رأي القدس من المفترض ان يتوجه الى نيويورك في اليومين القادمين السيد الاخضر الابراهيمي الدبلوماسي الجزائري المخضرم لتسلم مهامه رسميا كمبعوث عربي واممي الى سورية، خلفا لكوفي عنان الذي استقال يأسا وقرفا وفضل العودة الى التقاعد المريح بعد ان ذاق الامرين اثناء توليه لهذه المهمة الصعبة بل والمستحيلة.السيد الابراهيمي واجه المتاعب حتى قبل ان يبدأ مهمته، وبمجرد ان فتح فمه للحديث الى وسائل الاعلام، وارتكب الخطيئة الكبرى عندما قال ‘ان الوقت مبكر للغاية للتعليق على ما اذا كان يتعين على الرئيس بشار الاسد التنحي لانه ليس لديه معرفة كافية بما يجري’.هذه الكلمات العفوية، اغضبت السلطة والمعارضة في سورية، واكد هذا الغضب ان المبعوث الجديد يسير وسط حقل من الالغام شديدة الانفجار قد ينفجر احدها فيه ومهمته في اي لحظة.المجلس الوطني السوري المعارض شن هجوما شرسا على السيد الابراهيمي، وطالبه بالاعتذار عن هذه التصريحات، وقال في بيان له انه، اي السيد الابراهيمي، ‘يمنح الرئيس الاسد فيما يبدو وقتا لمواصلة حملته لقمع الشعب السوري مثلما يمنحه رخصة لقتل عشرات الآلاف الاضافية من السوريين، وتدمير ما تبقى من سورية المنكوبة بحكامها ومجتمع دولي لا يريد ان يرى حجم مأساتها’.النظام السوري في المقابل ادان التصريحات نفسها واعتبرها تدخلا في الشأن السوري، وقال ان مصير الرئيس السوري ليس من مسؤولية المبعوث الدولي وانما هو من اختصاص الشعب السوري نفسه’.السيد الابراهيمي حاول ان يتراجع عن تصريحاته هذه تحت عنوان تفسيرها وازالة ما لحق بها من سوء فهم في مقابلة مع قناة ‘الجزيرة’ الفضائية قال فيها ‘ان ما قاله هو من المبكر للغاية بالنسبة له ان يقول اي شيء بشأن مضمون مهمته’ واضاف ‘انا لم اعين في هذا المنصب الا منذ يومين فقط. لم اذهب لا الى القاهرة او نيويورك.. سابق علي ان اقول اي شيء بشأن مضمون مهمتي’.توضيحات السيد الابراهيمي جاءت متأخرة وغير مقنعة، فقد كان عليه ان يتريث ولا يدلي باي تصريحات للصحافة قبل ان يتسلم مهمته رسميا وطبيعة الدور الذي سيقوم به، ويطلع بالتالي على جهود المبعوث السابق كوفي عنان والتقارير والتوصيات التي اعدها اثناء وفي ختام قيامه بمهمته وزياراته للعواصم المعنية في دمشق واسطنبول وبغداد والقاهرة ونيويورك وغيرها.الدبلوماسية هي فن الصمت والتأني، والحديث في الوقت المناسب وبالاسلوب المناسب، ولا نعتقد ان هذه البديهيات قد فاتت على دبلوماسي مخضرم مثل السيد الابراهيمي تقلد مناصب دولية عديدة، وتوسط في العديد من النزاعات الاقليمية مثل الحرب الاهلية اللبنانية، ومرحلة ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق، وانتقال السلطة في جنوب افريقيا الى جانب توليه حقيبة وزارة الخارجية في بلاده الجزائر لعدة سنوات.السيد الابراهيمي جلب على نفسه غضب طرفي المعادلة السورية، الحكومة والمعارضة، قبل ان يخطو خطوته الاولى، فكيف سيكون الحال عندما يغرق في رمال الازمة السورية المتحركة والملتهبة؟ انها مهمة صعبة كان على رجل حكيم مثله الاعتذار عن قبولها استجابة لنصائح الكثيرين من اصحابه، ولكنه لم يفعل.Twitter: @abdelbariatwan