تستمر عملية الاستثمار في بنوك الأهداف داخل منطقة الشرق الأوسط، والحرب التي تنتظر المملكة السعودية أن تأتي من إسرائيل وأمريكا وتستهدف إيران يبدو أنها مجرد سراب، ولا تتعدى العزف على وتر الفزع وتوظيف التخويف لتحصيل مكاسب مالية واستراتيجية لمن في مصلحته إبقاء الجميع في حالة توثب وقلق واضطراب.
وهي سياقات تُراكم عملية اختراق العالم العربي تحت ستار الأكاذيب والخطاب الخاوي، الذي يضمر عكس ما يظهر. فالتهديدات الأمريكية الاسرائيلية لطهران ليست جديدة، وتصعيد لهجة الحرب يرافقه ارتفاع رهان الكسب، ومطالب تحقيق أقصى المنافع، على نحو الانطباع الخادع الذي توفره الولايات المتحدة لحلفائها العرب في المنطقة، حيث تسمعهم تأكيد القيادة الوسطى في بيان لها، أن عودة الانتشار العسكري في المملكة العربية السعودية يخلق «عمقا عملياتيا وشبكات لوجستية» ويوفر «رادعا إضافيا» وذلك بعد الهجمات التي حدثت في منتصف سبتمبر على منشأة أرامكو النفطية. ويؤشر ظاهريا لعودة الجنود الأمريكيين للتمركز في قواعد عسكرية داخل المملكة بعد أن غادروها سنة 2003 إثر الإطاحة بالعراق كدولة بتعلة إسقاط النظام، على زيادة التوتر في المنطقة، ودليلا ساطعا على أن ما يهم القوى الكبرى هو النفط الخليجي إلى جانب حماية إسرائيل. والوقائع المتسارعة أوصلت الأمور إلى حد ينذر بحرب طاحنة، ومن يرصدها بدون تعمق استراتيجي، سينتهي إلى أن المسألة مرتبطة بإقدام أي طرف في منطقة الخليج على خطوة متهورة غير محسوبة العواقب، في الوقت الذي يتواصل فيه غياب قنوات اتصال بين طهران وواشنطن، ويصر كلا الطرفين على تنازلات لا يبدو أنها ستأتي في ظل كبرياء متبادل.
ويبدو أن النظام الإيراني ومثيله في البيت الأبيض، وجدا ملاذا يحول انتباه المواطنين في البلدين عن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، عبر إلهاء شعوبهم بمعارك السياسة الخارجية، والتهديدات المتبادلة على نحو أزمات متتالية لا رغبة لدى ترامب في إيجاد تسوية لها، بعد أن تسبب في اشعال الصراع إثر انسحابه من الاتفاق النووي، الذي أبرم بإجماع دولي، وفرضه عقوبات قاسية تطال الأحوال المعيشية للشعب الإيراني. وإن كان هناك منْ قدّر أن أفضل طريقة لتجنب حرب مع إيران هي إقالة جون بولتون مهندس حرب العراق، فإن الأخير تمت إزاحته من الإدارة الأمريكية، ومع ذلك ما يتهدد المنطقة من مخاطر مازال قائما، بقاء التصعيد الذي يؤججه وكلاء واشنطن وطهران كلما خفت وتيرته.
لم يغادر دونالد ترامب السطر الأول الذي تحدث فيه عن أنه سيضغط على إيران، حتى يرضخ النظام ويجلس إلى طاولة المفاوضات، لإبرام اتفاق أفضل من الذي حدث في عهد سلفه باراك أوباما، وتؤكد طهران أنها لن تتفاوض مع الإدارة الأمريكية تحت لغة الضغط والتهديد والوعيد، وهي تعتبر الرئيس الأمريكي، نكث العهد حين تراجع عن الاتفاق الذي أبرمته إيران مع ست دول كبرى هي روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو سبب كافٍ لكي لا تثق فيه مجددا. خيارات التسوية الدبلوماسية هي الحل الأنسب للطرفين وللعالم بأسره، وحرب أخرى في الشرق الأوسط ستنهك الجميع، ومن الأنسب تخفيف التصعيد والاحتكام للعقل. والحكمة تكمن في الإبقاء على الاتفاق النووي والابتعاد عن نهج الحروب والتدمير، الذي اكتوت به المنطقة، ويكفي جشعا وغطرسة واملاءات، وبدل التهديدات يمكن التركيز على المحادثات. وإن كان اللوبي الاسرائيلي ولوبي بعض ممالك الخليج يحاول جر أمريكا إلى حرب مع ايران، فإنهم لا يدركون أن التورط مع ترامب مهلكة لدولهم سياسيا وماليا، ولا يستوعبون جيدا وبال الحرب إن اندلعت بالمعطيات الاستراتيجية الموجودة. وهم بعيدون كل البعد عن أن يكونوا مثالا على «حكمة الدولة» التي تضع مصالح شعبها في الميزان.
خيارات التسوية الدبلوماسية هي الحل الأنسب لأمريكا وإيران وللعالم بأسره، وحرب أخرى في الشرق الأوسط ستنهك الجميع
ومن الجيد أن هناك شبه اتفاق على عدم المجازفة بحرب في الوقت الراهن بين المعنيين بالتصادم، حين يصدر عنهما الموقف نفسه، وإن تلبس بالكبرياء، أمريكا تريد الاستمرار في العقوبات والخنق الاقتصادي وطهران ترفض منطق الإكراه وسياسة الأمر الواقع، ولا تريد التفاوض حول ملف الصواريخ الباليستية وسياساتها في المنطقة، إلى جانب قضية الملف النووي. ويبدو أنها ستمضي قدما في مد نفوذها في الإقليم عبر دعم وكلائها في أكثر من بلد عربي، وهي تبني علاقاتها السياسية والمالية مع جماعات فاعلة بدل دول أو حكومات رسمية، على نحو ما يعلمه الجميع في لبنان عبر دعم حزب الله، وفي اليمن مع جماعة الحوثي، وفي العراق من خلال الحشد الشعبي وحزب الدعوة، وإن كان هناك تماه مع النظام في سوريا. وهو سلوك زاد في تفاقمه موقف النظام الرسمي العربي، الذي راهن على القطيعة مع إيران وكان بالإمكان أن يفتح قنوات تواصل رسمية، ويؤسس لتعامل جدي بين الدول بشكل يقطع الطريق أمام محاولات بعض الدول الغربية مراكمة العداء الوهمي والدفع نحو الشحن الطائفي والصراعات المذهبية، التي صورت إيران عدوا وإسرائيل صديقة على قاعدة استثمار إمبريالي ترك الجسم السياسي للأمة كسيحا مهزوما.
بعد إقالة أحد أهم دعاة الحرب جون بولتون، هناك أمل بإمكان التوصل إلى تسوية، وتباين الآراء بين واشنطن وحلفائها الخليجيين، حول ما ينبغي اتباعه في مواجهة طهران، لن يصل بالولايات المتحدة إلى مستوى شن حرب تدمر مصالحها فقط لأن السعودية والإمارات تريدان ذلك. وتمضي مثل هذه الدول في الدفع نحو الحرب، وهي تعلم أنها لا تمتلك ضمانات أمنية، وأمريكا نفسها غير قادرة على حمايتها. وفي الأثناء مسار الأزمة يحتد بين الحرب الكلامية واحتمالات المواجهة العسكرية، وعلى دعاة الحرب أن يدركوا أن أي تصادم عسكري بين أمريكا وايران سوف يجر المنطقة إلى جحيم إقليمي بتداعيات دولية لا يمكن السيطرة عليها، والحرب النفسية والاستفزازات المتواترة هذه الأيام تختزن مساعي الإدارة الأمريكية لتغيير النظام في طهران، وهي الغاية الحقيقية التي تتجاوز مجرد إبرام اتفاق نووي جديد يرضي الطرف الأمريكي.
ويأتي إضعاف إيران وانهاكها ماليا واقتصاديا، ضمن مخطط إدارة ترامب لتعجيز البلاد وتحجيم مكانتها كقوة اقليمية لها نفوذ، بما يضمن تعزيز مكانة اسرائيل في الشرق الأوسط بوصفها الحليف الأكثر ولاء لأمريكا، والأقوى في المنطقة. وتستغل واشنطن وتل أبيب مشاعر الخوف والرفض السعودي الاماراتي لنفوذ ايران الاقليمي، بما يسهل عملية ضم هذه الدول إلى صف اسرائيل لمواجهة «عدو مشترك». وهي مقايضة صريحة تدفع نحو التطبيع العلني، وتبعا لحسابات واشنطن وكيانها الوظيفي في المنطقة لن تخوض أمريكا حربا مباشرة، ولن تنوبها اسرائيل في مواجهة تدرك حجم خسائرها، لمجرد خدمة مصالح بعض دول الخليج، التي لا تعلم إلى الآن أن نبرة العداء المتبادلة بين طهران وتل أبيب، والمستمرة منذ عقود تخدم كلا الطرفين في توطيد نفوذهما الاقليمي، وهي استراتيجية فيها من الوشائج ما يدعم الابقاء على الخطاب الدعائي ولغة التهديد والصراع بالوكالة، كأدوات ذرائعية لتحقيق أهداف جيوسياسية.
*كاتب تونسي
من وجهة نظري عنوان (الابتزاز والمقايضة تبقيان الشرق الأوسط مسكونا بشبح الحرب) يمثل فلسفة السذاجة السياسية في أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني على أرض الواقع، لماذا؟!
فلسفة الشّك أساسها مفهوم الصراع بين الأطراف، من خلال الابتزاز والمقايضة في الوصول إلى حرب تدعم بيع منتجات المؤسسة العسكرية ل (دونالد ترامب) دون غيره بعد 11/9/2001، التي حولت كل دولنا إلى بنادق للإيجار.
بينما تكامل الحكمة أساسها التبادل التجاري بين منتجات كل طرف،
فعندما مناهج التعليم يكون أساسها فلسفة الشّك، لا تتوقع أي تقدم ورفاهية في الإقتصاد،
وخير مثال عملي عبدالفتاح السيسي، الذي حجة الإنقلاب سببها منع تفاقم فوضى عدم الإنتاج، في المصنع والمزرعة وشركة الخدمات في القطاع العام والخاص،
التي ظهرت في عهد حكم د محمد مرسي، وكان قمتها ما حصل يوم 30/6/2013،
والتي تبين من كلام الفنّان/المقاول (محمد علي) يومها كل همّ الوزير هو وعائلته،
متابعة مقاولة تنفيذ الاستراحة الخاصة بوزير الدفاع،
حسب المكالمة التي جعلته يترك ميدان التحرير، والذهاب لأخذ الملاحظات التي تكلّف تغييرها 25 مليون، ومع ذلك لم يسكن فيها الوزير، لأنه أصبح الرئيس، فمن يضحك على من، ولحساب من هنا؟!