يؤكد الصديق الدكتور عبد الناصر الخصاونة وهو طبيب وسياسي أردني معروف بأن تجربته الشخصية تؤشر على أن أجهزة الدولة خصوصا في مستواها الأمني عندما تختار المرشحين الذين ينبغي لهم الفوز بأي إنتخابات تكون موفقة أكثر في الإختيار من النواحي المهنية من إتجاهات الشارع.
يبتسم الرجل وهو يخبرني: جميعنا إعتدنا التهامس حول دور أجهزة الأمن في التدخل بالإنتخابات.
ثم يضيف: تجربتي بعد الإنتخابات البلدية الأخيرة تقول بوضوح بان أجهزة السلطة عندما تختار من تؤمن بأنه ينبغي أن يمثلنا تكون منتجة قياسا بما رأيته من توسع ظاهرة شراء الأصوات.
وفقا الخصاونة الدولة عندما تختار تحت اليافطة الإنتخابية تراعي كل الإعتبارات بما في ذلك الجغرافيا والتقاسم العشائري والديمغرافي ومصلحة العمل والإنتاجية وإلى حد ما الأهلية والكفاءة أما الشارع فيصوت بوضوح لمن يدفع فقط بعد النفوذ الواسع لشراء الأصوات في الحياة الإنتخابية الأردنية.
القادرون على الدفع وشراء الأصوات والإنفاق بهبل ودون رقيب هم الأقدر على الوصول لأصوات الناس وللصناديق.
وهؤلاء لا يتركون للفقراء والطبقى الوسطى وللسياسيين والديمقراطيين والإصلاحيين الحقيقيين إلا {فتات الترشيح}..يتقافزون بحماس لدفع ملايين الدولارات للشعب الذي أثبت أن بعض قواه مستعدة تلقائيا للتزوير الشعبي ولبيع ضمائرها.
مرارة هذا الكلام المؤسف تكمن في صدقيته العملية والواقعية فظاهرة التزوير الشعبي لم يعد بالإمكان إخفاؤها في ظواهر الحياة الديمقراطية حتى عندما يتعلق الأمر بالديكورات وقشور الإنتخابات الحرة والتجارب البرلمانية والبلدية.
أعرف شخصيا رجلا يحمل درجة الإستاذية ويعتبر من علماء الكون ترشح لإنتخابات البرلمان الأردني عن دائرة لا يوجد فيها ولا فقير واحد وكانت النتيجة أنه حصل على 300 صوت فقط لا تؤهله حتى لعضوية مجلس الأمهات في أي مدرسة لرياض الأطفال.
وأعرف بالمقابل رجلا أميا لا يقرأ ولا يكتب نجح عدة مرات بعدما دفع ملايين الدنانير في عمق العاصمة التي يفترض أن تحكمها طبقة من السياسيين والحزبيين والمثقفين.
أحدهم لا أستطيع إئتمانه على دجاجة أصبح عضوا في البرلمان وتفاخر أمامي وبصورة علنية بأنه حجز قبل شهر من يوم الإقتراع عشرة أطنان من اللحوم في ثلاجات عملاقة حتى لا يضطر للدفع بأسعار مرتفعة عندما ينجح ويبدأ بإعداد ولائم المنسف الشهير للأقارب والعشيرة والقبيلة ولمن أشتريت أصواتهم.
في إحدى قرى محافظة إربد المعروفة بإنتاج نخبة من كبار رجال الدولة والسياسة أسقطت إحدى العشائر مهندسا متفوقا ومثقفا سياسيا من أولادها لصالح منافس له من نفس العشيرة سجله الشخصي في الإنتاج والإبداع ينحصر في جيوبه العمرانة بالدنانير.
أصحاب الملايين فقط يستطيعون الإدعاء بقدرتهم على تمثيل الناس وهؤلاء وحدهم في الأغلب من يتجرأون على ترشيح نفسهم أو خوض المعركة الإنتخابية وصورة البرلماني الذي تفاخر أمام عدسات الكاميرات بوجود تسعة ألاف بطاقة إنتخابية بين يديه لا زالت ماثلة للعيان لان أصحاب هذه البطاقات أودعوها كأمانة بين يديه.
وأصحاب الملايين يستمع لهم الوزراء والمسؤولون جيدا ويتم تسليك ملفاتهم الواحد تلو الأخر داخل أروقة البيروقراطية التي إعتادت على كل انزاع التزوير .
أزعم ان بلادي تنفرد على مستوى الكون بوجود نوعية محددة من المواطنين والناخبين لا وجود لها حتى في الأحلام .
كادر هذه النوعية يوافق على تمكين ولده من الغش بإمتحانات الثانوية العامة بل ينظم مسيرات تطالب بالسماح بالغش.
بعض الأشخاص عندما يغضبون من الدولة لأسباب لا علاقة لها بالسياسة أو بالديمقراطية يسارعون لأقرب شغب ممكن فيحطمون مكتب بريد القرية أو العيادة الصحية أو يحرقون المحكمة أو يقطعون طريقا في سلسلة من الممارسات الغريبة التي يتضرر منها المواطن فقط وحصريا.
عندما وضعت الدولة ختما لا يمكن تزويره على بطاقة الإنتخاب لأغراض الشفافية إبتكرت العبقرية الشعبية وسيلة {الكي} لإلغاء هذا الختم.
وعندما تقرر وضع {الحبرالأسود} على أصبع الناخب تدفقت عبقريات التزوير الشعبي في البحث عن كل وسائل الكون الممكنة لطمس هذا الحبر حتى أن بعضهم كاد يفقد أصبعه من كثر المواد الكيماوية التي إستعملها.
حتى ماكنات الطباعة المخصصة لبطاقات الإنتخاب وجدت من يذهب خصيصا للصين ولبنان وغيرهما من البلدان لتزوير ماكينة مماثلة وأنا شخصيا لا أتصور إطلاقا أن اي جهة يمكنها أن تصل إلى هذا المستوى من الإصرار على التزوير.
إستسهل بعض المواطنين بيع ضميرهم الإنتخابي وعرضوا أصواتهم الإنتخابية في سوق المزايدات المالية بعدما تم تزوير إرادتهم فعلا عشرات المرات في نطاق نظرية أمنية بائسة وقديمة كانت تحذر النظام من وقوع المؤسسة في أيدي الأخوان المسلمين أو المخطط الإسرائيلي إذا لم تزور الإنتخابات أو إذا نظمت بشفافية ونزاهة. برامج التزوير الرسمي الكلاسيكية التي عششت في حضن الجهاز البيروقراطي وعقليته طوال عقود دفعت الناخب الأردني لحالة من العبث ولقناعة مسبقة بأن الإنتخابات ستزور بكل الأحوال وبالتالي الحصول على ثمن الصوت أو تأجيره سيكون الخيار الأفضل.
لدى قواعد من الناخبين قناعة موازية لا تتعلق بـ{خير من إستأجرت القوي الأمين} بل بـ{خير من إنتخبت النصاب المحتال المليونير} …الأخير لديه طرق متنوعة ومتعددة لتمرير مصالح جماعته في أروقة الأجهزة البيروقراطية القابلة للطي وللكي وللف وللدوران بدورها.
..هذه متوالية هندسية من الفساد السياسي والأخلاقي الذي ضرب أوساطا في عمق المجتمع وهو نفسه الفساد الذي إنتهى بحراكات شعبية تشكك بالإنتخابات وتطالب بإسقاط البرلمانات وتديم أزمة المصداقية بين الحكم والمحكومين في البلاد.
تم إفساد الذائقة العامة للمواطنين لدرجة أن بيع وشراء الأصوات بشكل عام وبصرف النظر عن البدل النقدي المباشر هو الآلية اليتيمة التي تحكم مسارات وإيقاعات عملية الإنتخاب في عدد كبير من المناطق.
ثمة جهات متعددة إستفادت من هذا الإفساد بل وإستثمرت فيه فمن يشتري الصوت بمال أو خدمة خاصة خارج القانون والشرعية يستطيع ببساطة الإستمتاع بالكرسي والتركيز على مصالحه الذاتية وتجاهل حاجات الناس وقضاياهم ويستطيع إقفال باب مكتبه في وجه اي مراجع مواطن من باعة الأصوات.
بائع صوته هو الخاسر قبل اي طرف آخر فقد حصل على بدل الصوت ولا يستطيع مراجعة أو معاقبة ممثله ومرشحه لاحقا.’
مدير مكتب ‘القدس العربي’ في الاردن
الحكومه والنظام افسدو المجتمع والحياه السياسيه وهناك قناعه ان الانتخابات مزوره قبل ان تبدا …فمن الطبيعي ان ترى كل ما تراه لان الفساد عم البلاد وروجو لمقوله كن فاسدا تصبح مسؤولا ……………….
انا سخصيا عمري 52 سنة لم اشارك في اي انتخابات بالرغم عن امنيتي ان اشارك فيها ولا اخس بالغبن والقهر بعد ذلك نسال الله فقط الله الفرج.