الاختيار بين الاسد والمجاهدين اختيار بين الطاعون والكوليرا

حجم الخط
0

قبل بضعة اسابيع زار رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء أفيف كوخافي، واشنطن، وشارك مسؤولين كبارا في ادارة اوباما في عدد من الآراء تتعلق بالحرب الأهلية في سورية. وتتحدث التقديرات الاسرائيلية عن اجتماع 25 – 30 ألف مجاهد في سورية، وهم يأتون من العالم كله ويوجد بينهم أصحاب جوازات استرالية وفرنسية وكرواتية ومن امريكا اللاتينية. ومن بين المنظمات الجهادية الست أو السبع أخطرها هي جبهة النُصرة، وهي فرع من القاعدة أنبت في الآونة الاخيرة جذورا في سيناء ايضا.
حذرت اسرائيل الامريكيين من اجتماع المجاهدين في سورية وسيناء قبل سنة ونصف السنة، واختار الامريكيون التنحي جانبا. وقد شبه أحد الاسرائيليين هذا التطور بنكتة عن البدوي الذي صدمه قطار فاعتاد منذ ذلك الوقت أن يركل كل قمقم وكان يقول: ‘يجب قتله وهو صغير’. وقال العنصر الاسرائيلي إن ‘القمقم أصبح قطارا’.
في اسرائيل ينظرون الى المستقبل في قلق. والتقدير هو أنه اذا ظل الغرب يتجاهل في واقع الامر التطورات في سورية فسيوجد هناك في غضون سنة 100 ألف مجاهد وهذه قاعدة ضخمة للجهاد العالمي بالقرب من بيتنا. وهذا بالنسبة لاسرائيل مشهد قاسٍ لكنه قاسٍ وخطر بالنسبة للامريكيين ايضا.
من الواضح لكل جهة في الغرب أن الاختيار بين الاسد والمجاهدين هو اختيار بين الطاعون والكوليرا، فانتصار الاسد في الحرب الأهلية هو انتصار لايران مع مشروعها الذري وانتصار لحزب الله. فماذا نفعل؟
تقترح اسرائيل على الامريكيين خطة ذات مرحلتين: فينبغي في المرحلة الاولى أن تُزاد جدا المساعدة للجيش السوري الحر بالسلاح والمعدات في الأساس. وهم في اسرائيل على يقين من ان الامريكيين يستطيعون ان يفرضوا منطقة حظر طيران في سورية من دون نفقات باهظة. وهذا ما سيقولونه ايضا لرئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن دامبسي الذي يأتي اليوم في زيارة لاسرائيل. فقد حذر دامبسي في الآونة الاخيرة من النفقة التي تصاحب نشاطا دوليا امريكيا في سورية.
وبعد ان يُهزم الاسد، اذا هُزم، يفترض ان يساعد الامريكيون العنصر العلماني بين المتمردين على طرد فيلق الاجانب المجاهدين، من سورية، وليس هذا حلا مضمونا فهو حل مدرسة لكنهم في اسرائيل يؤمنون بأنه ممكن.
يبدو أنهم في واشنطن يشاركون في الخوف من المجاهدين، لكنهم أقل اقتناعا بضرورة أن تُهزم ايران. في الاسبوع الماضي بذل مايكل مورل وهو في المكان الثاني في وكالة الاستخبارات المركزية مقابلة ترك لعمله قال فيها: ‘إن الخليط الفتاك للتطرف على صورة القاعدة والحرب الأهلية يضع الآن تهديدا لا يوجد أكبر منه للأمن القومي الامريكي، وقد تكون هذه أهم قضية في العالم اليوم’. وقد منح طموح ايران الى السيطرة وبرنامجها الذري درجة أدنى كثيرا فهي كما قال: ‘سبب للقلق’.
واختار البروفيسور ايتمار رابينوفيتش، وهو الاسرائيلي الأعلم بالنظام السوري، أن يرد على كلام مسؤول وكالة الاستخبارات المركزية الرفيع بمقالة تُنشر اليوم في ‘بروجيكت سينديكايت’، وهو موقع امريكي على الانترنت. ويكتب رابينوفيتش أنه نشأ في الغرب جدل بين مذهبين:
الاول يرى سورية ساحة في مواجهة القاعدة والمجاهدين. وخوفه من سيطرة المجاهدين كبير جدا بحيث يحسن ألا تساعد الولايات المتحدة وحليفاتها المتمردين؛ فالاسد على ذلك هو أخف الضررين؛ والمذهب الثاني قلِق من زيادة قوة المجاهدين، لكنه يزعم أن انتصار تحالف فيه روسيا وايران وحزب الله ونظام الاسد في سورية سيُعرض الغرب لخطر أكبر كثيرا، وأنه توجد سبل شتى للتعامل مع المجاهدين في سورية بعد سقوط الاسد. ويكتب رابينوفيتش ان ‘نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية ينتمي بوضوح الى المذهب الاول’.
‘الحقيقة هي ان الولايات المتحدة لا يجب عليها ان تختار بين الاثنين. صحيح أن المتمردين العلمانيين ضعفاء ومنقسمون وان المجاهدين أكثر تصميما لكن سيطرتهم في حال الانتصار على الاسد ليست ضرورية. إن ما يجب على الادارة الامريكية ان تفعله هو ان تستثمر في المعارضة العلمانية أكثر وان تزيد مواقفها تحديدا. في حزيران/يونيو الماضي أعلن الرئيس اوباما أن الاسد باستعماله السلاح الكيميائي اجتاز خطا أحمر، لكن ذلك التصريح لم ينتج تغيير سياسة وعملا ظاهرا للعيان. إن المعركة التي ستحسم الحرب الأهلية ستحدث في حلب، فاذا انتظر الغرب حتى المعركة في حلب فقد يفوته الموعد’.
إن استقرار الرأي على كيفية التصرف في سورية متروك للرئيس اوباما. ويتذكر شخص في اسرائيل يتابع من قريب الاحداث هناك هذا الاسبوع خطبة خطبها اوباما في بداية ولايته الاولى قال فيها إن المذبحة في دارفور في السودان ‘وصمة لأمتنا’.
وتساءل المسؤول الاسرائيلي الرفيع المستوى: ‘أفليست سورية وصمة؟’.

ناحوم برنياع
يديعوت 12/8/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية