أنقرة- “القدس العربي”: بالتزامن مع إعلان وصول الصادرات التركية خلال عام 2021 إلى 225 مليار دولار وهو أكبر حجم صادرات في تاريخ تركيا، أعلنت هيئة الإحصاء الرسمية أن التضخم السنوي بلغ العام الماضي 36 بالمئة وهي أعلى نسبة منذ 20 عاماً لتكون بذلك أكبر تحد سياسي يواجه الرئيس رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى الحكم.
والاثنين، أعلنت هيئة الإحصاء التركية، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) بنسبة 36.08 بالمئة على أساس سنوي خلال ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 13.58 بالمئة على أساس شهري في ديسمبر 2021، و36.08 بالمئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما وسجل مؤشر أسعار المنتجين المحليين ارتفاعا بنسبة 19.08 بالمئة على أساس شهري في ديسمبر الماضي، و79.89 بالمئة مقارنة بالشهر ذاته من 2020.
وارتفع التضخم إلى مستويات قياسية بسبب الانهيار الكبير في قيمة الليرة التركية التي فقدت في الأشهر الأخيرة قرابة 45 بالمئة من قيمتها، حيث شهدت البلاد موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار ضربت كافة القطاعات لا سيما أسعار الشقق السكنية والمواد الغذائية وخدمات المياه والكهرباء والغاز والوقود والإنترنت وكافة الخدمات الأساسية، ويعتبر معدل التضخم الحالي أعلى بسبع مرات من الهدف الأساسي المعلن للحكومة.
وعلى الرغم من أن الرقم الذي أعلنته هيئة الإحصاء الرسمية يعتبر الأعلى في عهد أردوغان وحزب العدالة والتنمية المتواصل منذ 19 عاماً، إلا أن المعارضة تتهم المعهد بالتقليل بشكل ممنهج من النسب الحقيقية للتضخم التي تقول إنها وصلت إلى مستويات أعلى بكثير وتتجاوز الـ50 بالمئة على أقل تقدير.
ومع بداية العام الجاري، أعلنت الحكومة وكبرى الشركات رفعا كبيرا بالأسعار شمل أسعار الوقود والتأمين على السيارات ورسوم المرور ببعض الجسور، وقالت هيئة تنظيم سوق الطاقة إنه جرى رفع أسعار الكهرباء بما يصل إلى 125 بالمئة، مشيرة إلى تضخم أسعار الطاقة العالمية، للمستهلكين التجاريين من أصحاب الطلب المرتفع وبنحو 50 بالمئة للمنازل الأقل طلبا في 2022. وذكرت شركة بوتاش الحكومية للطاقة أن أسعار الغاز الطبيعي ترتفع 25 بالمئة للاستخدام المنزلي و50 بالمئة للاستخدام الصناعي في يناير كانون الثاني.
وذكرت غرفة إسطنبول للتجارة أن أسعار التجزئة في المدينة، أكبر مدن تركيا، قفزت 9.65 بالمئة على أساس شهري في ديسمبر كانون الأول مسجلة زيادة سنوية بنسبة 34.18 بالمئة. وارتفعت أسعار الأدوات المنزلية في المدينة التي يقطنها نحو خمس سكان البلاد بأكثر من 20 بالمئة في حين زادت أسعار الأغذية بقرابة 15 بالمئة. وأضافت غرفة التجارة أن أسعار بيع الجملة في المدينة زادت 11.96 بالمئة في ديسمبر كانون الأول على أساس شهري و47.10 بالمئة على أساس سنوي.
ومن شأن هذه الأرقام أن تزيد من الضغط على الرئيس التركي الذي تسبب سياسته لخفض أسعار الفائدة تدهور قيمة الليرة التركية، حيث أعلن أردوغان مراراً أن خفضه لأسعار الفائدة سوف يؤدي إلى انخفاض التضخم وهي نظرية يختلف معه فيها معظم الاقتصاديين حول العالم، حيث خفض البنك المركزي في الأشهر الأخيرة وبضغط من أردوغان نسبة الفائدة 500 نقطة أساس من 19 إلى 14 بالمئة وهو ما أدى لتراجع قيمة الليرة التركية أمام الدولار من 7 إلى 18.4 قبل أن تعود وتستقر لمتوسط 13.5، ورغم ذلك لم يسجل أي انخفاض في معدل التضخم حتى الآن.
ارتفاع الأسعار بات أكبر تحد سياسي لأردوغان منذ وصوله الحكم
ومع الإعلان عن أرقام التضخم سجلت الليرة التركية انخفاضاً بلغ 5 بالمئة حيث تراجع سعر الصرف من 13.1 إلى 13.9 قبل أن تعوض الليرة جزءا من خسائرها عند 13.4 عقب الإعلان عن أرقام الصادرات الإيجابية التي يتسلح بها للترويج لنموذجه الاقتصادي الجديد الذي يقول إنه يرتكز على محددات خفض الفائدة وزيادة الإنتاج وبالتالي التشغيل والصادرات، واعداً بأن الأشهر المقبلة سوف تشهد انخفاضاً لافتاً في نسبة التضخم إلى جانب تحقيق فائض في الميزان التجاري الذي ما زال سلبياً بسبب الأعباء التي تشكلها فاتورة الطاقة على الاقتصاد.
والاثنين، أعلن أردوغان أن إجمالي صادرات بلاده في عام 2021 ارتفع بنسبة 32.9 بالمئة مقارنة بالعام السابق له، وبلغ 225 مليارا و368 مليون دولار، وقال في كلمة أمام كبار المصدرين: “إجمالي صادراتنا عام 2021 ارتفع بنسبة 32.9 بالمئة مقارنة بالعام السابق له وبلغ 225 مليارا و368 مليون دولار، وهذا رقم قياسي”.
وأضاف أن حجم التجارة الخارجية لتركيا “زاد من 87.6 مليار دولار فقط عام 2002، إلى 496.7 مليار دولار في 2021″، مشيراً إلى أن عجز التجارة الخارجية خلال 2021 تراجع بنسبة 7.8 بالمئة مقارنة مع عام 2020 ليستقر عند 45.9 مليار دولار، وأضاف: “صادراتنا زادت 86.6 بالمئة إلى أمريكا الجنوبية و29 بالمئة إلى دول أوروبا غير الأعضاء في الاتحاد و22.6 بالمئة إلى الشرق الأدنى والأوسط و44.8 بالمئة إلى شمال إفريقيا”، كاشفاً عن أن هدف بلاده في 2022 يتمثل في الوصول إلى رقم 250 مليار دولار صادرات.
وعن توقعات 2022، قال أردوغان: “حددنا هدف النمو الاقتصادي لعام 2022 بنسبة 5 بالمئة من أجل الإسراع في تحقيق فائض في الحساب الجاري”، مضيفاً: “رغم أن وباء كورونا بدأ كأزمة صحية إلا أنه أثّر سلبًا على كل جوانب حياتنا من الاقتصاد إلى السياحة والتعليم والعلاقات الإنسانية، واعتبارًا من أكتوبر 2021 وفّر الاقتصاد التركي مليوني وظيفة إضافية مقارنة بفترة ما قبل جائحة كورونا”.