الإمارات وإسرائيل: تطبيع أم غرام؟

حجم الخط
18

مرّت عقود كثيرة منذ بدء مسيرة التطبيع العربي مع إسرائيل، والذي ابتدأته الزيارة المفاجئة (حينها) للرئيس المصري أنور السادات عام 1977 إلى تل أبيب، والتي حصل بعدها، مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، على جائزة نوبل للسلام عام 1978، وأدت أخيرا إلى توقيع معاهدة سلام عام 1979، فانتهت حالة الحرب بين البلدين، وتم تبادل السفراء وألغيت قوانين المقاطعة، ودُشنت رحلات جوية منتظمة بين البلدين، كما بدأت مصر بإمداد إسرائيل بالنفط الخام، وجرّدت سيناء من السلاح.
علّقت الجامعة العربية وقتها عضوية مصر لمدة عشر سنوات، واغتال جنود مصريون السادات في 6 تشرين الأول/أكتوبر عام 1981، ولكنّ مصر، التي حكمها حسني مبارك منذ ذلك الوقت، أصبحت شريكا استراتيجيا هاما لإسرائيل، وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية للقاهرة، وقامت بالمساندة والتغطية السياسية للحكومات المصرية اللاحقة، ولكنّ «السلام» بين البلدين، رغم طول السنين، بقي باردا، ولا يمكن القول إنه حظي بمساندة شعبية، وقد جاءت الثورة المصرية عام 2011 لتعيد الجدل الشعبي والرسمي حول هذه المعاهدة، وهو ما يفسّر رد الفعل الإسرائيلي، الذي تضافر مع تمويل إماراتي وسعودي للانقلاب العسكري الذي سلّم السلطة لعبد الفتاح السيسي عام 2013، الذي كان موقفه، في خطابه قبل أيام في ذكرى حرب تشرين/أكتوبر واضحا: لا ذكر لإسرائيل في مناسبة تتحدث عن الحرب معها!
مستندة إلى تلك المعاهدة شنّت إسرائيل حرب 1982 التي أخرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، ومورست بعدها ضغوط هائلة على الفلسطينيين الذين وجدوا في اتفاقية أوسلو عام 1993 مخرجا يعيد جزءا من الشتات الفلسطيني إلى أرض فلسطين، ويؤسس لسلطة وطنية جامعة، ويعيد ترتيب الأوراق في الصراع التاريخي بين العرب وإسرائيل، كما وقع الأردن اتفاقية وادي عربة في مثل هذا الشهر من عام 1994، وباستثناء حل النزاعات الحدودية، والآثار الاقتصادية والسياحية لهذه الاتفاقية، فلا يمكن الحديث عن تكوّن «حاضنة» شعبيّة تهلّل للاتفاقات مع إسرائيل، أو تغيّر النظرة إليها كعدو.
من جهة أخرى، وبعد إعلان الإمارات ثم البحرين اتفاقين للتطبيع مع إسرائيل لاحظنا رفضا شعبيا ملحوظا في البحرين، وهو الأمر الذي لم يحصل في أبو ظبي، فرغم بعض التصريحات البسيطة ومنع الشاعرة ظبية خميس من السفر للتعبير عن رأيها في رفض الاتفاق، فإن بعض نخب الإمارات، وليس مسؤولوها فحسب، بدأت تتعامل بحماس مع الحدث المستجد فصرنا نقرأ عن كتابة مسؤولين ورجال أعمال «مقالات» في الصحف الإسرائيلية، ولم نعد قادرين على إحصاء الزيارات والاتفاقيات التجارية والسياحية والفعاليات المشتركة، وبعد السياسة و«البزنس» بدأ طور الانشراح والطرب، فكتبت أغنية «خذني زيارة تل أبيب» ولحن المطرب الإماراتي حسين الجسمي معزوفة «أحبّك» لفرقة «النور» الإسرائيلية، وغرّدت وزيرة الثقافة الإماراتية نورة الكعبي «أحبك» مكتوبة بالعبرية، ووصل المغني الإسرائيلي عومير أدام بدعوة من الشيخ حمد بن خليفة آل نهيان إلى دبي للمشاركة في عيد «البهجة» اليهودي، بل وأقام أيضا في منزل الشيخ.
تفيض هذه الوقائع المذكورة عن حكاية «اتفاقية أبراهام» التي يفترض أنها معاهدة بين عدوّين سابقين لتكشف حالة عجيبة من الهيام التي تنتاب هذه الفئات الإماراتية نحو إسرائيل، وهو ما تزامن مع التهجم ضد الفلسطينيين فضمن هذه الوضعية يغدو الفلسطينيون عائقا مزعجا أمام حفلات الطرب والانشراح والغرام..

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلحرمة محمد:

    الحكام الاماراتيون ومن يدورون في فلكهم من المنافقين واصحاب المصالح لم يفعلوا دلك حبا في كيان الارهاب الصهيوني وانما تعبيرا للنقائص التي تقض مضاجعهم وايضا خوفا وطاعة وارضاء وتنفيدا لاوامر الامر الناهي في واشنطن ولدلك تراهم يبالغون في خنوعهم للعصابات الصهيونية حتى يبرهنوا لساحرهم الاكبر القابع في كعبتهم المسماة بالبيت الابيض انهم اتباع معبده ودينه وانهم مخلصون حتى ينالوا صكوك الغفران فلا تلومونهم لان هؤلاء الاعراب مرغمون لا ابطال فهم يعلمون ان ان رفض سيؤدي بهم للهاوية وبالتالي فقدان معبودهم الكرسي الدي من اجله هم مستعدون للتحالف حتى مع الشيطان.

  2. يقول سعود السعودي:

    تعليق عبد الله العقبة افضل تعليق فيه شيء جديد وموضوعي ياليت التعليقات الاخرى تنحو نحوه في تقديم شيء بعيد عن الشتائم.

    1. يقول على مهلنا:

      الموضوع مستعصي و معقد و يحتاج إلى دراسات متأنية و مستفيضة قد تستغرق عشرات السنين، لكن الوقت غير مهم و إنما المهم هو أن نصل إلى الإستنتاجات الصحيحة التي بعدها نقوم بشتمهم.

  3. يقول مكسيم:

    حكام الإمارات يعشقون إسرائيل لدرجة الهيام لذلك فلا غرابة انهم على استعداد لأن يفعلوا كل ما يطلبه حبيب القلب نتنياهو .أن الحب قد سيطر و استحكم بقلوب حكام الخليج حتى صاروا يتمنون أن يهبوا أنفسهم عن طيب خاطر لمعبودهم النتن ليفعل بهم ما يشاء

  4. يقول الصادق:

    الله يطيح حظ حكام الامارات والبحرين وكل الحكام العرب الجبناء الخونة عن اي سلام تتحدثون وجميع ارض فلسطين مغتصبة من قبل الكيان الصهيوني اللقيط وكل يوم يقتل ابناء الشعب الفلسطيني المظلوم ولكن انتظروا سوف يسحق المسلمين والعرب الشرفاء والمقاومين على رووسكم لخيانتكم الامة العربية والاسلامية وبيعكم حقوق وارض الشعب الفلسطيني المظلوم

  5. يقول امحمد الأول:

    مساكين طمعوا في جائزة نوبل للخيانة .

  6. يقول وفاء ابو غوش:

    هذا ليس غرام وانما خيانة للشرف والكرامة والهوية العربية الاسلامية ، خيانة للشعب الخليجي والشعب الاماراتي وخيانة للتاريخ والدين خيانة لكل السياقات التاريخية الثقافية الاخلاقية ، هؤلاء الحكام سوف تدوسهم شعوبهم ،لانه صفقات التطبيع بيع للشرف العربي بدون ثمن، واستغرب كيف من اجل البقلء على العروش ، ان تكون عبدا وتابعا وامعة وتدفع في ذات الوقت ثمن عبوديتك .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية