كيف ستكون الانتخابات الرئاسية المقبلة، في الجزائر، في وضع معقد وغير مستقر؟ سؤال يطرحه الجميع مشفوعاً بحيرة كبيرة. لا أحد يملك الجواب سوى الاحتمالات الأسوأ، حتى بالنسبة للذي ينام على يقين أن المسألة تقنية لا أكثر، وينسى أن بعض الأحداث الصغيرة، غير المحسوبة، يمكنها أن تتسبّب في كوارث لا أحد يملك سلطة توجيهها، في ظل حراك لا يتوقف، بل يتسع كل يوم أكثر، وكلما تأخرت الاستجابة لمطالبه الجوهرية. لا يمكن تخيل الحلول خارج الدخول في حوار عميق مع الحراك، حتى ولو بدا الآن مستحيلاً.
يجب التفكير عميقاً قبل الإقدام على مغامرة الانتخابات التي كلما زاد الإصرار عليها، من منظور رؤية يقينية تعودت على امتلاك الحقيقة المطلقة، تكرست القوى المناهضة لها أكثر واتسعت الهوة، لأن ما يتم التلاعب به في النهاية هي المصلحة الوطنية الكبرى التي يراها كل واحد من زاويته.
أي قيمة تبقى أمام انهيار كلي للدولة وموت وطن؟ مع أن أغلب المختصين في الشأن الجزائري يرون أن بعض المطالب يمكن الاستجابة لها بلا مشكلات كبيرة، بشيء من الاستماع والإرادة. ندرك جيداً أن المسؤولية الملقاة على ظهر المؤسسة العسكرية كبيرة وشاقة.
لا تريد أن تكرر تجربة التسعينيات حينما وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام الشعب، في ظل انهيار الدولة كلياً وعجز الأحزاب وتسيد العنف والتقتيل. الحراك أيضاً يواجه وضعاً غير الذي انطلق منه في البداية.
فقد تسيس بشكل كبير، فاقداً بعض شموليته التي كانت تضمن قوته وعدده المهول. وانتقلت العداوة والتخوين من العصابة إلى المؤسسة العسكرية، وإلى جزء من المجتمع المدني الذي له رؤية مخالفة، وليس ضد الحراك. حتى لجنة الحوار والوساطة لكريم يونس، على ضعفها، لم تسلم من الرفض والتخوين. وكيفما كان موقفنا منها، فقد اجتهدت اللجنة لخلق جسور حوار ممكن، لكنها فشلت لأنها لم تستطع فك حالة التصلب في الجهتين. أصبح الحراك هدفاً يجب تدميره، لأنه التعبير الشعبي المقموع الذي آن له أن يعبر عن حقه بعد أكثر من نصف قرن من التكميم. من جهة، تعمل العصابة، بتحالفها السرية والمعلنة المشبوهة، على الزج به نحو الطريق المسدود الذي يتولد عنه حتماً اصطدام ينزع عنه سلميته، وقد يعصف بالبلاد نحو أخطار التفكك في ظل مناخ وطني وجهوي ودولي مساعد على ذلك. الكل متوفز، ولا يخفي أحقاده ورغباته الانتقامية. الحراك عرى العصابة كلياً، لهذا فهي لن تغفر له ذلك. المؤسسة العسكرية والأسلاك الأمنية التي لم تطلق رصاصة واحدة لتفريق المتظاهرين بعد أن حفظت درس التسعينيات جيداً، وشرفت تاريخها بتفكيك العصابة التي عاثت فساداً في البلاد، توقفت للأسف، عن مرافقتها للحراك، وكأن الملايين المشاركة في الحراك، كل يوم ثلاثاء وجمعة، أصبحت خائنة للوطن؟ عن أي وطن يتحدثون في النهاية، أرض الشهداء أم الأرض التي اختطفتها العصابة؟ وبدل مواصلة الإصلاحات ومرافقة الحراك، أصبحت سياسة البيلدوزر هي الجواب الأوحد: غلق بعض أمكنة التظاهر، تقطيع أوصال أمكنة الحراك، اعتقالات بالجملة تساوى فيها المناضل بأفراد العصابة، وآخرها إغلاق العاصمة، ممّا أجبر الحراكيين على أن يدخلوا عاصمة بلادهم كالحراقين، مشياً على الأقدام، أو عن طريق البحر. وتم التضييق على الحريات الديمقراطية، وتحويل القنوات التليفزيونية الوطنية والخاصة أيضاً إلى مجرد وسائط لترديد الخطاب الأحادي المهيمن، مع أنها قطاع عام ممول بأموال الشعب. في ظل غياب كلي لأي خريطة طريق، باستثناء الأوامر. هذه كلها ملامح لانفجار قادم إذا لم توجد له الحلول السياسية التي لم تستنفد بعد. كلمات المؤسسة العسكرية، من خلال قائد الأركان، تزداد كل أسبوع حدة، لكنها لا تحل جوهر المعضلة. بينما كان عليها، وفقاً لمسؤولياتها التاريخية، لعب الدور الحاسم في الانتقال إلى الديمقراطية والانسحاب نحو مهامها الدستورية، كما حدث في إسبانيا، وتركيا، واليونان، والبرتغال، وغيرها. لا نتحدث عن الجبهة الاجتماعية، جزء من الأزمة، فهي صامتة وفي حالة ستاند باي. المشكلات الاقتصادية عويصة وثقيلة وتحتاج إلى إرادات قوية وتاريخية، تقطع نهائياً مع نظام الاقتصاد الريعي الذي ليست العصابة إلا أحد تجلياته الظاهرة. البطالة تتفاقم، واحتياطي الصرف تضاءل كثيراً بعد أن نُهب، والورشات المفتوحة في الجنوب بالخصوص، لتفادي الانفجار هناك، مكلفة مالياً، وهو ما يعرض البلاد لهزات عنيفة مقبلة. ليست الانتخابات في خطر، ولا حتى الحراك، لكن الجزائر كلها يمكنها أن تحترق. العصابة ليست فقط المسجونين، حتى الأحزاب الهرمة والمصلحية والمنظمات الجماهيرية. فقد أوهمت الشعب الجزائري وأدخلته في مدارات العقلية الطوطمية Totémique، وجعلت من رئيس مريض ومقعد حامياً للبلاد، في تواطؤ معلن وغير مسبوق. هذه الأحزاب أغلب قادتها في السجون، عليها أن تجيب عن سؤال اللعب بمصير الشعب قاطبة، وأن تُحلّ. لقد أصبح جزء كبير منهم قادة الانتخابات القادمة، وجعلوا منها كرنفالاً انتخابياً، وكأن شيئاً لم يكن. البارحة صلّوا طويلاً للإطار، واليوم يتبركون بالأقوى، عملاً بالمثال: من تزوج مع أمي اليوم، فهو أبي غداً.
ما يزال أمام المتحاربين مخرج صغير، إن أرادت هذه القوى التفكير قليلاً فيما هو أكبر: الجزائر، قبل الدخول في دوامة لا نقدر مخاطرها ومفاجآتها، لأن ممثلين آخرين في قائمة الاحتياط، غير مرئيين وصامتين حالياً، سيدخلون في الدائرة للزج بالبلاد إما نحو حرب أهلية مدمرة بالاغتيالات المنظمة أو نحو حالة الاستثناء، مع تدخلات جهوية وأجنبية لا تنتظر إلا الشرارة. لا انتخابات حقيقية دون تصفية الجو العام. ثلاثة اقتراحات تفرض نفسها: أولاً، حل حكومة بدوي؛ لأنها ثمرة لعصابة متهالكة ومزورة، ولن تخسر البلاد شيئاً باندثارها. ثانياً، إطلاق سراح سجناء الرأي وكل نشطاء الحراك الذين سجنوا بسبب آرائهم. ثالثاً، فتح الإعلام الثقيل على الاختلاف. الرؤية المترهلة القديمة لوظائف وسائل الإعلام في ظل الوسائط الحديثة لم تعد نافعة، بل معطلة لكل تقدم. ضرورة منح الآخر الجزائري حقه في الرأي والدفاع عن حقه في الاختلاف. ربما قد لا يتوقف الحراك حتى بعد الاستجابة لهذه المطالب، لكن تصفية الأجواء أكثر من ضرورة. إن عقلية البيلدوزر المؤمن فقط بالقوة لم تعد تنفع، ونتائجها وخيمة، ولا تخدم لا الجزائر ولا الحراك ولا المؤسسة العسكرية.
المصلحة الوطنية الكبرى التي يراها كل واحد من زاويته…..
أتفق معه تماما في كل ما قاله في هذا المقال
يصعب على المتتبع أن يبتلع الإستنتاج الذي يروج له البعض بأن “العصابة تعمل بتحالفاتها السرية والمعلنة المشبوهة، على الزج بالحراك نحو الطريق المسدود” والجميع يعلم أن الحراك منذ بدايته أعرب بوضوح عن لفظه للأحزاب السياسية الموالية سابقا للنظام، كما أعرب عن تبرئه من الشخصيات والنخب التي كانت لها علاقة من قريب أو بعيد بالنظام وكان هؤلاء وأولئك لا يجرؤون على المشاركة في التظاهرات السلمية الأسبوعية خوفا من تعرضهم للطرد علنا أمام الكاميرات، فكيف يؤثرون على مسار الحراك؟ لا يصدق عاقل هذا الطرح!
ذكر الأستاذ واسيني أهم مطالب الحراك المشروعة منها:
١- أن تلعب المؤسسة العسكرية دور إيجابي كالذي انتهجتها نظيرتها بإسبانيا، لكن قائد صالح ورفاقه يرفضون ذلك!
٢- إقالة الحكومة التي تمثل بقايا النظام المنهار والمرفوضة شعبيا مادام حلها لن يكلف البلد شيئا، لكن قائد صالح ورفاقه يرفضون ذلك!
٣- تحييد أحزاب الموالاة التي كانت بالأمس القريب تبارك العصابة في كل تحركاتها، لكن قائد صالح ورفاقه يرفضون ذلك!
٤- إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي الذين سجنوا بسبب أرائهم المعارضة للفساد والإستبداد، لكن قائد صالح ورفاقه يرفضون ذلك!
فمن الجاني ومن المهضومة حقوقه في هذا السياق؟
أتفق مع المثقف واسيني الأعرج فيما ذهب إليه من اقتراحات ومخارج لتجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد، المشكل أن الكايد صالح الذي يستفرد بتدبير الأزمة يرفض كل الحلول المتوافق عليها ويتعصب لرأيه برفض مقترح ترتيب مرحلة انتقالية.
لكن لست ممن يتخوفون من حرب أهلية إذا أصر الحراك الشعبي على رفض الإنتخابات بالصيغة التي رسمها الكايد صالح لأن الحراك لن ينجر أبدا للعنف ويدرك أن قوته تكمن في سلميته، فالحراك إذا تمكن في الحفاظ على سند الأغلبية وتحصن من الإختراق سينجح في كسر عناد الكايد صالح وزبانيته لأنهم لايتمتعون بسند شعبي ولا دعم خارجي من حكومات غربية كما كانوا يتوهمون.
يحسب لقيادة الجيش الجزائري التدخل في الوقت المناسب للقضاء على مربع الشر(السعيد وحنون وطرطاق ومدين) الذين كانواعلى استعداد لحرق البلاد والعباد في سبيل بقاء البوتفليقية.ويحسب عليها اتباع خطاب التخوين للشعب ومحاولة التضييق المستمرة على الحراك الشعبي العفوي.
كلمة في الصميم.. وتحقيق الشروط الثلاثة امر سهل وبسيط؛ ونتائجها كبيرة.. الحل في الافق ان شاء الله
الله يحمي خالجزائر، ثابر يا استاذنا الكبير في هذه المقالات الجريئة والثاقبة لعل اصحاب البساطيل يأخذون العبر. لأن هؤلاء لا يهمهم الوطن واكبر دليل على ذلك ما جرى في سورية لقد سلموها للمستعمرين الجدد وهدموها وقتلوا مليون من شعبها وهجروا نصف سكانها. والجزائر بلد عظيم الثروات والأعين عليه كثيرة وهناك من يتربص به شرا خوفا من نجاح الحراك وتطبيق الديمقراطية
هناك أولويات أساسية ومهمة قبل أي إنتخابات ، أولها تطهير الجزائر من التنظيمات الغير جزائرية المعروفة لدى عامة الشعب والتي أكلت اللحم والشحم والعظم ولم تشبع ولن تشبع أبدا إلا بالإعلان عن طردها من الجزائر ، ثانيا تقديم إعتذار رسمي وعلاني لشعوب المنطقة بكاملها من طرف النظام العسكري الذي كان سببا في تعطيل التنمية في المنطقة ، ثالثا تحكيم العقل وبلوغ النضج وإرجاع المياه الى مجراها الصحيح بين شعوب المنطقة والتوقف نهائيا عن نهج سياسة العداء التي ينهجها النظام العسكري نحو المغرب والجزائر في المحافل الدولية .
لا خوف على الجزائر بعد اليوم بفضل جيشها الاحترافي القوي والبطل
انه من احسن الجيوش عدة واحترافية في العالم
لقد اجتزنا المرحلة الصعبة واليوم ها نحن نستعد للانتخابات يوم 12 ديسمبر
لم يرغم الجيش احد على الانتخاب ولكن الوطن ينادي جميع ابناءه للذهاب للصندوق
اما لابناءه الهاربين في المنافي الاختيارية والسلبيين الذين لا يحسنون الا النقد والتشويه فنقول لهم مهلا لا تكونوا اقسى علينا من الغرباء والاعداء
واما الذين جنحوا وهم يملئون السجون المدنية والعسكرية فنقول لهم : هذا درس للجميع مسؤولين وبسطاء, بان القانون سيطبق بحذافيره (لو سرقت بنت محمد لقطع يدها)