الاقليم بين ابادتين سياسية وعرقية
محجوب حسينالاقليم بين ابادتين سياسية وعرقية قبل شهور خلت وابان توقيع اتفاق سلام دارفور في العاصمة النيجيرية أبوجا في الخامس من ايار (مايو) العام 2006 ، تحدثت في مقال مطول نشر علي صفحات جريدة القدس العربي اللندنية، ان اقليم دارفور بات جزءا من السياسية العالمية لدرء الارهاب العالمي في جنوب الصحراء، وبالتالي كانت المحصلة اتفاق سلام دارفور الذي جاء أمريكيا ودون حوافز في العاصمة النيجيرية أبوجا بيننا في حركة / جيش تحرير السودان الموقعة علي الاتفاق والحكومة السودانية، حيث تداعياتها اليوم علي مستوي أصعدة عدة، أو قل مساومة أو تسوية انتجتها حسابات المنظم الدولي بتعاون وثيق مع الوساطة الافريقية ممثلة في دول الاتحاد الأفريقي بضمور وقصور واضحين تعكس حالات الخلل والضعف الذي يستشري في أبنية الدول الأفريقية نفسها، مع غياب عربي واسلامي ملحوظ منذ تفجر الثورة لعب فيه النظام الحاكم في السودان دورا واضحا وملموسا في توجيهه بتصورات تضليلية قائمة علي مفاهيم المؤامرة لتجد رواقها عند العالمين العربي والاسلامي، وهي كلها عوامل مجتمعة ومنفردة غيرت في الحال والمآل في ترمومتر الأزمة وفي موازين وموازييك القوي السياسي بين الأطراف كافة. حكومة وحركات ثورية تحررية ومجتمع دولي بمؤسساته المختلفة ودول الاتحاد الافريقي ودول المحيط الاقليمي بدرجة غير مسبوقة تزداد وترتفع حدتها وفق الظرف الزمكاني لسيرورة الأحداث.البابوية الثوريةفي ذات السياق، لا أخال ان قلت ان تبدلات وجدليات مشهد الأزمة الدارفورية غربي السودان باتت خاضعة للبحث في كل شيء، فقدت معيارية التحديد والتكييف والتحكم تجاه موقعة الهدف وبلورة الاشكالية وآفاق حلولها المنتظرة أو المحتملة، لأن لاعبيها كثر، مجتمع دولي مختلف حيال تسويتها رغم المواقف المعلنة وغير المعلنة في أروقة صناعة القرار العالمي والتي غالبا ما تحركها ماكينزمات محددة الدقة، واتحاد افريقي عامل في الأرض دون فاعلية ليشكل عبئا سياسيا ثقيلا علي متن الأزمة بكل جوانبها، سيما حالتي الأمن والاستقرار والموت المجاني اليومي في الاقليم الشاسع والممتد، بينما حركات المقاومة التحريرية الموقعة والمعارضة فقدت البوصلة السياسية لتعبر عن مسابقات وانتصارات أولي ضحاياها انسان الاقليم، عجزت منذ اندلاع الثورة تحديد الأس الموضوعي لجدلية الصراع، وحصرت نفسها في صراع المختلف محليا بأوجهه المتعددة فكان وما زال بعضها ذاتي والآخر منها قبائلي لتكون فريسة سياسية محترمة ومقدرة لدي المشتري في سوق النخاسة الساسية السودانية، فكانت شرعنة للشخصنة الذاتية والتقديس الجامد عند بعضها والتوهان والبحث عن أي شيء عند البعض الآخر دون توظيف جيد ملائم ومواكب للمعطيات التي تتحول عموديا وافقيا، مع سقوط كامل في مهاوي الدائرة المحلية للصراع دون انتاج أدوات أخري تلامس معضلة الصراع الحقيقية وهو صراع تاريخ وثقافي مع المركز السوداني لتغيير دائرة الدورة السياسية والاقتصادية في السودان لصالح شعوب السودان الخارجة عن نظام وأنماط قيم الشعب الموجود داخل بوتقة الدولة السودانية وهو خارج دورتها فعليا منذ التاريخ الحديث أو حتي الاشتغال لكي تنتقل انتقالا تاريخيا نوعيا لبلوغ الغايات التاريخية الحاسمة في جدلية الصراع بعيدا عن البابوية الثورية أو المقدس الزعيم الثوري. وهي محصلة استفاد منها صانع القرار السوداني في توجيه مسار ادارة الأزمة بشكل منهجي واستراتيجي وعلمي بل كان نتاج سياساتها القائمة علي الاضعاف، فيها تصدعت حركات التحرير الي أكثر من عشرة حركات فاعلة وغير فاعلة، تدعي وتؤكد وتزعم في ما بينها مرة وبينها وبين المركز مرة أخري مع تداخل للدولي والاقليمي والمحلي والوطني بدرجات متفاوتة، رغم شراكة الهدف الكامن في الاستحقاقات لشعوب الهامش وشعب دارفور علي خصوصه وهو الذي دفع فاتورة القرن الجديد بامتياز لصالح شعوب السودان المقهورة. عقدة أوديب الدارفورية وعلي اثر مسلسل هذا الانحدار والانزلاق التاريخي لشعب دارفور ودون توصيف أسراره ولوبياته عبر كل مراحل ادارة الأزمة عسكريا وسياسيا وتفاوضيا، كانت اتفاقية سلام دارفور كنتاج لما هو ممكن تاريخيا وقتئذ، وأيضا كمدخل أولي للتحرير المدني الشامل كما كنا نري في وقت سابق، علما أن الكل دارفوريا شارك فيه بل ودفع اليه بوعيه أو دونه بالنظر الي وحدة الهدف والقضية والخطل الكبير في ادارة الأزمة مع الآخر الذي قلما ينظر الي الآخر المختلف دارفوريا في جوهر الصراع بأنه مختلف بقدر ما هو عدو مفترض ودائم بناء علي تراكمية جدلية التاريخ في السودان حسب تصور الأبنية الموروثة في ميتاقيزيقيا المخيال الجمعي للأحادية السودانية والمستشرية دون عقد اجتماعي واقتصادي وديني وثقافي متفق عليه رضائيا بين شعبوية السودانيين .هكذا وفي ظل مكامن الضعف والعراقيل الكبيرة والمحدقة تجاه استكمال ما هو ممكن تاريخيا، ليتبين فيما بعد وبعد الدخول في انفاذ عقدة أدويب الدارفورية داخل السودان مع المؤتمر الوطني صاحب الجذرة الكبيرة داخل منظومة الدولة المفروضة والتي تمتهن وتجيد فنون اللعب اسلامويا حتي مع الند الشريك السابق والآخرين في منهج شاروني للاستسلام والخضوع والخداع الواقع تحت طائلة التبرير منفردين وجماعات بشكل مهول ومفتقر للجدية الواضحة لمناقشة جوهر الأزمة في السودان من طرف المتعالي السوداني، ليكون بذلك المنهج الشاروني الذي ابتدعه فلاسفة المؤتمر الوطني الحاكم ببراعة ووقع في مقصلته الكل عبارة عن حبل للاصطياد والتفكيك والتصدع امتدت حبائله لخنق كل الأجسام الموازية وشركاء الأزمة في دائرة الصراع بتسويات واتفاقات ومساومات ممتدة ولاحقة قصد الوصول الي شرعية أو شرعنة متجددة كاعادة انتاج لمملكة المؤتمر السودانية عبر صناديق الاقتراع هذه المرة لاستكمال حلقة الانقلاب الأبيض المدني المرتقب في النصف الاول من العام 2008 كنتيجة حتمية متوقعة ما دامت السطوة محتكرة ونافذة وتحت المظلة والتوجيه لقيادة الحزب الحاكم ذي النهج الاقصائي في السودان وكذا أيضا وفق شرعنة دستورية تجد مرجعيتها في الدستور الثنائي الممنوح للشعب السوداني من طرف قوتين رئيسيتين المؤتمر حاكم دولة الشمال الايديولوجي الاسلامي وودولة الجنوب المحكوم من طرف احدي قوي التغيير في السودان الا وهي الحركة الشعبية التي لم تتضح استراتيجيتها التحالفية بشكل واضح وملموس حتي اللحظة.وبالرجوع الي عقدة أدويب الدارفورية، أعني اتفاق سلام دارفور، حيث الكل مسائلا فيه وبدرجات متفاوتة من جراء الانزلاق من الهدف الواجب استحقاقه، مساءلة هي بالأساس قبائلية أقوامية كمحددات جوهرية لبنية الاقليم ذي الوعاء التقليدي وليس هو بمجتمع مدني ، حيث الولاءات التحتية ممثلة في القبيلة والعشائرية والأقوامية وما أصطلح عليه بخشم البيوت القبلية شعبيا كأدوات ومرجعيات وحفريات تتحكم في انتاج الفعل وارهاصاته ان كان سياسيا أو عسكريا أو اقتصاديا تحدد موازينه ثلاث قوي قبائلية رئيسية وهي قبائل الفور والزغاوة والعرب تتجاذب معها بعض القبائل الأخري في علائق بينية قائمة علي صراع الارادات وعلي توجسات وحالات من انعدام الثقة المرتكز علي ما هو مستتر ومعلن وبفعل الآخر في سلطة المركز، لتخل في مجموعها بالبوصلة ومن ثم يجد المركز فسيفسائية الدارفوريين جاهزة وخصبة لهندسة انهيارها لفائدة البقاء والتمترس في منطلقات السودان القديم القائم والذي يوفر لهم عبر سياسية القوة المفروضة لكل الأوجه الحياتية في السودان الاستمرارية في تدوير وانبطاح الشعب السوداني حتي لا يغير سهم الطريق وهو التحرير من عبودية القرن العشرين في السودان، وكانت دائرة الغرب السوداني والغرب الاجتماعي في هذا الاتجاه وبمكوناتهما الدينية والسكانية ذات تأثير بالغ الاثر في قلب توازنات اللعبة السودانية ان لم يتم الحد من فاعليتها بل استئصالها نهائيا كمحدد تتحدد ماهيته في سلم أولويات أي فعل من المركز. وهي الحقيقة التي فطن اليها صانع القرار المتمرس مبكرا، ليضعها في زاوية حادة للقضاء عليها، لتتوجه بذلك كل أدوات الاقطاعية الدوليتية في السودان لانجاز المهمة التاريخية/ الحضارية التي قد تفقدهم الآنا الحاكمة في السودان مجتمعين ومنفردين حسب الظرف الزمكاني لادارة الأزمة التي تتطلب توجهات مختلفة بين الفينة والأخري وأدوارا يقننها اللاعبون أصحاب الشرعنة التاريخية في السودان، فيها تفتت جبهة المقاومة التحررية وابتعدت المسارات، لتحدث ما أسميه بالانهيار الأول، ليكون الكل منفذا لسياسات مخطط المركز السوداني وبغض النظر عن ذرائعه. علما أن دائرة الصراع في جنوب السودان تختلف ماهيتها من الغرب الجغرافي والاجتماعي هذه المرة، سيما وشراكة الاستغلال قد فضت بين الشمال الجغرافي والغرب القائمة علي كبح جماح الجنوب.لذا كان ضرب الغرب يجب أن يتم بحماقة حضارية.الغسيل السياسيوفي ظل هذا التداخل والتقاطع البائن في جدلية الصراع وشرعيته من جانب وفشل ادارته الجماعية من جانب ثان ليس هناك بطل في المشهد ، وهي نقطة محط أسرار كثيرة لا داعي لاستصحابها ولا لتوثيقها لأنها ليست جزءا من أجندة هذا المقال، هذا فضلا عن العوامل الملازمة والايجابية التي ترجح الكفة حينذاك كمعامل توازن القوي السياسي والعسكري والجماهيري والانساني لصالح مشروع التحرير الكبير بالنسبة للحركات التحريرية، أتت اتفاقية سلام دارفور علي شاكلة مساومة دولية بين الحكم في السودان والولايات المتحدة زائدا دول الاتحاد الاوربي والدول الأفريقية عبر الاتحاد الأفريقي، حيث الأول قراءها من منظور أن هذه المساومة المبرمجة الي حد كبير، قد تجعلها تمسك زمام المبادرة السياسية من جديد في صراعها مع المجتمع الدولي حول القوات الدولية في اقليم دارفور السوداني، وقد تكون خلاصا لها من هذا الكابوس الذي يهدد مكامن سطوتها وقوتها وفاعليتها سودانيا ودارفوريا، بينما يري صانع القرار العالمي أن تشديد الدفع باتجاه توقيع هذه الاتفاقية وعلي علاتها قد يفتح الطريق أمام دخول القوات الدولية، وتحت ستار هذه الأجندة، أفرزت ـ أي الاتفاقية ـ وبغض النظر عن قدسية الخطاب السياسي الساري لدي جماعات ضغط أخري متناثرة في حلبة الصراع بحجج مختلفة، أفرزتها الاتفاقية، فيها تناسلت المقاومة التحررية تحت مدلول الحركة الي حركات، أفرادها هم السابقون المتجددون أو المتجددون السابقون، ذات شعار واحد وتعمل بنفس الآلية السابقة، موقعة ولاحقة أو معارضة لها، كلها تعمل في عزف منفرد أهمها تسجيل الحضور، دون أن تحقق نقلة نوعية تفرضها ضرورات مرحلة الصراع والاستفادة من روزنامة الأخطاء والخطايا الماضية مع تغيب كامل لحقائق الأشياء لدي انسان هذا الاقليم الذي بدأ يتقهقر كما رأيناه وتتبعنا سير طموحه وأماله، ليقف المجتمع الدولي صاحب قوة الدفع الرباعية في انتاج وثيقة الاتفاق، متفرجا، دون الاقرار بالتزاماته السابقة، وبدأ يتعثر في توجيه الضغط بعدما فشل في دفع النظام الحاكم في السودان لتمرير ورقة القوات الدولية الكاملة بالرغم من ترسانة القرارت الدولية الصادرة، في حين يمارس النظام الحاكم أيضا برغماتيته المعهودة وتحت مسوغات باطلة للحيلولة دون الوقوع في فخ القوات الدولية، بل ويجدها فرصة سانحة في ظل توافر معطيات جديدة أولها الاتفاق وثانيها تصدع جبهة المقاومة العسكرية والشعبية في دارفور ليفسح لها المجال لاحداث المزيد من المناورة وصنع المبادرة والترتيب بشكل أفضل مما سبق لدرجة العمل علي تمييع مشروع التحرير السياسي الكبير وموقعته في زاوية ضيقة تمثل أساسها ومرجعيتها اتفاق أبوجا وبالتالي افراغ مشروع التغيير والتحرير من محتواه ليتحول الأمر الي نقابة مطلبية او نقابات مطلبية.و من هنا وبواقع تجربة الأشياء والمشاركة فيه، دخلت الاتفاقية لواقع الانفاذ والتنفيذ وفق شرعة الاتفاق الموقعة، ليجد فيها النظام الحاكم كارتا جديدا يمارس فيه الغسيل السياسي عبر الاتفاق وبوحشية وعلي جميع الأوجه، حركة موقعة وحركات رافضة، ومجتمع دارفوري منقسم بادارته وتحت نظمه واشرافه، ومجتمع دولي يعمل لصالح الانسانية في دارفور ودول جوار حاضرة بشكل نسبي في المشهد وصراعاته وفق الضرورة، وهو المشهد الذي منحه شرعنة جديدة لتنفيذ الانهيار الثاني للمشروع الحركي من اجل التحرير، وهو ما تبين جملة وتفصيلا في سابقات الأيام والشهور الماضية حيث الأولوية للنظام الحاكم في هذا المنعطف ليس تطبيق ما تم توقيعه بقدر ما ان الاولوية ضمن طروحاته هي تفكيك وتقزيم الشريك الجديد أو الشركاء الجدد مع جذب الآخرين اليه لنسف أطروحة التغيير المختلفة مع توجهاته الاستراتيجة، ويتم هذا بوعي وصمت كبيرين، في مقابل افتقار الشركاء الجدد لاطار مفاهيمي وسياسي يشكل ستارا للحيولة دون الوقوع والانهيار عبر الطرق المختلفة، فكان سهلا الاختراق، والصراع الداخلي / الداخلي بين مكونات حركة التغير الجديدة التي أتت، دون أن تتقدم الي الأمام مادامت المؤسسات غير موجودة وغير فاعلة ومفتقرة للمنهج والأطروحة والرؤية، مع محاصرتها وتجفيف مكامن قوتها، ليتم حالة الانهيار الثاني لمشروع التحرير داخليا والذي يقابله هزيمة شعب دارفور أيضا. وهي نتيجة تعود لفاعلية هندسة المركز المتحكم في السودان والقائمة علي امتصاص المختلف وتطويعه ومن ثم جعله جسما تابعا، يملي عليه في كل شيء أفراد ومؤسسات رغم عدم وجودها ومن ثم يتم محوه نهائيا ليتناثر كالغبار، والأمثلة هنا كثيرة ومتكــــــررة في الساحة السودانية خلال السنوات الحمر في السودان . وهو ما يدفعنا جديا البحث عن خيارات ومنطلقات جديدة لفك الطوق من حالة الانهيار المستشرية والتي قد تحدث تداعيات جد خطيرة علي جسد التحرير في السودان، وذلك لأجل مواصلة مشروع التحرير السياسي والفكري والاقتصادي القائم علي تحقيق غايات شعوب الهامش السوداني في دائرة متسقة ومنسجمة تعمل علي ردم الهوة وبلورة مصالحة جماهيرية مع المشروع الكبير.شعب يبن ابادتين وتوبيخ!!اذن، وفي ظل راهنية تضاريس هذا المشهد وحقائقه، وبعيدا عن اجترار التاريخ والتأريخ معا ، ومحاولات نظام الحكم في السودان للي حركة وعجلة التاريخ السوداني المتقدمة نحو التغيير والتحرير بشتي الطرق والسبل، المشروعة وغير المشروعة، وفي ظل الترهات العديدة التي لازمت هذه الثورة منذ انبثاقها، نجد أن المركز وصانع قراره تمكنا من الانتقال وتوظيف المستجدات مع مستحدثات جديدة وفرتها الاتفاقية وموقف معارضيها للقفز وتحقيق درجة رفيعة عبر نافذة جديدة، وهي استكمال الابادتين، الأولي تمت وتتم في اقليم دارفور وباستمرار تحت دواعي معارضي أبوجا دون أن تحقق شيئا لأبوجا مع الجهة التي وقعت غير تعيين كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الانتقالية في اقليم دارفور الأخ مني آركو مناوي دون صلاحيات واضحة ومقننة، حيث يقوم بمهامه عمليا مستشار الرئيس السوداني الدكتور مجذوب الخليفة، مسؤول ملف مفاوضات دارفور والمختص في منح ومنع كل شيء هبات أو صكوكا للغفران والرحمة وسوف أفرد للأخير مساحات في مقبل الأيام منذ ملف المفاوضات الي يومنا هذا، وهنا أفتح قوسا عرضيا لواقعة حدثت ابان التعيين حيث المتفق عليه أن يتم تعيين الأخ مني آركو مناوي كبيرا لمساعدي الرئيس قبل يوم أو يومين من وصوله الي الخرطوم، وهو ما لم يتم وقتها بناء علي حسابات البرغماتي السياسي وبتعاون وثيق مع بعض أجهزة الحركة الحاضرة في وفد المقدمة وهو موضوع كبير سوف أتناول حيثياته في وقت لاحق والتي يمثلها وقتئذ أحد جنود الصف، حيث لولا الحملة التي اتخذناها وبلورتها وقذفتها في شباك المؤتمر الوطني لما عقد الرئيس السوداني ونائبه طه ومساعده الأول نافع علي نافع اجتماعا طارئا في ذات الساعة واليوم وزمان الأزمة في القصر الجمهوري ولمدة ساعتين لاتخاذ القرار والذي هو محل تردد كما اتضح وتم استيضاحه أكثر بعد التعيين من خلال أدب الممارسة، لولا ذلك لما تم تعينه، ناهيك عن تنفيذ الاتفاق، ليستدعي مستشار الرئيس السوداني السيد مجذوب الخليفه من لدن أطراف أجهزة حزبه ومؤسساته ويتم استجوابه وتوبيخه لعدم حنكة اللعبة ، وهو موقف حددنا سياقاته وأخيرا تم انتهاجه من طرف بعض العناصر الحركية داخل الخرطوم، ليتأكد صحة ما قلناه لهم فيما بعد بأن ادارة الأزمة مع المؤتمر الوطني يجب أن تتم هكذا ومنذ البدء، لولا تقاعس وترهل بعض القيادات الحركية وأجندتها السطحية التي عبثت بها أيدي المؤتمر الوطني والتي وزعتها الي كانتونات وسلطات خردة كما اتضح فيما بعد، بخذلان لشهداء الثورة أمثال جدو ساغور رئيس هئية الأركان للحركة وعبدالله أبكر مؤسس الثورة ونورالدين الياس وأخرين كثر…..!!، لتتم عبر هذه السوداوية الابادة السياسية للحركة داخل الخرطوم وليبحث الكل عن مواقع ومناصب الدم دون نذر من دم، كاستحقاقات لدارفور، وهو استحقاق….!! وتلك خدعة أيما خدعة بين لوبيات الترف.لأخلص مبتدئا في المحصلة ان دواعي التغيير الحركي التحرري يجب أن يتم ويقع وفق واقع مجريات الأحداث لا محالة، كما يجب أن نبين أن آلية التغيير من الهامش السوداني غير ذي فاعلية وجدوي عميقة ،فشل فيها الدارفوريون والجنوبيون وما أنتجه الدارفوريون وما زالوا ينتجونه من فعل ثوري يصب في أغلبه لصالح المركز أو بعبارة أوضح يصب في مصالح السلطة الحاكمة بطريقة أو أخري، فرادي وجماعات وحركات واقليم وانسان الا ما ندر وهي خارطة معقدة، وهو الأمر الذي يتطلب صياغة مواءمة وجديدة مع المشهد لمعالجة الاختلال الداخلي وحالات الانهيار الحركي أولا ومن ثم التوجه لما هو استراتيجي، أعني العمق والمحرك الدينمو وبأليات مستحدثة، والتأكيد علي أن الاتفاقات الماضية والقادمة ليست هدفا ومرجعية للمشروع بقدر ماهي مداخل للاستكمال والوصول للدولة السودانية الثالثة، مادامت الدولة الاستعمارية الخارجية وهي الأولي فشلت والثانية القائمة علي الاستعمار الداخلي أيضا فشلت، وهي مساحة تاريخية جيدة للتفكير في الدولة السودانية الثالثة وهي دولة التحرير الكامل من منطلقات السودان القديم وبوحدة وعقد جديدين لولايات سودانية متحدة قائمة علي حقيقة الواقع والتاريخ والجغرافيا. قيادي بحركة جيش تحرير السودان، المتحدث الرسمي لرئاسة الحركة8