الاشتباكات تتواصل بين الجيش المصري ومسلحي تنظيم «ولاية سيناء»

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: تتواصل الاشتباكات الضارية بين الجيش المصري وتنظيم “ولاية سيناء”، في المزارع المحيطة في قرية جلبانة التي تعد آخر معاقل التنظيم في شبه جزيرة سيناء، شمال شرق مصر، حيث دفع الجيش بآليات ثقيلة اقتحمت المزارع، مع استمرار القصف الجوي من الطائرات الحربية.
ونشر “اتحاد قبائل سيناء” وهي جبهة قتالية مكونة من شباب القبائل تقاتل مع الجيش، مقاطع مصورة تظهر اقتحام الآليات العسكرية للمزارع.
وعلق على المقاطع: “عمليات تمشيط المزارع والقرى مستمرة على مدار اليوم، بفضل الله ما تبقى من شراذم العناصر التكفيرية يسلمون أنفسهم رغم أنوفهم، وبذلك تكون طويت صفحتهم في تلك المناطق مهزومين مدحورين بأفظع الخسائر ولله الحمد والمنة دون أي إصابة في جانب القوات المسلحة وأبطال سيناء، لم يستطيعوا فرض أنفسهم إلا على الآمنين من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة، والثأر لهم كان فوريا وعاجلا، قبل أن تُشيع جنازاتهم إلى جنان الخلد”.
وكان الاتحاد قد نشر بياناً أكد فيه مقتل القيادي في “ولاية سيناء”، حمزة الزاملي، وكنيته أبو كاظم المقدسي، خلال الأيام الماضية في شمال سيناء، دون ذكر موقع مقتله. فيما ذكرت صفحة اتحاد قبائل بئر العبد، أن المقدسي قُتل خلال قصف جوي في قرية جلبانة، كل ذلك وسط غياب البيانات الرسمية من المتحدث العسكري عن المعارك الجارية في شمال سيناء.
وتصاعدت الأحداث في قرية جلبانة التي تقع في المنطقة الغربية من شبه جزيرة سيناء وتبعد مسافة 20 كيلومترا عن قناة السويس الخميس قبل الماضي، بعد انتشار مسلحي تنظيم “ولاية سيناء” داخل القرية، بعدما قاموا بإغلاق مداخل إحدى المناطق جنوب القرية وفخخوا الطرق المؤدية لها.
وتتزامن الاشتباكات مع موسم جني الزيتون الذي بدأ مطلع شهر أغسطس/ آب الجاري، ما منع المزارعين من التمكن من حصد باقي محصولهم.
وتعتبر جلبانة إحدى قرى مركز القنطرة شرق التابع لمحافظة الإسماعيلية، وتقع في اتجاه المدخل الغربي لمحافظة شمال سيناء وتعتبر منطقة زراعات كثيفة.
وشهدت السنوات الثلاث الأخيرة اشتعال جبهة غرب سيناء بعد أن ظلت مدن العريش والشيخ زويد ورفح شرقي سيناء هي بؤرة الأحداث الساخنة منذ بداية الأحداث عام 2013 وحتى نهاية عام 2018.
وكان تنظيم “ولاية سيناء” حاول فتح جبهة جديدة غرب سيناء بعدما ضاق به الحال في معاقله التقليدية شرقي سيناء نتيجة تضييق الخناق عليه.

كيف بدأت الاشتباكات؟

وبدأت أحداث جلبانة صباح الخميس 11 أغسطس/ آب الجاري، بعد انتشار واسع لأعداد كبيرة من مسلحي “ولاية سيناء” على الطريق الدولي القنطرة – العريش حيث نصبوا كميناً لهم على الطريق الدولي غرب سيناء، واستولوا خلال ذلك على 7 سيارات بينها سيارة حكومية خاصة بمجمع بحوث الصحراء في شمال سيناء، وأخرى خاصة بمؤسسة “مصر الخير” كانت محملة بالطعام، بالإضافة لسيارات أخرى خاصة بالأهالي.
وبعد سيطرة محدودة لعناصر التنظيم على الطريق الدولي استمرت لأكثر من ساعة، أغلق خلالها الارتكاز الأمني عند مدخل شمال سيناء الغربي “كمين بالوظة” التابع لمركز رمانة، كما أغلق أيضًا “كمين المثلث” بالقنطرة شرق، ومنعت القوات الأمنية المواطنين من السير على الطريق لنحو 3 ساعات.
وبعد السيطرة المؤقتة من مجموعات مسلحة من التنظيم على الطريق الدولي القنطرة ـ العريش، انتقلوا جنوباً باتجاه المناطق الزراعية، وتحديدا شرقي المنطقة المحاذية لشركة الكهرباء بالقنطرة شرق، وصولا للحدود الإدارية لقرية جلبانة باتجاه الجنوب.
وحسب مصادر محلية، فإن عناصر “ولاية سيناء” الذين انتشروا في المنطقة يقدرون بالعشرات.

«اضطررنا لترك أرضنا»

ونقلت مؤسسة “سيناء لحقوق الإنسان” عن مريم، وهي شاهدة عيان قولها: “كنا في المزرعة أنا وزوجي وحفيدي عندما وصل المسلحون لمنطقتنا وهي جنوب غرب جلبانة، بعيدة عن الطريق الرئيسي بحوالى 6 كيلومترات، في البداية توقعنا أنهم من الجيش، لكن بسرعة انتبهت لأنهم يطلقون اللحية ومعهم أطفال، وجميعهم يحمل السلاح.”
وأضافت: “قالوا لزوجي تعالى معنا، فصرخت حرام عليكم هو رجل كبير، فتركوه، واضطررنا لترك أرضنا ومزارعنا، وأثناء خروجنا من القرية رأيت اثنين من الشباب مقتولين”.
وحسب المؤسسة، فإن “أسلوب سيطرة تنظيم ولاية سيناء على المنطقة الزراعية جنوب قرية جلبانة مشابه إلى حد كبير للأسلوب الذي نفذه عناصر التنظيم عام 2020 في مناطق المثلث الأخضر قاطية واقطية والمريح جنوب بئرالعبد، حيث تمركزوا في منطقة شاسعة محاطة بزراعات الزيتون والأشجار الكبيرة، وسارعوا في تفخيخ الطرق الرئيسية والفرعية لمنع تقدم قوات الجيش ومسلحي المجموعات القبلية الموالية للجيش، وتزامن ذلك وقتها مع فرار السكان المحليين.”
وفي الوقت الذي تشتعل فيه الأحداث غرباً، قرب قناة السويس، يسود هدوء ملحوظ في جبهات القتال بين عناصر المجموعات القبلية المسلحة الموالية للجيش مع عناصر “ولاية سيناء” في مناطق المغارة بوسط سيناء، ورفح شرق سيناء.
ورصد فريق المؤسسة استسلام 26 عنصرا من تنظيم “ولاية سيناء” في مناطق رفح وبئر العبد، خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، وكان العدد الأكبر من هذه الحالات في مناطق رفح التي بدأ الجيش والمجموعات القبلية المسلحة الموالية له حملات مستمرة فيها منذ نحو 4 أشهر على التوالي ما تسبب في ضغط كبير على التنظيم.
وحسب الأرقام التي رصدها فريق المؤسسة، خلال شهر يوليو/ تموز لوحظ ازدياد كبير في أعداد المستسلمين مقارنة بالشهور الماضية.
وخلال 2021 صعدت إلى الواجهة مبادرة رسمية برعاية أجهزة أمنية أبرزها مكتب شؤون القبائل التابع لجهاز المخابرات الحربية من أجل تسليم مقاتلي تنظيم “ولاية سيناء” لأنفسهم في مقابل امتيازات مادية وعفو عن الجرائم السابقة، يتلقاها العنصر الذي يلقي سلاحه.
بدت هذه المبادرة خلال السنوات الماضية غير فعالة رغم قيام بعض أفراد التنظيم بتسليم أنفسهم بالاستعانة ببعض من وجهاء القبائل الذين يحاولون إقناع أبناء قبائلهم المنخرطين في صفوف التنظيم للتخلي عن السلاح، حيث يجري التحقيق معهم بعد نقلهم لمقرات أمنية.
وفي سبتمبر/ أيلول 2021، سلم رئيس القضاة في “ولاية سيناء” محمد سعد كامل الصعيدي، الشهير بـ “أبي حمزة القاضي” نفسه للأجهزة الأمنية، برفقة زوجته وثلاثة من أبنائه بعد حصوله، على ما يبدو، على تعهد بالحفاظ على سلامته وسلامة عائلته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية