لم تخصب إيران بعد اليورانيوم بمستوى يمكنها من إنتاج قنبلة نووية، ولم يتخذ النظام بعد قراراً لفعل ذلك. هذا ما يتبين من التقدير السنوي لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في الجيش الإسرائيلي. وحسب تقدير “أمان” الذي عرض مؤخراً على المستوى السياسي، فمنذ اللحظة التي ستبدأ فيها إيران بتخصيب اليورانيوم بمستوى 90 في المئة، فإنها تستطيع إنتاج قنبلة خلال سنتين تقريباً. ويعتقد الجيش الإسرائيلي بأن إيران تجد صعوبة في تطوير أجزاء تعتبر ضرورية لإنتاج قنبلة نووية، منها رأس متفجر وصاروخ مناسب للإطلاق.
تقدر “أمان” بأن السبب الأهم في تأخير المشروع النووي الإيراني هو اغتيال عالم الذرة محسن فخري زادة، الذي نسب في وسائل إعلام أجنبية لإسرائيل. جمع زادة حوله الجهات ذات العلاقة لعملية إنتاج قنبلة نووية. وحسب التقدير، لا تزال إيران تجد صعوبة في إيجاد البديل له.
إضافة إلى ذلك، تعتقد “أمان” أن إيران تواصل خرق التفاهمات التي وقعت عليها في الاتفاق النووي مع الدول العظمى في العام 2015. وفي إحاطة مغلقة أجراها رئيس “أمان” هذا الأسبوع، قال الجنرال تمير هايمن، إن “إيران في حضيض غير مسبوق في أعقاب العمليات التي قمنا بتنفيذها في السنوات الأخيرة، ليس بسبب كورونا فحسب، لكنها لم تتنازل عن مشروعها النووي وزادت جهودها في هذا الشأن. وحسب قوله، تعتبر إيران الاتفاق النووي المخرج الوحيد من العقوبات التي فرضت عليها ومن الأزمة الاقتصادية في الدولة. لذلك، تسعى إلى العودة إليه.
بخصوص الساحة السورية، تقدر “أمان” بأن إيران لم تتنازل بعد عن تطلعها للتمركز العسكري في سوريا، لكنها تقوم بإعادة فحص طبيعة هذه العملية وحجمها. هذا في أعقاب الضرر الذي تكبدته من إسرائيل ومن جانب منظمات أمنية في العالم تعمل ضد تمركزها في سوريا واليمن ولبنان والعراق. الضرر الأكبر من هذه الناحية هو اغتيال الولايات المتحدة لقائد قوة “القدس” التابعة لحرس الثورة، قاسم سليماني، في بداية العام 2020. وحسب تقدير الجيش الإسرائيلي، فإن الاغتيال كان عملية غيرت واقع الشرق الأوسط وأضرت بطموحات إيران لإيجاد محور شيعي واسع في المنطقة. كان سليماني وهو الأكثر قرباً من الزعيم الروحي علي خامنئي، هو الذي نفذ توسع إيران خارج حدودها. وتقدر “أمان” بأن إيران تجد صعوبة في العثور على من يحل محله، الأمر الذي يمس بجهود النظام للتمركز في سوريا.
حسب التقدير، قلصت إيران وجود رجالها في سوريا بحيث بقي في الدولة بضع مئات من المستشارين والإداريين، لأن عدداً من رجالها في سوريا وأبناء عائلاتهم تضرروا من الهجمات التي نسبت لإسرائيل، وهؤلاء بدأوا بالخوف على حياتهم. والإيرانيون يجدون صعوبة في إدخال وسائل قتالية متطورة إلى سوريا، ومن أسباب ذلك الهجمات الجوية التي نسب عدد منها لإسرائيل في تقارير أجنبية. وتعمل إيران على تحويل غرب العراق إلى نقطة تسلح، ويمكنها من هناك أن تنقل وسائل قتالية إلى سوريا ولبنان. ولكن الهجمات التي نسبت لإسرائيل على إرساليات السلاح ومخازن للسلاح في العراق تمنع هذه الخطوة.
على الرغم من الثمن الذي تدفعه عن جهودها، تقدر “أمان” بأن إيران لا تنوي التنازل عن محاولات تمركزها في سوريا والعراق. “المحور يواصل محاولات التمركز لضرب إسرائيل عبر هضبة الجولان”، وأضاف هايمن: “جهودنا الكثيرة تنجح في التسبب بالأضرار وتقليص هذه القدرة”.
في الساحة الداخلية، الوضع الاقتصادي في إيران هو الأصعب منذ حربها مع العراق التي انتهت في العام 1988. إضافة إلى العقوبات، بدأ انخفاض في تصدير النفط (الذي يشكل 60 في المئة من مداخيل الدولة)، كما أن أزمة كورونا أدت إلى موت أكثر من 50 ألف شخص، وواجهت إيران أيضاً عدة كوارث طبيعية قاسية، منها فياضانات وهزات أرضية. ورغم حدوث بعض الانتعاش الاقتصادي مؤخراً وازدياد صادرات النفط إلى حوالي مليون برميل يومياً (مقارنة بـ 2.4 مليون برميل في 2018) بفضل الصين وروسيا وسوريا، فإنها ما زالت بعيدة عن حجم التصدير المطلوب لها من ناحية اقتصادية.
يظهر تقدير “أمان” أن حزب الله يخشى من نشوب حرب مع إسرائيل، ويتوقع أن يستمر هذا الوضع في السنة القادمة. إلى جانب ذلك، ارتفعت احتمالية حدوث مواجهات محدودة على الحدود الشمالية، لأن رئيس “حزب الله”، حسن نصر الله، يصمم على الرد على الضربات التي تلقاها، منها موت أحد أعضاء المنظمة في تموز الماضي في قصف نسب لإسرائيل. أحد إنجازات “حزب الله” في السنوات الأخيرة هو خلق معادلة رد لـ”حزب الله” مقابل كل قتيل أو إصابة، ولكن محاولاته هذه فشلت. لذلك، ما زال نصر الله مهتماً بتنفيذ عملية ثأر.
يواصل “حزب الله” تسلحه، ورغم الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في لبنان إلا أنه حافظ على وتيرة تعززه، بل وحسنها. وحسب تقرير “أمان”، يدفع نصر الله قدماً بمشروع زيادة دقة الصواريخ استعداداً لمواجهة محتملة مع إسرائيل. مع ذلك، وحسب التقدير، فإن عدد الصواريخ الدقيقة الموجودة بحوزة “حزب الله” غير كبير. وحسب تقدير الاستخبارات، فإن زيادة قوة حزب الله العسكرية لا تغير ميزان الردع أمام إسرائيل في هذه المرحلة.
“نعمل بصورة ثابتة ومستمرة على تهديد الصواريخ الدقيقة. ورغم أن الأمر يتعلق بتهديد لا يجب الاستخفاف به، إلا أننا نوفر رداً نوعياً بعدة طرق، علنية وسرية”، قال هايمن. “بفضل قدرات استخبارية عالية، نجحنا في مهاجمة مئات الأهداف في إطار “المعركة بين حربين”، والحفاظ على تفوق إسرائيل الإقليمي”.
أما بخصوص الساحة الفلسطينية فتقدر “أمان” أن تواصل حماس استثمار معظم جهودها في الساحة المدنية بقطاع غزة، التي تواجه ضائقة اقتصادية ووضعاً إنسانياً صعباً. وحسب التقدير، فإن الأموال التي تحولها قطر إلى القطاع تمنع التدهور الإنساني فيه. وحسب التقدير أيضاً، يتوقع أن تدفع حماس قدماً بالتطبيع مع إسرائيل، حتى في موازاة عملية المصالحة بينها وبين السلطة الفلسطينية. ويتضح من التقدير أيضاً بأن حماس نجحت في ضبط الجهاد الإسلامي، الذي امتنع في هذه المرحلة عن القيام بمواجهات داخلية في القطاع.
التحديات الرئيسية التي وضعها الجيش الإسرائيلي لسنة 2021 للدفاع عن حدود الدولة هي مواجهة مع محاولات من جانب حماس للمس بالعائق التحت أرضي في غزة، ومع إطلاق النار من القطاع من قبل تنظيمات مارقة، ومع نشاطات ضد إسرائيل في غزة وفي هضبة الجولان. وتعتقد “أمان” بأن العام 2021 سيكون سنة انتظار في الشرق الأوسط لتغييرات في الاستراتيجية التي ستطبقها الإدارة الأمريكية الجديدة. تتطلع إيران إلى رفع العقوبات، وينتظرون “حزب الله” رفع العقوبات من قبل البنوك في العالم وإعطاء قروض للبنان، ويأمل الفلسطينيون دعم الرئيس بايدن واستئناف المحادثات مع البيت الأبيض فيما يتعلق باحتياجاتهم.
تطرق تقدير “أمان” أيضاً إلى نشاط بارز لجهات استخبارية في المجال المدني على خلفية أزمة كورونا. وتعتقد شعبة الاستخبارات أن الوقت حان لإعادة فحص درجة تدخل الجهات العسكرية في الساحة المدنية. شخصيات رفيعة في “أمان” تطالب بفصل واضح ودائم بين نشاطات الشعبة العسكرية والمجال المدني، بسبب حساسية استخدام قدراتها المتطورة في قضايا ليست عسكرية. ووجدت “أمان” أن هذا الفصل تم خرقه في عدة حالات في السنة الأخيرة، وانحرفت توصيات رجال الاستخبارات عن حدود المسموح.
بقلم: ينيف كوفوفيتش
هآرتس 10/2/2021
الويل ثم الويل لنا كعرب شرق اوسطيين إن توصلت إيران للقنبلة النووية… قنبلة ايران من أجلنا ولا علاقة لها بإسرائيل.