وهي أزمة يحاول الإخوان استثمارها واستغلالها في إطار خطتهم لاستعادة حكم البلاد الذي فقدوه بعد أن انتفض الشعب ضدهم في يونيو/حزيران 2013. ولذلك نرجو أن تقلع الحكومة عن ذلك وتراجع نفسها في الطريقة التي تخرج بها على المواطنين بالقرارات والتصرفات، وبما تقدمه من مشروعات قوانين أيضا لتضمن تواصلا صحيا وسليما بينها وبين المواطنين، ولا تفعل كما فعلت وهي تتقدم للبرلمان باقتراح تعديل أحد مواد القانون الذي ينظم عمل هيئة قناة السويس، ليسمح بإنشاء صندوق خاص لها اضطر رئيس هيئة قناة السويس الخروج على الناس تلفزيونيا، أكثر من مرة ليشرح لهم ماذا يعني والهدف من ورائه بعد أن تفاجأوا بالمشروع يناقش في البرلمان.
نقاتل بمفردنا
انحاز عزت سلامة عاصي في “المشهد” للأغلبية التي تصرخ في صمت: المواطن الذي كان حائط الصد الأول وسببا رئيسا في إجهاض مأسسة الدولة لصالح تيار بعينه، وساند الحكومات مسؤولا تلو الآخر، ولبّى كل نداء للوقوف بجانبها، وتحمّل ما لا يطيقه بشر وإلى الآن، مِتكئا في الجانب الأكبر من صبره وجلده على توافر حسن نيات المسؤولين القائمين على الأمر، وفي جانب آخر كم الإنشاءات والمشروعات – بعضها يمكن إرجاؤه وإعادة النظر فيه من وجهة نظر كثيرين – والجهد المرئي يوما بعد آخر، والذي لا يمكن التقليل منه في أي حال.. ومع اصطدام آمال ووعود عوائد المشروعات الكبيرة التي تم التخطيط لها والبدء في تنفيذها، قبل نحو عقد من الزمن واكتمال العديد منها، بالأزمات المحيطة، لم يبخل أحد خلال السنوات العشر، كمواطن أولا، بتحمله تداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادي بعد الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، وما ترتب عليه من تحرير سعر صرف أفقد، من فوره، ذوي الرواتب نصف دخولهم، ثم انعكاس بنوده على أسعار المحروقات والطاقة، التي ترتب عليها ارتفاع كل شيء، من دون أي استثناءات تقريبا، أو مسؤول ثانيا، فكّر ورفع الحد الأدنى للأجور، وأجرى مفاوضات ومباحثات واخترع مبادرات، التي رغم نجاحها في مواجهة الوباء بخطة مُحكمة وممنهجة سبقتها دعوات وتضرع الطيبين لرب الأرضين والسموات، فإنها لم تستطع مجابهة الغلاء الذي يرى البعض احتمالية المبالغة فيه بشكل أو بآخر، ربما طمعا في زيادة مكسب من قبل بعض تجار لا يبالون إلا بقدر ما يربحونه، أو حفنة سماسرة يتخطى نعتهم بالمتآمرين يكتنزون سلعا إستراتجية ويغالون في ثمنها ومنهم من يجمع الدولار العملة الأساسية في عمليات استيراد ما تحتاجه الدولة من ضروريات.
نصف رغيف فول
يتساءل عزت سلامة عاصي: إذن ما الحل أمام حكومة تصرّح علانية بأنها بذلت وتبذل قصارى جهودها من أجل مواجهة المرحلة، مقابل سيدة عند شرائها دجاجة تطلب تقسيم ربعها (ورك) لثلاث قِطع بعد تجاوز سعر الكيلو خمسة وأربعين جنيها لأقل أنواعه، وتحليق سعر سمك البولطي فوق السعر نفسه، وبلوغ كيلو اللحمة مئتي جنيه، وحتى كرتونة البيض بديل هذه الأنواع البروتينية تخطى سعرها تسعين جنيها، ناهيك من أسعار الأرز والبقوليات بشكل عام، بل في أثناء كتابة هذه السطور، يشكو موظف محترم سعر “نصف رغيف فول” بعد وصوله لسبعة جنيهات وهو الذي كان يُلتَهم بما دون الجنيه الواحد من على عربة الفول نفسها، قبل هذه السنوات العشر، وهلم جرا؟ ومن منطلق المعدن الأصيل للمصريين الأصلاء يستطيع أبناء هذا الوطن – الذي وصفه نبي الله يوسف قبل مئات السنين بأن فيه خزائن الأرض في زمن طلب توليه عليه، لا من أجل تدبير معيشة أهله وفقط، بل لتوفير قوت كل من يحتاج إلى قوت في تلكم السنوات العجاف – أن يربطوا الحزام على بطونهم حتى إن “نشز الشرسوف والتصق معا” البعض، حال احتاج لذلك البلد، وهو ما بدا جليا في عدم الاستجابة، ليس خوفا على الأنفس، لدعوات متكررة للتظاهر الذي قد يستغله متآمرون، سواء لمصالح شخصية أو خدمة لأجندات أجنبية جل همها أن يظل اقتصاد مصر غير قوي، لأسباب في نفس يعقوب، العاقل يدركها جيدا.. هذا الأمر تلخص في عبارة باللهجة المصرية رددها، ولا يزال كثيرون قائلين: “لو الناس مش خايفة على البلد مكنتش اتحملت كل دا”.
بعلم الجميع
سلط ترحيل المحامي الفلسطيني صلاح الحموري، إلى فرنسا التي يحمل جنسيتها، الضوء على جرائم إسرائيل التي لا تتوقف عن ممارستها ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض والحق. لم يكن الحموري حسب رأي الكثيرين من بينهم هالة فؤاد في “المشهد” إرهابيا كما تزعم إسرائيل دوما لتبرير قراراتها وسياستها العنصرية، فجريمته أنه ناشط حقوقي يعمل في مؤسسة “الضمير” وهي منظمة فلسطينية للمساعدة الحقوقية وحقوق الأسرى.. لم يحمل الحموري سلاحا وكل ما يملكه صوت للحق يستميت في الجهر به ورفعه ليصم آذان الكيان الإسرائيلي ويصم جرائمه بالعنصرية. فإسرائيل المتربصة دوما لكل صوت يدافع عن القضية الفلسطينية، لم تتورع عن التربص بصوت “الضمير” ولم تهدأ إلا بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية العام الماضي، إلى جانب خمس منظمات مجتمع مدني أخرى. ولم يسلم الحموري بدوره من ذلك التربص فاعتبرته يشكل خطرا على إسرائيل، وجردته من حق الإقامة في القدس، التي ولد وعاش فيها وطردته منها.. وكان الحموري قد تم اعتقاله في مارس/آذار الماضي واحتجازه دون محاكمة لمدة ثلاثة أشهر، وتم تجديد الاعتقال الإداري مرتين، ولم تكتف إسرائيل بذلك، بل تم تصنيفه على أنه سجين شديد الخطورة ونقل لسجن شديد الحراسة، فبدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على قرار اعتقاله دون اتهام أنهاه بعد تسعة عشر يوما من وضعه في الحبس الانفرادي. الحموري اعتبرته إسرائيل يشكل خطرا أمنيا عليها، ودفعت بوزيرة الداخلية إيلي تشاكيد إلى سحب حق إقامته في القدس وتم ترحيله من إسرائيل ووصفت قرارها بأنه “إنجاز عظيم لها قبل رحيلها عن منصبها”.
نكتفي بالفرجة
كالعادة والكلام ما زال لهالة فؤاد، أدانت منظمة العفو الدولية الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل في حق الحموري، ووصفته بأنه يدفع ثمنا باهظا لعمله محاميا يدافع عن الفلسطينيين، وأدانت أيضا طرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة ووصفتها بأنها تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي ولمعاهدة جنيف وتعد جريمة حرب محتملة وجريمة ضد الإنسانية، ويعد تعبيرا عن الهدف السياسي بعيد المدى الذي تسعى إليه السلطات الإسرائيلية بتقليص حجم الأهالي الفلسطينيين في القدس الشرقية، مجرد كلمات اعتدنا عليها لا تقدم ولا تؤخر، فقط تسجل موقفا لم يعد يكفينا في مواجهة جرائم عنصرية تزداد بشاعة وتجبرا ووحشية.
ومثلما أدانت منظمة العفو الدولية خرجت علينا أيضا منظمة إسرائيلية حقوقية “هموكيد” لتصف طرد الحموري بأنه سابقة خطيرة تشكل انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان، كما أدانت الخارجية الفرنسية طرد الحموري الذي يحمل جنسيتها وماذا بعد الإدانة؟ لا شيء يحدث وتظل الجرائم الإسرائيلية مستمرة بلا رادع. سيف الطرد والترحيل وسحب الإقامة من المقدسيين لم يكن مسلطا فقط على الحموري هناك أكثر من 300 ألف مقدسي يحملون تصاريح إقامة مهددون بمصير الحموري ولأسباب أكثر ضعفا وهشاشة وتربصا، منها مطالبة المقدسى الذي يريد تجديد بطاقة هويته بعدما بليت، أو فقدت صلاحيتها، أو أراد استخراج بطاقة هوية لأحد أبنائه، بتقديم وثائق تعجيزية منها على سبيل المثال، ضريبة السكن عن ثلاث سنوات وفواتير مياه وكهرباء وهاتف وشهادات مدرسية طوال هذه الفترة، فضلا عن سحب الهوية دون إبداء أسباب. فيتعرض الطالب الذي سافر للدراسة للخارج لسحب بطاقة هويته، بل يتم التعامل مع الطفل المقدسي الذي يدرس في رام الله أو بيت لحم بأنه مقيم في دولة أخرى، الشروط التعجيزية نفسها يتعرض لها المطالبون بتطبيق قانون “لم الشمل” سياسة تطهير عرقي واضحة المعالم مكتملة الأركان، لكن تظل إسرائيل بلا حسيب. طُرد الحموري من أرضه، لكن معركته مع مغتصب الأرض “مستمرة” كما وصفها فور وصوله لفرنسا، “فالفلسطيني يأخذ قضية شعبه معه أينما ذهب.
هكذا شيدت
في سنة 2001 يتذكر جيدا أحمد عادل حلمي حينما كان في الصف الأول الثانوي، متابعا في “الوطن” حين دخل علينا أحد المدرسين ليخبرنا عن مستشفى علاج سرطان الأطفال، الذي تُجرى الأعمال الإنشائية فيه، ومعه شخص -عرفت في ما بعد أنّه كان أحد مندوبي الحملة التي قامت بها جمعية أصدقاء معهد الأورام، لجمع التبرعات للتمكن من تغطية باقي تكاليف إنشاء المستشفى- طالبا دعمنا بأي مبلغ حتى إن كان جنيها واحدا، حمّلنا الحديث مسؤولية كبرى ونحن الذين لم نكن نعرف وقتها المعنى الشامل لتلك المسؤولية. لم نكذّب خبرا، وسارعنا جميعا بالتبرع؛ كلٌ بما كان في مقدوره وقتها اقتطاعا من مصروفه اليومي، لم يكن رد فعلنا وقتها حكرا علينا فقط، لكنه كان حال باقي فصول المدرسة، بل غالبية المدارس في مختلف أنحاء الجمهورية، استشعارا من طلبة في مقتبل العمر بمسؤولية حُمّلوها وكانوا بحق على قدرها. وقررت جمعية «أصدقاء معهد الأورام» وقتها تنظيم حملة كبرى لجمع التبرعات وتغطية تكاليف المشروع، حيث وظّفت عددا من الخبراء لوضع خطة جمع التبرعات اللازمة لإتمام المشروع، وركزت على الحملات الميدانية والإعلامية والزكاة والتبرع المباشر من الأفراد والشركات والهبات والدعم المحلي والخارجي. على مدار نحو 15 عاما – هي عمر المستشفى الذي فتح أبوابه عام 2007- قدّم المستشفى العلاج لأطفال من مختلف الأنحاء وساهم في إنقاذ آلاف الحيوات البريئة التي ضربها المرض الخبيث، وكان ذلك بفضل التبرعات المرسلة للمستشفى، الذي اتخذ من أول حساب تبرع اسما له «57357» عرفانا بدور المتبرعين في إطلاق هذا الصرح العظيم، وتأكيدا لمساهماتهم التي منحت مستقبلا جديدا للأطفال المتعافين.
حياة أو موت
اليوم والكلام ما زال لأحمد عادل حلمي بعد كل هذه السنوات وتلك الإنجازات التي زخر بها الصرح الطبي الكبير، أصبح المستشفى يعاني من شُح التبرعات التي كانت العماد الرئيسي لاستمرار المستشفى، ومنح قبلة الحياة لأطفال في عمر الزهور أنهك جسدهم الضئيل مرضا كاد يغتال براءتهم وأحلامهم، لولا فضل الله، ثم مساهمات المتبرعين. فمنذ فترة يواجه المستشفى نقصا حادا في مصدر تمويله الرئيسي – التبرعات – وقد صرح أحد مسؤولي المستشفى مؤخرا بأنّ النقص الشديد في التبرعات، سيضطر المستشفى إلى عدم التمكن من استقبال حالات جديدة في فترة الـ6 أشهر المقبلة، فضلا عن عدم تمكن المستشفى من توفير الأدوية والمعدات اللازمة لاستكمال الحالات الحالية مراحل علاجها.
لا شك في أن الأزمة الاقتصادية التي تضرب العالم، وتأثر قطاع كبير من المصريين فيها، كانت سببا رئيسيا في نقص التبرعات، ولكن الأمر أصبح يتعلق الآن كما يقال بـ«مسألة حياة أو موت»، وهو ما يجعلنا نشحذ الهمم ونسترجع ذكريات تأسيس المستشفى، وتحمّل المزيد من المسؤولية، حتى لا يتوقف المستشفى عن تقديم خدماته الطبية الضرورية لآلاف الأطفال المرضى. دعونا نطلق، حملة كبرى لزيادة ضخ التبرعات، حتى لا تنقطع بسمة الأطفال الذين ساهم المستشفى في رسمها على شفاههم، وكي نرسم المزيد من البسمات على وجوه أطفال متعافين آخرين، فهؤلاء جميعا أمانة في أعناقنا، ونحن كنا ولا نزال على قدر المسؤولية، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة المائدة: «ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا».
كي لا نموت
يؤمن عبد المحسن سلامة دائما بأن وراء كل محنة منحة، ومن المهم أن نستفيد من كل الأزمات بحلول مستقبلية ناجحة، ودائمة. تابع الكاتب في “الأهرام”: مشكلة الأعلاف في مصر مشكلة قديمة وليست جديدة، وهي مثل بقية مشكلات الصناعات الأخرى التي أقيمت على طريقة «التجميع» وليس التوطين. أقمنا صناعة دواجن متميزة، لكنها كانت عبارة عن صناعة «تجميع» فقط، وكذلك الحال في إنشاء مزارع الإنتاج الحيواني، والسمكي، حيث نعتمد بشكل رئيسي على الأعلاف المستوردة لكل أشكال الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة. صناعة الدواجن بدأ توطينها في مصر في الثمانينيات، لكن على الجانب الآخر تم إهمال إقامة صناعة أعلاف قوية طوال هذه السنوات، ولم يكن هناك مشروع قومي للأعلاف، سواء في ما يتعلق بالثروة الحيوانية، أو الداجنة، أو السمكية. الآن نستورد أعلافا بما يقرب من 5 مليارات دولار سنويا، وهو رقم ضخم في ظل الأزمة العالمية الحالية، ولكن لا بديل له حتى الآن، لأن توقف استيراد الأعلاف دون بديل يعنى هلاك الثروة الحيوانية والداجنة، والبديل الأفضل، والدائم هو أن تتبنى الحكومة مشروعا قوميا لصناعة الأعلاف خلال السنوات المقبلة. الأزمة العالمية الحالية التي نتجت عن اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية أكدت ضرورة توطين كل ما يتعلق بالأمن الغذائي، وصناعة الأعلاف هي إحدى الصناعات الاستراتيجية اللازمة لقيام صناعة داجنة، وحيوانية، وسمكية ناجحة. الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، تحتاج إلى توافر الأعلاف محليا، وهذا هو الخلل الذي ظل ملازما لتلك الصناعة على مدى العقود الأربعة الماضية، الذي كشفته الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، وأصبح يحتاج إلى معالجة جذرية على غرار المشكلات الأخرى التي تم اقتحامها خلال السنوات الثماني الماضية. هناك أفكار كثيرة، خاصة في مجال التوسع في إنتاج التين الشوكي كمصدر للأعلاف، والتوسع في زراعات الصويا، والأذرة في الأراضي المستصلحة الجديدة، وكذلك الاهتمام بصناعة مركزات الأعلاف.. وغيرها من الأفكار التي تحتاج إلى صياغة في إطار مشروع قومي للأعلاف يمكن تطويره إلى مشروع قومي للأمن الغذائي مستقبلا. ربما تكون الأزمة الاقتصادية العالمية، والمحلية كاشفة لبعض أوجه الخلل الذي كان موجودا منذ عشرات السنوات، وهذا هو الوجه الإيجابي للأزمة الذي يجب استغلاله.
إنهم قادمون
محاولة الانقلاب، التي تم الكشف عنها في ألمانيا مؤخرا، تمثل بالنسبة للدكتورة منار الشوربجي في “المصري اليوم” واحدة من حلقات صعود التطرف العنصري في الغرب، فالأفكار التي تعتنقها الحركة التي قامت بتلك المحاولة الفاشلة هي ذاتها التي تعتنقها حركات مماثلة في أمريكا ودول أوروبية عدة. فالسلطات الألمانية كانت قد أعلنت أنها أحبطت محاولة للانقلاب على نظام الحكم، تستعد لها حركة، اسمها «مواطنو الرايخ». وبينما تم القبض على العشرات، فإن أخطر ما في القصة أن الذين تم القبض عليهم ضموا قاضية كانت عضوا سابقا في البرلمان، فضلا عن ضباط سابقين في الجيش والقوات الخاصة الألمانية، كما تم العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات والذخيرة. والأخطر من هذا وذاك أن بعض تلك الأسلحة كانت قد اختفت في ما سبق من قواعد عسكرية، بل أعلنت السلطات، قبل شهور، عن حل إحدى وحدات القوات الخاصة، بعدما تبين اعتناق عناصرها فكر الحركة. وتشير التحقيقات إلى أن الإعداد للانقلاب بدأ سرّا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حتى إن الانقلابيين اختاروا الوزراء في الحكومة، التي سيُنشئونها بعد هدم نظام الحكم، بل شكّلوا بعض وحدات الجيش الجديد. وكانت الخطة أن يتم تنفيذ الانقلاب قبل أعياد الكريسماس العام الجاري. وتشمل التحقيقات السعي للتأكد من حجم العلاقة بين بعض مَن تم القبض عليهم وحزب «البديل الألماني» اليميني، الذي حصل في الانتخابات الماضية على 79 مقعدا في مجلس النواب، بل الكشف عن مستوى العلاقة بالكرملين وغيره من الهيئات الأجنبية، التي كان الانقلابيون يسعون للحصول على اعترافها بشرعية الانقلاب فور نجاحه. وحركة “مواطني الرايخ” ليست حركة جديدة، ولكنها تزداد قوة، حيث يُقدر عدد أعضائها الحالي بحوالي 21 ألف عضو، وهي حركة تتسم بالسيولة، إذ تضم جماعات متعددة، وليست لها قيادة مركزية.
بعضهم من بعض
ما يُوحِّد فصائل حركة “الرايخ” على حد رأي الدكتورة منار الشوربجي هو معتقداتها، فأعضاؤها لا يعترفون بنظام الحكم الألماني، الموجود منذ عام 1949، ولا بالحدود الألمانية الحالية، وإنما يرون أن حدود الإمبراطورية الألمانية، التي كانت موجودة قبل 1937، هي التي تتمتع بالشرعية، أي الإمبراطورية التي أُنشئت في 1871. ولأنهم يعتبرون النظام القائم غير شرعي، فهم يرفضون استخراج بطاقات هوية، ودفع الضرائب، وبعضهم يستصدر بطاقات هوية خاصة، ورخصا للقيادة، وهم يؤمنون أيضا بأن النظام الحالي مجرد عميل لقوات الحلفاء، التي هزمت النازيين وانتصرت في الحرب العالمية الثانية، ولا تزال تحكم ألمانيا سرّا حتى اليوم.
وتسعى الحركة لإقامة ملكية ديكتاتورية، على رأسها أمير، يؤمن بأفكارهم، من الأسرة التي حكمت ألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى. والحقيقة أن تلك الأفكار تشبه إلى حد التطابق أحيانا أفكار الكثير من الجماعات الأمريكية المتطرفة، وتلك الموجودة في دول أوروبية، فهي كلها، في أمريكا وأوروبا، تحرص على تجنيد أعضاء الجيش والشرطة السابقين لأنهم الأكثر تدريبا على استخدام السلاح. وجميعها تؤمن بفكرة عدم شرعية النظم الحاكمة، ووجود حكومات سرية غير تلك المعلنة، ضمن عدد من نظريات المؤامرة. والكثير من هؤلاء، أيّا كان موطنهم، يرون روسيا نموذجا يُحتذى لأنها «بيضاء (فقط) ومسيحية»، ويعشقون ترامب وفيكتور أوربان. وتعتنق تلك الحركات الغربية مبادئ بالغة العنصرية ضد كل مَن ليس مثلهم، أي ليس من البِيض الذكور المسيحيين. والتشابه لا يقتصر على الأفكار، وإنما يمتد إلى العمل على الأرض، فالبرلمان الألماني، مثلا، شهد، في أغسطس/آب 2020، واقعة لم تكتمل، شبيهة باقتحام الكونغرس بعدها بأشهر قليلة، في يناير/كانون الثاني 2021، بل إن هناك علاقات معقدة بين تلك القوى في ما يشبه الشبكة. والصعود المتنامي لتلك القوى الغربية ينذر بكوارث ومجازر بالجملة.
البرطمان المصنع امنيا هو اداة الحاكم الديكتاتور وان ظل الوضع علي ما هو عليه فستباع البلد قطعة قطعة