الانتقام من “بي بي سي” بالهجوم على “الجزيرة”… العين لا تعلو على الحاجب!

حجم الخط
26

وكلي شماتة في النظام العسكري في مصر، وقناة “بي بي سي”، ترزعه على قفاه، ومع كل “رزعة” على القفا، يهاجم قناة “الجزيرة”، فالعين لا تعلو على الحاجب، و”بي بي سي” هي في الأخير تابعة لبريطانيا العظمى، والحاكم العسكري بطبيعته أسد علينا، ومع الخواجات نعامة!
وقد أفرج الحاكم العسكري عن صحافيي قناة الجزيرة الإنكليزية، لأن أحدهم استرالي، وأفرج عن الناشطة آية حجازي لأنها تحمل الجنسية الأمريكية، وصدر الطلب من ترامب ببراءتها فإذا بهذا الطلب يتحول إلى حكم قضائي، بعد أيام من صدوره، ولم يتحدث السيسي هذه المرة عن استقلال القضاء المصري، ولم تعزف فرقته الإعلامية على نغمة القضاء الشامخ!
في حين أن زميلنا محمود حسين الصحافي بقناة الجزيرة، وبنفس الشبكة التي يعمل بها الأسترالي ورفاقه، لم يتم الإفراج عنه، وبعد مرور عامين (الحد الأقصى) للحبس الاحتياطي، تم اختلاق قضية جديدة له، جرت وقائعها وهو داخل السجن، ليكمل عامه الثالث ولا أمل في الإفراج عنه، أو تقديمه للمحاكمة، لأن محمود حسين ليس استراليا، ولا يحمل سوى الجنسية المصرية، و لا توجد سفارة يمكن أن تتدخل للإفراج عنه، كما أن الاعلام الغربي يعرف “الخيار والفاقوس”، مع المراكز القانونية الواحدة، فمحمود “فاقوس” لأنه مصري، وليس “بيتر غريسته”، كما أن هناك العشرات من النشطاء في السجون، يجري تعذيبهم والاعتداء عليهم مثل علاء عبد الفتاح واسراء عبد الفتاح، ولا أمل في الإفراج عنهم لأنهم لا يحملون الجنسية الأمريكية، ولن يصدر ترامب أوامره للسيسي بالإفراج عنهم، فيقال له سمعاً وطاعة، و”طلبات القيادة أوامر” بحسب التقاليد العسكرية الراسخة رسوخ الجبال الرواسي، فليس من بينهم “آية حجازي”!
الغريزة الوطنية:
وفي الوقت الذي يمارس نظام السيسي البلطجة ضد صحفيي الجزيرة، ويحرض جوقته الإعلامية فتسلخها بألسنة حداد قبل الأكل وبعده، وتدفع كثير من المصريين العاملين فيها إلى إلغاء سفرهم لبلادهم، لأنه لا قواعد في التعامل معهم، فالسماح لهم بالعودة والخروج لا يعني أنهم في الأمان ولا يحول دون توقيفهم وسحب جوازاتهم ومنعهم من السفر في سفريات تالية، فان هذا النظام لا يجرؤ على التعامل بالمثل مع “بي بي سي” والعاملين فيها، فلا يتجاوز الأمر حدود الهجوم الإعلامي على القناة البريطانية وقد انفعل رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، الذي هو في الوقت ذاته نقيب الصحافيين (ولأول مرة في تاريخ النقابة يكون النقيب موظف حكومي)، وطالب المصريين بعدم الظهور على هذه القناة، المعادية لمصر، لكن ظل مكتب القناة في القاهرة، لم يمسسه إنس ولا جان، وظل الضيوف يظهرون منه لتحليل الوضع المصري، وأوضاع المنطقة، مع طلب الهيئة المذكورة من المصريين الوطنيين، عدم الظهور على شاشة هذه القناة المعادية لمسر.. بحسب النطق الاستشراقي لعبد الفتاح السيسي!
ذلك لأن السلطة التي يمثلها رئيس هيئة الاستعلامات، لا تستطع أن تتخذ قراراً ضد المكتب، والهيئة هى التي تمنح الترخيص بفتح مكاتب لوسائل الاعلام الأجنبية، وكذلك الترخيص بممارسة المهنة لمن يعملون بها، لذا فإنها تكتفي بمجرد الاحتكام للوجدان الوطني للضيوف، ومشاعرهم الوطنية الجياشة، دون اتخاذ أي إجراء ضد القناة المعادية، فليست “بي بي سي” هي قناة الجزيرة، لتتم استباحتها، وإغلاق مكتبها، والزج بالشبيحة الذين يطلق عليهم “المواطنين الشرفاء”، الذي تحركهم “الغريزة الوطنية” فينتقموا بأيديهم من “أعداء الوطن”، وقد كان مكتب قناة “الجزيرة مباشر” في ذات البناية التي يوجد بها مكتب قناة “بي بي سي”، وعندما تحركت قوات الأمن واقتحمت مكتب القناة القطرية عشية الانقلاب العسكري، واعتقال من فيه، وحرصت هذه القوات على التلاحم الشعبي باصطحاب العشرات من الشبيحة، وكأنهم من المواطنين المخلصين لوطنهم جاءوا للفتك بكل من يعمل من القاهرة في هذه القناة العملية، لكن هؤلاء الوطنيون، الذي يجري حب الوطن في عروقهم مجرى الدم، لم يحضروا بعد حملة الإبادة الإعلامية ضد “بي بي سي”، التي اتهمتها بمعاداة الوطن، مع وجود الدولة في الصورة ممثلة في الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، المسؤولة عن الاعلام الخارجي!
لقد كانت صفعة هذا المرة مدوية، إذ استضافت مذيعة برنامج “بلا قيود” بقناة “بي بي سي” عدو السيسي الأول، وهو “المقاول” و”الفنان” محمد علي، وفي أول ظهور تلفزيوني له، في مقابلة، فالقنوات الأخرى، التي تحتفي به تذيع فيديوهاته، لكنها المرة الأولى التي يظهر فيها عبر الشاشة الصغيرة في حوار، “سين وجيم”!
صحيح أن “رشا قنديل” مذيعة “بلا قيود”، بدت كما لو كانت وكيل نيابة يقوم باستجواب متهم، لكن في النهاية فإن ظهوره على هذه القناة الكبيرة، والتي تبث من بريطانيا العظمى رأساً، انما يُعطي للأمر بعداً آخرا، حيث تم تمكينه من أن ينقل رسالته إلى مستوى آخر!
لقد سألت “قنديل صاحبنا، بأن دوافعه شخصية وأنه لولا مستحقاته على الجيش من المشروعات التي نفذها لصالحه، لما كان أمامها الآن، ولما كان قد تحول إلى بطل شعبي، كما لم تنس أن تشير إلى أنه جزء من منظومة الفساد، وقد تحاشت الكلام في الموضوع المهم وهو سلسلة القصور الرئاسية، التي ينافس بها السيسي سلسلة مطاعم “بيتزا هت” في القاهرة من حيث العدد، وأمسكت في شخص محمد علي.
الظاهرة والمجتمع:
وحتى هذا المدخل ليس جيداً في التعامل مع هذه الظاهرة، حيث تجاوز المصريون مسلكه الشخصي، فالحديث عن علاقاته النسائية، التي هدده بها نظام العمليات القذرة في مصر، لم يمثل المشكلة في تعامل الناس معه، كما أن وصمه بأنه جزء من فساد المنظومة ومنظومة الفساد، أعرض عنها الناس، وهى في الواقع نظرة يجب بحثها من منظور علم الاجتماع!
صحيح أنه في مثل هذا الحال يجري استدعاء وقائع تاريخية تبدو متطابقة بحسب الظاهر منها، لكنها في العمق ليست كذلك، مثل البطل الشعبي التاريخي “أدهم الشرقاوي”، الذي تجاهل المصريون أنه كان لص في الأصل، لكن هذا الحدث جرى انتزاعه من سياقه التاريخي، فالمجتمعات القديمة، كان تنظر للسرقة لاسيما إذا كانت في مواجهة الكبار المتجبرين على أنها نوع من الشجاعة الفردية، يتجاوز عنها الناس، إلى مجمل أعمال هذا السارق المحترف، وقد كان خُط الصعيد مثلا، الذي غنى له شاعر الربابة، يسطو على سيارات الدقيق التابعة للسلطة ويوزعها على الناس، فيتحول عندهم إلى اسطورة، وهذا أمر شرحه يطول!
لقد غض الناس الطرف عن كل ما في سلوك محمد علي من مطاعن، ولم يتم النظر اليه وفق منظومة القيم الأخلاقية التي يتم اخضاع الآخرين لها، والتعامل معهم وفقها!
محمد علي هو عند الناس واحد منهم، فيه ما فيهم من عيوب، لكن يحسب له أن يواجه سلطة متغطرسة وفاسدة، حتى وإن كان هو جزءا من فسادها، فيكفي أنه ومن منطلق “أولاد البلد” خرج عليها، وجرسها وأضعفها، فبات عند الناس مغفوراً له!
ومثلي لا يعرف هذا الاستنكار لأن تكون الدوافع الخاصة هى المحرك لمحمد علي، ودفاعا عن حق قامت سلطة غاشمة باستحلاله، فما الجريمة في أن يكون غضب المقاول الفنان لأنه لم يحصل على مستحقاته هو، وقد ورد في الأثر إن من مات دون ماله فهو شهيد؟!
إن فكرة وجود مستحقات مالية للمقاول الفنان لدى الجيش، أزعجت السيسي نفسه فأنكرها، وشغلت أحمد موسى، فحرص في مقابلته مع والد محمد علي ليأخذ منه اعترافاً بأنه لا توجد لديهم مستحقات لدى الجيش، لأن هذا من شأنه أن يمنع شركات المقاولات من التعامل معه، وهناك شركات أجنبية لجأت للتحكيم الدولي، لأسباب مرتبطة بعدم الحصول على مستحقاتها نظير عملها في العاصمة الإدارية الجديدة، ومثل هذا الكلام يدعم موقفها في جولة التحكيم هذه!
بيد أن السيد الأستاذ وكيل النيابة “رشا قنديل”، لم تنتبه لهذا، وظنت أنها تأخذ موقفاً حاداً من محمد علي عندما تشخصن القضية، ورد هو بأن موقفه مرتبط بوعيه بالفساد الذي يرتكب. وقال إنه لن يتراجع عن موقفه إلا بعد اسقاط السيسي، فسألته عن الأليات؟ فرد عليها: إن هذا سر، ليعطي للأمر أبعاداً أخرى.
وقالت “قنديل” إنه ابن هذه المؤسسة التي يتهمها بالفساد. فاتها إن هذا الكلام ليس في خدمة قائد الانقلاب العسكري، لأنه إقرار بوجود الفساد في المنظومة العسكرية التي يقوم عليها خير أجناد الأرض، ولن يسئ لمحمد علي كثيرا ذلك مع هذه النظرة الشعبية المتجاوزة لأخطائه، لكن يحمل إساءة كبيرة للفاسدين وإن كان صاحبنا جزءا منهم وانقلب عليهم!
وقطعا فإن القوم في القاهرة لن يرضخوا لهذا العدوان على ذاتهم المصونة التي لا تمس فقطعا سينتقمون من لهذا من “بي بي سي” بالهجوم على الجزيرة.
فالعين لا تعلو على الحاجب.
أرض – جو
• ضبط إيقاع: الناشط السياسي ليس محللا سياسياً.. والناشط ليس خبيراً في القضايا الشائكة، وعندما تختلط الأوراق على الشاشة الصغيرة، فأعلم أنها الفوضى غير الخلاقة!
• أخيراً اهتمت قناة “العربية” بالمظاهرات، وأصحبت شاشتها قابلة للقسمة على أربعة، وكان هذا في تغطية المظاهرات اللبنانية. لأنها في لبنان!
• أول مرة يهاجم أحمد موسى الحكومة، كان هذا بسبب العجز عن مواجهة الأمطار، والسبب في هذا يرجع إلى محمد علي، فقد طلبوا من السيسي العودة إلى زمن مبارك للتنفيس بالهجوم على الحكومة. وهو الأمر الذي رفضه من قبل، وقال من يعرف الوزراء جيدا، لأنه يجلس معهم يوميا ست ساعات، فمن يعرفهم مثله لكي يهاجمهم. شكراً محمد علي.
• هذا عام قناة “الجزيرة مباشر”، تفوقت بمقابلاتها في السودان، وفي تركيا، وبتغطية الشأن المصري، واليمني. لكل مجتهد نصيب.
صحافي من مصر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ساجد:

    لكن، نقول: واللَّهُ تعالى أعلم.
    لكنه عالم مخمليّ فتَّان عالم الليل
    مع أغطية الزجاجات الحمراء والبيضاء
    التى تتطاير فى أجواء تلك القاعات التى
    تتزين ببوفيهات مفتوحة بمأكولات
    قادمة للتو ساخنة بما لذ وطاب من
    عاصمة النور.
    ليس جديدا ما أذاعه صاحبنا المقاول،
    فمن منا ينسى الأزمة المالية العالمية
    التى كادت تضرب الفقراء فى العالم
    الضربة النهائية القاضية على أى أمل
    من خلاصهم من فقرهم، والسبب:
    أسواق العقار بالعالم وعالم المقاولات
    اللّى (ماشى على على حل شعره)…

  2. يقول ساجد:

    إلا الذين يتقون اللَّهَ تعالى ويخافونه.
    موعدكم الصبح، إن الصبح لقريب.
    ودابة واحدة فقط لو أمرها صاحب
    الأمر والنهى الذى يدير الكون العظيم
    وحده دون مساعدين ولا مستشارين،
    حاشا لك يا ربَنا يا عظيم أن يكون لك
    مساعدين أو مستشارين، لابتلعت كوكبنا
    وبما عليه من مخلوقات، وليس ذلك
    على اللَّه تعالى بمعضل أو عزيز.
    ولكنه (رحمن ورحيم السموات والأرض).
    فهل اعتبرنا وتأَدبنا تحت سمواته
    التى يحفظها بغير عمد؟!
    أُحبك يا اللَّه، يا من رزقتنى فى
    السادسة صباحا بالأمس بعشرون جنيها
    بثلاث خطوات فقط ولم يكن معى مال…

  3. يقول ساجد:

    وصاحبنا المقاول فى إسبانيا، والعم سلمان ينام على بَسطة الدَّرَج فوق
    سطح أحد البيوت على الأرض، وعالم
    الأراضى والعقار يمتص دماء العم
    سلمان هو وأخيه العم أمير، وصاحبنا
    يعيش فى إسبانيا على التبرع له من دماء العم سلمان والعم أمير وأطفالهم!!
    فهل المقاول محمد على مظلوم بنظركم،
    أم أن (الل….ص) اختلفوا فانشقّ عليهم
    صاحبنا وفضحهم؟!
    شكرا أستاذ عزوز، شكرا القدس العربى.

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    لا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول محمود يوسف محمد علي-مصر المحروسه:

    محمد على مصرى وافتخر,
    نعم الأمطار تغرق دول كثيره لكنها لا تدمر طرق حديثه كلفت المليارات لم يمضي علي إنشاءها أكثر من 3-4 سنين كالتي أنشأها العسكر بإشراف وزير النقل اللواء كامل الوزير.الأمطار لا تغرق أحياء حديثه كالتجمع الخامس,وصالات مطارات حديثه كصاله 2 في مطار القاهره التي أنفق عليها المليارات.الحمدلله أنك أقررت بأن من قتل مرشد الإخوان هو الملك فاروق.والملك فاروق هو صنيعة المحتل البريطاني.أما إدعاؤك أن الإخوان إعترفوا بمحاولة قتل عبدالناصر فاذكرك بأن المحاكمه كانت عسكريه وعبد الناصر هو من عين قضاتها الضباط,يعني هو الخصم والحكم في نفس الوقت.وإدعاؤك أنهم قتلوا السادات ينفيه أن النيابه لم توجه لهم هذا الإتهام.أما بخصوص مقتل هشام بركات فأذكرك بالمقابله التي أجريت مع سائقه عقب الحادث حيث أفاد السائق بأن هشام بركات نزل من سيارته ماشياً علي قدميه!!!!ثم جري قتله بعد ذلك.

  6. يقول محمود يوسف محمد علي-مصر المحروسه:

    محمد على مصرى وافتخر,
    أما قولك أن الإخوان إنتهوا إلي الأبد فلست اول القائلين بهذا الوهم.سبقك إليه الملك فاروق,ثم عبد الناصر,بطل هزيمه 67,ثم السادات ثم مبارك والأن بطلك بلحه.الإخوان يا ا/مصري مفتخر فكره والأفكار لاتموت بالقمع.نصيحه أخيره خفف من مشاهدة أحمد موسي وعمرو أديب ونشأت الديهي وبكري….إلخ,فهؤلاء لا يقدمون إعلام,مايقدمونه أقرب لما تقدمه الأم المثاليه للسيساويه فيفي عبده في آخر فيديوهاتها التي قالت فيه “مصر ذُكرت في القران 55 مره يا أولاد…..”.يارب تكون عرفت مين اللي عايش في الوهم.

  7. يقول الهاشمي:

    ينطبق على بلحةالسيسي وإعلامه الخرنچ، الآية الكريمة: فإنها لاتعمى الابصار ،،،،،

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية