لننطلق من مبدأ أساسي صلب، لا نقبل تأويله أو تحريفه أو المساومة عليه: التطبيع مع الكيان الصهيوني مرفوض ومدان، بغض النظر عمّن يمارسه أكان قريبا أم بعيدا، أخا أم ابن عم، فردا أو جماعة. التطبيع يلحق أكبر الضرر بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ولا مبرر له، ومن يحاول التغطي بالقضية الفلسطينية، ويدعي أن علاقاته مع الكيان الصهيوني ستنعكس إيجابيا على الشعب الفلسطيني نقول له، بضاعتك كاسدة ولن تجد من يشتريها.
غالبية الشعب الفلسطيني لا تقبل أن يتحدث مطبع باسم القضية الفلسطينية ويبرر لقاءاته مع مغتصبي الأرض والشرف العربيين، بحكاية البحث عن حل سياسي للقضية الفلسطينية. اتركوا القضية الفلسطينية للشرفاء الذين يدافعون عنها في فلسطين والوطن العربي والعالم. إن التعاون مع الكيان الصهيوني وعقد اتفاقيات معه وهو يشن حرب إبادة على الشعب الفلسطيني، يجعله يوغل أكثر في الدم الفلسطيني، ويجعل أمر استرداد الحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف، أمرا بعيد المنال.
ونؤكد أن هناك مسارا آخر تتبعه الحكومات، وهو نقل التطبيع من قصور الحكام إلى الناس، سواء عن طريق الترغيب أو الترهيب، وفي رأينا أن هذا هو أخطر من التطبيع الرسمي. إننا نتابع محاولات بعض الأنظمة، التي تحاول أن تسوق إسرائيل وكأنها دولة عادية ممكن التعامل معها على كل المستويات، حتى لو أن هناك بعض الخلافات. ولا يعتقدن أحد أننا سنسكت عن هذه المحاولات، سيظل شرفاء كثيرون في هذا الوطن العربي الكبير، يدافعون عن الحق ويتصدون للانحراف ويعلنون جهارا نهارا أنهم لن يتخلوا عن القضية الفلسطينية، ولن يقبلوا التعامل مع هذا الكيان المارق.
التطبيع الرسمي
في المدة الأخيرة جرت أربعة اختراقات كبرى للكيان الصهيوني في أربع دول عربية هي المغرب والإمارات والأردن ومصر.
– قام وزير الدفاع في الكيان الصهيوني، بيني غانتس، بتوقيع اتفاقية أمنية وعسكرية واستخباراتية يوم 24 نوفمبر مع المغرب. وبموجب الاتفاق سيتمكن المغرب من الحصول على معدات أمنية إسرائيلية متطورة، إضافة إلى التخطيط وإجراء مناورات مشتركة. وهذه الاتفاقية في رأينا أخطر تلك الاختراقات لما تعنيه من دخول بلد عربي في تحالف مع اسرائيل التي ستعمل على استغلال هذه المنصة لتوسيع رقعة النفاذ إلى القارة الافريقية.
جماهير متيقظة تراقب وتحاسب ولا يظنن أحد أن التطبيع سيخترق هذه الجماهير المحصنة والمتمسكة بكرامتها الوطنية
– استقبلت دولة الإمارات رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ووفدا رفيعا مرافقا له يوم 12 ديسمبر الجاري. استمرت المحادثات أربع ساعات متواصلة تم التوافق فيها على توسيع مجالات التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والتنموية. أما القضايا الأمنية فكانت قد بحثت وتم التوافق عليها أثناء زيارة وزيرة الداخلية الأكثر تطرفا في الكيان، إيليت شاكيد، يوم 4 أكتوبر الماضي، التي وقعت مع نظيرها الإماراتي سيف بن زايد، اتفاقية أمنية. ولم تنس يومها أن تعلن عن رفضها قيام دولة فلسطينية من مدينة دبي، حتى أن وزير الخارجية يائير لبيد اعترض على تصريحها الفج، خوفا من أن يؤثر في العلاقات، لكن أحدا من الإمارات لم ينتقدها أو يعترض على تصريحها، بل اتفقت شاكيد مع نظيرها وزير الداخلية بإلغاء التأشيرات بينهما، ثم طلبت من الإمارات أن تقوم بتدريب الأئمة المسلمين من فلسطين المحتلة ليتعلموا كيف يلقون خطب الجمعة ويدرسون الإسلام في مساجدهم بما يرضي إسرائيل.
– أما في الأردن فقد دهش الشعب بكامله، عندما تم التوقيع في دبي مع إسرائيل والإمارات يوم 22 نوفمبر وبرعاية أمريكية على اتفاقية إطارية للتعاون في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، وتحلية المياه، بحيث يقوم الأردن بإنتاج االكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، مقابل تزويد الأردن بالمياه. الإمارات هي التي سمسرت الاتفاقية وستغطي تكاليفها.
– مصر من جهتها، استقبلت وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، يوم 9 ديسمبر الذي التقى، ليس بنظيره سامح شكري فقط، بل بالرئيس عبد الفتاح السيسي. لقد كان موضوع غزة، كما قيل في الإعلام هو الموضوع الرئيسي. وقد أعاد لبيد 95 قطعة أثرية مسروقة من الآثار المصرية، لكن الجانبين بحثا أيضا سبل التعاون في المجالات التي تهم الطرفين، خاصة غزة المحاصرة من الجهات كافة، برا وجوا وبحرا. وقد تفضل شكري بالتمني على نظيره الإسرائيلي ألا يأخذ خطوات أحادية «خاصة تلك المرتبطة بالاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لما تمثله من عائق أمام مساعي السلام وفرص التوصل لحل الدولتين». وكم أتمنى أن يوضح لي أحد أين هي مساعي السلام وفرص حل الدولتين. واحتراما لخاطر الوزير المصري قررت إسرائيل أن تبني 1350 وحدة استيطانية فقط. وقد علق لبيد على الزيارة قائلا، «إن مصر شريك استراتيجي مهم بشكل خاص لإسرائيل، ومن المهم مواصلة العمل على السلام بين بلدينا». وقال إنه بحث مع الرئيس السيسي برنامجه المعروض على الفلسطينيين «الاقتصاد مقابل الأمن». وكي لا ننسى فقد قام نفتالي بينيت بزيارة القاهرة قبل ثلاثة أشهر من زيارة شريكه، وكانت الزيارة الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي منذ عشر سنوات.
التطبيعات الأخرى ومؤشراتها الخطيرة
في رأينا أن الأخطر من تلك الممارسات الرسمية هو العمل على تشبيك بين الكيان والشعوب مثل، مشاركة ملكتي جمال البحرين منار نديم دياني، والمغرب كوثر بن حليمة في مسابقة الجمال التي أقيمت في مدينة «أم الرشراش» المحتلة، بينما رفضت ملكة جمال اليونان المشاركة، ولحقت بها ملكة جمال جنوب افريقيا، والعديد من الدول الإسلامية. والأخطر من ذلك زيارة ملكة جمال العراق السابقة سارة عيدان، لإسرائيل، التي التقت رئيس الوزراء السابق نتنياهو، كما لمست حائط البراق على أنه حائط المبكى. والأخطر أن يرسل الجنرال الليبي المنشق ابنه صدام لنيل بركات الكيان الصهيوني ودعمه مرشحا لرئاسة ليبيا. وقد تكون تلك الخطوة بإيحاء من حلفاء حفتر الإقليميين. هذا يعني أن الكيان الصهيوني أصبح عاملا فاعلا فيمن يصل إلى سدة الحكم في بعض أرجاء الوطن العربي. والأخطر من هذا أن يقوم مخرج مصري ومنتج أردني وممثلون أردنيون وفلسطينيون بعمل فيلم «أميرة» يسيء لكرامة الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم.
الردود الجماهيرية
الصورة المشرقة للجماهير العربية هي ما رأيناه في طول الوطن العربي وعرضه ضد التطبيع. ففي المغرب خرجت مظاهرات حاشدة في 27 مدينة بعد توقيع الاتفاق الأمني العسكري، تم التعتيم على غالبيتها الساحقة، وكأنها لم تحدث، بل تواطأت أبواق الإعلام الأوروبي فلم تغط هذه المظاهرات إلا بشكل هامشي. وكذلك الجماهير الأردنية التي أعربت عن رفضها لهذه الاتفاقية. فقد نظمت يوم 26 نوفمبر مسيرات حاشدة انطلاقا من المسجد الحسيني، وطافت شوارع عمان. وفي البرلمان انسحب العديد من الأعضاء عندما حضر وزير المياه والري محمد النجار، جلسة لتوضيح الاتفاقية. وعادت الدولة لتقول إن الاتفاقية غير ملزمة وإنها لن تنفذ إلا عند الحصول على المياه. وفي مصر قام طلاب كلية الهندسة بطرد سائحين إسرائيليين، عندما علموا أنهما في المركب الذي كانوا يحتفلون فيه بتخرجهم وأنشدوا معا «أنا دمي فلسطيني». وما يزيدنا ثقة في جماهير أمتنا ما شاهدناه عند افتتاح ألعاب «كأس العرب» في «استاد البيت» في الدوحة وبدأت الأناشيد الوطنية تعزف لكل الدول العربية تباعا في ظل صمت شامل. ولكن عندما جاء الدور على النشيد الوطنى الفلسطيني «فدائي» وقف الجمهور مصفقا. أما فيلم «الأميرة» فقد انطلقت عاصفة إلكترونية ضد الفيلم وتعالت القوى الضاغطة لسحب الفيلم، وبالفعل تم سحبه والاعتذار للأسرى الأبطال.
جماهير متيقظة تراقب وتحاسب ولا يظنن أحد أن التطبيع سيخترق هذه الجماهير المحصنة والمتمسكة بكرامتها الوطنية. ليعرف الحكام أن التطبيع الرسمي ليس له قواعد شعبية، فضمير هذه الأمة سيظل حيا مهما حاول النظام العربي أن يشوهه. المطبعون لا مكان لهم في هذه الأمة، وثقتنا في هذه الشعوب العريقة التي لن تساوم على كرامتها وتاريخها ومستقبلها. هذا المارد يتململ الآن وسيعود لإطلاق موجة ثالثة ورابعة وعاشرة من الاحتجاجات، إلى أن يحقق الانتصار على «العابرين في كلام عابر» وحماتهم والمتصالحين معهم من بلاد العرب.
محاضر بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بنيوجرسي
احسنت صديقي نحن بحاجه لهذا النوع من الخطاب في مثل هذه الاوقات الصعبه ، شكراً لك
مقال قيم ولكنني كفلسطيني مهجر ومغترب منذ خمسين سنه من اقول اننا نحن صامتون على عباس
كل الحب والتقدير من والإحترام للأستاذ عبد الحميد صيام كاتب هذا المقال المهم والذي يلقي الضوء على حقائق أصبحنا نتلمسها كل يوم عندما نقرأ الاخبار والتي تكشف أجزاء من الصورة التي تخلق تراكماً في الذاكرة الجماعيه هدفها خلق امر واقع! ما هو المهم في هذه المقالة انها تحفز القارئ على العمل اليومي المقابل والمناهض بكل إصرار لهذه الهجمات الجبانة والتي تستهدف الى ابادة وجودنا وحقنا التاريخ من خلال بسط نفوذ الكيان العنصري الغاشم في كل المنطقة على انقاض وجودنا وحقنا وحضارة ابائنا واجدادنا . كل منا لديه واجب وطني ودور يقوم به في هذا الجانب.
لحد الآن مازالت لم تحدث أي مواجهة حقيقية بين الأنظمة المطبعة و شعوبها الرافضة للتطبيع بإستثناء مسيرات أولية تضامنية مع الشعب الفلسطيني تمهيداً لإسقاط هذه الأنظمة الوظيفية ،، لكن متى سيحدث ذلك ؟. الملاحظ أن وتيرة التسارع المرتفع في عقد الإتفاقيات الأمنية و العسكرية و الثقافية و الإجتماعية بين الدول المطبعة و الكيان يتناسب طردياً مع سرعة التغلغل في المواقع المهمة و التحكم في مفاصل الدولة ،و يتناسب عكسياً مع الإستقرار الإجتماعي الداخلي ،أي أنه كلما زاد توسع التطبيع في المجتمع قلت الثقة بين السلطة و الشعب . جاء في الإتفاقيات الأمنية التي أُبرمت أنها ضد عدو مشترك ..! من هو هذا العدو المشترك ؟! من هو عدو المحتل الإسرائيلي ؟! .. إنه الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى .
(…..
و بصرف النظر عن هذه الأحداث التي تجرى في العالم العربي هناك معطيات أخرى على الصعيد العالمي توحي بقرب حدوث تغييرات كبرى في السياسة و القانون الدولي ،تدل على ظهور نظام دولي جديد ،بهيئات جديدة …و محاكم جديدة … سنة 2022 ستكون سنة إعادة التموقع في ظل نظام تفرضه قوى قديمة و أخرى جديدة تسيطر بنسبٍ مختلفة على الإقتصاد العالمي ، هي من تقرر مصير السلم العالمي ،و يتم الإنتقال إلى هذه المرحلة إنطلاقاً من إحدى النقاط الساخنة في العالم ، ربما من أوكرانيا ،أو من تايوان أو من أستراليا أو من إيران . و مهما تكن طبيعة هذا النظام العالمي الجديد فإنه ينصف القضية الفلسطينية التي تتعرض لعملية تصفية وجودية من طرف أبناء أنظمة يُقال أنهم إخوة في العرق و الدين .
وانا اعتقد جازما انك جزء من هذا النظام الذي يجب أن يزول
أستاذي المحترم : هؤلاء شرفاء والباقي غير شرفاء!!.. لا لا يا سيدي، شرفائكم ليسوا شرفائنا، بل فيهم من هم من أهل غدر ودسائس وسراق أرض.. وأبطالكم ليسوا أبطالنا، بومدين وعبد الناصر وما شابه.. بل نراهم أصل المصائب، بما فيها كثير من مصائبكم.. ولنا في هزيمة 67 فقط، أحد أكبر المصائب.. وتبعاتها نعيشها إلى يومنا..
شخصي المتواضع يرسل لأطفال غزة ما تيسر كل شهر من سنن.. وأسأل كم فرصة ظهرت لحل القضية الفلسطينية وأفشلناها.. وأتدكر عندما اغتيل رابين وكان سيخلفه پيريس، كيف أن خلال الإنتخابات ظهرت القنابل البشرية الفلسطينية.. فساعدت على فشل پيريس.. وكان توقيت الأشياء غريب.. وطلع نتنياهو واليمين المتطرف.. تنظيمات إسلامية دخلت على الخط ومن يدعمها.. ونسأل : من يمثل الفلسطينيين؟؟ حماس أم عباس ؟؟
ولنرجع إلى الشرفاء.. أحد شرفائكم من الإنقلابيين انسحب من المعركة في الجولان تاركا الجيش المغربي بدون تغطية جوية.. وكان لهذا الجيش الشرف فحرر له مدينة القنيطرة.. و”شريف” آخر من شرفائكم بجوارنا واتصالاته السرية مع إسرائيل، وماذا كانت شروطه.. (جريدة لوموند الفرنسية بتاريخ 9 ديسمبر 1999)
تريدوننا و”شرفائكم” أن نفكر كما يفكرون، وأن نقول ما يقولون، ونجلس كما يجلسون، ونفعل ما يريدون.. حتى يرضوا عنا..
وهذا لن يكون..
مع التحايا..
تصحيح : يرسل لأطفال غزة من سنين..
تحية وبعد ،
ليس من عادتي أن أعطي حكمًا قيمة على الأشخاص ولا على الآراء المختلفة لكن عندما يصل الأمر إلى القاع القيمي والأخلاقي فلا يمكنني إلا أن أصف ذلك بالخيانة الكبرى لمبادئ الحرية ولثوابت الامة التي نادى بها الشعب العربي ومازال يناضل من أجلها الشعب الفلسطيني . ومن المؤسف جداً ان نرى بعض الاقلام المشبوهة والاسماء المستعارة التي تنادي وتسوق للتطبيع مع الكيان الصهيوني مع العلم انهم يعلمون انه لا مكان لهم بين شرفاء الأمة . . وثقتنا ستبقى في هذه الشعوب العربية الحرة العريقة التي لن تساوم على كرامتها وتاريخها ومستقبلها مهما حاول بعض المأجورين من تزييف الحقائق والتدليس والخداع واللعب على العواطف وزرع الفتنة بين الشعوب الحرة .
والكل يعلم قصة الحب الفلسطينية المغاربية والتلاحم مع الشعوب الافريقية بإنها قديمة ومزمنة وستبقى رغم انف المتخاذلين . وكذلك ستبقى فلسطين وعاصمتها القدس الشريف بوصلة الوطن العربي ومحور ارتكاز العالم وقضية الأمة المركزية … ??. وهنا التاريخ سطر أروع ملاحمه ومن هنا اندحر الغزاة على مر العصور وبقيت هوية المكان الكنعانية وستعود حرة بإذنه تعالى ✌️??.
تحياتي واحترامي لكم . دمتم ودام عطائكم ووفائكم لأمتكم ولوطنكم
للاسف .. اثيك انتقائي .. و اخلاق على المقاس ..
.
بمعنى .. هناك من يرى في معاكسة نظام الجزئر لوحدة المغربرالثرابية امر يجوز .. و لا يرى اي خيانة هنا ..
بل اخطر من ذللك .. هناك من بعبر صراحة عن تراثبية في حب الاوطان .. حتى ضد طببعة الهوموزاببن التي تسكن البشر ..
.
يا سادة .. بدون ادانة صريحة لنظام الجزاءر على افتعاله لملف البولياسريو .. فرجاءا .. خلوا عندكم ابطااكم .. و شرفؤكم ..
ستظل يا دكتور عبدالحميد نبض فلسطين الوطني وستظل الدولة المطبعة دول مفلسة ومتأمره وغبيه.لأنها لاتعبر عن أرادة شعوبها .