الاغتيال بالمسيّرات.. نهج إسرائيلي متصاعد تقاومه فصائل الضفة

حجم الخط
0

رام الله- قيس أبو سمرة: فوجئ سكان مخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، مساء الاثنين الماضي، بسماع أصوات أربعة انفجارات متتالية ناتجة عن قصف إسرائيلي عبر طائرة مسيرة، أدت إلى استشهاد 5 فلسطينيين.

لم تكن عملية الاغتيال هذه في نور شمس الأولى في الضفة الغربية ولا حتى في المخيم نفسه، غير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي صعَّد من عمليات القصف الجوي في الأشهر الأخيرة.

وهو نهج يتبعه الجيش أيضا في عملية عسكرية مستمرة في محافظات طولكرم وجنين وطوباس شمالي الضفة منذ فجر الأربعاء، وأودت بحياة 11 فلسطينيا حتى مساء اليوم نفسه، وهي الأكبر منذ عملية “السور الواقي” عام 2002.

وحسب “مرصد شيرين” للتوثيق (أهلي)، قتل سلاح الجو الإسرائيلي 144 فلسطينيا في الضفة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهو اليوم الذي بدأ فيه حربه المتواصلة على قطاع غزة.

ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، استشهد 662 فلسطينيا في الضفة منذ 7 أكتوبر، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنون، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 5 آلاف و400.

ومؤخرا، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن “القيود رُفعت قبل أشهر عن عمليات طائرات سلاح الجو الإسرائيلي” في الضفة بزعم محاولة “إحباط العمليات المسلحة والإرهاب المتفاقم بتوجيهات من إيران وحزب الله”.

وتوعد غالانت بأنه “إذا لزم الأمر سنوسع ذلك، بهدف القضاء على الجماعات المسلحة في مخيمات اللاجئين وتحسين الأمن في المستوطنات”، وفق قوله.

عملية تشويش

وبأدوات بسيطة، يحاول المقاومون في مخيمات شمالي الضفة التشويش على سلاح الجو الإسرائيلي عبر نصب غطاء (شوادر) يغطي أزقة وشوارع المخيمات.

ففي مخيم نور شمس ومثله في مخيمات طولكرم وجنين والفارعة قرب طوباس تغطى غالبية الشوارع بمثل هذا الغطاء.

وقال مقاتل فلسطيني في نور شمس، على هامش تشييع شهداء، إن “المقاومة مستمرة، ولن تستطيع إسرائيل كسرها، رغم استخدام كافة الأساليب، بما فيها القصف عبر سلاح الجو”.

وتساءل: “لماذا يستخدمون سلاح الجو؟”، قبل أن يؤكد “من الواضح أنهم يخشون مواجهة المقاومة”.

وعادة ما تتعرض الآليات العسكرية الإسرائيلية المقتحمة لمخيمات شمالي الضفة لتفجير عبوات ناسفة تسفر عن تدميرها أو عطبها وإصابة جنود، وأحيانا مقتلهم.

حماية للجنود

وقال خبير وأكاديمي فلسطينيان، إن إسرائيل ماضية في استخدام سلاح الجو وبات نهجا وله دلالات أمنية وعسكرية.

اللواء الفلسطيني المتقاعد يوسف الشرقاوي قال: “نرصد تصاعدا كبيرا في عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية مستخدمة سلاح الجو، وخاصة الطائرات المسيّرة، وبات نهجا”.

وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي يرى في عملياته عبر سلاح الجو حماية للجنود وتوفير عناء تنفيذ عمليات برية بقوات مدرعة قد تتعرض لمقاومة وتفجير لآلياته، وفيه إنجاز المهام بسرعة فائقة”.

وشدد على أن “إسرائيل باتت تخشى على حياة جنودها من المقاومة في الضفة الغربية، والتي أصبحت تطور قدرتها خاصة في العبوات الناسفة”.

الشرقاوي زاد بأن “ما يجري في شمالي الضفة تحديدا من عمليات إسرائيل أشبه بما يجري في قطاع غزة، ولكن بصورة مصغرة”.

وبدعم أمريكي، أسفرت حرب إسرائيل على غزة عن أكثر من 134 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

ورجح الشرقاوي أن “الضفة قد تشهد مزيدا وتصاعدا في عمليات القصف بسلاح الجو في الفترة القادمة”.

و”هذه السياسة تحدٍ للمقاومين في الضفة، الذين لا يملكون إلا أدوات، بسيطة سواء من جهة التسليح أو البنية التحتية”، أضاف الخبير الفلسطيني.

قوة المقاومة

“في الأشهر الأخيرة، نشهد تزايدا لاستخدام سلاح الجو (الإسرائيلي) في الضفة”.. هكذا بدأ رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل جنوبي الضفة بلال الشوبكي حديثه.

وأضاف أن هذا النهج “له دلالات، فإسرائيل أصبحت تفضل استخدامه كبديل عن عمليات برية، ما يشير إلى تنامي قوة الفصائل الفلسطينية في المناطق التي يحاول الجيش الدخول لها دون عمليات سابقة من سلاح الجو”.

والدلالة الثانية، وفق الشوبكي، هي أن “إسرائيل لم تعد تلقي بالا بأي ملاحظات وانتقادات لها دوليا وإقليميا، وترى نفسها في ظرف سياسي وأمني وعسكري وإعلامي يتيح لها الاستمرار في سياساتها، سواء الضفة أو غزة وغيرها”.

وتابع: “لا يوجد ضغط حقيقي على إسرائيل الدولة.. كل الانتقادات التي نسمعها موجهة إلى جماعات استيطانية وأشخاص وليس إسرائيل المؤسسة”.

الشوبكي استدرك مشددا على أن “المقاومة الفلسطينية، ورغم الضغط وتعقيد المشهد، تطور قدراتها وتتكيف مع الحالة”.

وأردف: “منذ سنوات طويلة وإسرائيل تستخدم سياسة الاغتيالات، سواء عبر سلاح الجو وغيرها، ولكنها لم تنه فصائل المقاومة”.

وختم بأنه “كلما كان هناك سياسات (جديدة) ضد الفلسطينيين، كلما كانت العمليات أو رد الفعل الفصائل متكيف مع السياسات الإسرائيلية على المستويات الأمنية والعسكرية”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية