الانتخابات العراقية: خروقات بالجملة واعتقال 77 مخالفاً وتوقف مئات أجهزة التصويت

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: أغلقت، مراكز الاقتراع في العراق، صباح الأحد، أبوابها، أمام العراقيين ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات التشريعية المبكّرة، وسط تسجيل جمّلة خروقات شهدتها عملية التصويت بعد انطلاقها بساعات قليلة، أبرزها توقف المئات من أجهزة «التصويت الإلكترونية» عن العمل «مؤقتاً» الأمر الذي أدى إلى حرمان عددٍ كبير من الناخبين حقّ التصويت، فضلا عن تدن كبير في نسب المشاركة.
وبلغ عدد المراكز الانتخابية في عموم العراق، (8954) مركزاً، بواقع 55 ألفاً و41 محطّة اقتراع، مخصصة لاستقبال تصويت 23 مليوناً و986741 شخصاً يحقّ لهم التصويت.
وتنافس في هذه الانتخابات، 3249 مرشحاً و21 تحالفاً، و109 أحزاب، في 83 دائرة انتخابية وزّعت في عموم البلاد، بهدف تشكيل مجلس نواب (برلمان) جديد يضم 329 نائباً.
وقبل نحو ثلاث ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع، لم تتخط نسبة المشاركة الـ30٪، حسب ما نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن رئيس المفوضية الانتخابية جليل عدنان.

«إشارة واضحة»

وقالت رئيسة بعثة المراقبة الأوروبية، فايولا فون كرامون، في مؤتمر صحافي «للأسف، في هذه المرحلة، لاحظنا نسبة مشاركة ضئيلة» مضيفةً «هذه إشارة سياسية واضحة، وليس لنا إلا أن نأمل أن تلتفت النخبة السياسية إلى ذلك».
وأضافت «تم توظيف الكثير في هذه الانتخابات، وكان الجميع يأمل في أن تشكل منعطفا في المسيرة الديمقراطية للعراق».

295 عطلا

وأعلن تحالف «شبكات المراقبة» للانتخابات البرلمانية (منظمة حقوقية) تسجيل أكثر من 295 عطلا في الأجهزة الإلكترونية للتصويت.
كذلك، أصدرت شبكة «سفراء الحرية» أمس، التقرير الأول حول افتتاح مراكز الاقتراع.
وجاء في نص التقرير: «منذ صباح الأحد باشرت شبكة سفراء الحرية (منظمة حقوقية) عبر مراقبيها في جميع محافظات العراق وأقليم كردستان، بمراقبة عملية التصويت العام للانتخابات النيابية المبكرة لانتخاب أعضاء مجلس النواب العراقي، وذلك، بعد مراقبة عملية التصويت الخاص في يوم الجمعة الماضي، وإصدار ثلاثة تقارير خاصة إلى جانب تقرير مشترك مع شبكات محلية أخرى لمراقبة الانتخابات».
وتابع التقرير: «استطاعت شبكتنا وبجهود غير مسبوقة من وضع خطة انتشار دقيق لمراقبيها في جميع الدوائر الانتخابية البالغة 83 دائرة في جميع المحافظات وتغطية أكبر عدد ممكن من المراكز الانتخابية، بالتنسيق مع تحالف شبكات المراقبة لانتخابات، وذلك ضمن مشروع توسيع مساحة عمل المجتمع المدني التي تنفذها منظمة السلام والحرية بالشراكة مع سفراء الحرية وبالتعاون مع منظمة النجدة الشعبية النرويجية».

استعدادات «جيدة»

وحسب التقرير، «استعدادات مفوضية الانتخابات كانت جيدة، وقد تمكنت من افتتاح 8954 مركزاً انتخابياً للتصويت العام، وعدد محطات بلغت (55041) محطة اقتراع، ويبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت العام في جميع انحاء العراق بما فيها إقليم كردستان 23.986.741 ناخب».
وأردف: «في الوقت الذي نثمن دور المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والجهات الأمنية في المحافظات على سير العملية الانتخابية، ونطالبهم بالعمل الفوري لحل مشكلة عطل في الأجهزة وفسح المجال لمراقبي المحليين في أداء عملهم، وفي تقريرنا الأول هذا نشير إلى أبرز الملاحظات التي تم رصدها من قبل مراقبينا في مختلف المحافظات». ومن بين الملاحظات، التي وثُقها التقرير: «التأخير في فتح المراكز الانتخابية أمام الناخبين في الكثير من المراكز الانتخابية ومحطاتها في جميع المحافظات» مشيراً إلى أن «اقبال ضعيف من قبل الناخبين على المراكز الانتخابية في جميع المحافظات».
وأضاف: «تكرار عطل الأجهزة الكترونية في كل المحافظات وتوقف التصويت في بعض المراكز لأكثر من ساعة» لافتاً إلى «استمرار مشكلة الأجهزة الإلكترونية وخاصة البعض من الناخبين، أصبحت لديهم مشكلة في عدم قراءة بصماتهم».
ووثّق التقرير «منع المراقبين في الدخول إلى المراكز الانتخابية في بعض المحافظات، واستمرار مشكلة إرسال تقاريرهم، لأن في أغلب المراكز لا يسمح لهم بالعودة مرة أخرى عند خروجهم من مراكز الانتخابية في حال الخروج من المركز لإرسال تقاريرهم».
ونوّه إلى «طرد المراقبين في بعض المحطات الانتخابية» فضلاً عن «استمرار الدعاية الانتخابية من قبل بعض المرشحين عن المراكز الانتخابية بمسافة قريبة».
وتابع: «تواجد مسؤولي الأحزاب والتيارات والقوائم الانتخابية بالقرب من مراكز الانتخابية للتأثير على قرار الناخب في أغلب المحافظات» مبيناً «عدم الالتزام بالإجراءات الخاصة بالوقاية من فيروس كورونا في أغلب المراكز والمحطات الانتخابية».
وتحدث التقرير أيضاً عن «تقييد عمل الإعلاميين في بعض المحافظات للتغطية الإعلامية».
يشار إلى أن شبكة «سفراء الحرية» مؤسسة غير حكومية مدنية، تتكون من العشرات من المنظمات والمبادرات في جميع عموم العراق، تأسست سنة 2018 بمبادرة من قبل منظمة «السلام والحرية» وذلك لمراقبة الانتخابات النيابية 2021 في العراق عبر 500 مراقب من جميع المحافظات العراقية بما فيها محافظات إقليم كردستان.

«خلل فني»

في المقابل، أوضح رئيس مجلس المفوضين القاضي، جليل عدنان خلف، أن بعض أجهزة التصويت تعرضت «لخلل فني» وليس إلى عطل كما أشيع، مؤكداً أنها «جميعاً تعمل الآن بسلاسة».
وقال، في مؤتمر صحافي، عُقد في مقر المفوضية وبحضور فريق البعثة الأممية ورئيس الإدارة الانتخابية، إن «ما حصل من خلل فني في بعض أجهزة التصويت كان قليلاً جداً وبأعداد محدودة» موضحاً أنها «أخطاء بشرية لا يتقبلها النظام الإلكتروني الخاص بأجهزة التصويت».
وأكد أن «جميع الأجهزة تعمل الآن ولا يوجد أي أعطال والخطة تسير وفق ما رسم لها» داعياً «المواطنين إلى التوجه لمراكز الاقتراع والإدلاء باصواتهم».
مفوضية الانتخابات، أكدت، تواصلها مع جميع مراكز الاقتراع لمعالجة أي خلل حصل أثناء عملية الاقتراع.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، إن «مفوضية الانتخابات تتواصل مع جميع مراكز الاقتراع من خلال اللجان الفنية الموجودة في كل مراكز التسجيل التي تتفرع منها مراكز الاقتراع» مبينةً، أنَّ «هذه اللجان مكوّنة من موظفين فنيين مختصين مع موظفين من وزارة العلوم والتكنولوجيا وموظفين من وزارة الاتصالات لمعالجة أيِّ ظرفٍ طارئ قد يحدث خلال المراكز والمحطات».
وأضافت، أن «المفوضية شكَّلت لجنة عددها يقربُ من الـ100 موظف يتواصلون مباشرة مع كل مراكز الاقتراع لتسهيل كل الأمور والاحتياجات والإجابة على أي أسئلة» مشيرةً، إلى أنَّ «المفوضية تتجاوز أيَّ خلل قد يحدث بوجود هذه اللجان الفنية سواء في المكتب الوطني أم في مكاتب المحافظات الانتخابية».
وأكدت، أن «مفوضية الانتخابات لديها خطط احترازية وخطط بديلة لأيِّ ظرف طارئٍ قد يحدث».
وأكدت، أن «لم يرد المفوضية أي عطل في أجهزة التصويت وما حصل من حالات لم تكن إلا خللا فنيا في آلية استخدام جهاز التصويت» مبينة «وجود أجهزة احتياط في كل مراكز الاقتراع».

«لا تنسحب إلا تنتخب»

وأثار الخلل الذي أصاب أجهزة التصويت الإلكترونية، موجة انتقادات سياسية، إذ قال زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إن تعرض أجهزة التصويت للعطل أو التعطيل، يعد «خدشاً» للعملية الديمقراطية.
وكتب، في «تدوينة» له، إنه «‏بعد أنْ بلّغنا عن عَطل بعض الأجهزة في مراكز الانتخابات، قامَ المُختَصّون بإصلاح البعض منها. فشكراً للمفوضيَّـة وللمُراقبين الدوليّين، وشكراً للماكنة الانتخابية».

الصدر اشتكى من «خدش» للعملية الديمقراطية… والعامري دعا «أمة الحشد للزحف» للصناديق

وأضاف: «فَعَطَل أو تعطيل الأجهزة، يعني خدشا في العملية الديمقراطيَّة» مختتماً تدوينته بوسم، «لاتنسحب إلا تنتخب».
كما شدد ما يُعرف بـ«وزير الصدر» على صفحته في «فيسبوك» على ضرورة عدم انسحاب الناخبين من بعض مراكز الاقتراع التي تشهد خللاً، إلا بعد الإدلاء باصواتهم
كذلك، طالب زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري أنصار تحالفه بعدم الانسحاب من مراكز الاقتراع التي تواجه مشاكل فنية.
وقال، في تسجيل صوتي: «أيها الشعب العراقي العزيز، يا أمة الحشد والمقاومة، عليكم بالزحف إلى صناديق الانتخابات والمرابطة حتى يتم التصويت وعدم تركها بحجة عطل الاجهزة لأنها في طور التصليح، ونحن نتابع ذلك بجدية».

«مخطط شوفيني»

ومن بين جمّلة الانتقادات على العطل المفاجئ في أجهزة التصويت، أكد رزكار علي، عضو المكتب السياسي لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» أن «هناك مخططا لحرمان المواطنين في كركوك من حق التصويت في الانتخابات».
وقال، لإعلام حزبه، إن «هناك عدداً كبيراً من أجهزة الاقتراع معطلة في المحطات الانتخابية، وهذا عمل مخطط لحرمان المواطنين من حق التصويت».
وأضاف: «نحن نحمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مسؤولية هذا المخطط ونطالب الفرق الانتخابية بالإسراع في معالجة هذه المشكلة لكي يتمكن الناخبين من ممارسة حقهم في التصويت واختيار ممثليهم في مجلس النواب».
وتابع: «ندعو المواطنين من أبناء كركوك إلى ممارسة حقهم الدستوري في اقتراع، وإحباط هذا المخطط الشوفيني، واثبات كردستانية كركوك، ونحن نحمل المفوضية والأمم المتحدة مسؤولية حدوث هذا العطل في أجهزة الاقتراع».
ومن بين جمّلة الخروقات التي شهدتها العملية الانتخابية في العراق، اعتقال أشخاص حاولوا التأثير على الناخبين ‏قرب مراكز الاقتراع.‎
ونقل الإعلام الحكومي عن مهند نعيم، مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لشؤون ‏الانتخابات، ووزير الداخلية عثمان الغانمي، «اعتقال عدد من الأشخاص الذين ارتكبوا مخالفات قرب ‏مراكز الاقتراع»
في حين أعلن وكيل جهاز الأمن الوطني حميد الشطري، إحالة مخالفين للعملية الانتخابية إلى القضاء.
وقال إن «الخطة تسير بشكل جيد جداً، ولم تحدث أي خروقات كبيرة» لافتاً إلى «ضبط عدد من المخالفات من المواطنين الذين يقومون بدعاية انتخابية في محاولة للتأثير على الناخبين، وتمت إحالتهم الى القضاء».
وأشار إلى أن «توجيهات القائد العام للقوات الأمنية بأخذ أعلى درجات الحيطة والحذر وعدم التهاون مع المخالفين».
وأيضا، أعلنت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات، القبض على (77) مخالفاً لقواعد العملية الانتخابية.
وجاء في بيان للجنة: «ألقت مفارز اللجنة الأمنية العليا للانتخابات القبض على 77 شخصاً لارتكابهم مخالفات تتعلق بسير العملية الانتخابية في محافظات بغداد ونينوى وديالى وكركوك والبصرة والأنبار وصلاح الدين وأربيل وواسط والديوانية».
وأضافت: «وقد تم إحالة المخالفين إلى اللجان القضائية التي تم تشكيلها من قبل مجلس القضاء الأعلى تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم».

طيران لحماية المراكز

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع العراقية، أن قيادة طيران الجيش تؤمن الحماية لكافة المراكز الانتخابية، فيما أكد يحيى رسول، الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة، وجود قوات «ضاربة» جاهزة للتصدي بحزم لأي محاولات مساس بالعملية الانتخابية أو سلامة المواطن.
وذكرت الوزارة في بيان صحافي، إنه «بإشراف قائد طيران الجيش الفريق الطيار الركن سمير زكي حسين ومتابعة مركز عمليات القيادة، باشرت قيادة طيران الجيش بتأمين الحماية لكافة المراكز الانتخابية وبواقع (33) طائرة مختلفة ولكافة محافظات العراق ولحين أنتهاء عملية التصويت العام».
كذلك، رسول، خلال مؤتمر صحافي، إن «هناك تأمينا كاملا لكل المراكز الانتخابية في عموم العراق بمشاركة قطعات الجيش ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية».
وأشار إلى «وجود انسيابية وحركة طبيعية دون وجود أي حظر للتجول والتنقل يجري بكل حرية، فضلا عن التنسيق العالي مع المفوضية والتسهيلات الممنوحة لوسائل الإعلام».
وأضاف أن «هناك جهداً جوياً من قبل الطيران العراقي لتامين نقل كل ما تحتاجه المفوضية كالعصا وصناديق الاقتراع ـ وطيران الجيش مستمر بدوريات الاستطلاع».
وبين «وجود اندفاع كبير من قبل المواطنين صوب مراكز الاقتراع وهذا يعني وجود ايمان كبير بالعملية الانتخابية التي تجري الآن بإشراف مباشر من قبل رئيس الوزراء» متوقعا أن تشهد الساعات المقبلة «حضورا أكبر من قبل المواطنين صوب مراكز الاقتراع».
ودعا، المواطنين إلى «التوافد بكثافة وقوة والذهاب إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم بكل حرية، وسيتحقق التغيير المطلوب بعد اختيار المواطنين لمن يمثل تطلعاتهم».
وسبق لخلية الإعلام الأمني (حكومية) أن أصدرت توضيحاً بشأن إغلاق المطارات والمنافذ البرية، مؤكدة عدم وجود حظر للتجوال داخل المدن بشكل نهائي يوم الاقتراع العام للانتخابات المبكرة.
وقالت الخلية في بيان، إنه «تود اللجنة الأمنية العليا للانتخابات في العراق أن تبين أنه من أجل تأمين العملية الانتخابية في البلاد، فقد بدأت عملية إغلاق المطارات والمنافذ البرية في الساعة التاسعة من مساء (أول أمس) وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل (أمس) سيتم إغلاق السيطرات الرئيسية بين المحافظات».
وأضافت: «كما تمنع حركة العجلات التي تحمل اكثر من 2 طن والستوتات (آليات نقل صغيرة) والدراجات النارية وحركة القطارات» مؤكدة أن «لا يوجد حظر للتجوال داخل المدن بشكل نهائي».
ولفتت الخلية إلى أن «يسمح لحاملي البطاقة الانتخابية المرور من محافظة إلى أخرى في حال كان ساكنا في محافظة ومركز اقتراعه في محافظة أخرى».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية