الانترنت: بيانات ام مخابرات؟

حجم الخط
0

لم يعد خافيا على احد بأن الانترنت اصبحت قاعدة للتلاقي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي ونقطة تستطيع ان تدخل بكافة مجالات الحياة، هذا المعنى العالمي لشبكة الانترنت بفتح مجال الاتصال والتواصل وتبادل المعرفة وتحسين المشاركة والتعبير عن الاراء ووجهات نظر بخصوص القضايا المحلية والاقليمية والدولية يعد رافعا من روافع الديموقراطية وتمكين الحرية للانسانية، اي نحن امام دور عظيم للانترنت بالمساهمة بتحقيق العولمة بمعناها الايجابي، ولكن هل يسمح الاقتصاد بذلك؟
العولمة الاقتصادية هي امتداد نفوذ وخلق اسواق جديدة لرأس المال العالمي والدول الصناعية الكبرى المهيمنة على ثروات الارض، فتحالفت الحكومات والشركات الكبرى من اجل استغلال الانترنت وحصد المكتسبات الاقتصادية وتمرير اهدافها السياسية عبر برامج وافكار اجتماعية من اجل استمرار تفردها بهذه المكتسبات، ما يعني تحييد الجانب الأخلاقي في اللحظات التي تتعارض فيها الاخلاق مع اهداف تلك القوى الرأسمالية، وما تحالف الحكومة الامريكية مع شركتي فيزا وماستر كارد سوى ابسط مثال على ذلك، فالولايات المتحدة الامريكة بشكل او باخر تراقب ‘ تتجسس’ على كل عملية شراء تتم عبر بطاقات الائتمان من اي نقطة بالعالم خارقة لخصوصيتنا ومراقبة لحركتنا .
وكما ظهرت حركات مناهضة العولمة على الارض بدأت تتمحور حركة عالمية لمناهضة العولمة ‘ الامركة ‘ على شبكات الانترنت معالم هذه الحركة تجسدت مع مجموعة نشطاء سايبربانكس التى دعمت وتحالفت مع جوليان اسانج لبناء ويكيليكس، وعلى الدوام كان الكثير من محترفي الانترنت والشبكات والتشفير ينضمون لهذا التحالف الافتراضي لمواجهة تحالف قائم يضم حكومات وشركات كبرى لا تسعى سوى لتحقيق مكاسبها الاقتصادية، وعملية الهجوم على مواقع اسرائيلية يوم 7 من نيسان والتى نفذتها مجموعة من النشطاء من مناطق عدة من العالم تدعى ‘ انوينموس’ شكلت مرحلة جديدة على جدية صعود هذا التيار المعارض للهيمنة والغطرسة الامنية والسياسية على العالم .
بالتزامن مع مايحصل من تذمر عالمي لسياسة الولايات المتحدة الامريكة وتفردها بقيادة العالم و ضرورة اعادة رسم للخارطة السياسية العالمية يكون فيها دور سياسي روسي – صيني اكبر يتوافق مع النهضة الاقتصادية والعسكرية بالبلدين ، هناك مظاهر اعتراض على سياسة التفرد ومحاولة استغلال الانترنت من قبل امريكا، ففي اكثر من محاولة قامت بها روسيا مع شركتي فيزا وماستركارد للتفاوض على انشاء نظام بطاقات أئتمان خاص بالمواطنين الروس ضمن اطار الدولة الروسية كانت الحكومة الامريكة تعطل هذه المفاوضات دافعة الشركتين للرفض، والصين بحالة دائمة من بناء جدران حماية وحظر لمواقع ومراقبة للانترنت للاسباب الامنية ذاتها عند الروس، ولمن يجول بخاطره الفكرة السائدة بأنها اي روسيا والصين وكل الدول التي تعمل على حماية سيادتها الوطنية بهذه الاجرائات بأنها دول شمولية قمعية اذكره بمافعلته الولايات المتحدة الامريكية الديموقراطية والجمهورية من حظر لموقع ويكيليكس عندما شعرت بأن الحرية التي تنادي بها تضر بمصالحها .
تتسارع معالم تشكل النظام العالمي الجديد بشكل يفوق كل التصورات ومما لا شك فيه أن كل طرف يحاول ان يكون قطب في هذا النظام العالمي الجديد لن يدخر اي من اوراقه ونقاط القوة التي يملكها ليوجع بها نقاط ضعف الطرف الاخر، حتى لقاء اوباما بوتين بعد شهور قليلة، وعلى هامش الحدث العالمي الحكومات العربية.. يجب ان تعلم بأن تكلفة جيش الكتروني بمحاربيه اقل من ثمن طائرة حربية تصدأ بالمخازن .!
سائد العزة – عمان- الاردن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية