فكرة الانتقال السياسي ليست عملة رائجة في السوق السياسية الجزائرية. فالمفهوم لم يبرز إلى السطح السياسيغلا في السنوات الأخيرة (يونيو/حزيران 2014)، عندما دعت المعارضة السياسية في لقاء زرالدا بالدخول في مرحلة انتقالية، وإسناد تنظيم الانتخابات إلى هيئة وطنية مستقلة، بدل وزارة الداخلية المتعودة على التزوير، بمناسبة الانتخابات الرئاسية التي دشنت العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة.
«بدعة» سياسية رفضها في حينها النظام وأحزاب الموالاة، التي قامت بحملة شرسة ضد الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية التي شاركت في هذا اللقاء المهم، الذي التقت فيه المعارضة السياسية الجزائرية بأغلبية أطيافها لأول مرة في التاريخ السياسي للبلد. عاد مفهوم الانتقال السياسي إلى التداول في المدة الأخيرة بمناسبة الحراك السياسي، الذي انطلق في فبراير/شباط 2019 وما تلاه من إطاحة بنظام الرئيس بوتفليقة. المفهوم الذي وجد معارضة شرسة، مازالت مستمرة من بعض الجزائريين المتأثرين بالخطاب السياسي الرسمي، الذين عبروا عن تخوفهم من هذا المفهوم السياسي الذي سُوي بالفراغ، بل الفوضى والذهاب إلى المجهول، حسب اللغة السياسية الرائجة هذه الأيام.
انتقال سياسي يبقى غير واضح المعالم بمراحله ومهامه ومدته، حتى بالنسبة للمدافعين عنه داخل الساحة السياسية المضطربة هذه الأيام. لدرجة أن البعض اعتقد أنه بمجرد مغادرة بوتفليقة الحكم، تكون الجزائر قد دخلت فعلا في مرحلة انتقالية، لا بد من الاعتراف بأن الساحة السياسية في الجزائر لم تطرحه للنقاش بالقدر الكافي، ولم يتم الترويج له شعبيا، ما أبقاه غامضا لحد الساعة. انتقال سياسي قد يكون من المفيد التعرف على ما يميزه جزائريا، اعتمادا على الأدبيات العلمية المتوفرة، بالتركيز على الأبعاد السوسيو- سياسية، التي لا تعرف حضورا كبيرا داخل الحقل الأكاديمي الجزائري، الفقير في هذا النوع من الدراسات المعروفة في بلدان أخرى، التي ركزت على عدة متغيرات على غرار أهمية النزعة المطالبة بالتغيير شعبيا، الحاضرة بقوة في الحالة الجزائرية، كما يتم التعبير عنها شعبيا من قبل الحراك منذ أكثر من ثلاثة اشهر، زيادة على الدور الذي تلعبه النخب، بما فيها الرسمية والعسكرية، في العملية الانتقالية ومدى قدرتها على إنجاز التوافقات الضرورية لإنجاح العملية والدور الذي يلعبه التجانس الاجتماعي والثقافي في الحالة الجزائرية، كعامل مساعد أو العكس. كما الوضع الاقتصادي والعامل الدولي وغيرها من المتغيرات، التي اتفقت الأدبيات العلمية على أهميتها في تحديد نتائج العملية الانتقالية، اعتمادا على تجربة دولية متنوعة، حتى وهي تعترف لكل حالة بخصوصياتها التي يجب التعرف عليها بدقة، تجنبا لأي التباس قد تكون نتائجه مدمرة في مثل هذه الحالات الهشة والمضطربة.
أكد الحراك الشعبي أن الجزائر خطت خطوات كبيرة في بناء نسيح اجتماعي وثقافي متجانس إلى حد كبير، يمكن البناء عليه
على رأس نقاط قوة الحالة الجزائرية، قد يكون ذلك الطلب الكبير على التغيير السياسي، كما عبر عنه الحراك منذ 22 فبراير 2019. بالسلمية التي ميزته وبطابعه الشعبي ووضوح أهدافه السياسية، التي لم يحد عنها منذ البداية. عكس الضعف الذي ميز دور النخب، وعدم قدرتها على صنع التوافق وصنع البدائل.
نخب حزبية معارضة التحقت متأخرة بالحراك بشكل فردي، بعد تأكد رفضها كقوى سياسية منظمة داخله وكوجوه سياسية لم تقبل إلا أخيرا وبشكل انتقائي. زيادة على ما يعتريها عموما من عدم قدرة على أخذ المبادرة والتفاهم في ما بينها، حتى عندما يتعلق الأمر بنخب منتمية للعائلات السياسية نفسها، كما ظهر في المدة الأخيرة داخل العائلة الإخوانية، التي لم تتخلص من صراعات وأحقاد مرحلة النشأة والسرية التي عاشتها لسنوات، بكل حمولتها النفسية ـ السياسية. صراع زعامات وعدم توافق على الاستراتيجيات خلال هذه المرحلة الحساسة، يشمل تيارات سياسية أخرى، وحتى الشخصيات الوطنية التي برزت مع الحراك، يفترض أن لها دورا مهما في العملية الانتقالية، أصبح من المستعجل القيام به وعدم السقوط في فخ الانقسامية، التي ميزت النخبة الجزائرية تاريخيا، إذا أرادت فعلا هذه الشخصيات والأحزاب أن يكون لها دور ينتظره منها المواطنون بقوة ويطالبون به للانطلاق في بناء جزائر جديدة. دور تقوم به هذه النخب والشخصيات في جو من التخوين والتشكيك، يملك كأرضية ثقافة مجتمعية، لم تقبل دائما وبسهولة شرعية الطموح الشخصي، لأسباب أنثروبولوجية وتاريخية ميزت الحالة الجزائري، حتى ونحن نتغاضى عن التشويه الذي تصر عليه الآلة الإعلامية الرسمية، وذبابها الإلكتروني ضد هذه الشخصيات التي برزت مع الحراك وحتى قبله بالنسبة للكثير منها.
في الجهة المقابلة يمكن قول الشيء نفسه وأكثر، عندما يتعلق الأمر بالنخب السياسية والعسكرية الرسمية التي فقدت بوصلتها ولم تعد قادرة على التكيف مع الوضع السياسي الجديد، الذي فرضه الحراك الشعبي، بعد تفكك مؤسساتها السياسية الرسمية واضطرابها. نخب كانت ومازالت إلى حد كبير رافضة لكل حوار جدي مع منافسين سياسيين لم تقبل بهم يوما على أرض الواقع، فشلت حتى الآن في وضع تصورات مقبولة للخروج من المأزق الذي تورطت فيه، بفعل تأييدها للعهدة الخامسة للرئيس المقال، وسكوتها الطويل عن الفساد. نخب رسمية لم تتعود على الحوار السياسي الجدي والقبول بالتنازلات المطلوبة لمعارضة لم تقبل بوجودها يوما، رغم التعددية السياسية المعلنة رسميا منذ عدة عقود، ما قد يكون من نقاط ضعف هذا النموذج الجزائري للانتقال السياسي.
عكس ما كان منتظر لم يشتغل التنوع الثقافي واللغوي الذي تعيشه الجزائري كعائق جدي أمام قوة الحراك وطابعه الوطني الذي استمر في التعبير عن نفسه بالخروج كل يوم جمعة من أكثر من خمسين مدينة، في الوقت نفسه وبالشعارات والمطالب نفسها لمدة أكثر من ثلاثة أشهر. وهو الاتجاه الوطني نفسه الذي دعمته الهجرة الجزائرية في أوروبا وأمريكا الشمالية، كتعبير عن الدور السياسي المتميز الذي لعبته الهجرة ضمن المسار التاريخي للجزائر على الدوام، حتى وهي تعرف تحولات جيلية، سوسيولوجية وديموغرافية مهمة. فقد أكد الحراك الشعبي بالشكل الذي ظهر به أن الجزائر قد خطت خطوات كبيرة في بناء نسيح اجتماعي وثقافي متجانس إلى حد كبير، يمكن البناء عليه، لم تنجح كل المحاولات التي تمت في الأسابيع الأخير في اختراقه من قبل قوى معادية، كانت أقرب فكريا لليمين الشعبوي، بل العنصري بأطروحاته العرقية المسيطرة دوليا، رغم ما توفر لديها من إمكانيات بشرية وتقنية كجزء من ظاهرة دولية مرعبة تجتاح العالم. حراك شعبي مرشح لتحقيق انتصارات على المدى القريب، قد يكون أحد ملامحه القوية الانطلاق أخيرا في مرحلة انتقالية توافقية، تعيد للجزائريين الأمل في بناء جزائر جديدة بعد ليل طويل.
كاتب جزائري
نحييك أستاذنا جابي على هذا المقال المتوازن الذي يصف الصعوبات الحقيقية التي تعرقل انتقال الحراك الشعبي الجزائري الى حالة التفعيل السياسي. وعسى أن يستحى أولئك الذين لا ينفكون يصطادون في المياه العكرة ويتاجرون تجارة المرابين المخادعين بمطالب الجزائر ببناء دولة جديدة.. أولئك الذين لا يهمهم سوى تأليب القريب والبعيد ضد مؤسسة الجيش لأجل خلق الفوضى الداخلية التي تسمح لهم بتحقيق مآربهم الدنيئة.
نحن لا نقدس مؤسسة الجيش ونرفض أن تتحكم في رسم مستقبل الجزائر ولكن كل جزائري حر يعلم أنه لا يمكن الانتقال بالجزائر نحو مستقبل مشرق دون مساهمة هذه المؤسسة جنبا إلى جنب مع القوى المجتمعية المخلصة للوطن السياسية منها والمدنية.
الزعيم التاريخي عبد العزيز بوتفليقة عرفت في فترة حكمه الجزائر بناء الطرق السيارة من أقصى شرق البلد إلى غربه والسدود والجامعات والمستشفيات ما لم يتم تحقيقه في أربعين سنة من قبل توليه رئاسة البلاد, لكن الكثير تنكر له بين عشية وضحاها ونعتوه بأشنع الأوصاف. القائد المجاهد الفذ أصبح اليوم وللأسف محجورا عليه ولا ندري كيف هي أحواله الصحية ولا مصيره. وضع يدمي القلب و يملأه أسى وحزن.
يا لها من صدقات تصدق بها بوتفليقة على شعبه يا لها من إنجازات جعلت الجزائر تتبوء صدارة العالم..
لا أظن أن جزائريا حرا سينتقص من بوتفليقة وأبعد من ذلك لا أعتقد أن جزائريا حرا سيمدح بوتفليقة على طريقة ولي النعمة وظل الله في الأرض.. هذه عقلية العبيد الذين تربوا على تقبيل اليد لا عقلية احرار الجزائر.
عاشت جزائر الشهداء شامخة في الأعالي ولا عزاء للخونة والعملاء.
الزعيم التاريخي في الاختلاسات والسرقات وتحويل أموال الشعب الى مصارف الامرات وسويسرا…عبدالعزيز الذي أذله الله وداسته أقدام الشعب الجزائري كما تداس أكياس القمامة…الامارات أيها الصغير تحولت الى ناطحات سحاب وأبراج ومطارات ومستشفيات تعدت شهرتها أبراج ومستشفيات وجامعات امريكا وبريطانيا في ظرف وجيز.مع أنها أي الامارات تأسست في السبعينات ..والجزائري في القرن ال18…ومر على استعادة سيادتها ال57سنة..الم تسمع عن العودة القوية لأمراض انقرضت..الكوليرا..الحصبة..الطاعون امراض عادت الى ربوع الجزائري في عهد بوتفليقة…
على ذكر المجاهد بوتفليقة..أي جهاد وهو لم يطلق رصاصة واحدة على المحتل الفرنسي…جهادالصالونات …وماأكثر هؤلاء المجاهدين الذين لايغادرون بيوتهم .الا لقضاء الحاجة البيولوجية أكرمكم الله..ونالوا(شهادات الجهاد) وحولوا الثورة التحريرية التي حصدت مليون ونصف مليون شهيد من الشعب..تحولت الى ثروة ..وما أكثر الثرويون في البلد
من أفضال الرئيس بوتفليقة على الجزائر أنه أهان شعبا برمته لما تشبت بالرئاسة وهو عاجز عن الحركة والكلام مدة 6 سنوات. ولعل الطبقة السياسية والعسكر الذين ساندوه للترشح في عهدة خامسة كانوا من الغباء بدرجة كبيرة لم تسمح لهم بالتعرف على درجة كراهية الشعب لهم.
حبذا لو أشرفت على تنقيح تعليقك قبل إرساله حتى لا تقع في المحظور والمحذور ( كتابة الاسم بطريقة غير لائقة ) ويبدو أن التطاول على الجيران يعمي الأبصار. أما كيل المديح للرئيس المخلوع العاجز عن الحركة والكلام فيبرز بوضوح الموقف الرافض للحراك الشعبي الجزائري الرائع.
أستغرب أن الصحافة المحلية ركزت بشكل خاص على الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس المخلوع بوتفليقة وقادة العسكر كرموز للنظام المنبوذ ومطالبة الحراك الشعبي برحيلهم; بينما تم إغفال القاعدة السياسية التي شكلت أساس حكم بوتفليقة المتمثلة في حزبي جبهة التحرير والتجمع الديموقراطي الذين لهما 260 مقعد من بين 460 في مجلس الأمة, هؤلاء كانوا ضامنين لاستمرار النظام البائس وتمكينه من ترسيخ نفوده على امتداد سنوات عدة, حتى اليوم لازال أعضاء الحزبين السياسيين يتخذون مواقف رمادية في انتظار لمن تكون الغلبة ليصطفوا في جنب الفرقة الغالبة! الحراك الشعبي ينبغي أن يتخذ منهم موقفا يناسب دورهم المشبوه سابقا في دعم رجال النظام المنبود.
أستاذ ناصر لن يكون هناك انتقال يساسي حقيقي الا بنجاح الحراك وفرضه لتصوره ومطالبه على النظام الذي جثى على صدره لأكثر من ستة عقود. فالجزائر تعيش “لحظة تاريخية ” في حياتها السياسية ويجب مساندتها بكل قوة وبأشكال مختلفة لأن القوى المضادة للثورةشغالة وتملك الكثير من أدوات العرقلة. فشكرا على المساهمة في تنوير القارئ.
وما هو تصور الحراك الذي يجب فرضه سيد غضبان؟ إن كنت تعرف ملامحه المعقولة الكفيلة بتجنيب الجزائر الفوضى فبينه لنا. الحراك من الاساس لم يفرز بعد ممثلين عنه يقدمون تصورا سياسيا متناسقا لتحيق ارادة الشعب.
الحراك الجماهيري لم يغامر إلى اليوم بفرز قيادات شعبية تحظى بكاريزما ومشروعية شعبية لتتكفل بالتفاوض مع قادة الجيش والتكفل بالمرحلة الإنتقالية مخافة أن تنجح المخابرات العسكرية في إذكاء الخلافات حول توجهات وأولويات هذه الهيئة باللعب على إثارة نعرات عرقية بين الأمازيغ والعرب ثم بين الإسلاميين والتقدميبن وربما حتى بين جيل جيش التحرير والجيل الجديد، وضعية ستمكن بالتأكيد قادة الجيش من إشغال الرأي العام بتفاصيل جانبية تستنفذ الجهد والوقت و تحول دون حدوث إصلاح جاد أو تغيير عميق.
اليوم شباب الحراك في مفترق الطرق: إما الإستمرار في الإحتجاج السلمي حتى إرغام قادة الجيش على التخلي عن الرئيس المؤقت والحكومة المرفوضة شعبيا أو اختيار ممثلين عن الحراك يفاوضون قادة الجيش حول تفاصيل تسليم السلط لهيئة مدنية مستقلة تحظى بمشروعية شعبية لقيادة المرحلة الإنتقالية كما نجحت في فرضه الثورة السودانية على بقايا النظام الآفل.
لماذا لا نسمي الامور باسمايها?ان مشكله الجزاير الازليه هي مع هذه الاقليه الثقافيه اللغويه المفرنسه التي تريد فرض وصايتها علي الشعب
نعم جيل باكمله كان يغذي صمته بلغة الرفض فالتسيير الكارثي والفاشل والمتعسف افرز احساس بان العصابة تذله بالغائه
الصراع لا ينحصر اليوم بين الحراك الشعبي وبقايا نظام بوتفليقة بل يتعداه إلى صراع بين الحراك الشعبي وقوى دولية تنسق خلف الستار مع قادة الجيش حول السيناريوهات الممكنة للإلتفاف على المطالب الشعبية مع تفادي زعزعة استقرار المنطقة, من الوارد جدا أن يستمر قادة الجيش في عنادهم وتصديهم لمطالب الحراك حتى فرض حالة طوارئ في آخر المطاف بعد اختلاق أحداث عنيفة يتم فبركتها لتبرير إجهاض قادة الجيش للثورة الشعبية. الأمر يرتبط بالضوء الأخضر من قوى دولية معروفة لقادة الجيش كما حدث سلفا في أول انتخابات حرة ونزيهة في بداية التسعينات.