بغداد ـ «القدس العربي»: تعتزم القوى السياسية الكردية في كردستان العراق، إعداد دستور خاص في الإقليم، على غرار الدستور العراقي «الاتحادي» الذي صوّت عليه عام 2005، غير أن الخلافات السياسية التي تعصف بالبيت السياسي الكردي، تحوّل دون تحقيق ذلك، وسط جمّلة دعوات لوحدة الموقف الكردي أولاً قبل الشروع بصياغة دستور للإقليم.
وأكد رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني أن صياغة دستور لإقليم كردستان يحتاج وحدة صفوفنا، وأن نحدد المشتركات فيما بيننا.
جاء ذلك خلال مشاركته، أمس الأربعاء، في مؤتمر في جامعة كردستان في أربيل، تحت عنوان «وحدة الصف والدستور».
توحيد الأهداف
وأشار إلى أن «وحدة الصف كلمة جميلة وشعار جميل، لكن بالكلمات والشعارات وحدها لا يمكن أن نصل لمبتغانا، وقبل ذلك، يجب أن نتحاور لتوحيد الأهداف والغايات وتحديد الرؤى المشتركة وذلك للوصول إلى ما نصبو إليه».
واضاف: «لا يمكن أن نطالب بوحدة الصف إذا لم تتحد سبلنا وطرقنا ووسائلنا، لذا يجب أن نناقش ونسأل أنفسنا، لم وحدة الصف ضرورية، ولم ينبغي على كافة الأطراف السياسية أن تتحاور وتستمع لآراء وأفكار بعضها البعض».
وتابع: «هناك العديد من الأمثلة التي تثبت أننا كلما وحدنا صفوفنا حققنا انجازات مهمة، وهنا سأذكر مثالين اثنين: في انتفاضة كردستان تمكنا بوحدتنا وتكاتفنا من نيل العديد من المكاسب وإنشاء إقليم دستوري وبالنتيجة أصبحنا نملك حكومة وبرلمان، كما أننا حين وحدنا موقفنا وصفوفنا تمكنا من تمرير قانون الموازنة المالية الاتحادية».
ووفقاً لبارزاني فإن «من الطبيعي أن يكون لكل طرف سياسي رؤاه وأفكاره وتوجهاته الخاصة به، لكن يجب أن يكون هناك حدود وأن يكون هناك إطار نحدد فيه المشتركات ونعمل وفقها، وأن نصل الى قناعة بضرورة العمل معا وهذا لن يحصل دون صياغة دستور».
ولفت إلى أن «صياغة الدستور مهمة لضمان تمثيل وتأكيد حقوق وواجبات وأهداف المواطنين في الدستور، وكذلك ينبغي أن تكون الأحزاب التي تصل إلى السلطة، مسؤولة أمام المواطنين، وكل هذه القضايا ينبغي تثبيتها في دستورنا المقبل».
تعايش وتعددية
وشدد على أن «حالة التعايش السلمي والتسامح الديني والتعددية هي حالة متجذرة في تاريخ كردستان، لذا، فإن الدستور ينبغي أن يحترم هذه التعددية وأن يحترم الحريات الدينية والقومية، وأن يحمي الحقوق الفردية، وينبغي أن نسعى بكل جهودنا لأن يكون دستورا يمثل مطالب مواطني كردستان ويجسد حقوقهم بكل مكوناتهم ومشاربهم».
وزاد: «نحن في الحكومة سنعمل كل ما يتوجب علينا لضمان أن يعبر المواطنون عن آرائهم بحرية وأن يمنحوا صوتهم لدستور يعبر عنهم وعن تطلعاتهم بشكل فعلي، وان يحترم التعبير الديني والسياسي ولكن هنا يجب التمييز جيدا بين الحرية والفوضى».
ورأى أن «الجميع في هذا الإقليم ووفقا للدستور المقبل، ينبغي أن يشعر بحريته وكذلك بسلامته، وكل هذه القضايا لن نتوصل إلى رؤى مشتركة إلا بالحوار، ونحن في الحكومة نؤكد مرة أخرى على استعدادنا لخدمة مواطنينا وكافة قطاعات الشعب، وكافة الاطراف السياسية المشاركة في التشكيلة الحكومية ومن هم خارجها، وندعو الأطراف السياسية خارج الحكومة الى انتقادنا وتصويب أخطائنا ومساعدتنا في خدمة المواطنين».
أما بافل طالباني، الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، فقد أكد أن وحدة الصف هي الضامن للدستور وعلينا تغيير العملية السياسية في اقليم كردستان.
دراسة جدّية
وأضاف، خلال مشاركته في المؤتمر، أن «وحدة الصف هي الضامن للدستور، وعلينا تغيير العملية السياسية في اقليم كردستان. الدستور مهم جداً ويحتاج الى عمل ودراسة جدية».
وأضاف: «ما هو موجود في إقليم كردستان حاليا. نحن بعيدون عن بعضنا البعض، ولكن نحن نستطيع التقارب أكثر فيما بيننا والتعاون والعمل معاً والتصالح مع شعبنا».
وأشار إلى إن «هناك تحديات كبيرة تواجهنا. الدستور هو العمود الفقري للبلاد، اذا لم نتوحد ولم نشرع دستورا يحمي حقوق الشعب فالأفضل ألا نشرعه من الأساس».
دعوة لتغيير العملية السياسية… وتعويل على وحدة الصفّ
وأتمّ قائلاً: «الدستور يجب ان يدافع عن حقوق شعبنا ويضع حدا لسلطات الاحزاب والسلطات العسكرية والامنية، وأمامنا تحد آخر هو تدخل دول الجوار والدول الاقليمية في شؤون بلادنا، كما يجب علينا دراسة مستقبل المناطق المستقطعة بشكل جيد» في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.
مشاكل داخلية
ولفت إلى أن «إذا لم نتفق ولم نكن موحدين فستكون خسائرنا كبيرة. هناك الكثير من البلدان تقدمت وحققت أهدافها عن طريق الوحدة فقط، ونحن مع الأسف لم نستطع معالجة مشاكلنا الداخلية والسعي من أجل تحقيق الهدف الأسمى، وهو كردستان وشعبنا».
في الأثناء، تساءل المنسق العام لحركة «التغيير» عمر سيد علي، خلال الندوة التي انعقدت على هامش المؤتمر، بالقول: «من أين نأتي بالوحدة ولدينا إدارتان، وقوتان للبيشمركه، وقوتان للأسايش ولدينا ماليتان»؟، مردفا بالقول: «كل شيء مقسم في كردستان على طرفين» في إشارة إلى الحزبين الرئيسين في الإقليم الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني.
تحقيق العدالة
أما رئيس حزب العدالة الكردستانية (الجماعة الاسلامية سابقا) علي بابير فقد قال: «يجب أولا تحقيق العدالة وبعدها ستحقق وحدة الصف» مؤكدا «بوحدة الصف يمكن صياغة دستور جيد».
وأشار إلى أن «15 عاما مرت على كتابة دستور العراق الدائم، ولغاية الآن نحن بلا دستور لأننا نفكر في إطار ضيق» مبينا أن «الانتماء الحزبي والسياسي أخذناه كمعيار، ولهذا لم نستطع تحقيق العدالة».
أما سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، فاضل ميراني، فقد قال «اعتقد المشكلة الكبيرة أننا كلنا ننتقد، ونبحث عن شخص بأن يكون الضحية، دون أن نفكر في أنفسنا، وثانيا يجب أن نرجع إلى منطق العقل».
وتابع: «الدستور ضروري لأنه عقد اجتماعي» مستطردا بالقول: «المشكلة بأن لا أحد منا يذهب ويتصفح أوراقه ليعرف أين الأخطاء؟».
كما قال القيادي في الاتحاد الإسلامي الكردستاني، خليل ابراهيم: «لن يتحقق الدستور إن لم يكن هناك توافق سياسي، وأن نعيد ثقة الشعب بالسلطة الموجودة في الإقليم».
وأجمع قادة وممثلو الأحزاب الخمسة في الإقليم على ضرورة وحدة الصف بين القوى السياسية كافة للمضي في صياغة الدستور.
في الأثناء، أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، أن قوة إقليم كردستان ستكون أساساً لقوة العراق ليس فقط على النطاق المحلي بل والعالمي أيضاً.
وقالت في كلمتها، إن «هذا الكيان الاتحادي تطلب الكثير من الوقت والتضحيات، إلا أن الحقوق في أي مكان في العالم لا تأتي بسهولة» مشددة على أن «وحدة إقليم كردستان هي ضمان لبقائه».
اتحاد الأضداد
وحسب بلاسخارت، إقليم كردستان «أصبح متنوعاً على نطاقٍ واسع ومتعدد الأديان واللغات، وهذا ما توضح خلال الزيارة الأخيرة للبابا فرانسيس» لافتة الى أنه «يمكننا القول أن القوة والانتعاش الكبيرين في إقليم كردستان ينبعان من التنوع وأن اتحاد الأضداد كان أحد أسبابه الرئيسية».
واعتبرت أن «قوة إقليم كردستان ستكون أساساً لقوة العراق ليس فقط على النطاق المحلي بل والعالمي أيضاً دون شك» متابعة أنه «قد يؤدي الدستور إلى إزالة الخلافات والمصاعب ويمكن أن يكون فرصة عظيمة لبناء الفخر والتقدم والثقة».
ودعت، إلى الوحدة الداخلية في إقليم كردستان، قائلة إن «لا ينبغي أن يكون هناك انقسامات على أسس حزبية بعد الآن».
وأضافت، المشاكل والمخاوف التي تواجه إقليم كردستان والعراق، بما في ذلك الوحدة الداخلية والانتخابات المقبلة – هي التي جعلت العراق «على مفترق طرق».
وبينت أن الدستور يجب أن يتناسب مع دستور العراق الفيدرالي الذي أقر عام 2005، مضيفة أنه «يجب أن تتلاءم الوثيقة الختامية مع الدستور الفيدرالي العراقي».
واستضاف مؤتمر (الوحدة والدستور) برعاية جامعة كردستان – أربيل قادة أحزاب رئيسية والمؤثرة في إقليم كردستان وقد استطلعت آراءهم حول الموضوع وما ينبغي اجراؤه قبل إقرار الدستور.
إنتظروا الإنتخابات فقد تكون هناك تغيرات في الطبقة السياسية!! ولا حول ولا قوة الا بالله