تونس – «القدس العربي» من حسن سلمان: لم تأت نتائج استطلاعات الرأي بمفاجآت كثيرة بالنسبة لنتائج الانتخابات الرئاسية في تونس، وخاصة فيما يتعلق بفوز رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي بالمرتبة الأولى بفارق ضئيل عن منافسه الأبرز الرئيس الحالي منصف المرزوقي، غير أن تلميح حركة النهضة الإسلامية باحتمال إعادة النظر تجاه موقفها المحايد من المرشحين وتأكيد الجبهة الشعبية (القوة الثالثة في الرئاسية) عدم دعمها للمرزوقي قد يفتحان الطريق أمام المزيد من المفاجآت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
وكانت حملتا قائد السبسي والمرزوقي سارعتا لتأكيد النتائج بعد دقائق فقط من انتهاء عملية التصويت، فيما نشرت عدة مؤسسات لاستطلاع الرأي نتائج أولية للسباق الرئاسي تؤكد تصدر قائد السبسي بحوالي أربعين بالمئة يتبعه المرزوقي بحوالي 35 ٪، فيما احتل المرشحون حمة الهمامي (الجبهة الشعبية) وسليم الرياحي (الاتحاد الوطني الحر) والهاشمي الحامدي (تيار المحبة) المراتب الثالثة والرابعة والخامسة على التوالي، في حين دعت هيئة الانتخابات إلى انتظار النتائج الرسمية التي يفترض أن تصدر خلال الساعات القليلة القادمة.
وكان أغلب المراقبين توقعوا في وقت سابق أن تنحصر المنافسة في الدور الثاني بين قائد السبسي والمرزوقي، فيما ندد بعضهم بالاستقطاب الثنائي الكبير بين المرشحين ومحاولة توجيه الرأي العام واستبعاد بعض المرشحين الآخرين.
وسارع بعض القياديين في «نداء تونس» إلى مهاجمة حركة النهضة مؤكدين أنها دعمت ضمنيا المرزوقي للوصول إلى الدور الثاني، وهو ما نفته قيادة الحركة كليا مذكرة بأنها التزمت الحياد تجاه جميع المرشحين، غير ان رئيسها الشيخ راشد الغنوشي أكد في تصريحات صحافية الاثنين على هامش الحوار الوطني أن مجلس شورى الحركة سينعقد قريبا للنظر في مسألة مساندة مترشح في الدور الثاني للانتخابات وتعديل موقفه الأول الذي التزم فيه الحياد.
وأثار تصريح الغنوشي المقتضب عدة تساؤلات حول خيارات الحركة (القوة السياسية الثانية في البلاد)، ففي وقت أكد فيه البعض أن «النهضة» ستلجأ بالتأكيد لدعم شريكها السابق في الحكم (المرزوقي)، مشيرين إلى أن أغلب أبناء الحركة صوتوا له في الدور الأول، لمح آخرون إلى وجود تفاهمات من نوع ما بين «النهضة» و «النداء» قد تفضي لصفقة سياسية تقوم على حصول النهضة على بعض الحقائب الهامة في الحكومة مقابل دعمها لقائد السبسي في الانتخابات، وهو ما سيضمن له الفوز بنتيجة كاسحة في الدور الثاني.
وكان مرشح الجبهة الشعبية القيادي البارز حمة الهمامي أكد في مؤتمر صحفي قبوله بالنتيجة المبدئية للانتخابات (حل بالمركز الثالث بفارق كبير عن المرزوقي)، مؤكدا مواصلة العمل من أجل تحقيق المطالب الشعبية التي عُرضت عليه خلال الحملة الانتخابية.
وأضاف الهمامي في تصريح صحافي «لن نعارض ولن نعاضد… لدينا برنامج سيقودنا في المرحلة القادمة، وغايتنا إخراج تونس من الأزمة وبناء تونس الجديدة».
من جهة أخرى، دعا المرزوقي قائد السبسي إلى مناظرة تلفزيونية مباشرة أمام التونسيين، داعيا الأخير إلى القبول بهذا الأمر و «عدم التهرب»، فيما اعتبر مدير حملة قائد السبسي محسن مرزوق أن دعوة المرزوقي تحمل نوعا من «التحدي»، مشيرا بالمقابل إلى ضرورة إجراء «حوار منظم» يقوم على النقاش المتبادل، على اعتبار أن «المناظرة التلفزيونية» موضوع جديد في تونس، داعيا إلى انتظار صدور النتائج النهائية، وهو ما اعتبره البعض نوعا من التهرب من هذا الأمر.