عمان ـ ‘القدس العربي’: وسط توقعات برد مشروع الموازنة المالية يواصل البرلمان الأردني تقريع حكومة الرئيس عبد الله النسور في جلسات مناقشة تصعيدية خصصت لإقرار الموازنة المالية وتنتهي الأربعاء.
لاعبون كبار في البرلمان إنضموا لحملة الإنتقاد الشديد للحكومة وبين أبرز هؤلاء عبد الهادي المجالي الذي تحدث علنا عن تحديات كبيرة تواجه الأردن جراء المشكلات الإقليمية وعلى رأسها مسألة اللاجئين قائلا بأنها تحديات نواجهها بحكومة ‘ضعيفة’ ووزراء لا يملكون الكفاءة والقدرة على إتخاذ القرار.
كلام مماثل تقريبا نطق به رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري عندما تحدث لوكالة الأنباء الرسمية بترا عن تحليله لمضامين خطاب الملك عبد الله الثاني الأخير.
مرة أخرى ركز المصري هنا على أن خطط الإصلاح الحقيقي غير مكتملة بدون القفز إلى قانون إنتخاب حقيقي وعصري مشيرا لان الأسلوب الذي يختار به الوزراء سيىء للغاية ولا يجوز إستمراره.
تعليقات المصري تنسجم عمليا مع شعوره بأن جهات نافذة في مؤسسة القرار خذلته كرئيس للجنة الحوار الوطني عندما أوصت وثيقة اللجنة بقانون إنتخاب عصري جديد قبل حل اللجنة وتجميد توصياتها ووضعها في الثلاجة.
بالمقابل أظهرت مناقشات الموازنة المالية طوال الأيام الثلاثة الماضية بأن كتل البرلمان تواصل الضغط على حكومة النسور التي لم تتمكن حتى اللحظة من إنجاز تعديل وزاري مطلوب بإلحاح لتعويض نقص الكادر الوزاري.
الحكومة بتقدير الناشط السياسي البارز خالد رمضان تخرج من مسار التأثير والتغطية والأحداث الإقليمية تفرض نفسها بقوة على الواقع الداخلي والسياسي المحلي.
قبل ذلك كان رئيس مجلس النواب سعد السرور قد وجه ملاحظات نقدية لأداء الطاقم الوزاري فيما يبدو الطاقم الوزاري تائها تماما في التعاطي مع إنفعالات برلمانية تنتج اليوم عن شعور مستوطن وسط النواب بأنهم راحلون مع الحكومة قبل إكمال فترتهم الدستورية كما يقدر النائب رائد حجازين.
كثرة الإنتقاد لطاقم الوزارة والحكومة لا تمس فقط غطاء البرلمان للحكومة ومستوى صمودها وإستمرارها لكنه يعكس خصوصا بعد إصطفاف شخصيات مهمة في سياق النقد مثل المجالي والمصري صعوبة توفير مساحات حركة مرنة للحكومة وعدم وجود أصدقاء لرئيس الحكومة داخل أجنحة مؤسسة النظام والحكم.
لذلك حصريا تشير الكثير من القراءات لان حكومة النسور بحكم الراحلة الآن أو إنضمت على أبعد تقدير لخطوط ترقب الرحيل وفي وقت قياسي.
وهو رحيل ممكن بعد تمرير موازنة الدولة المالية من البرلمان وهي موازنة متأخرة في الواقع وتأخرت بسببها عشرات العطاءات الحكومية وتحديدا تلك التي تتطلبها منحة خليجية وصل جزء منها للخزينة.
لكن البرلمان نفسه مرشح للرحيل أيضا بعد الحكومة أو بين الدورتين في شهر آب (اغسطس) المقبل على أن مهمة إنجاز قانون جديد للإنتخاب التي يتحدث عنها المصري محاطة بمستقبل غامض وأن كان خطاب الملك الأخير قد تضمن إشارات واضحة لان خطوط إنتاج الإصلاح السياسي متواصلة.
الإيقاع السوري برأي رمضان وغيره من المحللين السياسيين يفرض بصماته ويؤثر بشدة ليس على الحكومة والبرلمان فقط ولكن على مجمل المشهد الداخلي، الأمر الذي يمكن ترصده من خلال التسريبات التي تتكهن باللجوء لورقة ‘الطوارىء’ بين الإحتمالات إذا ما إشتعلت الأجواء شمالي البلاد وتحديدا في محافظة درعا وإستمر تدفق اللاجئين وتعطل برنامج الخدمات الأساسية للنظام السوري.
ورقة الطوارىء لو برزت على الطاولة لكان تأثيرها الأول ترحيل الحكومة والبرلمان معا وهو إحتمال وارد اليوم ويطرحه بعض السياسيين لكن السياسي المخضرم والخبير الدكتور ممدوح العبادي يستبعد ذلك تماما رغم وجود مشكلات حيوية اليوم تتعلق بهيبة وشرعية القانون والدولة.
وجهة نظر العبادي أنه لم يتلمس اي إيحاء في المداخلة الملكية الأخيرة يوحي بأن البوصلة متجهة نحو حالة إستثناء طارئة وعضو البرلمان خميس عطية يقول بأن تعطيل الحياة البرلمانية لأربعة أشهر بدون إنتخابات جديدة ستعني عودة البرلمان القديم.
اللافت ان النخبة المحلية دخلت عمليا في مزاج ‘رحيل الحكومة’ وبعض السيناريوهات بدأت تروج لرحيل البرلمان أيضا وهو خيار يستفسر رئيس مجلس النواب سعد سرور عن مواطن الحكمة فيه ويستبعده في نفس الوقت متسائلا: لماذا يحل البرلمان؟