مرة أخرى مفارقات لا يمكن رصدها إلا في المشهد الأردني.
يعلن فرع شبابي لحزب مرخص يعرف الجميع جميع أركانه وقياداته بانه سيعتصم أمام مقر جهاز المخابرات العامة الأردني فيصدر أحد التيارات بيانا شديد اللهجة من النوع الصالح لكل المناسبات يتهم فيه تيار{ المحاصصة والتجنيس في البرلمان والإعلام المأجور} بالتجهيز للأعتصام المشار إليه.
على نفس الوتيرة وبنفس النغمة وبنفس المناسبة تصدر مجموعة كبيرة من الشخصيات بيانا مماثلا تتحدث فيه عن الإعتصام أمام مقر المخابرات بإعتباره مقدمة للوطن البديل ومنطلقا من الأفكار الصهيونية التي يروجها تيار المحاصصة والتجنيس … إلخ المشروخة إياها.
أحدهم كتب يقول: هذه الدعوة المشبوهة لها علاقة بدور مؤسسة المخابرات في في حماية البلاد من الفوضى والإرهاب وامتداد الحريق الإقليمي إلى بلدنا…- إلى هنا والكلام عادي ومعقول ولا إعتراض عليه – لكن صاحبنا قرر أن يضيف العبارة التالية {.. كما أنها ترتبط بموجة الدعوات المشبوهة للتجنيس والتوطين والحقوق المنقوصة}.
قبل ذلك وبالنسبة لبعض كتبة التأزيم وإنتاج التوتر وصناع الإحتقان يمكنك أن تقرأ عبارة {نواب التوطين والمحاصصة} في أي تقرير او مقال حتى لو تناول الوضع في جمهورية الكونغو الديمقراطية أو أسعار البندورة.
أفهم بالطبع أن رسائل من هذا النوع هدفها للمرة الألف الإيحاء بأن جماعة الأخوان المسلمين التي دعا شبابها لهذا النشاط الغريب هي في واقعها تعبير سياسي عن الأردنيين من أصل فلسطيني.
وتلك دوما {فرية} جاهزة دوما في سياق تجارة الإنقسام والإنسلاخ التي تبقي بعض الموتورين على طاولة الفعل والحدث وبين الأضواء.
الحريصون بشكل مفاجىء على منع أي إعتصام على بوابة المخابرات إنتفضوا فجأة ووجهوا تحذيراتهم لجهة غير موجودة أصلا في السياق والمكان بعدما ساهموا أكثر من غيرهم في مضايقة النظام ورفع سقف المعارضة وزراعة الإحتقان وإنتقدوا عشرات المرات الأجهزة الأمنية.
لا تعجبني إطلاقا فكرة التجمهر والإعتصام أمام المقرات الأمنية وتحديدا جهاز المخابرات العامة ولا أعرف بصراحة سببا خارج سياق الإستفزاز المجاني ولزوم ما لا يلزم لخطوة من هذاالنوع.
وأتصور بصدق بان الإعتصام الأجرأ هو المخصص للمقرات والقيادات السياسية التي تتحكم بدورها بمفاصل القرار الأمني فرجال الأمن في النهاية يقومون بمهام وواجبات أوكلت لهم من قيادات سياسية في الدولة.
عليه لا أرى فكرة الإعتصام أمام مقرات الأمن مثيرة أو ذات مغزى ومعنى من الناحية العملية وإن كنت بنفس الوقت أقدر بأن المؤسسة الأمنية بقيت في المسألة الإصلاحية تحديدا في الإتجاه المعاكس كما أقدر بان اللحظة التي إنشغل فيها الأمنيون بتغطية عيوب السياسيين والإنشغال بكل تفاصيل الحياة إنفلتت جميع الإتجاهات وتقلصت المهارات الأمنية المعهودة وزادت معدلات الإجتهاد الشخصي.
بالمقابل يعرف الجميع بان تهمة تيار المحاصصة والتجنيس تصرف إعتباطا لكل من يعترض على سحب الجنسيات مثلا أو يحذر من إنهيار التعليم العالي والجامعات بسبب إستثناءات القبول.
تصرف كذلك نفس التهمة المعلبة لكل من تسول له نفسه يوما التعبير عن الإيمان بفكرة إصلاحية او الأيحاء بفكرة عصرية.
فقط وسط نخبة عمان سيجد البعض تهمة الوطن البديل على دربهم وعتباتهم وأبوابهم حتى لو قالوا للحياة: صباح الخير أو تأملوا قليلا في مستقبل البلاد بعيدا عن منهجية المواطنة.
التحذير من الوطن البديل أصحبت مهنة ووظيفة للمتبطلين السياسيين.
رغم ذلك بحثت بتجرد عن أي دلالة خفيفة او ثقيلة ومن أي نوع يمكن أن تربط مشروع الإعتصام امام مقر المخابرات بأعضاء نادي المعلبات إياها من الداعين للتجنيس والتوطين فلم اجد ولا حتى قرينة.
لا أعرف شخصيا من أين إنطلقت عبقرية الربط بين فكرة مجنونة موتورة من طراز التجمهر أمام مقرات أمنية وبين قضايا وملفات من طراز التجنيس والمحاصصة.
لكن بطبيعة الحال لدي تفسير وأجري على ألله: في بلادي ثمة نخبة من المعنيين دوما بإختلاق قصة الوطن البديل وتيار التوطين والمحاصصة فتلك تجارة ينبغي أن لا تبور وينبغي ان تبقى معروضة على الطاولة لإقلاق المجتمع وتأجيج المشاعر في وصفة أمنية كلاسيكية قديمة وبائسة هدفها المركزي إقلاق المجتمع حتى تفلت دوائر الفساد والإستبداد.
لذلك حصريا توقف بعض نشطاء الحراك بعد سبات عميق لعدة أشهر وإستفاقوا على وقع النغمة التي تربط بين الإعتصام المشار إليه وقصة التجنيس والتوطين مجددا فالهدف لا يمكنه إزاء ربط إشكالي غير واقعي وغير منطقي ولا مبرر له من هذا النوع أن يكون إلا الحفاظ على جذوة الشعلة إياها.
المجتمعات العصرية تحافظ على شعلة الإبداع والتنافس الرياضي وبعض أبناء بلادي مصرون على الحفاظ على شعلة النزاع والإنقسام عبر القتال المرير والمريب من أجل {تثبيت} القناعة بأن في الأردن تيارا نشطا يعمل لصالح التجنيس والتوطين حتى لو تطلب الأمر ربط أي قصة وفي أي مكان وزمان بالكذبة نفسها.
أتصور وبصراحة ثمة جهة منظمة تهتم جدا بسقاية وإنقاذ وبقاء وغذاء الإنقسام, الأمر الذي يبرر فعليا الإصرار العنيد على أن إعتصام المخابرات ينفذه في الواقع تيار المحاصصة والتوطين رغم أن المتهمين بالفرية أصلا داخل البرلمان ليسوا أعضاء بالأخوان المسلمين وغالبيتهم مقربون من الأجهزة الأمنية وعلى صلة بها إضافة لانهم ببساطة شديدة ليسوا من دعاة ذلك الإعتصام الذي لم يحصل ولن يحضروه.
مسألة اخرى تخطر على البال عند محاولة فهم ظاهرة صناعة الإنقسام في الأردن وهي السعي للتعبير عن المؤسسة الأمنية بإعتبارها التعبير الرمزي عن فئات إجتماعية مقابل تخصيص مساحة الأخوان المسلمين للتعبير عن فئات اخرى…هنا تحديدا يمكن إشتمام رائحة ماكينات التفريق الخبيرة العاملة كأدوات في خدمة السلطة والنظام.
الغريب أن الأخوان المسلمين وهم دعاة ومنظمو الإعتصام المشار إليه شركاء لكل المؤسسات الكلاسيكية والمحافظة في الأمن والبيروقراطية في تبرير سحب الجنسيات والسكوت عن غياب المواطنة كمفهوم.
ورغم أن الأخوان المسلمين التيار الأعرض في البلاد إلا ان مسائل مثل المواطنة والأرقام الوطنية والحقوق المتساوية وإستثناءات الجامعات تقع في ذيل إهتمامتهم وأدبياتهم رغم انها نفسها المسائل التي تجر على المهتم بها معلبات التهم الكلاسيكية …عليه كيف تكون دعوة الإعتصام على صلة مباشرة بتيار التوطين إلا إذا كانت {جهة ما} تريد بيع الشعب الأردني هذا الوهم لمضايقة الأخوان المسلمين وتحريض العشائر عليهم ولإقلاق {نصف الشعب} الأردني مجددا بوسائل تقليدية وبدائية لم تعد مقنعة.
‘ مدير مكتب ‘القدس العربي’ في الاردن
لا توجد دولة ابدا بلا مخابرات ولا توجد مخابرات ابدا بلا هدف ولا يوجد هدف بلا مهدف ولا يوجد مهدف بلا عقل والمخابرات الاردنية اليوم يقودها جنرال عاقل وديبلوماسي مخضرم خدم في المغرب تسكنه السكينه وتعلوه الحكمة ولا تثيره زوابع من طراز ما يجهز له لانه قريب من الحدث وجهازه يحمي اعصاب المملكة من التاكل او التمزق وهو الجهاز الرصين القديم الحديث المحدث الذي سلم
ذكر مسؤول سابق بأن وراء العنف في الجامعات الأردنية التجنيس والتوطين . وأنا مثله أعتقد بأن مآسي ميانمارفي بورما و مورو في الفلبين وكشمير في الهند ، واعتداءات جبل محسن عى التبانة ، وتدخل إيران في البحرين ، ورفض المالكي لمطالب جزء من ( شعبه) ، وخطف الجنود المصريين في سيناء ، وتمرد التاميل والألوية الحمراء والجيش الإيرلندي والباسك وبادرماينهوف ، ومشكلة حلايب ، وأزمة الفوكلاند ، وانقلاب الحوثيين على دولتهم ، وتحول سلاح ( حزبالله) من حيفا وما بعدها الى القصير ، وقضية التبت ، وقلاقل دارفور تجري لأهداف توطينية أيضاً .
لا اعرف كيف يمكن لشعب في العالم يعيش تحت وطئة الاحتلال 65 عاما وبين الجوع والعطش والجوع والاضطهاد وهو يقف صامدا كالجبال في وطنه ، يمكن ان يفكر لوهلة بوطن بديل عن ارضه غير الجنة ولا يحلم حتى في الجنة الا بعد موته على ارضه ا
احسنت يا استاذ بسام ، وبارك الله فيك، واضح ان هناك من يخلق ادوات التفرقة ويوظف أي حدث في الكون في موضوع التوطين؟؟انهم يغذون النعرات الاقليمية والجهوية؟؟ والغريب ان الدولة تبدو عاجزة عن تحديد الجهة او الجهات المنخرطة في غرس وتعزيز التفرقة او لها مصلحة في ما يحدث ، فايزج بمن تسميهم دعاة التوطين بكل صغيرة وكبيرة، وكان هؤلاء مسؤلين عن ثقب الاوزون او انقراض الهنود الحمر، نعرف ان الكثير من الاردنيين يضيق صدرهم لو ان احدا طالب بحقوقه، فالتهم جاهزة ومعلبة وتنتظر كل ما يطالب بحقه، حتى لو كان من الحراكيين الوطنيين الاردنيين الشرفاء، وحسب الدستور هؤلاء اردنيون بغض النظر عن اصولهم ومنابتهم، هذا ما كان يقوله الملك الراحل، هل تغير الدستور واصبح هؤلاء بدون مثلا؟؟ الحقيقة ان تفكير بعض السياسيين في الاردن غريب ومتناقض، خاصة عندما يتعلق الامر بالمطالبة بالإصلاح او المطالبة بالحقوق والمساواة وتكافؤ الفرص، مع ملاحظة اخيرة هي ان لا يستقرون على حال بهذه المسئلة، فلو اصر الناس على انهم فلسطينيون لاتهموا بعدم الانتماء، ولو طالبوا بالمقاومة لاستعادة حقوقهم في فلسطين لتلقوا الرصاص وتلقفتهم السجون، ولو اعتبروا انفسهم اردنيون بكامل الولاء لاتهموا بعدم الوفاء لقضيتهم وانهم اصحاب اجندات خاصة بالتجنيس والتوطين، نرجوكم ارحمونا من هذا التفكير المتناقض
الاسماء جعلت لمعرفة الوجهه وعرفت باسم المكان والزمان وليس للفصل بين البلدان والانسان ومني اخيرا تحيه كركيه عاشت فلسطين الابيه