‘إن اسوأ نذير يؤدى الى انسان حينما يبلغه طبيبه قائلا ‘كشفنا عن كتلة ورم’. بعد ذلك يبدو أن الحياة تقف على شفا النهاية. وفي ذلك الوقت يكون ما زال يوجد أمل أن يمكن استئصال الكتلة الخبيثة، ووقفها بعلاج كيماوي والحصول على بضع سنوات عيش اخرى، لكن المعالج يصبح منتميا الى فئة جديدة، فقد أصبح ‘المرض’ فيه. وحينما يشير التشخيص الى ثلاث كتل خبيثة يختفي ما بقي من الأمل ايضا ويبقى التوقع المعذب للوجبة التالية من مسكنات الألم. لكن يتبين أن الدولة، بخلاف المواطن البسيط، تستطيع أن تعيش جيدا مع الكتل، بل إنكم اذا منحتموها كتلا اخرى تنبعث حية من جديد. بُشرنا في الاسبوع الماضي بأن رئيس الوزراء وجد لنا كتلة اخرى رابعة أو ربما خامسة. وهي أصغر في الحقيقة من الثلاث التي سبقتها لكنكم تعلمون أن الكتل الصغيرة تكبر سريعا ولا سيما اذا لم تعالج في الوقت. أنظروا ما الذي حدث لغوش (كتلة) عصيون التي تطورت في غضون سنوات قليلة من عدة مبان متنقلة لتصبح فضاءا مدنيا يشمل مدنا كبيرة مثل افرات وبيتار عيليت. وبدأت الفيه منشه والكنا حياتهما حيين صغيرين متواضعين وكذلك معاليه ادوميم ايضا. وقد أخذت تكبر وكأنها تعاني خللا في هرمونات النمو حتى إن الرئيس بوش أدرك أنه لا مناص وأنه يجب الاعتراف بـ ‘الواقع’. هل تريدون كتلا؟ ستكون كتل. وكان لهذا التنازل في ظاهر الامر تسويغ لأن أكثر من 85 بالمئة من المستوطنين يسكنون في الكتل المجاورة للخط الاخضر. ويمكن بجراحة حذرة سهلة نسبيا ضمها الى دولة اسرائيل ومنح الفلسطينيين تعويضا مناسبا بعقارات اذا وافقوا، والاستمرار في العيش. لكن في ذلك الوقت وقبل أن يولد الاتفاق على حجم الكتل وما الذي يجب اقتلاعه في الاساس، أظهرت صورة الـ إم.آر.آي علامات مقلقة جدا. فالى الجنوب من غوش عصيون توجد كتلة الخليل التي لا يجوز بالطبع اهمالها أو اقتلاعها لا سمح الله. وظهرت بعد ذلك بصورة سافرة علامات كتلة جديدة في غور الاردن نحن مجبرون على ضمها الى دولة اسرائيل، وتوجد الآن البشرى الجديدة وهي ‘كتلة بيت إيل’. ‘يوجد قضاة في القدس’، قال بيغن في 1978 في ابتهاج بعد أن قضى القاضي الفريد فيتكون بأن ولادة بيت إيل على ارض فلسطينية بعد أن أُعلنت منطقة عسكرية كما ينبغي هي ولادة حلال. ولم يوجد في 2012 من يصيح مبتهجا ولم يكن يوجد ما يُبتهج به. فقد قضت المحكمة العليا بأن التابعة الجديدة لبيت إيل وهي جفعات الاولبانة غير قانونية وأمرت بهدم عدد من بيوتها. ولم يكن يوجد فجأة قضاة آخرون في القدس. لكن اسرائيل ليس وحيدا. فسيكون عندنا كتلة بدل حي غير قانوني. وأصبح هذا تطورا جديدا للمرض لأنه اذا كان يُحتاج قبل ذلك الى مقدار كبير من البيوت والمستوطنين لانشاء ‘كتلة’ فقد أصبح الامر عكسيا هذه المرة. فهم أولا يعلنون عن وجود الكتلة ثم تُرى بعد ذلك لأن الكتلة لم تعد مصطلحا جغرافيا أو سكانيا بل أصبحت الكتلة مصطلحا سياسيا، أو أصح أن نقول إن الكتلة هي الطبقة العليا. فالذي يسكن في الكتلة مستقبله مضمون اذا قيس بمن ساء حظه وولد في مجرد مستوطنة. لأنهم سيحاربون عنه محاربة لا هوادة فيها ومن اجله سيقتطعون اراضي من الدولة بشرط أن يستريح في سلام فوق الصخور الجرداء. إن الكتلة هي ايضا منزلة اقتصادية، فالذي يشتري بيتا في كتلة يكون آمنا من الاجلاء وهو يستطيع أن ينشيء مصنعا ويغرس اشجارا يتمتع بثمارها وأن يبيع بيته ايضا بسعر أعلى كثيرا من بيت ذلك البائس الذي يسكن في مستوطنة ربما تُخلى. ‘إن ‘الكتل’ تمنح شرعية كاذبة لمجاميع المستوطنات تلك التي نشأ بعضها خداعا وبعضها بأوامر عسكرية ‘حلال’ وكلها بخلاف القانون الدولي. وهو مصطلح يفترض وكأن ذلك مفهوم من تلقاء ذاته أن مجرد استعماله يمنح المستوطنات حصانة. ‘آه، هل أنت كتلة’، ستقول الجرافة للكرفان، ‘لم أعرف. المعذرة’؛ أو: ‘لم أعلم أنه توجد لكِ كتل في الضفة، اعتقدت أنها مجرد توابع’، ستقول واشنطن للقدس. بقي فقط اخراج الخريطة وأن تلف بخط احمر كل مستوطنتين أو ثلاث مع زيادة بؤرها الاستيطان.