عالجت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، الموضوع السوري باهمال وانعدام حكمة على نحو واضح. وهي اليوم تقف مثل الطفلة اياها ‘بالفستان الاحمر وربطتي الشعر’، تسأل لماذا فلا تجد جوابا. فليس لدى الغرب فكرة عما ينبغي عمله، من ينبغي دعمه ولمن ترسل وسائل القتال. الساحة السورية ‘ليست تحت السيطرة’، مثلما درج الجيش الاسرائيلي على وصف أوضاع كهذه. الغرب واسرائيل يفضلان ان يبقى الاسد في الحكم كي لا تسقط سوريا في ايدي محافل اسلامية غير مرغوب فيها. لقد نسي بعد الزمن في رؤوس مديري هذه المعركة في الغرب. فقد نسوا ما درج لي اياكوكا على قوله: ‘التوقيت هو خلاصة الحياة’. ولما مر وقت طويل، فقد نشأ في سوريا وضع جديد. الى جانب الثوار تقاتل اليوم محافل انضمت الى المعركة وغير مرغوب فيها، والى جانب الرئيس الاسد يقاتل على الارض الاف مقاتلي حزب الله وبضع مئات من مقاتلي الحرس الثوري الايراني الذين هم ايضا كما هو معروف غير مرغوب فيهم. بمعنى أن الغرب في وضع الخاسر في كل الاحوال lose-lose . من هنا الحرج وعدم الرد. كل هذا كان يمكن الامتناع عنه لو أن الغرب عرض على الاسد صفقة: ان ينقطع عن ايران مقابل أن يبقى في الحكم. الوحيدون الذين كانوا سيأسفون على ذلك هم الصحفيون السذج، الذين كانوا سيرون مثل هذه الصفقة غير أخلاقية. يحتمل أن تكون مثل هذه الصفقة ممكنة في التوقيت المثالي في اثناء الحرب، حيث شعر الاسد لاول مرة بان نظامه قد ينهار، وحين كان التدخل الايراني لا يزال في المراحل الاولية. يبدو الان انه سيكون لتدخل الغرب آثار غير مرغوب فيها. فالقتال الى جانب المحافل الاسلامية سيؤدي الى نشوء سوريا جديدة، اسلامية ودون طابع سياسي. مثل هذا التدخل سيصبح أيضا معركة حيال ايران وحيال وحداتها على الارض حزب الله والحرس الثوري. لست واثقا من أن الغرب مستعد لذلك. لو طلب الي ان أصف موقف الغرب من الموضوع السوري اليوم، لاسميته ‘عدم اهتمام مصطنع ومفروض’، كتحصيل حاصل للفشل. من زاوية نظر اسرائيلية لحقت اضرار جسيمة. فحزب الله منقسم بين لبنان وسوريا وبالتالي فهو اقل خطورة على اسرائيل، ولكنه يجمع تجربة قتالية ويتزود بـافضل منظومات السلاح. وهكذا يوجد خطر في المدى البعيد. فالسلاح من ايران وسوريا ‘يحاول ايجاد طريق’ نحو سيطرة حزب الله، والسلاح الغربي يجد طريقه الى منظمات الاسلام المتطرف الاخرى التي تعمل الى جانب الثوار. وستكون اسرائيل مطالبة في الاشهر القريبة القادمة بالعمل لمنع وصول السلاح والذخيرة من أنواع مختلفة الى محافل معادية لنا. لقد تأخر الغرب في موعد التدخل. يحتمل أن يعمل الغرب كي يرفع العتب، ولكن فرص النجاح متدنية. فسوريا لن تعود الى وضع سياسي سوي، وكل المحافل التي ستعمل فيها ستكون معادية وخطيرة على اسرائيل. لقد قال اسحق رابين ذات مرة انه كان يسره لو استيقظ في الصباح ليرى أن ‘قطاع غزة اختفى’. نحن والدول الغربية نريد أن ننهض صباح غد لنرى أن الاسد في الحكم، مستقر ولزمن طويل.