جيسيكا بولس، طفلة في العاشرة من عمرها أصيبت برأسها وهي في طريق عودتها الى بيتها في حي عين شمس في القاهرة. لم تكن لها فرصة للنجاة. جريمتها هي أنها قبطية. عشرات الكنائس احرقت في الاسابيع الاخيرة، ولم تكن بولس هي الضحية الوحيدة. اخوة الاخوان المسلمين، في سورية، في نيجيريا، في العراق، في باكستان، في افغانستان، في الصومال وفي لبنان قتلوا وتسببوا بالموت، في الاسبوع الاخير فقط قرابة 300 شخص، وهذا لا يتضمن سورية التي هي قصة بحد ذاتها. من زاوية نظر غربية، فان محاولة النظام المصري قمع الاخوان المسلمين تبدو فظة، غليظة وعديمة الاخلاق. مقاطع فيديو من مواجهات الايام الاخيرة في مصر توضح ان الطرفين لا يخرجان جيدا من هذه القصة. لا يوجد هناك أولياء. المحزن هو أن هذه هي قواعد اللعب الكريهة في الشرق الاوسط. لا توجد يد رقيقة. لا يوجد فض للمظاهرات حسب قواعد بروتوكول جنيف. والان ايضا، بعد سلسلة رهيبة من الجرائم ضد الانسانية بعد عدد لا يحصى من المذابح والقتل للابرياء، الغرب كان سيشتري كل تسوية تعيد الهدوء الى سورية، بما في ذلك بقاء عظيم القتلة الاسد في الحكم. ولكن النظام المصري بالذات الذي يكافح سرطان الاسلام المتطرف يحصل على كتف باردة. ففي شبه جزيرة سيناء ينشأ منذ الان حكم مستقل للجهاد. فما الذي يظنه الغرب ان يقاتلهم الاخوان المسلمون هناك؟ هل يجد الغرب صعوبة للتصدي للواقع؟ احيانا لا يكون هناك مفر من . النظام المؤقت في مصر هو شر كبير، ولكنه البديل الوحيد للشر الاكبر. وهكذا فان المتأففين يمكنهم أن يتأففوا من دون توقف. المشكلة هي أن هذا التأفف سيؤدي الى تخليد سيطرة الاسلام المتطرف في الدولة العربية الاهم. وبدلا من ايران واحدة سنحصل على اثنتين، بدلا من حماس تسيطر على 1.3 مليون نسمة، نحصل على حماس تسيطر على اكثر من 30 مليونا، مزودا باحد الجيوش الاقوى في الشرق الاوسط. هذا لن يكون انتصارا للديمقراطية، هذا سيكون انتصارا لايديولوجيا اجرامية عنصرية وقمعية. مصر هي دولة مريضة. المال لشراء القمح، الغذاء الاساس والرئيس آخذ في النفاد. وأخر مرسي الاستيراد على أمل أو خيال في ان ينجح في ان يتدبر أمره باكتفاء ذاتي. والنتيجة هي اقتراب مقلق من الخط الاحمر. في دولة ربع سكانها يعيشون على اقل من 1.64 دولار في اليوم، فان الانهيار هو مسألة وقت فقط. اذا لم يتحرك احد ما هناك في الاتجاه الايجابي، فان كل ما حصل حتى الان يكون لا شيء مقابل ما يمكن له أن يحصل لاحقا. هكذا بحيث أن الدول الغربية بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، ملزمة باتخاذ قرار. الجلوس على الجدار او ربما مساعدة الجانب الاقل سوءاً من اجل انقاذ مصر من الانهيار. الايام ستقول ماذا كانت مساهمة الرئيس الامريكي باراك اوباما في تدهور الشرق الاوسط في السنوات الاخيرة، والشتاء الاسلامي الذي حل على تونس وسورية وربما ايضا على مصر. لقد كانت لاوباما نوايا رائعة. الواضح هو أنه كلما حاول ان يتصالح أكثر، اصبح هو والولايات المتحدة اكثر كراهية. لقد نجح الرجل في أن يتكيف مع الوضع الاسوأ، فالان الطرفان يمقتانه. ادارته تكافح الاسلام المتطرف في باكستان، افغانستان وفي اليمن، وترفض ايضا ان تفهم بان الاخوان المسلمين هم اخوان حماس وطالبان. لقد كانت للعالم الحر فرصة للوقوف بشكل لا لبس فيه الى جانب المعسكر العلماني. ليس لانه الافضل، بل لانه افضل ما هو موجود. اوباما، زعيم العالم الحر، والدول الاوروبية، يصرون على تفويت الفرصة.