بغداد ـ «القدس العربي»: رفض النائب نايف خلف سيدو، رئيس الكتلة الإيزيدية في مجلس النواب العراقي (البرلمان)، أمس الخميس، تحوّل مناطق الإيزيديين في مدينة سنجار، التابعة لمحافظة نينوى الشمالية، إلى «ساحة لتصفية الحسابات»، وفيما دعا الحكومة الاتحادية في بغداد إلى تشكيل قوة عسكرية تضمّ جميع الإيزيديين لحماية مناطقهم، هدّد باللجوء إلى الأمم المتحدة والمطالبة بحماية دولية لهم.
لوّحوا باللجوء للأمم المتحدة وطلب الحماية الدولية
وذكر في مؤتمر صحافي عقده أمس في بغداد أن «ما تعرض له الإيزيديون من انتهاكات جسيمة توصف بأنها إبادة جماعية وفقاً للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والعقاب عليها لعام 1948، والعراق أحد الموقعين عليها»، موضحاً أن «المجتمع الإيزيدي الذي خرج من تداعيات الإبادة الجماعية التي وقعت عليه في الثالث من آب/ أغسطس عام 2014، بسبب تخلّي الجميع عنه، بدأ يستعيد عافيته وتعود الحياة إلى طبيعتها في سنجار العزيزة، رغم بشاعة الجرائم المرتكبة بحق شعبنا. لكن على ما يبدو إن هذا الأمر لا يعجب البعض ممن لا هم لهم إلا أن يكون الإيزيدي خاضعاً ذليلاً».
«أشرس إبادة»
ووفقاً للنائب الإيزيدي فإن «الإيزيدية بعد الإبادة ليسوا هم ما قبلها، فلم يتبق لهم شيء يخسرونه بعد استباحة الشرف الغالي. منذ يوم الإبادة الجماعية (74) في الثالث من آب/ أغسطس، اليوم الأكثر سواداً في تاريخ شعبنا الإيزيدي العراقي، ومنذ بداية التاريخ الإيزيدي قبل 6772 عاماً، ونحن ضحية السياسات الخارجية والداخلية بهدف تجريدنا من تاريخنا وهويتنا القومية وجغرافيتنا الوطنية، وصهر الديانة الإيزيدية التي هي من أقدم الديانات التوحيدية في العالم».
وأضاف: «كنا نأمل باعتبارنا من الناجين من أشرس إبادة عرفها في العصر الحديث بأن تتم حمايتنا والحفاظ علينا وصيانة حقوقنا في بلدنا العراق العزيز، بدلاً من جعل مناطقنا ساحة جديدة للصراعات والنزاعات المسلحة لتصفية الحسابات بين جهات دولية ومحلية. لكن مع الأسف نرى وبكل وضوح المؤامرات والاتفاقيات خلف الكواليس تحاك ضد شعبنا الإيزيدي وحول مناطقه المنكوبة من كل أطراف الصراع».
وطالب رئيس الكتلة «كل الجهات المعنية والحكومة المركزية بإبعاد كل أنواع الصراعات المسلحة من مناطقنا المأهولة بالسكان المدنيين الناجين من الإبادة الجماعية والعائدين من النزوح لسنوات، وإلا سوف نضطر للجوء إلى المجتمع الدولي وحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة بالتدخل في منطقتنا وتوفير الحماية الدولية وفق ما ينص عليه القانون الدولي بهذا الخصوص».
وحثّ الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق على «إبعاد الصراعات عن مناطقنا وإيقاف الصفقات التي تجري في ما بينهم حول مصير مناطقنا»، مؤكداً أهمية «إخراج جميع القوات المسلحة من المجمعات والقرى الإيزيدية في سنجار، ونرفض رفضاً قاطعاً القتال المسلح بين المواطنين المدنيين».
وأوضح رئيس الكتلة أن «الإيزيدية ليسوا بحاجة إلى وصاية من أحد ليقرر مصيرهم، وأننا نرفض رفضاً قاطعاً كل الاتفاقيات جملة وتفصيلاً، والتي تخص مناطقنا وتقرير مصير شعبنا بدون مشاركتنا. ولا نقبل أن يزايد أحد على وطنيتنا».
ودعا إلى «تشكيل قوة إيزيدية موحدة من أبناء شعبنا الإيزيدي وخاصة من الذين قاوموا عصابات داعش (تنظيم «الدولة الإسلامية»)، أسوة ببقية المكونات من الإخوة المسيحيين والشبك والتركمان والعرب»، مشدداً على «إنهاء ازدواجية ملف إدارة سنجار والنواحي التابعة لها».
ورأى ضرورة «إعادة ثقة الإيزيديين بالحكومة المركزية من خلال العمل الجاد على إنهاء ملف النازحين الإيزيديين، من خلال تهيئة الأرضية المناسبة وتوفير الخدمات الأساسية والتعويض لغرض العودة».
«قلق»
وختم سيدو بيانه بالقول: «يراودنا القلق من وجود اتفاق بين جميع الأطراف على إنهاء الوجود الإيزيدي في العراق».
إلى ذلك، تجوّلت لجنة مشتركة من الجيش العراقي ومسؤولين من «اليبشة» الموالية لحزب العمال الكردستاني، في أحياء قضاء سنجار من أجل تطمين الأهالي ودعوتهم إلى عدم النزوح، بعد أن شهد القضاء موجة نزوح جرّاء الأحداث الأخيرة.
وقال الناشط الإيزيدي ميرزا دانايي في تدوينة له، إن «آمر اللواء 72 في الجيش العراقي ومسؤولين من (اليبشة) تجولوا في شوارع سنجار وقاموا بتطمين الأهالي بأنه لن يحصل أي قتال وعليهم عدم النزوح».
وحسب الناشط الإيزيدي فإن «هذه الخطوة جيدة ومباركة لكن الشعب بحاجة إلى تعهدات وتطمينات أكثر وحلول جذرية من الجانبين»، مبيناً أن «القوى المتصارعة خارجية لكن الضحايا عراقيون وأبناء سنجار وحدهم».
وأعلنت سلطات إقليم كردستان العراق، ذي الحكم الذاتي، الثلاثاء الماضي، أن أكثر من 4 آلاف شخص نزحوا من قضاء سنجار، المجاور إلى داخل حدود الإقليم الشمالي منذ الإثنين الماضي، إثر اشتباكات استمرت يومين بين القوات العراقية ومقاتلين إيزيديين، قبل عودة الهدوء.
وقتل جندي عراقي وأصيب اثنان بجروح خلال الاشتباكات التي اندلعت ليل الأحد، بين الجيش العراقي ومقاتلين من «وحدات حماية سنجار» المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في المنطقة الواقعة في شمال العراق، كما أفاد مصدر عسكري لـ»فرانس برس».
وضع أمني هش
وبعد نحو 5 سنوات على تحرير المنطقة من تنظيم «الدولة الإسلامية»، لا يزال الوضع الأمني في سنجار هشاً، إذ يشهد معقل الأقلية الإيزيدية، التي تعرضت للقتل والتهجير على يد التنظيم المتطرف، اشتباكات متفرقة بين الجيش والمقاتلين الإيزيديين بين الآونة والأخرى.
وإثر الاشتباكات الأخيرة، نزحت «701 أسرة تتألف من 4083 شخصاً لغاية (ليلة الإثنين الماضي) وتوجهوا إلى محافظة دهوك» الواقعة في حدود الإقليم، كما أعلن حسين كلاري، المدير العام لمديرية تنسيق الأزمات في وزارة داخلية إقليم كردستان، خلال مؤتمر صحافي.
في الأثناء، قالت وزارة الهجرة في الحكومة الاتحادية إن «هذا النزوح وقتي، لأن.. الأمور عادت إلى وضعها الطبيعي» في سنجار. كذلك، قالت قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي، كما نقلت وكالة الأنباء العراقية إن قضاء سنجار بات «آمناً» و»لا توجد أي مظاهر مسلحة».
ويتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية عن الاشتباكات التي اندلعت الأحد، وتواصلت حتى الإثنين.
وفي بيان، قالت القوات الأمنية العراقية إن المقاتلين الإيزيديين قاموا بإغلاق الطرق المؤدية إلى قرية سنوني في شمال سنجار، ونصب حواجز ومنع حركة المدنيين في تلك المنطقة، وإطلاق النيران، وقالت إن الجيش تعامل مع مصدرها.
وتتهم وحدات حماية سنجار الجيش في المقابل بأنه يريد السيطرة على منطقتهم وطردهم منها، في حين يريد الجيش العراقي تنفيذ اتفاقية بين بغداد وأربيل، تقضي بانسحاب المقاتلين الإيزيديين وحزب العمال الكردستاني من المنطقة.
وتعرف «وحدات حماية سنجار» حالياً بالفوج 80 ضمن قوات «الحشد الشعبي» والذي يتبع للحكومة العراقية. وتأسست بدعم من حزب العمال الكردستاني في العام 2014 للدفاع عن المدينة بعدما سقطت بيد تنظيم «الدولة الإسلامية».
وتشن القوات التركية بدورها على نحو متكرر عمليات ضد القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، الذي تصنّفه «إرهابياً».