قبل وبدون الإعتراف الصريح بالمشكلات وتشخيصها وأسبابها كما هي لا يمكن معالجة أو حل أي معضلة في الحياة العامة الأردنية بعدما وصلت هيبة الدولة إلى أدنى مستوياتها وعايش المجتمع إنفلاتات أمنية لم تكن مألوفة ولا مصلحة لأحد فيها .
الإعتراف بالذنب وأحيانا بالجريمة يطهر النفس ويحفز الروح ويقطع بأي إنسان عاقل نصف الطريق نحو المعالجة والحل..بدون ذلك سيدور الجميع في ساقية الثور ولن نعرف يوما الفرق بين الحمامة والببغاء.
مؤسسات التعليم العالي والجامعات وصلت إلى الحضيض حتى بات هاجس الأردنيين وحديثهم متعلقا بالبحث في أفضل السبل لتأمين دراسة أولادهم في الخارج مما يعني تصدير المزيد من العملة الصعبة للخارج في ظرف إقتصادي حساس.
يفكر الأردنيون بإرسال أولادهم للدراسة في الخارج ليس فقط بسبب هبوط مستوى التعليم الذي طال معظم الكليات الجامعية.
ولكن أيضا خوفا على حياتهم وسلامتهم الجسدية فبعض الطلبة الجامعيين عادوا جثثا لأهلهم وبعضهم الأخر أصيب بعاهات وإرسال الولد أو الفتاة إلى الجامعة يتطلب مجازفة حقيقية هذه الأيام.
تعقد المؤتمرات والإجتماعات المغلقة وللأسف يعقدها ويحضرها نفس الأشخاص المسؤولين الذين تسببوا أصلا بالمشكلة وكانوا ولا زالوا جزءا منها ..ذلك لا يحصل إلا في الأردن فمن تسبب بالمشكلة لانه ضعيف أو غير مستقل أو معين بالواسطة بعيدا عن الإعتبارات العلمية يجلس على طاولة المعالجة في مؤسسات القرار المرجعي ويتحدث أركان النظام وكأن العرس عند الجيران.
أحد الإجتماعات كان يحاول الإستقرار على إسم أستاذ جامعي يترأس إحدى الجامعات بعدما شهدت مظاهر متعددة من العنف الطلابي…قيل كل شيء في مواصفات الرئيس المطلوب للجامعة إلا العلم والمهنية والكفاءة فقد كان لابد من إختيار أستاذ يرتبط بعلاقات جيدة مع الأمن وينتمي لإحدى العشائر دون غيرها ويتميز بأن مجتمع القبيلة المحيط بالجامعة يقبله.
المخزي أكثر هو إقتراح أحدهم بأن يتولى رئاسة الجامعة من ينتمي لعشيرة قوية من الصعب على أولاد العشائر الأخرى المجازفة معها ..تخيلوا يحصل ذلك في مؤسسة للتعليم العالي وفي بلد كالأردن يتميز بقيادة عصرية جدا وبمجتمع حيوي شاب نسبته 70′ من السكان.
مشاكل الجامعات أرهقت الكثيرين ولان الإعتراف سيد الأدلة لابد قبل أي حل أو معالجة من الإعتراف بطبيعة الجريمة التي إرتكبت في الجامعات.
عمادات شئون الطلبة في الجامعات الحكومية مرتبطة تماما بالأجهزة الأمنية أكثر من إرتباطها بالعلم ورئاسة الجامعة.
كذلك حراس الأمن والكثير من الأساتذة وأعرف شخصيا نخبة من كبار العلماء يستطيع ضابط أمني صغير التنكيد على حياتهم وتحويلها إلى جحيم ويمكنه أن يهددهم بين الحين والأخر بكل ما لذ وطاب من تهديدات تعود للماضي من بينها الحرمان من الوظيفة ومن الترقية ومنع طباعة مؤلفاتهم وطردهم بل وسحب جنسياتهم والإلقاء بهم في الجسر الذي تسيطر عليه إسرائيل .
ليس سرا أن 79′ من المقاعد المخصصة للجامعات الحكومية على نظام الإستثناء فيما يتنافس الشعب الأردني على النسبة المتبقية 21 ‘.
المتقاعدون العسكر لهم حصة والمناطق الأقل حظا وقطاعات التعليم والصحافة والقضاء إضافة لما يمكن المتاجرة به من مقاعد تدفع بكميات هائلة من الطلبة البائسين إلى واجهة المقاعد الجامعية بدون حسيب أو رقيب او تنافس حقيقي وحر.
ليس سرا أن الأجهزة الأمنية في عهد بعض الإدارات السابقة عملت بنشاط على تنشيط العصبية القبلية في أوساط طلاب الجامعات نكاية بالأخوان المسلمين وتحسبا لنفوذهم في الشارع الطلابي فأصبحت هذه العصبية {وحشا} قاتلا ينقض بشراسة ويزرع مخالبه السامة ليس في مؤسسات التعليم العالي فقط بل في شرايين مستقبل الأردنيين.
وليس سرا بالضرورة أن بعض المراهقين في المستوى الأمني والرسمي جازفوا بصناعة تنظيمات وخلايا بإسم العصبية العشائرية داخل صفوف الجامعات.
وليس سرا أن أحد عمداء شئون الطلبة في جامعة حكومية إجتمع بموظفيه وبعض الطلبة وحذرهم من الإهتمام بالشؤون الإصلاحية والسياسية بعد دقائق فقط من مغادرة الملك شخصيا للجامعه وتحريضه الطلاب على طرح الأسئلة والحوار والمشاركة في الحياة السياسية.
إنها ليست مجرد {قوى شد عكسية} تعمل ضد الخيارات الملكية العلنية لكنها قوى تتآمر بالظلام على النظام وعلى الرؤيا الملكية أمام أعين مسؤولين ليبراليين بائسين وثق بهم القصر الملكي ولا يملكون جرأة العودة للملك لإبلاغه بالتفاصيل.
..أحد أفصح رؤساء الجامعات وأكثرهم بلاغة وبطولة لفظيا كان يخطب مع الإصلاح أمام الملك في مؤسسات الجامعة وعندما يغادر صاحب القرار يأمر الحرس والأساتذة بملاحقة اي تلميذ علم يسعى لتحويل الجامعة (إلى منبر سياسي).
لم يعد من الممكن عندما يتعلق الأمر بعنف الجامعات تجاهل الاثار المدمرة لسمعة التعليم وجدارته التي نتجت عن سياسات {أردنة} البعثات الجامعية والتوظيف في سلك التدريس.
وحتى أردنة التعيين والأبحاث والترقيات الجامعية حيث تحرم فئات من المواطنين من رئاسة بعض الكليات مثل القانون والهندسة مما نتج عنه هجرات منهجية لمئات العقول التي كانت تنوي خدمة البلد بمسؤولية ووطنية.
..أقل من الإعتراف بهذه السياسات الخاطئة قبل حل مشكلة الجامعات أو حتى البدء بالتفكير بحلها غير ممكن.
بالقياس لا يمكن إطلاقا إحتواء هرم الشائعات والتكهنات التي تطال ملف الفساد حصريا بدون الإجابة على كل أسئلة الفساد المعلقة والتي طرحتها عمليا مؤسسات الدولة الرسمية قبل الشعبية.
ما الذي يعنيه التحقيق مع ثلاثة جنرالات من مدراء جهاز أمني للقضاء وسجن إثنين منهم؟..وما الذي يعنيه إستهداف بعض كبار المسؤولين بسيل شبهات الفساد من قبل شخصيات من مؤسسة النظام أو تقارير الصفحة الأولى لإعلام الحكومة أو ال 40 لجنة للتحقيق بملفات الفساد التي شكلها في البرلمان السابق حلفاء النظام ومن زورت من أجلهم الإنتخابات؟.
الحكومة هي التي أعلنت بأن عملية التخاصية فاسدة وليس الشارع.
والأموال التي دفعت بكرم حاتمي لتمويل حملات كتاب التدخل السريع ضد شخصيات بارزة في النظام وبالقرب من أهم حلقاته كانت من الأموال الرسمية وفي إحدى المراحل السوداء الأمنية.
الرحلات التي نظمت للبعض للخارج بهدف جمع وثائق عن فساد في الأردن نظمت بأوامر لشخصيات رسمية تسلمت السلطة على الشعب بإسم النظام.
وكل ما يتردد في الشارع ووسط الشعب والمعارضة حول فساد بعض رموز النظام منتج بكفاءة في الأقبية الرسمية فيما تتكفل المخيلة الشعبية بوضع البهارات اللازمة.
لذلك وببساطة شديدة وحسب قواعد الفيزياء وكل علوم الأرض والدنيا لا يمكن مصادرة {حكي الشارع} عن الفساد بدون الإجابة على اسئلة الفساد التي طرحها في الواقع رجال النظام قبل المواطنين.
..شكرا للفاسدين الذين إنشغلوا ببعضهم البعض ودفعوا الشعب الأردني لمغادرة منطقة الزوج المخدوع طوال هذه السنين…هذا ما يقوله بعض النشطاء اليوم.
‘ مدير مكتب ‘القدس العربي’ في الاردن
اخ محلل القضية ليست قضية نسب بل سياسات خاطئة تسببت بها قوى وشخصيات مرتبطة بالاجهزة الامنية والحكومات
في مجتمعاتنا العربية نرى أن فلسفة التعليم الحالي بكل مستوياته من الحضانة حتى الجامعة وان كان حكومي أم أهلي , هو نظام يرسخ بكل قوة وإصرار القيم النقيضة للحرية المطلوبة , فبالرغم من آن بعض الدول العربية تقر بمفهوم التعددية السياسية لكن هذه التعددية سو ف تظل مهددة دائما بخطر الانقضاض عليها ذلك أن البنية البيروقراطية وعقلية تبادل المصلحة ومفهوم العائلة (العشيرة ) فوق الجميع هي المسيطرة على الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمهنية بما في ذلك أجهزة الدولة . وطالما نحن بما عليه لآن ندخل المفهوم الحقيقي للتغيير والتطور الذي سيتجاوزنا في هذا القرن الذي نعيش فيه . اذ آن إشاعة المناخ الحقيقي للحرية وليس مجرد الديموقراطية بمدلولها السياسي الضيق في كافة الأصعدة والأماكن هو المطلوب .
فلسفة التعليم الحالي والهيمنة الإدارية الداخلية للتكتلات بكل مستوياتها من الحضانة حتى الجامعة هي فلسفة ترسخ بكل قوة وإصرار القيم النقيضة للحرية المطلوبة , ولا يحتاج الامر الى كثير من العناء لندرك أن بديل المقررات وتغيير المناهج , بل إصلاح المباني وتزويد أماكن الدراسة بالحاسوب لن يغير من الامر شيئا طالما أن إدارة المؤسسات التعليمية وبالأخص الجامعية ما زالت تعمل ضمن إطار تقييم عملها من خلال المردود للكسب الشخصي كذلك تعمل ضمن الكوتات والهيمنة التي تجير الانظمة واللوائح الداخلية الموضوعة لخدمتها . فعميد الكلية المعين مثلا يستطيع آن ينصب نفسه ديكتاتورا في كليته لانه صاحب التوقيع الأخير في كليته , وقد يسلب رؤساء الأقسام حريتهم بالحركة من اجل إبداع القسم وذلك لخوفهم من نقمة العميد مما قد يحرمهم الكثير في عملهم على الرغم من آن العميد هو الذي أولاهم ثقته .
حتى المدرس المنوط به تحقيق البرامج لا يقر بقيمة الحرية ولا يعترف بمبدأ النقاش الحر غير المشروط ومن هنا علينا أن نبدأ من نقطة ما في حلقة التعليم للنفاذ إلى خارج تلك الدائرة من الكتب والحلقة المناسبة لتحقيق هذه الغاية دون غيرها هي حلقة التعليم الجامعي .
الفرامل والضوابط مطلوبة في التربية وليست في التعليم . وعلينا أن ندرك أن ولوج الطالب أبواب الجامعة معناه أهليته الذهنية والعقلية لتقبل الآراء والاتجاهات ومناقشتها . وإذا كان من المضحك أن تتدخل أي سلطة ولو كانت جامعية في منبع هذا الكتاب أو تلك النظريات العلمية او اعتماد البحوث العلمية حسب مصادر نشرها , وتعيين أعضاء هيئة التدريس حسب منشأ الشهادة , دون الأخذ بعين الاعتبار لشخصية عضو هيئة التدريس نفسه . ومن المحزن أن تتدخل أي سلطة جامعية ليست اعتبارية في تحديد المصادر وتفضيل لونها للمساقات المعتمدة للتدريس ذلك معناه أن تتحول الجامعة الى مدرسة وأن يتحول الطالب الجامعي إلى متلقي بليد خامل . وليت المأساة تقف عند هذا ألحد, بل تفضي هذه السلطوية إلى خنق المدرس المبدع المفكر , وتستبدل به المدرس الملقن موزع الكراسات أو مؤلف الكتب المقررة المعادة التي تعتمد على ا لتجميع مع التغيير في النصوص و هذا إذا لم تكن عبارة عن ترجمات لنصوص اخرى .
ويتم ذلك كله بدعوى المحافظة على القيمة العلمية أو الأسس الاجتماعية وكأن العلوم تختلف بين بلد لاخر , وهي دعوة تنتهي إلى التثبيت العقلي لمجموعة من الأصول التي تتحول إلى أصول مقدسة . وتصبح المعرفة ترددا وتكرارا لما سبق قوله , أوشرحا لملخصات أو تلخيصا لشروح.