الاسد هو صيغة اجرامية لمبارك

حجم الخط
0

صحف عبريةالاخوان المسلمون المصريون بدأوا منذ الان يشعرون بثقل وزن مسؤولية السلطة. فوزهم بقرابة 45 في المائة من الاصوات في الانتخابات البرلمانية هو بالفعل ما يدعو الى الاحتفال. فهو يعبر عن الانعطافة المركزية التي طرأت على الثورة في مصر. من ناحيتهم الانعطافة بدأت منذ شباط الماضي، عندما كفت صحف الحكومة عن تسميتهم ‘بالحركة المحظورة’. واستمرت عندما اصبح بناء الحزب الجديد موقع حجيج لزعماء ومسؤولين كبار من الدول الغربية. كما ان العلاقة مع الولايات المتحدة أخذت بالتعزز، ومن اتصالات سرية جرت حتى في عهد مبارك انتقل الاخوان الان الى اتصالات علنية مع ممثلي الادارة. آخرها كان لقاء الاسبوع الماضي بين نائب وزيرة الخارجية وليم برانس مع محمد مرسي، رئيس الذراع السياسية للحركة حزب الحرية والعدالة. وحسب مصادر مصرية بادرت الى اللقاء وزارة الخارجية الامريكية التي تعترف منذ الان بان الحكومة القادمة في مصر ستتشكل من الاخوان المسلمين وبالتالي لا تجد أي داعٍ لتأجيل لقاءات العمل. بين واشنطن والاخوان المسلمين يوجد تفاهم بان بدون مساعدات اقتصادية وبدون اعادة بناء الاقتصاد المصري فان فوزهم السياسي سيكون عديم المعنى. ‘للاخوان يوجد مال كثير كسبوه من استثمارات حكيمة في دول الخليج وفي اوروبا’، يقول مصدر مصري كان عضوا كبيرا في حزب مبارك الحاكم (والذي حل بعد الثورة). ‘لديهم رجل اقتصادي ممتاز، نائب ‘المرشد العام’ خيرت الشاطر، الذي عرف كيف يبني البنية الاقتصادية والتنظيمية للحركة وقادر ايضا على أن يكون وزير اقتصادي ممتاز. ولكن هذا مال يعود للحركة، وليس تحت تصرف الشعب المصري. وهم سيحتاجون الى ما لا يقل عن 10 مليار دولار في المدى القصير كي يحدثوا انعطافة اقتصادية تهدىء الشارع’. 10 مليار دولار هو مبلغ هائل لدولة غارقة في ديون رهيبة، ليس لديها مداخيل من السياحة والمستثمرون الاجانب تجاوزوها هذه السنة. وروى مرسي عن هذه الازمة لبرانس وأعرب عن أمله في أن تواصل الولايات المتحدة تقديم المساعدة المالية لمصر والتي كانت تقدمها في عهد مبارك. ويعرف مرسي جيدا شروط استمرار تلقي المساعدة: التعهد بمواصلة تنفيذ اتفاقات كامب ديفيد، والحرص على حقوق الانسان (وليس أقل من ذلك حقوق الاقلية القبطية) ومواصلة سياسة الكتف الباردة لايران مثلما كان في عهد مبارك. ليس للاخوان المسلمين صعوبة في التعهد بحقوق الانسان. فهذا جزء من برنامجهم كما أنهم يجتهدون لان يبعدوا أنفسهم عن مواقف الحركة السلفية التي فازت هي الاخرى بنصيب كبير نحو 25 في المائة في الانتخابات. في حسابه على التويتر نشر مرسي عبارة كتب فيها: ‘لا بديل عن الاتفاق بين كل القوى السياسية، اذا كان الهدف هو تحقيق الامن والتغيير الذي بحث عنه الشارع في ثورة 25 يناير’. مثل هذا الاتفاق سيستوجب تنازلات ايديولوجية ليس فقط من جانب الاخوان بل وايضا من جانب الليبراليين الذين يتعين عليهم ان يبتلعوا مثلا قوانين تتعلق بالتعليم الديني، كي يتمكنوا من تحقيق قوانين صحفية أكثر ليبرالية. ايران هي مسألة موضع خلاف في أوساط الاخوان المسلمين. قبل سنتين نشب جدال عنيد بين قادة الحركة في مسألة ‘صلاحية’ اسلام التيار الشيعي. زعيم الحركة في حينه، مهدي عاكف، امتنع عن الحسم وقضى فقط بان كل من يعرب عن موقفه في هذا الموضوع لا يعبر عن موقف الحركة. ولكن العلاقات مع ايران ليست فقط مسألة دينية؛ فهي أساسا مسألة سياسية. من جهة، ايران ايدت حماس، سليلة الاخوان المسلمين، بينما مصر مبارك رأت في حماس (وفي الاخوان المسلمين) عشبة ضارة وتهديدا على أمنها. بالمقابل، فان هذه هي ذات ايران التي تمول حزب الله، الذي حاول اقامة قاعدة نشاط في مصر، نشاط ضده وقف الاخوان المسلمون ايضا. ولكن الأهم من هذا، ايران هي تلك التي تدعم سوريا التي تذبح مواطنيها. للاخوان المسلمين موقف قاطع تجاه الاسد: هو مجرم ليس أقل من أبيه، الذي ذبح عشرات الالاف من الاخوان المسلمين. ‘نعم، الاسد هو مقاتل، لانه لم يحرك قطعة سلاح واحده ضد العدو الصهيوني، بل فقط ضد شعبه البائس’، قال بسخرية جمال حشمت، أحد كبار النشطاء من الاخوان المسلمين. الاسد، في نظر الاخوان، هو صيغة اجرامية لمبارك، وايران بالتالي جديرة بالتنديد. سبب عملي آخر على ان ايران لن تكون في الزمن القريب القادم حليفة الحكومة المصرية بقيادة الاخوان هو حقيقة ان السعودية وعدت مصر بأربعة مليار دولار. السعودية لن تعطي مالا لحكومة تعقد حلفا مع ايران.هكذا أيضا الولايات المتحدة، التي ستكون مطالبة بان ‘توصي’ صندوق النقد الدولي بمنح الحكومة المصرية قرضا بمبلغ 3 مليار دولار. في الاسبوع الماضي أعلن الاخوان انهم لم يعودوا يعارضون خلافا لموقفهم السابق طلب القرض من صندوق النقد، شريطة أن يستنفدوا بداية كل الامكانيات الاخرى والا يكون ضرر بالمصالح الوطنية لمصر. الامكانيات الاخرى التي يتحدث عنها الاخوان هي، ضمن امور اخرى، رفع سعر الغاز الذي يباع لاسرائيل وجباية حقيقية للضرائب من أغنياء مصر.يتبقى موضوع واحد آخر: اتفاقات كامب ديفيد. في مقابلة مع ‘نيويورك تايمز’ أوضح عصام العريان، نائب رئيس حزب العدالة والحرية، بان هذا التعهد هو تعهد الحكومة وليس الحركة او التيار، ولهذا فان الحركة ترى نفسها ملتزمة بالاتفاقات. جيمي كارتر، الذي زار مصر الاسبوع الماضي والتقى بقيادة الاخوان سمع امورا مشابهة. الناطق بلسان وزارة الخارجية، فيكتوريا نولند، تحدثت صراحة عن ذلك في أن الادارة تلقت تعهدا بالتمسك بهذه الاتفاقات. تبقى فقط اقامة حكومة. هآرتس 17/1/2012

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية