استوعبت مؤسسات المعارضة السورية أعداداً من الموظفين الذين يتقاضون رواتب لقاء خدمات، تنوعت بين الاستشاري والإعلامي والإنساني والسياسي. ولأن هذه المؤسسات، لم تثبت فاعلية تذكر، فقد تحولت عبرها فكرة الثورة، إلى مهنة، إذ إن الوعي المعارض للنظام، تُرجم في وظيفة بيروقراطية، حيث ممارسة مهام محددة، براتب ثابت، من دون تأثير تجاه النظام.
وإذ تجاوزنا غموض التمويل وعدم الشفافية والفساد وقلة الكفاءة والمحسوبيات في تعيين جيش الموظفين العاجز عن إحداث أي تغيير، فإن المشكلة الأبرز أن بيروقراطية المعارضة لا تبالي بالتحولات التي مرّت منذ 2013 حتى اليوم، على العكس، هي تتمسك، بالرواية الأولى للثورة، متوهمة حيازة شرعية تضمن لها البقاء والاستمرار.
بقاء منظومة المنافع والمناصب، مرهون بتقديم أوهام للسوريين حول إحداث تغيير، بات في حكم المستحيل
من هنا، يمكن فهم البيانات الراديكالية حول النظام، إذ إن أي مراجعة وقراءة لطبيعة الظروف الحالية، والاعتراف بالتحولات التي طرأت، سيهدد مؤسسات المعارضة، ويجعل جيشها البيروقراطي أمام شبح البطالة، بمعنى آخر، بقاء منظومة المنافع والمناصب، مرهون بتقديم أوهام للسوريين حول إحداث تغيير، بات في حكم المستحيل. ولا يقتصر الاستثمار بيأس السوريين على مؤسسات المعارضة وبيروقراطيتها، بل يتعدى ذلك، ليشمل منظمات مجتمع مدني، ومواقع إلكترونية وقنوات تلفزيونية، ومراكز أبحاث وصحافيين وإعلاميين، مرتبطة جميعها بشكل رئيسي، بتأبيد فكرة ثورة، وإنكار الواقع الحالي. وعليه، لا تكتفي المنظومة السابقة، بعدم القيام بنقد ومراجعة وتحليل لأسباب الفشل، وتبيان نقاط الضعف انطلاقا من الثورة نفسها ومجتمعها، بل إنها تعمد إلى مهاجمة أي طرح من هذا القبيل، والتشنيع على أصحابه وتخوينهم، معتمدة نقداً تحت سقف الثورة، أي أنه محصور بالنظام، لا يمس تركيبة المجتمع وانقساماته، أي أنها تطوع النقد لخدمة مصالحها، وليصبح جزءاً من ماكينتها التكرارية. ويتأتى عن ذلك، إنكار هزيمة الثورة، والاستمرار بتسويق خطاب غير موضوعي، يضمر انتصاراً ما، لا يوجد أي دليل على إمكانية حدوثه.
ثمة إذن، ارتباط بين مصالح جيش الموظفين المعارضين، والامتناع عن النقد وتأسيس مرحلة جديدة نتصالح فيها مع فكرة الهزيمة، وننتقل إلى مرحلة جديدة من التفكير السياسي، يحقق مكاسب ولو جزئية، بعد أن صرنا على مسافة شاسعة، من تحقيق الهدف الذي انطلقت من أجله الثورة. صحيح أن وراء تسويق الأمنيات وحقن السوريين بالأوهام عن تغيير ممكن، وعياً غير موضوعي، لا يدين الذات ولا يُسائلها، لكن الصحيح أيضاً، أن هذا الوعي له حوامل ممثلة بمؤسسات المعارضة، وأخرى على هامشها، تستثمر بيأس السوريين، كي تبقى وتستمر، ويواصل جيش الموظفين عمله، الاعتراف بالهزيمة يعني تحول الكثيرين إلى عاطلين عن العمل، ما يعني أن خشية نخب وسياسيين وإعلاميين وباحثين من البطالة، هو أحد أسباب استمرار «الثورة» حاليا، التي انطلقت قبل عشر سنوات من أجل هدف نبيل.
كاتب سوري من أسرة «القدس العربي»
على جيش الموظفين المعارضين العمل على الأرض في المناطق المحررة بسوريا!
أو العمل من على الحدود التركية إذا كان هناك خطر على حياة كبار الموظفين بالمناطق المحررة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
تحليل غير واقعي عن “جيش الموظفين”. فجيش الموظفين يسوق “الوهم” للناس في سوريا ولكن هل يستطيع أن يسوق ذات الوهم لمن يدفع الراتب من الجهات المانحة؟ الحديث ضمن تلك المؤسسات تغير منذ ٢٠١٤ عدة مرات وبعض منها تم إعادة تعريف دوره من جديد مع تغير الواقع.
لأول مرة أقرأ مقالا” موضوعيا تجاه ما يجري في سوريا بعيد عن تزوير الحقائق.